الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ساعة الصفر - رواية قصيرة -بقلم: نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2009-10-15
ساعة الصفر - رواية قصيرة -بقلم: نزار ب. الزين
ساعة الصفر
قصة قصيرة
نزار ب الزين*
الزمان : الساعة السادسة من مساء الخامس من أيار/مايو عام 2028
المكان : قاعة شتوية في في مقهى و مطعم "الوليد بن عبد الملك" في قمة جبل قاسيون المطل على دمشق .
النوافذ الزجاجية العالية مشرعة عن آخرها و النسمات الرطبة أخذت تتدفق منهية سكون قيظ ثقيل هيمن على القاعة منذ الظهيرة ، رغم ارتفاع المكان .
"أبو الوفا" شاب فارع الطول كث الشاربين ثاقب النظرات ، جم النشاط ، قلب لتوه إحدى الطاولات بعد أن نزع غطاءها ، و أخذ ينقب فيها و على فمه لحن "سنرجع يوما" ، بينما كانت ذاته تهمس إلى ذاته : "أجهزة التنصت أصبحت بالغة الدقة ، من يدري فلعل ما يظنه المرء دبوسا ، إن هو إلا واحد منها ، لا بد من توخي الحذر."
رجفة كهربائية في ساعده نبهته ، فقرب معصمه إلى أذنه ، ثمت صوت هامس يستفسره عن الأوضاع ، فاقترب من إحدى النوافذ مدنيا جواله – و هو على شكل ساعة يد – من فمه و أخذ يهمس قائلا : "حجزت جميع الطاولات في الركن ، طاولة الإجتماع فرغت لتوي من تفتيشها ، ندلة المقهى طعمتهم باثنين من المخابرات ، عدة عناصر مسلحة وزعتها في مكامن مخفية فوق المقهى و حوله ."
رد محدثه بلهجة آمرة : "في الثامنة تماما سيمسون جميعا إلى جانبك ، قائد سرب يعرب ستنقله حوامة إلى مبنى التلفزيون ، و من ثم سيتمشى إلى المقهى ، أما الباقون فسيصل بعضهم في باصات سياحية و بعضهم في الحافلة المعلقة " تلفريك" .. و لكن هل أوليت مسألة الطعام اهتمامك ؟ " أجابه : " أجل سيدي العماد ، سيصل الطعام من مطبخ السرية "1015" عبر مطبخ المطعم"
و ما أن ارخى يده المتعبة حتى شدت الفيحاء انتباهه ، فقد أخذت ترتدي حلة الليل ، خطوطا من الأنوار البرتقالية المبهرة تنبثق هنا و هناك ، ما لبثت خلال دقائق حتى شكلت شبكة واسعة امتدت إلى الأفق البعيد تتخللها أضواء البيوت تناثرت كالنجوم في كبد السماء .
اتسعت دمشق خلال العقدين الأخيرين بشكل مذهل ، همس في سره ، ثم أتم : حتى أنها التهمت كل رقعة غير ذات زرع ، حتى سلسلة جبل المانع جنوبا ، و من قطنا إلى الديماس غربا ، و من تلال قاسيون حتى تلال الثنايا شمالا ، ثم التفت شرقا من وراء الغوطة حتى كادت تبلغ موقع "أبو الشامات" الحدودي ، فأصبحت الغوطة كحديقة العاصمة العملاقة " المتروبوليتان" للجمهورية العربية السورية .
و عندما خفض رأسه بدا تحته تماما مثلث "أبو رمانة - المالكي" لألاءً كعروس ليلة زفتها و من ورائه ساحة الأمويين حيث تصعد من جوارها رحلة الحافلة المعلقة ، و على قاعدة المثلث ارتفعت عدة ناطحات سحاب على أنقاض مدينة معرض دمشق الدولي القديمة .
و بينما كان أبو الوفا سارحا مع المتغيرات السريعة التي طورت مدينته الحبيبة ، نبهته الرجفة الكهربائية إياها ، فقرب معصمه من أذنه مصغيا إلى مخاطبه -: " أبو الوفا ، الساعة الآن الثامنة إلا ربعا ، قم بجولة استطلاعية أخرى ، و لا تسمح بترك أية ثغرة ، فالاجتماع بالغ الخطورة ، ربما مصير أمتنا العربية يتوقف عليه ..."
*****
بينما شغل رواد المقهى المطعم الجانب الغربي من القاعة ، فقد بدا الجانب الشرقي - كما أريد له- مخلخلا تماما ، توزع على بعض طاولاته عناصر من المخابرات من الجنسين ،تعمدوا الظهور كثلل من الشبان المرحين .
أما الطاولة رقم "19" فقد التف حولها ثمانية رجال بملابس مدمية ، أخذوا يتناولون عشاءهم بشهية ، بينما دار الحديث بينهم هامسا يشوبه بعض الهزر المتعمد من حين لآخر ، إمعانا بالتمويه .
افتتح الحديث السيد "ن" فقال :
- بصفتي المحلل لسياسي للموقف المحلي ، يمكنني التأكيد أن وقت الحسم أزف ، فلقد مضى على الهجرة ثمانون عاما ، و على هزيمة ال"67" واحد و ستون عاما ، و خمس و خمسون عاما على حرب تشرين/أكتوبر المجهضة ، و قرابة السنوات العشرين على مجزرة " الرصاص المصبوب" فوق غزة ؛ و القضية لا زالت تراوح في حلقتها الفارغة ، و كل يوم يلتهم العدو قضمة جديدة من الأرض الفلسطينية ،حتى أن المستوطنات أحاطت بكافة المدن الفلسطينية إحاطة الكوبرا بحمل وديع ، و بلغ بهم الصلف و الغرور حد كتابة عبارة من التوراة على يافطة علقوها في مدخل مدينة الخليل التي أسموها "حبرون" ، تؤكد أن الفلسطينيين بحكم شريعتهم أصبحوا عبيدا للإسرائليين ، تقول العبارة ما معناه : " حين تقترب من مدينة لكي تحاربها ، استدعها للصلح ، فإن فتحت لك ، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ، و تستعبد لك " ، و لذا فإن أول ضربة يجب أن توجه إلى مستوطنة "كريات أربع" المجاورة للمدينة ، فقد أذاق الصهاينة سكانها الذل و الهوان .
رد عليه الرائد "ف" و هو رئيس الجلسة ، على الفور :
= سيد "ن" ، لا تخرج عن الموضوعية من فضلك ، و عن أسلوب النقاش المنظم ، فنحن في صدد التحليل السياسي المبني على الدراسة العلمية ، أرجو ألا تتجاوزه .
- عذرا سيدي الرائد ، الذل الذي لحق بشعب لواء الخليل ، فوق كل احتمال .
= شعبنا كله يجري قهره و إذلاله منذ أربعينيات القرن الماضي ؛ تابع موضوعنا الرئيسي من فضلك .
هز السيد "ن" رأسه علامة الموافقة ، مستأنفا حديثه :
- كما هو معلوم لديكم ، فالإحاطة هي مقدمة الإبتلاع ، الإحاطة استغرقت كل هذه السنوات ، إلا أن الإبتلاع لن يحتاج لأكثر من سنوات قد لا تتجاوز العقد الواحد ، و هذا يعني ضياع شعبنا إلى الأبد و محو قضيتنا من الوجود ، و لذا أعود فأقول ، بأن أوان الحسم قد أزف و أن الخطة " س- 14 " يجب أن تنفذ بلا إبطاء .
= شكرا سيد "ن" ، قالها الرائد "ف" باقتضاب ، ثم التفت إلى السيد "ف" متسائلا : " ما ذا عن الموقف الدولي ؟ " فرد "ف" على الفور :
- لا زال بدوره يدور في حلقة فارغة ، أكوام من قرارات الأمم المتحدة ، بلغت حجم مبنى الأمم المتحدة ذاته ، ظلت دوما بلا تنفيذ ، و أكثر من خمسة عشر قرارا لمجلس الأمن ، في كل منها بند غامض ينفذ منه الإسرائيليون إلى مزيد من التسويف ، و أمريكا كما هو معروف مستمرة بتأييد إسرائيل بشكل ثابت و علني ، أما أوربا فلا زالت تلعب لعبتها ، كما هو مخطط لها في دائرة حلف الأطلسي ؛ أما ألمانيا و هولندا و الدول الاسكندنافية فهي كالأمريكيين ما زالت في تأييدها المطلق لإسرائيل من وراء قناع ما نعتوه بالموقف المتوازن ، في حين تستمر الأولى بتقديم تعويضاتها عما يسمى ب "جرائم النازية" ، تعويضات هائلة تتدفق باستمرار غالبها على شكل إمدادات عسكرية كالغواصات المتطورة مثلا ، أما فرنسا فلا زالت عند موقفها المخاتل حيث تلعب لعبة الوجهين ، أما اللبوة البريطانية فلا زالت تتفنن في صياغة القرارات الدولية الغامضة التي تحتمل أكثر من تأويل ، و الأسوأ من الجميع جامعة الدول العربية المشلولة و مواقف أكثر دولها الضعيفة و المتذبذبة .
أيها السادة ، أصبح لا بد – و الحال كذلك - من هزة عنيفة ، تنشِّط عدالتهم المخدرة بمورفين الدفاع عن وجود اسرائيل و حمايتها من عداوة جيرانها العرب الكثر (!) .
هنا ، تحول السيد "ف" بنظره نحو الرائد "ك" متسائلا : "ماهو موقف إخواننا السوريين ؟"
- سيدي الرائد ، سورية وحدها في الميدان منذ حرب تشرين/أكتوبر المجيدة ، القوى التي تصارعها ، أكبر بكثير من إمكانياتها المادية و البشرية ، و المؤامرات لإضعافها من الداخل و الخارج لما تنقطع لحظة واحدة ، و الجولان يعج بالمستوطنات الصهيونية ، و لإروائها تمكنوا من سرقة معظم مياه جبل الشيخ ، محولين سفوحة إلى ما يشبه الصحراء ، و هي إذ تطمنكم بأنها بنت قوة دفاعية يمكن الركون إليها ، فإنها تضم صوتها إلى مؤيدي الخطة " س- 14 " و تؤكد استعدادها لتأمين الغطاء المناسب سياسيا ة عسكريا .
يحملق الرائد "ف" في وجوه الجميع و هو يطرح سؤاله الأخير : "هل من معترض على تنفيذ الخطة " س 14" في الحال ؟"
*****
الزمان : الساعة الرابعة و النصف من صباح الخامس من حزيران عام 2028
خمسون طائرة من طراز "فلسطين 1" و "فلسطين 2" يقودها طيارون إنتحاريون ، و مشحونة بأشد المتفجرات فتكا ، تنطلق في وقت واحد مخترقة دفاعات العدو ، لتفجر شريطا من المستوطنات الإسرائيلية يمتد من كريات أربع جنوبا و حتى عين زيفان في الجولان شمالا ، تناثرت كالعهن المنفوش .
*****
الزمان : الخامسة و النصف من صباح الخامس من حزيران/يونيه 2028
المكان : مقر الحكومة الإسرائيلية في القدس
وزير الدفاع الإسرائيلي يخرج مثخنا بالجراح ، فقد أطبق عليه بعض زملائه فأوسعوه ضربا ، إذ لم تفلح لهم تبريراته المستندة على طبيعة العملية الإنتحارية و التي هي فوق طاقة أي جهاز دفاعي .
رئيس الوزراء يقيل الوزير المذكور و يتسلم في الحال مسؤولية وزارة الدفاع ، و يعلن سلسلة من القرارات عبر الهاتف بما فيها إعلان حالة الإستنفار في كل اسرائيل و التأهب على الأخص في ديمونة .
الهاتف المباشر مع البيت الأبيض في واشنطن يطلق رنينه ، الرئيس الأمريكي يحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي من مغبة اللجوء إلى السلاح النووي ، و يطالبه بعدم اتخاذ أية خطوة مضادة قبل وصول مبعوثه الشخصي الذي هو في طريقه الآن .
إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرد عليه بلهجة جافة مشيرا إلى أن الطيران الإسرائيلي هو الآن في الميدان .
هاتف من القيادة العسكرية يؤكد أن نصف الطائرات الإسرائيلية عادت دون أن تحقق شيئا و النصف الآخر جرى تدميره ...
رئيس الوزراء الاسرائيلي ، يتناول مسدسه ، و يدخل فوهته في فمه ، ثم يطلق رصاصة جعلت دماغه يتطاير ...
*****
الزمان : الخامسة من مساء الخامس من حزيران/يونيه سنة 2028 للميلاد
المكان : مقر الحكومة الفلسطينية
رئيس الحكومة الفلسطينية يستقبل سفيري الولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا الغربية ممثلة لحلف الأطلسي مجتمعين ، ليبلغانه باعتراف حكومتيهما و الحلف بالحكومة الفلسطينية ، ممثلة لكافة الفلسطينيين ، و يرجوانه قبول المفاوضات مع الإسرائيليين مباشرة أو غير مباشرة ، مع وعد قاطع بانسحاب الإسرائيليين من المستوطنات التي بنيت بعد عام 1967 .
رئيس الحكومة الفلسطينية يعد بدراسة الأمر مع أعضاء حكومته .
*****
صعد أبو الوفا بعد زوجته و ولديه إلى الحافلة المعلقة "تلفريك" ..
كانوا جميعا جذلين ، و عندما ولجوا مقهى و مطعم الوليد بن عبد الملك المطل على مدينة دمشق ، أشار إلى الطاولة رقم "19" مخاطبا أفراد أسرته : " على هذه الطاولة - أحبائي- جرت كتابة أنصع صفحة سطرها التاريخ العربي و كنت من شهودها .
كان ثمت سهم ناري قد تجاوز عنان السماء ، مفجرا عشرات المفرقعات الملونة ، شد انتباه أسرة "أبو الوفا" فهرع أفرادها نحو النافذة المجاورة ، ليطلوا على الفيحاء و هي تحتفل بالعرس الفلسطيني .
------------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف