الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الكرسي بقلم:د.محمد ناصر

تاريخ النشر : 2009-03-19
د/محمد ناصر

** الكرسي.
___________
• تتلاشى مثل فقاعات صابون ، وكأن شيئا لم يكن , أمر عجيب هذه الذكريات " وددت لو قبضت عليها واحدة اثر أخرى , لو حزمتها ووضعتها في كيس وأحكمت الرباط عليها .. لكنها تفر كما يفر الماء من بين أصابع اليد .. أو كما الغربال لا يحتفظ بالماء " !
كنت في شبابي ذكيا , ولماحا , سريع النكتة , حاضر البديهة .. وليس هذا مدحا لنفسي أعوذ بالله من مادح نفسه .. ولكن هكذا كان يقول عني الأهل والأصدقاء ..
في مطلع شبابي كان أبي يجلسني إلى جواره ويقول لي أنت خليفتي وكنت أسعد كثيرا بذلك كنت أحس أن أبي ملك .. وأنني سأخلفه على العرش .. ولكني لم أتعجل موته لأتولى الخلافة وحال الرعية الذين هم أمي وأخوتي البنين والبنات لأنهم كانوا مشاكسين ولا يسمعون لي ولا يعطونني الفرصة لأتولى مسئوليتهم !! لكنهم بحضور أبي كانوا يغدقون لي المزيد من المديح والثناء وكنت أشعر بابتهاج كبير .
ومات والدي بعد سنوات من نفخه في أذني أنني خليفته فحرصت على الجلوس على كرسيه منذ اللحظة التي فاضت بها روحه وصحت بأمي وأخوتي وأخواتي الذين تداعوا حوله يبكون .
أخرسوا لا تجوز على الميت إلا الرحمة ترحموا عليه رحمكم الله .. لو كان حيا أو لو قدر له أن يعود حيا فسوف يلومكم كثيرا أخرسوا وادعوا الله أن يرحمه .
اقتربت مني أختي الكبرى , ودموعها تملأ وجهها , وبسرعة خاطفة مدت يدها إلى
أذني وجذبتني بقسوة فاندفعت باتجاه حركة يدها وقد نهضت عن الكرسي وتركته خاليا
يتأرجح في الهواء .
قالت : يا ولد أنحن خالوا الوفاض لتزيدنا هما , أسرع لإنجاز الترتيبات اللازمة للدفن وأذهب لعمك أبي محمود فهو الذي يستطيع التصرف .
قلت باحتجاج :
_ لكني أنا خليفته .. هكذا فوضني المرحوم
ازدادت تمسكا بأذني :
_ قلت لك انصرف وأخبر عمك
في طريقه إلى عمه هاجمته الهواجس .. " عمك سيأخذ كرسي أبيك عمك سوف يتحكم بك وبأخوتك لن تكون خليفة لأحد إذا احتل عمك الكرسي " وذهب ابعد من ذلك , أمك لعل عمك يتزوجها !! وتابع :
_ تكون القصة قد اكتملت ! يا سلام !
تذر أخته وتحسس أذنه لأنه لم يستطع أن يستدير إلى الخلف وأن يعود إلى البيت ليفرض نفسه .
أمام باب عمه وقف تردد لحظات ثم طرق الباب فتحت له الباب ابنة عمه
جميلة عيناها وكان يقول لي عمي :
سأزوجك منها
ما أن وقع نظرها عليه حتى صاحت به
قيس أبن عمي عندنا يا مرحبا يا مرحبا
وأطلقت ضحكتها المعهودة الطويلة المتقطعة فأغاظته
صاح فيها :
أين عمي ؟
قالت : ولم عمك .. إلا أصلح أنا ؟
قال بغيظ :
تصلحين لم ؟
ردت بعدم اكتراث
لأي شيء !
قال حاسما النقاش الهزيل
أين عمي ؟
أجابته بنفس الحزم
في الدكان
أقفل راجعا أتجه إلى الدكان الطريق ليست طويلة لكن سؤلا أخر برق في ذهنه :
جميلة .. هذه الجميلة هه ‍!
تذكر والده المسجى والذي بحاجة إلى دفن فحث الخطى إلى دكان عمه .
كان عمه يسميها القصر .. وكان يطلق عليها مسميات كثيرة .. منها الروح .. وكان يسمعه يقول لأبيه :
هذه الدكان روحي وعمري .
وتذكر روح أبيه وعمر أبيه صرخ بعمه المشغول بالبيع !
فاضت روح أبي .. انتهى عمره !
توقف عمه مشدوها وألتفت أليه
ماذا قلت ؟
أبي لا بقية في حياتك انتهى عمره !
يا لهذا الصباح .. ويلك من غراب شؤم أنت !
أنا الخليفة !
أي خليفة ؟
عليك أن تحترمني منذ الآن أنا خليفة أبي !
لم يرد عليه عمه .. أعتذر للزبائن , وخرج , أنزل باب الدكان ولم يضع فيه القفل وهرول باتجاه البيت يلحق به أبن أخيه !
صرخ العم بزوجته وبناته وأوصاهم أن يلحقوا به إلى بيت أخيه بعد أن يحكموا أقفال الدكان .
وتدخل أبن أخيه فأوصاهم ألا يلعبوا بدرج النقود وتأبط ذراع عمه ومضيا حيث الفقيد الراقد بلا حياة قال له عمه بعد مسافة قطعاها على الأقدام :
ماذا ستفعل يا بني الآن ؟
سأجلس على الكرسي .. أنه لي هكذا فوضني المرحوم هز العم رأسه بأسى وقال :
هو لك !
أبتسم وهمس لنفسه :
هذا أول انتصار لي !
استقبلت الأسرة العم هرول الجميع نحوه باكين وأحتضن العم بنات أخيه وأجهش في البكاء ثم رفع رأسه وقال بصوت أذابته الدموع :
كيف حدث هذا ؟
ولم يمهلهم أبن أخيه للرد إذ أجاب :
نام ولم يصح .. دنيا !
زجرته أخته الكبيرة بعينيها الباكيتين .
أخرس
وتابعت
لم يشكو المرض , دخلت عليه في الصباح كالعادة فوجته وأجهشت في البكاء .
وحاول أخوها أن يكمل فأدار العم له ظهره وانطلق نحو غرفة أخيه .
كم مر بعد ذلك من الوقت , لا أحد حسب ذلك قام العم بكل الإجراءات وشيعت الجنازة في صمت مهيب ووري الفقيد الثرى وعاد الجميع إلى البيت .
صرح الابن : أين الكرسي كان هنا قبل أن نخرج في الجنازة , لم يرد عليه أحد نظر في عيون الجميع وتوقفت عيناه , عند جميلة أبنه عمه , لم يكن في عينيها أثار دموع
اقترب منها وهمس
أين الكرسي ؟
أخذته أمي إلى بيتنا حتى لا يثير وجوده الحزن لدى أخوتك !.
تهالك على الأرض تعتصره الخيبة
ومن سيجلس عليه؟
ببرود أجابته
عمك
سرح بعينيه إلى البعيد
كم من الوقت عليه أن ينتظر , حتى يسترد الكرسي . *

*****************************

** محمد ناصر
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف