الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أحلام في المخيم بقلم:رامي جبرين

تاريخ النشر : 2009-03-14
في مخيم عين الحلوة , جنوب لبنان, وعلى ناصية مقهى العودة المطلة على سوق المخيم جلس علي , بنظرات لونها الملل والإحباط, استمر علي النظر إلى فناء السوق, بين الزحام تاهت نظراته , أطفال يركضون, رجال متعبون , شبان ملثمون ,يسكنون الزوايا المظلمة, نساء تخشى على أطفالها من القادم .
سنوات على تخرج علي مهندسا معماريا من الجامعة,بعد مساعده من الاهل في الخارج والداخل, لم تفلح محاولاته للسفر بحثا عن عمل, لقد استسلم وانضم إلى قافلة العاطلين عن العمل, أظلمت الدنيا من حوله, أصبح علي يرى الدنيا بنظره مختلفة عن الماضي, الماضي الذي إليه يحن.
في محاولة منه للخروج من حالة الملل, ركب علي عنان مخيلته واقلع ذهنه إلى أيام الطفولة, بحثا عن متنفس يخرجه من همومه....... وغاص علي في ذاكرة المخيم......

علي الطفل, الآن في السوق,يرقب باهتمام ضوضاء المخيم , رجال يصدحون بأصواتهم طلبا لرزق عرباتهم وبسطهم,نساء ورجال يتسوقون ,دواب مثقلة بأحمالها .
في صدر السوق مقهى العودة يضج بالرواد , شيبا وشبان ,كالعادة صبري خادم المقهى يتلاعب بفناجين القهوة بإتقان , صراخ لاعبي الورق يسلب شكري السمكري مصلح المواقد تركيزه,تحت الشمس تشع المواقد النحاسية المعلقة على باب محله الخشبي , كم كان يتمنى أن يبتاع واحدا منها ,في الجهة المقابلة للمقهى يقف العم سهل بائع الفستق ,كانت ابتسامته البيضاء وبشرته السمراء تعطيه حضورا مميزا في السوق, كان موسم عمله في رمضان بعد الإفطار , كان الأطفال يشترون منه الفسق الساخن في ليالي السهر والسمر ,في أخر السوق يقع دكان المهندس لبيع الهرايس , كان أسلوبه في جلب الزبائن يضحك الأطفال.

لايحلو المخيم بدون بهلول, آه ,كم كان يضحكه هذا الأبله برقصاته الجنونية وعصاه السحرية ,كان يتمركز دائما خارج المدرسة , منذ الصباح حتى المساء ,لا يعرف لماذا, ولكن صديقة إبراهيم همس في إذنه ذات مره, أن سبب جنون بهلول هوفشلة في الدراسة, وهذا سبب له الخوف من الفشل ,كي لا يجن مثل بهلول .
كثيرة هي الزقاق الضيقة في المخيم, كم كان يلهو ويلعب في ظلمتها وظلها, أحلامه لم تكن تتجاوز حدودها, كم رسم علي سفينة العودة على جدرانها الرطبة.
زقاق الحرية أو الأسر حسب تعبير صديقة إبراهيم , كم كان يخشى المرور به عند عودته من المدرسة , في أخر الزقاق دائما كان يربض برهوم السمين وأعوانه, دائما يجب أن يتوقف أمامهم , بذل يتحمل نظرات المتجبر برهوم ,اهانات وركلات كانت ضريبة تفوقه الدراسي ,وعدم السماح لبرهوم أن يغش منه.

كان يسمي زقاق بيتهم, زقاق المحبة , شيئان أحبهما علي في الزقاق, جدته وحبيبته سمر,في وسط الزقاق وأمام بيتهم الأسمنتي تجلس جدته على حصير القش , ترقب القاصي والداني من أهل المخيم ,طيبتها تمتزج بحبها لمعرفة كل ما يدور في الزقاق , كان يبتسم حين يراها , يرتمي بحنان في حضنها, كم كان يحب أن يستمع لكل ما يجري في الزقاق بلسان جدته, حين كانت تفشي أسرار الزقاق لامه.
سمر, حب الطفولة , كان يشعر بالخجل كلما رأها , يهب لنجدة والدها حين يحتاجه ليس لأجله ولكن لترى هي حسن صنيعة وتبتسم, كان كسولا في بيتهم نشيطا في بيت الجيران .
............... على صراخ رواد المقهى استفاق علي من سكرة يقظته................
بألم الندم على الماضي وبتثاقل عاد علي إلى بيتهم, لقد طالت جلسته اليوم في المقهى ,
في طريق العودة اخذ علي ينظر إلى ماكان يراه بعيون الطفولة,أمام محل المهندس توقف , ابتسم علي بعين المشفق, نظر إلى المهندس الكهل تأسف لحاله ,ولكن هو لايريد أن يكون مهندسا للهرايس أو الكنافة مثله ,لايريد أن يكون نسخة من هؤلاء الباعة البسطاء ,لكن الحقيقة المرة أن كل أهل المخيم , نهلوا من العلم أم لا مصيرهم واحد فلا عمل يلبي الطموح في المخيم أو خارجه, والسبب أنك فلسطيني ولاجئ , بات علي مقتنعا بأن المنطق يتخلى عن مبدأه إن تعلق الأمر بالفلسطيني ,في الزقاق المظلم سار علي تائها ولم يلاحظ شعارات ورسوم العوده, فهي أحلام تضاف إلى أحلام الطفولة,لم يعد بهلول يضحكه , لم يفشل كما اعتقد, بل تفوق على واقع المخيم المؤلم, بالسخرية والرقص.
زقاق الحرية خاو الآن ,بابتسامه تخفي حسره ...همس علي مخاطبا نفسه.....برهوم !!!
لقد أصبح الفاشل قائد فصيل وثلة من الرجال يأتمرون بأمره لايحتاجني الآن.
على باب زقاق المحبة, وقف علي يضحك على هذه التسمية, لم يبقى من المحبة شيء لقد ماتت جدته و تزوجت حبيبته.
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف