الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

شعوذه بقلم :سهام البيايضه

تاريخ النشر : 2009-03-19
شعوذه
بقلم :سهام البيايضه

ربما كان جرس البيت معطل,لم تسمع أم محمد جرس الباب , عندما جاءت إبنتها الصغيرة لتخبرها, أن هناك سيدة تبكي, جلست في الصالون .
خرجت أم محمد مسرعة من اجل لا تتركها لوحدها جالسة, وحتى لا تتحمل عتب الاطالة عنها, ففي مجتمع ضيق كالذي تعيش به منذ سنوات , هناك وقت محدد لا يجب على أصحاب البيت تعديه ,في إستقبال الضيوف مهما كانوا, ومهما كانت حاجاتهم .
من حرصها الشديد ركضت مباشره الى الصالون الخارجي, فلم تجد فيه أحد,عندها بدأ قلبها بالخفقان, وقالت لنفسها:يا فضيحتنا!! ,أكيد إستعوقت حضوري , و زعلت!! وراحت بيتهم.!!
عندها عادت الى غرفة المعيشه لتجدها جالسه على طرف أحد المقاعد ,وكأنها على أهبة الاستعداد للنهوض ,ففهمت أم محمد, أنها صاحبة حاجة وأنها تعاني من وضع نفسي صعب.
في عيناها اللتان احمرتا من البكاء, حزن شديد,يظهر رعشات الإضطراب على جسدها المتجمع فوق المساحة الصغيرة من المقعد, وقد ضمت أرجلها, واضعه يديها على ركبتيها لتمنع إهتزازهما ولتخفف من الحرج الذي لفها.
أقبلت صاحبة البيت معتذرة, وسلمت باليد, وزادت من الاعتذار بان المطبخ بعيدا عن المدخل الامامي, ولم تسمع صوت الجرس ,فردت المرأة: بانها تعتذر عن قدومها المفاجيء ولولا حاجتها ما قدمت بهذه الطريقة ,ثم تبادلتا عبارات المجاملة .وانها صاحبة بيت ولا داعي للحرج بينهما.

قدمت أم محمد فنجان القهوة ,ثم سألتها بصوت خافت تحاول ان تجمع فيه كل الهدوء والطمأنينة حتى تخفف من حرج الموقف, ولتساعدها على طرح حاجتها براحة وبدون احراج.
قالت الزائرة : يظهر انك لم تعرفيني ..أنا أم عزمي.
ارتقصت اوصال أم محمد ..وخرجت كلماتها مستنكره :
- من؟ عزمي؟ عزمي ما غيره؟
- نعم ..عزمي ما غيره.
ساد جو الارتباك من جديد, وتمتمت أم محمد:
- الله يلعن عزمي واليوم الي عرفنا فيه عزمي..شو هالورطه؟ خير يا ربي!
ثم بدات بجمع شتاتها حتى لا تفقد اعصابها, أمام هذه زائرتها وفكرت :
- لا بد انها لاحظت ارتباكي.
عندها فهمت , لماذا هي منحرجة منها,ولماذا جلستها صغيرة, ومستعده للقيام.وفكرت بصمت :
- لا بد انها توقعت ان أطردها مباشرة بعد ان أعرف من هي ..فعادت تفكر من جديد
- ليس فقط ,ان أطردها أوان أحملها مسؤولية أفعال عزمي المشينه ,لا بل تأنيبها على سوء تربيتها, لا بل ,حتى ولادتها لهذا المعتوة.

افكارمرت سريعة وخاطفة , راودتها وحركت أوصالها لدرجة الغيض,لكن وجودها في بيتها أسكن غيضها وغضبها ,فقالت :
- اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..تفضلي أم - إلي ما يتسماش- , ماذا تأمرين؟
بكل الحرج المنتشر على بقاع الارض خرجت كلماتها مرتجفة ,وهي تطلب "دخالتها على أبو محمد" ومساعدتها في الحصول على تصريح لزيارة إبنها عزمي المسجون في اصلاحية الاحداث, كونها لا تعرف ماذا تعمل في هذه الاوضاع الاستثنائية ,الغير معتادة ابدا .
صرخت ام محمد بين الفرح والمفاحأة :عزمي في الإصلاحية ؟ يا قوة الله!!.خير ان شاء الله ؟ واستطرت متهكمه:ماذا أبدع هذه المرة؟
مواقف كثيره يمكن لأهل القرية ان يتجاوزوها, ويلمون آثارها, وينسونها ,إلا ما تعلق بالشرف وبناتهم وسمعتهم,هذه المرة, وقع عزمي بالمحضور, عندما لاحق بإستهتاره, فتيات صغيرات في احد الحقول محاولاً لمسهن وتقبيلهن...
انها القشة التي قصمت ظهر ذلك الاب القريب,فلا سكوت بعد الان, ولا بد ان يتأدب ذلك الشقي المستهتر.
انها قصة الشقاء والتعب, وخروج الاولاد عن الخط الادبي والاجتماعي المعروف ,حتى إنتشر آذاهم في محيطهم, غير مبالين بالناس وبخصوصياتهم ,ولا بممتلكاتهم ,يجوبون القرية القديمة يعبثون ويحطمون, لا يتركون, زرع ولا حجرولا ثمر ,يكسرون الاشجار ويسرقون ثمارالغير ناضجة,يشتلون الاشجار الصغيرة من جذورها ,ويسطون على البيوت الخالية من سكانها, وعلى المزارع, يحرقون الحيوانات الصغيرة وهي لا تزال حية, وحال من حولهم, يقول بانهم اولاد ,مجرد اولاد ,فما استقامت أحوالهم أبداً, وكبر همهم وأنحرافهم , وأنتشرت أخبارهم بين الاقارب ,دون ان يأخذوا عقابهم الرادع, إستحياء من القربى, واصطبار على الأيام لحين النضوج, حتى تمادت جراءتهم, بالسطو على الاعراض, لا يردعهم حرج من اقرباءهم ,فكان ان سيق عزامي وأصدقائه الى مركز الشرطة أكثر من مرة , وتدافع رجال القرية لتخليصه واقرانه من السجن, بإسقاط الحق الخاص,والاخذ بخاطر المجني عليهم لتتطور احيانا الى عزائم وولائم ,بعد ان تركوا الدراسة وبدأوا بإمتهان سرقة السيارات وخاصة الغريبة عن المنطقة .
"واخيرا": قالت ام محمد.
جاء الوقت ليرفع احدهم عليه دعوى تؤدبه وتمنع شره عن العباد , ليعوض جميع من اكتوا بنار استهتاره ,متشفين به اخيرا , وهو لم يتعدى الخامسة عشر من عمره بعد!!.
وسكنت نبضات غضب ام محمد لتسأل نفسها:
- لماذا يعتصر الحزن قلبي؟ هل هو على ذلك الشاب الذي فقد بوصلة التوجيه والتربية, وترك الدراسة باكرا ليرضي شلة رفقاء السؤ؟ .أم يحزنها هذا الركام المحطم الجالس فوق المقعد ؟

كل أشتال الورد التي كانت تجدها منزوعة ومكسرة ,وأشجار الزيتون التي زرعتها على رصيف البيت ولم تجدها ,وأسياخ الحديد التي وجدتها مغروسة بحبات البطيخ التي نبتت في حديقتها الصغيرة,وذاك الخط المحفور على جانب سيارتها بالمسمار, من الجناح الخلفي وحتى الأضواء الأمامية ,وكل ما أغضبها وزاد حنقها على طفل شقي كشقاء امه واهله, وحتى أخواته اللواتي جلسن في البيت لا يقترب منهن لا طالب ولا عريس ,خوفا من ان العرق دساس,وان المجتمع لا يرحم .
كل ما جال في فكرها ليبرر ارتياحا لوجود عزمي في الاصلاحية, لا يقارن بدمعة أمه التي لم يشاهدها عزمي في يوم من الأيام, ولم يأخذ بخاطرها ليكون ,أقل ما يكون كباقي أبناء القريه ,طبيعياً عاديا ً.

مضت ايام, وعادت أيام لتلتقي ام محمد , بأم عزمي من جديد في أحد بيوت العزاء في القرية الجديدة ,فلقد إنتقل معظم ساكني القرية القديمة الى بيوت حديثة على أطراف الطريق العام ,وتغيرت أحوالهم الى ما يعتقد انه الأفضل,بعيدا عن البيوت القديمة التي إمتلئت شقوقها بالأفاعي والحراثين ,وبقيت لتخزين غلال القمح والحبوب ,ولمربي الماشية والاغنام ,فانهارت حجارتها وتصدعت خرائبها ,وبقي المشهد من بعيد المطل عليها من شبابيك الألمنيوم و الستائر, عالم سرمدي يلم بين ثناياه قصص الناس وماضيهم وشقاوة أبنائهم وتعاليل كبار السن في الليالي الشتوية.

حطاما فوق عكاز,هكذا اصبحت أم عزمي,كل السيدات تغيرن وتبدلت أحوالهن ,يتفاخرن بالأبناء فمنهن, ام المهندس و ام الطبيب وأم الأستاذ والدكتور الجامعي والضابط والتاجر ,جميعهن لهن أسماء جديدة وأحوال جديدة حتى ام عزمي أصبح لها إسم جديد ,إنها الأن.. أم الشيخ!
"الشيخ عزمي" صاحب طريقة,يعتكف في غرفته, ولا يقابل الناس الا من وراء حجاب ,خاصة النساء, يأتيه الناس من كل حدب وصوب, سيارات فخمة بلوحات وارقام عربيه من كافة البلاد,يتمسحون ببراكات ولمسات "الشيخ ",ويطبقون وصفاته في العين والمس والجنون ,وكافة الاوجاع المخفية ,لحيته السوداء وصلت الى ما دون الصدر ,عيونه في الارض دائما ,يتمتم بتعاويذ غير مفهومة, ويحيط نفسه بأبخرة خانقة, تجمع حوله اصحاب المعرفة المأمورين بأمره والجالبين للحظ والعرسان والشفاء للناس,يفك المربوط ويربط المفكوك,يعمل في سبيل الله ولوجه الله خالصاً,يرفض أخذ المال رفضا باتاً .
.لكن لا حرج من هدية صغيرة ,تعتمد على مستوى الفهم والعقل .. وتقديراً واعتراف بالفضل ومدى الفائدة الحاصلة من بركات "الشيخ عزمي"!!
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف