الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الحديقة المهجورة بقلم:سحر حمزة

تاريخ النشر : 2009-03-16
الحديقة المهجورة



بقلم القاصة سحر حمزة

تعلمون يا أحبائي كم يطوق الإنسان للإنفراد بنفسه , ويحتاج إلى الهدوء في حياته ,وفي هذا فائدة لكل فرد ولكل من أراد الصفاء كي يراجع الأحداث التي عايشها , ويخطط لمستقبله بتركيز بعيد عن الفوضى والضوضاء , مصطفى طفل مثل غيره من البشر لا يحب الضوضاء والإزدحام خرج في يوم من الأيام متسللاً من منزله هارباً من الضجيج الذي يحدثه أخوانه الصغار , ومن قصص الجيران والعتاب والشكوى والتذمر بمناسبة ودون مناسبة ,,بدأ صديقنا يبحث عن مكان هادئ لا يكتظ بالناس , ولا تشبوه الأحاديث المختلطة بالقيل والقال والنميمة غير المحمودة , كان يحمل كتاباً بيده ، وسار يمشي ويمشي متجهاً نحو طريق لا تزدحم فيه سيارات أو أقدام مشاة وبدأت الاصوات تبتعد عن أذنيه بل أختفت كلية ,,فتنفس الصعداء وجلس على جانب من الطريق العام وفتح كتابه مسترسلاً في عنوانه ومقدمته التي تحكي عن قصص البطولة والفداء لسيف الله المسلول القائد المسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وعاش صديقنا مصطفى في أعماق القصة التي تستعرض سيرة هذا البطل منذ طفولته حتى أن توفاه الله على فراش الموت في بيته ، ونسي أنه في مكان عام حين تابع إحتضاره متمنياً الموت آنذاك في المعركة ,شعر صديقنا للحظات أنه يعيش أجواء القصة ،لكنه أستيقظ فجأة بضربة على رأسه ، كان مصدرها كرة عابثة تعثرت برأسه خلال لعب الأطفال في الجوار . فغضب مصطفى للوهلة الأولى لإصابته بصدمه نتيجة إنقطاعه عن القراءة وعودته للواقع ، ثم صمت وفّكر في تأديبهم وتوبيخهم على فعلتهم ، ولكنّه عاد وفكر في وجودهم ، في هذا المكان المقفر البعيد عن بيوتهم وقـــال في داخله : لا بد أنهم مثلي ، لم يجدوا ملعباً يمارسون فيه هوايتهم ، ووجدوا تلك الساحة المهجورة ما يلبي رغباتهم ويستثمروا وقتهم بشيء مفيد .

تلفت مصطفى حوله فلحظ وجود بوابة كبيرة موصدة بسلاسل حديدية ، بدأ يقترب من المكان ، ونظر إلى الداخل من خلف القضبان ، وأذ به أمام حديقة مليئة بالاشجار الكثيفة ، والأشواك ، وأكياس القمامة التي تنبعث منها روائح كريهة , ورأى انها مكرهة صحية تسبب التلوث وتتجمع فيها الحشرات والزواحف الضارة بما لا ينفع الإنسان ..

وفكر صديقنا مطولاً وهو يراقب الأاطفال يلعبون في الساحة المهجورة وعاد إلى مشهد الحديقة المهجورة وما لحق بها من الإهمال ، وأيقن أنها تحتاج للعناية والرعاية والتعاون مع الأطفال الذين يلعبون خارج أسوارها الآمنة في الطرقات في تنظيمها وتنظيفها ؛ لتصبح مكاناً ملائماً للأطفال والكبار معاً ، وقال في نفسه إن هذا يحتاج إلى دعم ومساعدة من جهات مهتمة بالأنسان بتوفير وسائل بيئة صحية ليتعلم ويمارس هوايته ويرفه عن نفسه ,,لكن في قريتهم ليس هناك من يسمع النداء لأن أهل القرية يزرعون القمح ويحصدونه في الصيف من أجل تأمين قوت أطفالهم ولا يكترثون إذا لعبوا أو درسوا أو حتى حافظوا على البيئة ,,,فقال سأكون أنا صاحب مبادرة لعمل تطوعي أخدم فيه قريتي ومن حولي من الأطفال ,,,أخذ يجول في المنطقة المحيطة بالحديقة ، فشاهد رجلاً طاعناً في السن ، يجلس وراء الباب الخلفي ، بين نائم ، ومستتيقظ ، يرتكز على يديه ، متثاقلاً ، متعباً, وقد هده الزمن ورسم على تضاريس وجهة خارطة متلونة توضح الضنك الذي يعيشه والتعب في كسب عيشه فقال له :عمت مساءً يا عمي ,كيف حالك ؟فأجابه الرجل ببطيء الحمد لله بخير ,وأضاف الرجل :ماذا تريد لماذا أنت هنا فكل الأطفال مثلك يلعبون ، وأهل القرية أتلفوا الأشجارفي الحديقة التي تعبت في زراعتها وملؤها بالنفايات ، وكنت أنبههم وأتوسل إليهم ألا يفعلوا لكنهم لا يستمعون إلي .. وأهملوها وهجروها ، بعد أن قررت حرمانهم منها وأغلقتها ، فقال مصطفى : أنك على حق يا عمي ,لكن ما رأيك لو أعدنا فتحها وقمنا بتنظيفها ,ساساعدك في ذلك وسأعمل يا عمي على توعية الناس بأهمية الحفاظ عليها ودورها البيئي في توفير الأوكسجين والهواء النقي الذي نتنفسه ,اهميتها في الترويح عنا في العطل وفي الرحلات الإستكشافية لعناصر البيئة ,,وأكمل أرجوك يا عمي ساعدني وأفتح باب الحديقة سأعود فوراً لأخبر أصدقائي ومكتب البلدية لمساعدتك ، وسأحضرهم جميعاً لتنظيفها ، وأطلب من أستاذي في الأذاعة الصباحية التنبيه على الأهالي بعدم رمي النفايات فيها.

فرح الرجل كثيراً واستغرب الحماس من غير المعهود الذي لم يسمعه من أحد من قبل ، فقال له : هل أنت جاد فيما تقول ؟ فقال مصطفى : بالطبع إنتظرني قليلاً وسوف ترى .

فقال له الرجل : حسناً لنرى أيها البطل ، الذي بعث في أواصري الحماس وأعاد إلي روح الشاباب سأفتح الأبواب ، وأبدأ تقليم الأشجار كي تعود لها حيويتها .

وانطلق كل واحد منهما نحو هدفه، وبعد أن وصل مصطفى إلى الساحة ، أخبرالاطفال عن الحديقة المهجورة ، وطلب منهم المساعدة كي تعود لها الحياة اذ ا تعاونوا معه على تنظيفها ، وأخبرهم أن بها مساحة كبيرة يمكن أن تصبح ملعب لكرة الطائرة أو السلة ، فاقتنع الأطفال بوجهة نظره وأدركوا أن هذا في مصلحتهم بدل لعبهم على الطرقات وإيذاء المارة بكرتهم ، وأتجهوا نحو الحديقة بعد أن أحضر كل واحد منهم كيساً كبيراً لجمع النفايات ، وبدأوا ينظفون المكان ، وساعدوا الرجل في التخاص من بقايا الأشجار التي قلمها ،وألتزم مصطفى بوعده للرجل فأخبر أستاذه وتحدث مع مسؤول البلدية وبعد أيام تحولت الحديقة إلى مكان رائع جميل ، وتعاهد الجميع على الحفاظ عليها لإنها ثروة طبيعية منحها الله للقرية ليحفظوا بيئتهم من الملوثات المختلفة ، وصار مصطفى أصدقاؤه نموذجاً يحتذى به في الحفاظ عليها ، وما عادت مهجورة وصارت مقصد العامة يومياً وكثرت عليها الرحلات ، مع التنبيه على الجميع بإستخدام مرافقها دون إيذاءها واعتاد الأطفال على اللعب بالكرة في الساحة الداخلية فيها ، وصديقنا المتطوع مصطفى يمارس القراءة بين الزهور والأشجار وينعم بالقراءة الهادئة دون مقاطعة من أحد ، ومن ذلك اليوم اتفق الجميع على العمل دوماً بروح الفريق، للحفاظ البيئة والممتلكات الوطنية بإعتبار أن الحديقة ملك للجميع ومسؤولية الحفاظ عليها مسؤولية مشتركة .

أنتهت
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف