الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تحت وطء الخفقان بقلم:يحيى صديق يحيى

تاريخ النشر : 2009-03-19
قصة قصيرة
تحت وطء الخفقان
يحيى صديق يحيى

شق طريقه بتصميم وفي رأسه تكتظ خيالات وصور شتى تتنامى وتتحرك في هيئات مضطربة، تارة تأخذ أشكالا واضحة وأخرى صورا مموهة كما الحلم. وحده اللقاء سيحسم الأمر ويركب أجزاء الصورة. ( الواقع اغرب من الخيال!)، عبارة طالما طرقت أسماعه ويبدو أن أوانها قد حان لتغدو حقيقة، ماجاء به هذا العصر يفوق الخيال حقا، يفوق فعل الجان والعفاريت، ولم لا ؟! فالعالم أضحى قرية كونية صغيرة (عبارة باتت مستهلكة لكن لامناص من استخدامها) ، تصل مابين إنسان القطب الشمالي والقطب الجنوبي، بيد انه على الأغلب عالم يجني ثماره المحظوظون ذوي ألأنياب والثراء، لا البؤساء الذين تنهال فوق رؤوسهم هراوات الحروب والمآسي، لك أن تعيش حياتك وأنت تنقل خطواتك بحذر بين حقول الألغام ، في وقت تتطلع فيه إلى خيط نور قد يلمع في سماواتك المظلمة المزدحمة بصخب القذائف وضجيج الطائرات المقاتلة ، هي رقصة الموت !
( تعالي نغادر دنيانا هذه ونهرب إلى عالم أوسع، ماذا بوسع واقع كهذا أن يقدم لنا ؟ ربما تفتحين النافذة ذات يوم فلا تجدين الأيقونة الصفراء التي اعتدت رؤيتها ، عندها لك أن تخمني ماحدث في زمن المفخخات والقنابل، الزمن زمن القرية الكونية الصغيرة المتصارعة التي تضيق بساكنيها ، حيث لا مكان لذوي الأحلام الصغيرة).
استرجع كيف قادته قدماه إلى صالة الانترنت واختار له مقعدا أمام واحد من صناديقها لتطل تلك الأيقونة الصفراء بحذر يطوي بين جنباته الرغبة بالأنعتاق والتحليق صوب فضاءات قصية،تلك هي رغبة الروح عندما تحاصر.

- من أين؟
- من هذا العالم الواسع
- الاسم ؟
- ......
- العمر؟
- 29
- وبعد؟
- كفى!
هكذا هي أصول اللعبة ...

(صدقيني إن قلت لك بأنني لست من رواد الجات ولم أمارسه من قبل رغم معرفتي به حتى اطل ذلك الصباح العذب وحدث ما حدث، لكم كانت تلك أللحظه مترعة بالفرح والتوتر اللذيذ .. كيف لي أن امسك بهذا الطائر الجميل الذي طوحت به شبكة ألنت وألقت به في صدفة عجائبيه إلى عالمي .. قفزت مذهولا ، طفقت اجري وراءه .. لم تتبعه يداي لتمسك به رأفة بقلبه الصغير مشفقاً على ألوان ريشه ألجميله وقلبه الصغير .. لكن الطائر الجميل أحس بخفقان روحي فأشفق على جسدي من السقوط وهو يراه منفلتا يريد أن يودعه بعضا من الكلمات المضيئة في هذا الزمن المعتم .

آنستي
أعرف جيدا انك لست على شاكلة أولئك الذين يدمنون ( الجات) , أحسست بذلك منذ البداية عبر كلماتك وإشاراتك وعمدتها فيما بعد بأبيات من شعرك الجميل التي رسمت لك صورة حلوه في مخيلتي ... فشرعت أدندن للطائر الجميل كي امنحه الطمأنينة وأريح جناحيه من وطء الخفقان .. تحدثت إليه كثيرا كي يهدأ ويمكث عند النافذة على الأقل , عله يحط على كفي ذات يوم ويأمن جانبي فأحدثه ويحدثني بما يخفف عن كلانا وطأة الزمن الموحش . .. نعم اعترف بأنني ربما أكون قد أثرت شيئاً من الضجر الذي قد يفهم خطأ على انه إلحاح لا طائل من وراءه ..لكنها الرغبة المجنونة في التواصل وما تفعله تلك الحاجات الدفينة التي باتت تعتمل عميقا في نفوسنا وما من متنفس لها .. فناديت عليك مرات ومرات كنت أتعمد كل يوم ترك كلماتي عند نافذتك علي أحظى بك ..
في البدء قلت لي أن ما ينبغي أن يشدنا إلى هذه الحياة هو جوهرها وليس ما يطفو على السطح .. وهذا الجوهر ليس سوى الروح، أو ليست هي أكسير الحياة الأبدية ونورها الخالد الذي لا يعرف الانطفاء ؟!
ربما لن نلتقي وجها لوجه , لن يسمع احدنا صوت الأخر ,لكن خطانا لن تغيب، لأننا لم نلتقي أساسا في عالم مادي متجسد بل في عالم أثيري رحب أكثر سكينه وصفاء وصدقا من عالمنا المادي المحكوم بالفناء... عالم تسبح فيه الروح وتشدو , لا عالم هيئات زائلة وكلمات غادرتها الحياة ) .

قالت سترتدي وشاحاً ازرقاً فهي تؤثر اللون الأزرق ومن خلاله سوف يميزها ، ستقف أمام مبنى الجامعة بنظارتيها الدائريتين ، تتحرك وراءهما بترقب عينين واسعتين ، متوسطة القامة ، حنطيه اللون، أما هو فسيرتدي قميصاً ابيضاً، يخالط فوديه خيوطا من الشيب الخفيف ، سيضع يده في جيبه الأيمن ، تستقر على انفه نظارة شمسية سوداء ، أما الباقي فيترك للحدس .
أية صدفة ألقت به في هذا الموقف ؟!

- أريد أن أراك
- قد تفسد الرؤية مابنيناه
- لا
- لاداعي لأن نتجسد لنبقى في الأثير، العالم هنا أوسع، أنقى ، أجمل، الأرواح لا تحط على الأرض ، ألأرواح تطير ..تحلق ...

كان الطريق مزدحما بالمارة يغمره لغط وضحكات ، صيحات تتعالى من هنا وهناك، أبواب محلات تفتح وتغلق، أناس يدخلون ويخرجون، أصوات منبهات السيارات، موسيقى وأغاني بدت له متهتكة، فيما راحت عيناه تراقب الجهة المقابلة عله يلمح وشاحاً ازرقا ، لمحة واحدة تكفي ، سيميزها بروحه،سيضيء وجهها من بين كل الوجوه وسيعبر إليها ، سيخترق كل هذه الأمواج البشرية التي تحتويه ، ستقوده خطواته إلى حيث تقف كما لو كان ذاهبا إلى ارض بكر لم يطأها من قبل ، ليرى وجها طالما اطل عليه في أحلامه وتراءى له بابتسامات ونظرات ملائكية . أترى سيبقى هذا الفيض الذي تضج به روحه عندما سيلتقي بها ؟ لكم نازعته الرغبة في أن يبقى الأمر رهبن التواصل عن بعد ، فالأرواح يفسدها النزول إلى الطرقات .. سيفسد كل شيء، لم يتبقى لنا في هذا العالم غير حفنة من رغبات بريئة أمسينا نختلسها اختلاسا بعيدا عن أعين الخوف الذي بات يطاردنا والموت المجاني المتربص بنا ، يخاتلنا ونخاتله ..

(ربما تفتقدين يوما نافذة أطلت على دارك ذات يوم ، وحاولت أن تمنحك بعضا من ضيائها .. قد يغيبها أي حادث من تلك الحوادث السوداء وما أكثرها في دنيا هذه الأيام . ساترك لك نافذتي مفتوحة كل يوم ، لتكون نافذة بسعة الرؤيا . وسأصدق فيروز مضطرا وهي تقول :

تعال ولاتجي واكذب عليٌ
أ لكذبي مش خطيٌ
أ وعدني انك راح تجي
وتعال
ولاتجي )



جال المكان بعينيه مرة أخرى ،حرك رأسه يمينا وشمالا، أحس كما لو كان غريقا ينشد الحياة ، هل وصلت المكان ؟ قد تكون على مقربة منه وهولا يدري، ترمق ارتباكه وتخبطه . ومر وقت طويل أيقظ في ذاكرته الآم خيبات بعيدة خشي أن تتكرر. وفجأة لمح قامة متوسطة تدفع بخطوات هادئة صوب شجرة معمرة انتصبت على جانب الرصيف ، توقفت واستدارت ببطء .. كانت هي بذات العينين اللتين تخيلهما وذات الملامح التي رسمها خياله بوشاحها الأزرق ونظارتيها الدائريتين، خطوات وتذوب صور الخيال ويحل التجسد، سيرى كلاهما الآخر وتحل الرؤية محل التجاذب الروحي الذي كان يشدهما . بيد أن هاجسا استيقظ في داخله دفعه إلى التوقف بل التراجع هاجس عصف بكيانه ، ملأ عقله، علا صراخه في أعماقه يدعوه إلى التراجع ، شعر بأن خطواته تلك ستقوده إلى إفساد صورة طالما تغنى بها ، ليس وحده بل كلاهما ، ستخدش وتبلى ،وتنتهي الحكاية ، دونما أي بريق، بل ستذهب كل تلك المواجيد هباء وتتلاشى . يكفي انه رآها ، شهد حلمه يتجسد ، للحظة اكتشف أن ما اتفقا عليه لم يكن صائبا وأن عليه أن يغادر.

العراق / الموصل
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف