الأخبار
سيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

طلقها بقلم: نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2009-07-07
طلقها بقلم: نزار ب. الزين
طلقها
قصة
نزار ب. الزين*

طلقها !.....
- لكم أكره هذه الكلمة ، لكم أمقتها و أنفر من ذكرها ، لكم حطمت بشرا و شتت أسرا .
أذكر جيدا يا أبي أنك اخترتها لي و أنك آثرتها من بين كثيرات بل و قد انتزعتها لي بمؤامرة من أحد خطابها ، فكيف تدعوني الى طلاقها يا أبي ؟
أطلق من ملأت حياتي بهجة ؟ بأي ذنب ؟ بأي منطق ؟ و ما شأني ببقاء السلالة طالما أنا سعيد ببقائي ؟!
" على أي حال له قضيته ، لعله يراها عادلة فيتشبث برأيه و يلح بطلبها و يلحف بالرجاء ليحققها ، عدالته هي عدالة المصلحة العليا ، مصلحة السلالة - مع أني لا أظنها سلالة فريدة من نوعها- هي لا شك غريزة عمياء يسمونها غريزة بقاء النوع ؛ أما عدالتي و للغرابة هو غارسها ؛ فهي مقابلة الود بالود ، و الاحسان بالاحسان ، و الوداعة بالرقة ، و الاخلاص بالرعاية ، و العطاء بالسخاء . "
طلقها ، يكررها كلما طلب الخلوة بي و ما أكثر ما يطلب الخلوة بي ليقول لي طلقها !
- طلقها .. طلقها .. طلقها .. لقد أعطاك الشرع هذا الحق فاستثمره .
فطوم ابنة خالك تبين أنها مصابة بالعجز الكلوي ، أفتى شيخ لزوجها بالطلاق فطلقها و هي لا زالت عروسا ؛ سليمة حفيدة ابن عمي سليمان ، أصيبت بحالة اكتئاب إثر حمل لم يستقر ، فأفتى شيخ بجواز طلاقها فطلقها ,
كل الناس يطلقون الا أنت ؟!
- " أهي سلعة ، يمكن إعادتها لبائعها أنى نشاء ؟ يا أبي؟! "
- طلقها .. طلقها .. طلقها ..
ضجيج هذه الكلمة الكريهة يصم أذنيّ .
زوجة أبي مستعدة للبحث عن غيرها في الحال !
" حذاء يمكن استبداله أنّى نشاء ؟!." هكذا هَمَسَت في أذني ذات يوم .
و لكنك لم تنجبي بدورك يا زوجة أبي ، لِمَ لم يطلقك أبي يا زوجة أبي ؟
عمتي تقترح أن أتزوج من أخرى على أن أبقيها بذمتي فلا أكون ظلمتها !
و لكنك اكتويت بمرارة الضرّ يا عمتي ...
أعمامي لاذوا بالصمت ، لقد أنجبوا بناتا فلا يحق لهم و الحال كذلك الحديث عن بقاء السلالة !
*****
مضت عشر سنوات أو تزيد ، مائة و عشرون شهرا أو تزيد ، أربعة آلاف يوم بلياليها و لم أفرحك بطفل يا زهير .
اني أشعر بمعاناتك يا زهير .
أشعر بقلبك الرقيق يكتوي بمرارة الصراع .
أشعر بضرباته القوية في مجابهة الضغوط .
أشعر بحبك الكبير لأبيك و ببرك بأبيك و رغبتك الصادقة بطاعة أبيك
و كذا أشعر بحزنك لانتقاصك من برّه و طاعته من أجلي .
كم بودي دعوتك اليها تلكم الكلمة البغيضة فأعفيك من ألم النفس و عذاب الضمير ، و أريح والدك و كل أؤلئك الذين التفوا من حوله يتحسرون على سلالة أصبحت وشيكة الانقراض .
كم بودي دعوتك اليها و لكن الموت أهون علي منها يا زهير .
فأنا لا أشعر بالحياة الا بين ذراعيك و لا بالطمأنينة الا في محيط أنفاسك و لا أستطيب الحركة الا اذا كانت من أجل خدمتك .. أنا .. أنا لا أفهم العالم الا من خلال عينيك .
فلنحاول ثانية و ثالثة ، فلنحاول للمرة الألف بل للمرة المليون ... قدرتي على الاحتمال لا حدود لها ..
لقد اعتدت أسّرة المشافي و ألفت طعوم الأدواء و روائح العقاقير .
لم تضجرني أحاجي الأطباء السمر منهم أو الشقر .
و لم و لن أسأم قط إذا حولوني الى فأر تجارب ..
ولم و لن أتذمر أبدا من أنابيب تغرس في عروقي و حقن تمتص دمائي و شعاعات تنقب في أحشائي و عّينات تنتزع من أنسجتي .
المهم أن أقدمه لك ذات يوم .
له نفس عينيك الحانيتين .
له نفس قلبك الكبير و نفس صبرك الجميل .
حاملا نفس نبلك ..نفس أخلاقك .
لأجل عينيك يا زهير أحتمل كل الشقاء و كل الألم .
وليس من أجل سلالتك المجيدة .

*********
- زهير
لقد احتضنتك أبا و أما حين فقدت الأم ، و رعيتك منذ الثالثة من عمرك ثانية بعد ثانية و تابعت نموك رقما بعد رقم و أنشأتك فكرة إثر فكرة و دفعتك في درب الحياة خطوة بعد خطوة ، حتى جعلتك طبيبا ينحني له الأطباء ، و مع ذلك ترى في حلقي غصة فلا تحاول خلاصي منها.
أنا أطلب منك حفيدا و حسب يا زهير ، هل كثير عليّ أن يكون لي حفيد يا بني ؟
طلقها أو تزوج من أخرى فالشرع أحل لك أربعا يا زهير !
- - أبتي
العلم يتقدم و الطب كذلك يتقدم .
كل يوم كشف جديد .
كل يوم فتح جديد .
كل يوم أمل جديد .
أطفال الأنابيب هل سمعت بهم ؟
الأرحام المستعارة هل قرأت عنها ؟
و مع ذلك أنا لا أفكر باستعارة رحم أو استخدام أنبوب .
زوجتي ليست عاقرا يا أبي إلا أنها كثيرة الإجهاض .
زوجتي التعيسة يا أبي تعاني من عدو كامن في أحشائها مرصود لاجهاض فرحتها ...
زوجتي ضحية الآلية الحمقاء و شذوذ الطبيعة ...
هل سمعت بمقاومة الجسم الذاتية للمواد الغريبة حتى لو كانت لمنفعته ؟
هل سمعت بموت من زرعت لهم قلوب أو رئات أو كلى ؟
جهاز زوجتي المقاوم يخال أجنتها أجساما عدوّة فيفرز حولها سمومه ليقضي عليها قبل اكتمالها ؛ تلك هي المعضلة ؛ فما ذنب زوجتي يا أبي ؟
اني طوع بنانك في كل أمر يا أبي الا في هذا الأمر فاعذرني أرجوك .

********
بقايا ( أمل ) على سرير أبيض التصق ظهرها به منذ شهور سبعة ...
شاحبة الوجه ، ذابلة العينين ؛ غرسوا في رقبتها أنبوبا وصل بين وريد رقبتها الأيسر و جهاز تنقية الدماء ، و هي على هذا الحال منذ شهور سبعة ...
( زهير ) الى جانبها جامد التعبير ، عودته الشهور السبعة على كآبة المنظر .
يدخل كبير الأطباء و ثلة ضمت أطباء و ممرضات ؛ يفحصها بدقة ، يبتسم ، يخاطبهما بثقة : " لقد أكمل شهره السابع و هو بصحة جيدة ، قلبه ينبض بقوة ، وضعه في الرحم سليم ، حركته تشير الى نشاط و حيوية ؛ لقد زالت معظم الأخطار . " ثم أكمل موضحا : " الخطر الوحيد المتبقي هو أن يلتهب هذا المكان - و أشار الى نقطة التقاء الانبوب بالرقبة – عندها سنضطر الى سحبه قبل موعده ؛ الا أنه خطر بعيد الاحتمال . " و أضاف و قد ملأت ثغره ابتسامة عريضة : " اني أقول هذا لأؤكد لك بأنك ستصبحين أما و سوف تنعمين بنعمة الأمومة يا سيدة أمل "
لم تستطع ( أمل ) ضبط نفسها فأجهشت بالبكاء .. بكاء الفرح .. بكاء الفرج .. بكاء الأمل الضاحك...
أما ( زهير ) فقد تهاوى على الأرض فسجد سجدة طويلة ، و اذ احس بابتعاد ملائكة الرحمة ، زحف نحو السرير فألقى برأسه على صدر زوجته ثم راحا معا في نشيج متناغم .
كان زهير يسر الى ذاته :- " ستحصدين قمح الصبر يا ( أمل ).... وتذوقين ثمار النصر .. و تنسين ليالي القهر . "
و كانت ( أمل ) تسر الى ذاتها : " ستحصد قمح الصبر .يا زهير. و تذوق ثمار النصر .. و تنسى ليالي القهر "
و استمرت تهمس الى ذاتها : " اليوم عادت الي آدميتي .. أنت أعدت الي آدميتي يا زهير .. أنت و كل هؤلاء الأطباء والعلماء و الباحثون .. تضافرتم جميعا لتعيدوا اليَّ إنسانيتي بعد أن كدت أفقدها .. و سأظل مدينة لكم جميعا الى الأبد ."
و فجأة رفعت رأسها ، مسحت دموعها ، و بصوت نابض بالحرارة قالت : " زهير قم حالا و اهتف لأبيك و بشّره بالخبر السعيد . "
----------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف