الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

أخطر كتاب عن الثوره ألإيرانيه وعن الخميني 0(( كتاب الثوره البائسه)) للسيد الدكتور موسى الموسوي: نقله : أبو سعيد0 (الجزء الأول)

تاريخ النشر : 2008-10-10
بسم الله0 والصلاه والسلام على رسول الله0وعلى آله وصحبه ومن والاه000 وبــــعــد0



(تقدمه للكتاب)



لقد خُدع كثيرٌ من أبناء المسلمين بالثوره ألإيرانيه والتي نُسبت كذباً وزوراً الى الخميني 0كما خُدع الكثير من المسلمين بهذه الشخصيه الماكره الوصوليه المتعطشه للدماء وحب ألإنتقام0 ولا يلام من خُدع بهذا الرجل وثورته المزعومه0 فالناس بين جاهلٌ بعقيده هذا الرجل ونواياه الخبيثه تجاه ألإسلام والعرب0 وبين من أحسن الظن فيه وقال: من يرفع رايه الإسلام غير ممن يرفع رايه العلمانيه كالشاه المخلوع0


ولم يعلم المسلمون حقيقه هذا الرجل إلا بعد حين0 حين بدأ يعيث في ديار العرب فساداً وتقتيلاً0 وبعد ان ظهر لهم تعصبه المذهبي 0وطائفيته التي لم ُيرى مثلها0وجهره بالعداء لكل من يخالفه في عقيدته0 وتكفيره ولعنه للصحابه الكرام وأمهات المؤمنين0وسعيه لإحياء الإمبراطوريه الفارسيه لإذلال العرب وألإنتقام منهم 0رغم أنه هندي الأصل وليس فارسياً0 ولكن هذا واجب من يعتنق ويعتقد دين الرافضه0إعلا وخدمه العرق الفارسي على من سواه0ومحاوله إحياء الامبراطوريه الفارسيه المجوسيه0


ومن دلائل عنصريه الخميني وإحتقاره للعرب 0ما حدث عندما جاء وفد من العرب من مدينه الاحواز العربيه0 لتهنئه الخميني بنجاح الثوره0 ورغم أن الأحوازين عرب خُلص0 وكانوا شيعه0 والخميني يتقن العربيه ويتكلمها بطلاقه0 إلا أنه رفض أن يكلمهم بكلمه عربيه واحده0 وأصر على أن يكلمهم بالفارسيه0 مما أثار إستغراب الوفد وإستياءه0وكانت رساله للوفد من الخميني بأن ليس للعرب والعربيه في هذه البلاد مكان0



وفهم الوفد الرساله 0ثم جاء من ترجمها لهم عملياً0 عندما أرسل الخميني0 السفاح خلخالي الى ألأحواز ففعل فيها وفي أهلها العرب الأفاعيل0 حتى ان الأسم العربي أصبح محرماً0 ومن يسمي إبنه بإسم عربي يقاد للسجن فوراً0


والدليل الاخر هو حول تسميه الخليج0 فالعرب يقولون ( الخليج العربي ) والإيرايين يقولون ( الخليج الفارسي ) فجاء الى الخميني أحد المغرورين المخدوعين بثورته وإسلامه0 وأظنه أحد الأخوان المسلمين المصريين0 فإقترح على الخميني تسميه الخليج بـ ( الخليج الإسلامي ) كون جميع الدول المطله على الخليج هي دول إسلاميه0 ولكي يرفع الخلاف حول التسميه0

ولكن الخميني رفض هذا الإقتراح رفضاً قاطعاً0 ولم يناقشه0 وأصر على أن الخليج فارسي وليس عربي أو إسلامي0





ومن المخلصين الصادقين الذين تصدوا للخميني رجل من خاصته0 وممن عرفه قبل وبعد الثوره0 وعاش معه حين من الدهر في إيران وفي المنفى0 ومد له يد العون عندما كان معلماً للفلسفه في حوزات قم0ثم منفياً طريداً في العراق وفرنسا0

هذا الرجل ( مؤلف الكتاب ) هو السيد الدكتور موسى الموسوي الشيعي ألإيراني0



سيره المؤالف السيد موسى الموسوي:

هو حفيد ألإمام ألاكبر السيد أبو الحسن الموسوي ألأصبهاني0

حصل على الشهاده العليا في الفقه الإسلامي ( ألإجتهاد ) والتي منحت له من قبل المرجع الشيعي ألأعلى في النجف محمد حسين آل كاشف الغطاء0

حصل على شهاده الدكتوراه في التشريع الإسلامي من جامعه طهران عام 1955

حصل على شهاده الدكتوراه في الفلسفه من جامعه السوربون عام 1959

عمل أستاذا للإقتصاد الإسلامي في جامعه طهران0

أنتخب نائباً عن مقاطعه أصفهان مرتين0

عمل أستاذا زائرا في عدد من جامعات العالم 0

تعرض لمحاوله إغتيال وأصيب بجروح بالغه

له العديد من المؤلفات 0واهمها:

يا شيعه العالم إستيقظوا0

والشيعه والتصحيح0

وهذين الكتابين من اهم الكتب التي ألفها علماء الشيعه الذين كشفوا كذب وبطلان المعتقد الشيعي بصورته اليوم0 وهي تنسف معتقد الشيعه الإماميه من أساسه كون من رد عليها واحد منهم0 بل وحاصل على درجه الإجتهاد في المعتقدالشيعي الإمامي الإثني عشري0

وهذا الكتاب الذي نحن بصدده0 ( الثوره البائسه)0

أتمنى للجميع قراءه مفيده ممتعه في هذا الكتاب القيم 0 ( أبو سعيد )



(كتاب الثوره البائسه)



المقدمة
لأول مرة يحدث مثل هذا الانحدار الخطير في تاريخ الإسلام، حيث تقوم شرذمة باسم الدين لتملأ العالم فسادا ونكرا وشرا لم يحدث له نظير من قبل ولا من بعد. وان اخطر ما يكمن في هذا الفساد والشر هو أن هذه العصابة حاولت بكل ما أوتيت من قوة وسلطان أن تقلب الموازين الثابتة للأخلاق وتغير الحدود الرصينة بين الخير والشر وبين المدنية والهمجية ، ولتقضي على كل ما سجلته العصور السالفة من الصور الرائعة للفداء والتضحية في سبيل الحرية وكرامة الإنسان، ولتشوه كل ما أعطته الشرائع السماوية للبشرية من خير وسعادة ولتمحو كل ما ملته المثل الأخلاقية في سجل الأخلاق، ولتضرب بعرض الحائط كل ما أملته العقول النيرة من دليل وبرهان.
إن هذه العصابة إذا قدر لها التوفيق في مساعيها الهدامة لكل موازين المنطق والعقل والأخلاق فإنها ستكون الطامة الكبرى والمصيبة العظمى ليست على الإسلام فحسب بل على البشرية وفي كل زمان ومكان. فلا ولم يحدث من قبل أن ارتكب أبشع صور الإجرام في حق الإنسان باسم الأخلاق وباسم الدين كما ارتكبه طغاة إيران ، فلا ولم يحدث من قبل أن ارتكب القتل السياسي والتصفية الجسدية بحق شعب آمنٍ.
باسم الواجب الديني ...................................... (المفسدون في الأرض)
وارتكب التعذيب بأبشع صورة باسم ....................... (التعزيز الشرعي)
وارتكبت السرقة ونهب الأموال باسم ...................... (حماية المستضعفين)
وارتكب خنق الحريات وخمد الأصوات في الحناجر باسم ......... (مصالح الأمة)
وارتكب التجسس باسم .................................. (حماية مكاسب الإسلام)
وارتكبت الفوضى والشر وهتك الأعراض باسم ..........(مكاسب الثورة الإسلامية)
وارتكب التعاون مع الأجانب كعملاء وحلفاء باسم...........(أصدقاء الثورة الإسلامية).
وهكذا نرى أن الحدود الفاصلة بين الأخلاق الفاضلة والرديئة قد انقلبت رأسا على عقب فأصبح الشر خيرا والقتل حياةً والظلم إحسانا وأبشع صور الحكم في تاريخ الإنسان نموذجا لمدينة فاضلة طالما دعا إليها أفلاطون والفارابي.
إن هذا الغزو الفكري البغيض إلى الله والى رسوله إذا نجح في تسخيره لعقول السذج من أبناء البشر ستكون نتائجه اشد وأنكى من أي غزو همجي شهدته الإنسانية في تاريخها الطويل فكيف وقد تصبح الحالة هي أن الظالم ينظر إلى عمله وكأنه حق طبيعي وهبه الله إليه يستخدمه أنى ومتى شاء ويرضخ المظلوم لهذا الحق برغبة ولهفة لان الله قد كتب له أن يرضخ لمثل هذا الحق ولو كان عليه، إذن إنها صورة حية لمجتمع الغاب يأكل القوي فيه الضعيف بلا خوف ولا وجل ويستسلم الضعيف للقوي بلا قيل ولا قال.
إننا نستعرض في هذا التأليف أسرارا وحقائق وكشفا لهذه الهمجية البربرية التي أعقبت ثورة شعبية عارمة في تاريخنا المعاصر والتي نجحت بعد طول عناء وجهد وبذل تضحيات لتهزم هزيمة منكرة منذ الساعات الأولى من نجاحها.
إنها قصة إيران الثورة منذ بدايتها حتى نهايتها وان شئت قل إنها قصة شعب قدر له البؤس والشقاء في ظل التيجان والعمائم على السواء.
إنها قصة الإسلام ومحنته العظيمة سنقصه على الناس كافة لتكون ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .



بدايــة النهايــة

الوضع العام قبل سقوط الشاه .
تغيير السياسة الأمريكية في ايران .
الخطأ المميت .
التخبط في معالجة الازمة .
موقف الدول الكبرى من نظام الشاه .
محادثات الخميني مع الامريكان .




(وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ((16)



بداية النهاية

لقد آن للشاه أن يرحل . فقد اراد شعب إيران هذا الرحيل . والصراع مع الشاه له تاريخ طويل يمتد عمره إلى 25 عاما أي منذ سقوط الحكم الوطني الذي كان يرأسه الدكتور مصدق رحمه الله والذي اطاحت به المخابرات الامريكية ليعود الشاه إلى إيران بعد ان هرب إلى اوربا وليستبد بالسلطة كملك طائش جبار يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .
والثورات الشعبية اذا غلت فلن تستطيع قوة الاستبداد ان تقف في وجهها، انها كالسيل الجارف تدمر كل شيء يعترض طريقها .
والثورة الايرانية عندما وصلت إلى مرحلة الغليان لم يستطع الشاه وجيشه ومخابراته وملايين الدولارات من الاسلحة الحديثة ان تعترض طريقها فدمرت الرطب واليابس واطاحت بعرش كان عمره الفين وخمسمائة عاما ، وجيش كان قوامه اربعمائة الف جندي مدجج باحدث انواع الاسلحة ومخابرات كانت من اقوى المخابرات في الشرق الاوسط.
ان نجاح الثورة الايرانية لها اسباب كثيرة منها داخلية ومنها خارجية وعندما تكاتفت هذه الاسباب كلها كانت نتيجتها المحتومة ثورة ومحنة ودم وعرق ودموع .
كان الوضع العام في ايران وفي اواخر ايام الشاه نموذجا من تناقضات صارخة تنذر بالشر المستطير .
1.فالحريات السياسة كانت مفقودة .
2.الارهاب بلغ اشده في ظل السافاك حيث التعذيب البشع وقتل السجناء في سجونها ورمى المناوئين السياسين احياء في بحيرة ساوة .
3.الثورات المحلية كانت تخمد بالنار والحديد .
4.الوضع الاقتصادي كان ينذر بالكارثة .
5.ايرادات النفط كانت تنفق في شراء الاسلحة من امريكا واوربا والاسراف في نفقات الدولة والبلاط .
6.التدخل الامريكي في ايران بلغ إلى مرحلة الوصاية والقيمومة فكان هناك خمسين الف مستشار امريكي يتقاضون 4 الاف مليون دولار سنويا من ميزانية الدولة اضافة إلى قانون الحصانة الامريكية .
7.رجالات الدولة العليا اللهم الا القليل منهم كانت مجموعة من الاوغاد لايهمهم سوى ارضاء الشاه والانصياع لاوامره مهما كانت نوعها وشكلها .
8.القصص المثيرة من تلاعب الشاه واركان دولته باموال الشعب واستغلال النفوذ ونهب اموال الشعب بالبلايين كانت حديث كل فرد من افراد الشعب الايراني في مجالسه ونواديه .
9.ومع ان ظاهر البلد كان يوحي بوضع اقتصادي زاهر الا ان ثمانين بالمائة من افراد الشعب كان يعيش في حالة اقتصادية بائسة ، فالثروة كانت متكدسة في يد مجموعة من الناس لها صلة قريبة بالبلاط او بالمتنفذين من افراد الدولة او البلاط . اما الاكثرية من ابناء الشعب ولا سيما الذين كانوا يسكنون القرى والمدن الصغيرة كانوا في وضع بائس وحزين يتلخص في السطور التالية :
1)سبعون بالمائة من مجموع الشعب الايراني لا يقرأ ولا يكتب ولم تكن وسائل التعليم متوفرة لديه .
2)ثمانون بالمائة من مجموع الشعب الايراني كانوا ولايزالون تنقصهم الخدمات الطبية .
3)خمس وثمانون بالمائة من القرى والمدن الصغيرة كانت ولاتزال بحاجة إلى طرق المواصلات المعبدة واسالة الماء والكهرباء والبيوت الحديثة .
4)بلغ عدد العاطلين عن العمل في عهد الشاه الذي كان يدفع 4الاف مليون دولار سنويا إلى المشاورين الامريكان مليون ونصف مليون عاطل يتسكعون في الشوارع والازقة او يهاجرون إلى الخليج للحصول على لقمة العيش .
وهكذا كان الشعب الايراني في ظاهره من اثرى شعوب المنطقة حيث كانت ايرادات بتروله تتجاوز اربعين بليون دولار في العام . وفي واقعه شعبا مسكينا لا يحصل على اقل القوت الآ بشق الانفس والجهد المرير ، وكان الشاه بعيدا كل البعد عن مأساة شعبه وبلاده وفي الوقت نفسه يتخبط في الحديث ويهذي في الارقام حيث كان يعلن للعالم بصوت جهوري تردده اجهزة اعلامه:
1.ان ايران ستصبح رابع قوة في العالم في عام 1980.
2.ان الدخل القومي في ايران سيتجاوز الدخل القومي الياباني في عام 1980 .
3.ان ايران كانت وستبقى جزيرة الامان والاستقرار في المنطقة .
4.ان ايران اصبحت دولة نموذجية تقتدي بها دول العالم.
وقد سمعه العالم وهو يخاطب مؤسس الامبراطورية الفارسية بقوله : " وها انت يا كورش الكبير ويا ملك الملوك نم آمنا هادئا قرير العين فانا احرس هذا الشعب وهذه البلاد " .
حقا لقد حرس محمد رضا بهلوي شعبه وبلاده وتاجه وعرشه ، ثم نام قرير العين على شاطىء النيل الخالد بعيدا عن تراب وطنه الاف الاميال.
وهكذا تعيش الملوك المسكينة في اوهامها حتى تدق الساعة التي لا فرار منها ولا ينفع الندم .
كان استمرار هذا الوضع الشاذ كله يتوقف على عاملين اساسيين ، بطش السافاك بالمناوئين واخماد التظاهرات الشعبية التي تقوم هنا وهناك بسلاح الجيش وكان من الواضح جدا ان السافاك والجيش كلاهما كانا مدعمين بالمستشارين الامريكان وان التخطيط الحاكم في كلتا الادارتين تخطيط امريكي اعد له من القوة والقدرة ما لايستطيع دحرها شعب اعزل من السلاح وحدثت المفاجأة التي مهدت للثورة في ايران فقد فوجئ العالم برئيس امريكي من الحزب الديمقراطي اسمه جيمي كارتر وصل إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة الامريكية ، وها هو يتحدث عن حقوق الانسان ويعد الشعب الامريكي بأن سياسة حكومته هي الوقوف بجانب الشعوب المضطهدة التي يمارس عليها الطغيان من قبل حكامها المستبدين وانه لا يناصر حاكما ظالما مهما كانت الصداقة التي تربطه بالولايات المتحدة الامريكية . واذا كان كارتر صادقا في مواعيده امام الشعب الامريكي والعالم فلاب وان على رأس قائمة هؤلاء الطغاة كان اسم شاه ايران الذي تربطه بامريكا تسعمائة معاهدة وميثاق وصفقات اسلحة وعتاد وخبراء ومستشارين . وفوجئ الشاه نفسه بكارتر كما فوجئ غيره من ساسة العالم ، وكانت الصدمة قوية عليه ، فقد كان الحزب الجمهوري ورؤسائه هم الذين يناصرون الشاه وسياسته على مر السنوات وعلى عكس الحزب الديمقراطي الذي كانت ذكريات فوز رئيسه جون ف كندي وموقفه العدائي من الشاه لم تزل عالقة في ذهنه ، ولا بد ان ادارة كارتر كانت على علم بالملايين من الدولارات التي صرفتها السفارة الايرانية في واشنطن بامر الشاه في الحملة الانتخابية التي خاضها جيرارد فورد من الحزب الجمهوري . ولابد ان مضاضة هذا التدخل الايراني في الحملة الانتخابية كانت قد اقلقت مضجع الرئيس الجديد .
وصحيح ان اعتبارات المصالح الامريكية هي فوق كل شيء لدى أي مسؤول امريكي يتصدر سدة الحكم في البيت الابيض الا انه لم يكن بوسع كارتر ان ينسى مواعيده امام الشعب الامريكي والعالم ويساند الشاه كما كان يساند سلفه من قبل ولو في ظاهر الاحوال ، فصدرت النصائح تلو النصائح من الرئيس الجديد إلى الشاه صديق امريكا القديم والحميم باعطاء الحرية المناسبة لشعب ايران كما ان الصحف الامريكية بدأت بكشف الحقائق المؤلمة عن التدخل الامريكي في عهد جيرار فورد في اسقاط حكومة اليندي في تشيلي واسناد حكومة العسكر فيها وكان لابد للرئيس الجديد الديمقراطي ان لايساند حكما مشابها لشيلي في ايران ، وعرف الشاه طبعا الموقف الامريكي الجديد وعرف الشعب الايراني ايضا ان القوة القاهرة التي تساند الشاه غيرت موقفها من الاستبداد الحاكم في ايران .
الا ان الخطأ المميت الذي ارتكبه الشاه هو انه انصاع للنصيحة الامريكية واعلن الانفتاح السياسي حسب الظروف والزمان ، وهكذا ثبت ان شأنه شأن كل مستبد يعلق حياته السياسية وسياسة بلاده ومصالح شعبه بسياسة اجنبية لابد له من الانصياع المطلق لما تأمره وتريده تلك السياسة .
لقد تحرك الشعب يريد الخلاص من حاكمه الذي وقع اسير الاجانب وبطش به ما شاء إلى البطش سبيلا وها هو اليوم يعلن اللين والعطف نحو شعبه لانه امر به فلا بد للشعب من استغلال هذه اللحظة الحاسمة قبل ان يحدث تغير مفاجئ يجعل الليلة هذه شبيهة بالبارحة تلك .
اضافة إلى هذا فقد كان الشعب الايراني يعرف جيدا نفسية الشاه الذي لعب ادوارا مماثلة طيلة 30 عاما من حكمه ، وكانت الحكمة التي يكررها هي : اذا هبت العاصفة فعليك ان تنحني برأسك حتى تزول ولا جعلتك كالعصف المأكول : وانحنى الشاه برأسه مرات ومرات وبخضوع وخشوع لعواصف هبت في ايران ، وعندما زالت العواصف تلك رفع الشاه رأسه من جديد وهو يقول متبجحا للشعب ( لمن الملك اليوم ) .
ومن اهم العواصف السياسية التي كادت تقضي على الملكية في ايران لولا الحكمة المتبعة من قبل الشاه هي حكومة قوام السلطنة والدكتور مصدق والجنزال زاهدي والدكتور علي اميني ، فهذه الشخصيات الاربع استلموا الحكم في ظروف سياسية عصيبة للغاية والزموا الشاه العمل بالدستور الذي ينص على عدم تدخله في شئون البلاد ، وكان الشاه يصل إلى قاب قوسين او ادنى من السقوط في عهد كل من هذه الحكومات الاربع ، الا انه كان يجد المخرج المناسب في اللحظة المناسبة فينقض على خصومه كالاسد الهصور ليعلن نفسه الامر والناهي المطلق من جديد وليستبد بالبلاد ما شاء إلى الاستبداد سبيلا .
لقد كانت الفئات السياسية المناهضة للشاه تعلم جيدا ان الفرصة مواتية لها وعليها ان لا تعطي الفرصة للشاه للمرة الخامسة ان يفلت من يدها ، واذا كان الشاه بدأ بالتنازل امام مطالب الشعب فلابد وان الرضوخ سيستمر كلما ازداد الشعب في المطالبة بحقوقه المغتصبة واتحدت الفئات السياسية كلها على العدو المشترك . وربما ان الشعب هو شعب مسلم يتغلب عليه روح الايمان فكان لابد من استغلال هذه الروحية لا سيما والعداء قد استحكم بين الشاه وكثير من رجال الدين وكان على رأس قائمة المناوئين الخميني الذي كان يعيش في العراق بعيدا من بطش الشاه وفي مأمن من سافاكه . فارتأب الفئات السياسية ان تتخذ من هذا الشيخ العجوز الذي بلغ الثمانين قائدا للنضال .
وكان يخيل للناس كافة ان اختيار الخميني قائدا للثورة يعطي تماسكا للشعب الايراني في نضاله ويجتمع تحت لوائه من كل صنف ونوع ، فلم يفكر احدا قط ان الثورة اذا نجحت فان مرشدها يخون ثقة الشعب به ويرتكب خيانة منكرة عظيمة تتجاوز حدود التصور ، فيحتكر السلطة لنفسه ولزمرته ويرتكب في سبيل السلطة من الاثام ما تقشعر من سماعها الابدان ، بل كان التصور السائد ان الرجل يقود الثورة وهو غير طامع في الحكم راغب عنه ولذلك لم تجد الفئات السياسية خيرا من الخميني للعمل على جمع الفئات السياسية المختلفة الاهواء تحت راية الثورة التي يقودها ، وقد اقسم ايمانا مغلظة امام العالم انه لا هو ولا زمرته يطمعون في أي شيء من مكاسب الثورة ، بل لايريدون لانفسهم جزاء ولاشكورا وانهم سيعتزلون السياسة عندما تنجح الثورة ويعودون إلى مدارسهم الدينية في مدينة قم ، يقرأون ويؤلفون ويدرسون ، والحرية المطلقة تكون للشعب في اختيار النظام يريده ويحبذه .
لقد افردنا لهذه الخدعة الكبرى فصلا خاصا نلقي الاضواء على الاسباب التي ادت إلى اختيار الخميني مرشدا للثورة ومن ثم سطوه على الثورة الايرانية بالنار والحديد . اما الان فنعود إلى بيان الاسباب التي ادت إلى انهيار النظام الشاهنشاهي ليكون القاريء الكريم على بينة من امر الثورة الاسلامية في ايران وليكون على علم باخطر مراحلها في اخطر مرحلة من تاريخ النظام الشاهنشاهي المقبور .
لقد بدأ الشاه بالتنازل امام مطالب الشعب واقال عباس هويدا رئيس وزرائه المزمن الذي حكم البلد 14 عاما ارضاء للشعب ثم اقال الجنرال نصيري رئيس السافاك وعينه سفيرا في باكستان ، وشكل حكومة جديدة يرأسها اموزكار المعروف بعمالته لامريكا وتعثر اموزكار في مهمته بسبب الاضرابات المستمرة التي شلت المصالح العامة فاستقال بعد شهرين ليخلفه شريف امامي الذي استقال بعد فترة وجيزة ليستلم الحكم الجنرال ازهاري ، ولم يكن نصيب ازهاري في الحكم اكثر من سلفيه فاستمرت الاضرابات واشتدت المواجهة بين الشعب والحكومة ، واراد الشاه ان يرضي الشعب فأمر باعتقال عباس هويدا رئيس وزرائه المفضل متهما اياه بالفساد والاستغلال واعيد جنرال نصيري إلى طهران ليعتقل مع هويدا بنفس التهمة وحملا مسئولية خراب البلاد ودمارها .
وحصلت مواجهة دموية بين الشعب والجيش في تبريز استعمل الجيش فيها سلاح الجو ، أي الطائرات السمتية لضرب المتظاهرين فقتل رهط كبير ، وهاج الشعب وماج عندما علم بأنباء تلك المجزرة الرهيبة فاستمرت الاضرابات وامتنع الموظفون عن الذهاب إلى دوائرهم حتى ان طلاب المدارس الثانوية والمتوسطة بدأوا يقرأون اناشيد حماسية ضد الشاه في صفوف المدارس فأمرت الدولة بتعطيل المدارس الثانوية والمتوسطة ، اما الجامعات فكانت تغلي وفي مواجهة مستمرة مع الجيش والسافاك وحصل ارتباك في اجهزة الدولة وفي الجيش كان اخرها يوم الجمعة الاسود الذي اطلق الجيش النار على المتظاهرين في طهران في ساحة (جاله) .. فاستشهد في تلك المواجهة عدد غفير من ضمنه نساء حوامل كن يتقدمن التظاهرات وزاد الطين بلة هذه المجزرة المنكرة فاستقال ازهاري وظهر الشاه على شاشة التلفزيون يقول لشعبه : ( لقد سمعت ندائكم وها انا معتذر اليكم ، سأفعل ما تأمرون وها انا امد يدي إلى رجال الدين العظام ليساعدونني في حل مشاكل البلاد ) .
لقد كان هذا الخطاب انتحارا للشاه وايذانا بنهاية نظامه ، فقد ظهر بمظهر الضعيف المسكين الذي يستجدي العطف من اعدائه الذين عبر عنهم في خطاب جماهيري بالكلاب النابحة التي لا تستطيع رؤية القمر المنير . ان هذه الاهانة الموجهة إلى رجال الدين والخميني بالذات كانت قد صدرت من الشاه قبل ثلاثة اشهر فقط من خطاب الاعتذار ولم يزل صداه عالق في الاذان ، وكان الشاه في الحقيقة قد ضيع اللبن في الصيف فلم يجد الاعتذار خيرا بل زاد في سخط الساخطين واتحاد المناوئين وعرف الشعب ان مليكه بدأ يستجدي العون من اعدائه ومن ينتظر من العدو خيرا ومرحمة فقد حانت ساعته فأجهز الشعب على ملكه من كل صوب وحدب .
وبدأ الشاه يتخبط في اتخاذ القرارات ، فطلب من الدكتور شاهبور بختيار عضور الجبهة الوطنية تشكيل حكومة تخلف حكومة الازهاري ، الذي استقال تحت وطأة الهياج العام والاضرابات المستمرة . وكان للدكتور بختيار سجل حافل بالنضال وقضى سنوات في سجن الشاه وكان الشاه الاب رضا بهلوي قد قتل والده في السجن خشية نفوذه وسلطانه . وقبل الدكتور بختيار تشكيل الحكومة فطردته الجبهة الوطنية من عضويتها لانه خالف رأي الحزب الذي ينتمي اليه ، وكانت الجبهة الوطنية قد طلبت من بختيار عدم التعاون مع الشاه ، ومع ان بختيار ابلغ الجبهة انه قبل المسؤولية بشرطين : اولها حل السافاك والثاني مغادرة الشاه لايران لفترة طويلة يحل محله مجلس الوصاية على العرش وبذلك يكون مطلق اليدين في اتخاذ القرارات ، الا ان الجبهة اصرت على رفضها في أي نوع من التعاون بين احد اعضائها البارزين والشاه ، استلم بختيار السلطة وشكل دولة مدنية اعتبرها الشعب اوهن من بيت العنكبوت ، فلا الاضرابات توقفت ولا اجهزة الدولة تعاونت معه ، بل ازداد الوضع السياسي من سيء إلى اسوأ . وبدأ كبار رجال الدولة واعضاء الاسرة المالكة يغادرون ايران حاملين حقائبهم المليئة بالاموال التي نهبوها من الشعب ، وفي خلال ستة اشهر تجاوزت رؤوس الاموال التي خرجت من ايران عن طريق البنك المركزي واودعت في النبوك الاجنبية باسم الساسة القدامى واسرة الشاه الفا مليون دولارا .
واخيرا غادر الشاه وملكته ايران بصورة مهينة ، وعند سلم الطائرة رأى المودعون دموع الشاه تسيل على وجنتيه وكأنه يودع وداعه الاخير مع وطنه وامته . وعندما عرف الشعب مغادرة الشاه خرج إلى الشوارع عن بكرة ابيه يهلهل ويصفق واهازيج الافراح والابتهاج ملأت الخافقين.
غادر الشاه طهران إلى المغرب بدعوة من الملك الحسن وترك المغرب بعد ايام إلى جزر الباهاما في البحر الكارائيبي ينتظر القضاء والقدر وفي قلبه بصيص امل للعودة إلى البلاد . كانت امال الشاه معلقة على ثلاثة عوامل :
1. تغير السياسة الامريكية نحوه .
2.حكمة بختيار في معالجة الازمة العارمة .
3.قادة الجيش الذين بقوا اوفياء معه إلى الساعة الاخيرة .
وفي اقل من شهر واحد خابت امال الشاه كلها ، فلا الامريكان غيروا سياستهم ولا بختيار بقى سيد الموقف والجيش استطاع التحرك ، بل الذي اصبح سيد الموقف هو الشعب وحده وهكذا استجابت الاقدار لارادة الشعب الذي لم يخرج من محنته الكبرى الا بعد اللتيا والتي ليبتلي بالطامة العظمى ، فكان شأنه كالمستجير من الرمضاء بالنار .
اما تفاصيل الاسباب التي ادت إلى الانهيار التام للملكية وخيبة امال الشاه في العوامل الثلاثة التي كان يعول عليها فانها تتلخص :
1) السياسة الامريكية والتي كانت السبب الرئيسي في ما لحق بالشاه من هزيمة منكرة فانها وان لم تقصد في بادئ الامر تغيير الشاه كما تدل الشواهد والاثار التي ظهرت ابان الثورة الايرانية وبعدها الا انها كانت تسعى تعديل السياسة القمعية التي كان يمارسها الشاه كدليل ساطع لالتزام الرئيس الامريكي الجديد بوعوده امام شعبه والعالم ، ومن هنا نرى الرئيس الجديد للولايات المتحدة قبل دعوة الشاه لزيارة ايران وتبادل نخب الصداقة معه وعبر عن ايران (بجزيرة الاستقرار) في ظل النظام القائم فيها ، ولا اعتقد ان تلك السفرة كانت سفرة اعتباطية عابرة بل خطط لها كل التخطيط ، فالشاه كان يعتبر عاملا من عوامل السياسة الامريكية في المنطقة ، واذا ما اضطر الرئيس الامريكي تحت وطأة الرأي العام بأن يسحب بساط القوة من تحت قدميه فهذا الامر لايعني انه اراد تقويض النظام والتعاون مع الخصوم للثورة ضده ، ولذلك كان العالم يسمع تصريحات مشجعة لنظام الشاه في المؤتمرات الصحفية التي كان المسئولون الامريكان يعقدونها في البيت الابيض بما فيها الناطق الرسمي باسم الرئيس ، ولم يكن معقولا ان يسقط نظام الشاه اذا كانت السياسة الامريكية تسانده بهذه السهولة وبين عشية وضحاها فخمسن الف مستشار امريكي الذين كانوا يعملون في الجيش والسافاك والأجهزة الاخرى كانت لهم من القوة والقدرة على تحريك الجيش والسافاك بكل ثقليهما لاخماد الثورة . ولكن كما اعترف الشاه في مذكراته ان الامريكان لم يعلموا شيئا لانقاذه عن طريق مستشاريهم عندما عرفوا ان ورقته خاسرة ، بل كانوا يرغبون في مغادرته البلاد كما قال له الجنرال هايزر معون رئيس حلف ناتو والذي وصل إلى ايران بغير علم منه واتصل بالمعارضة بدون علمه ايضا ، وعندما زاره في قصره لم يبحث معه تطورات الازمة بل كان يسأله بصورة مكررة متى تغادر ايران ؟ ويظهر من اعترافات زمرة الخميني بوضوح ان الامريكان غيروا سياستهم في دعم الشاه في الشهور الاخيرة قبل سقوط النظام وبدأوا بالاتصال مع الخميني وزمرته ، فهل كان هذا لانهم علموا بان الشاه مصاب بالسرطان ولايعيش طويلا ، واذا مات فليس هناك من يخلفه بقوته وجدارته ولا سيما فان ولي عهده لم يبلغ سن الرشد وزوجته الملكة لايحسب لها حساب فالبحث اذن عن نظام قوي صديق كانت تمليه السياسة الامريكية ، وهنا لابد من ذكر الدور الكبير الذي لعبه الخميني وجماعته مع الامريكان موحيا لهم ان السياسة التي سيتبعونها في حالة نجاحهم ستكون موالية لهم وهنا نأخذ بعين الاعتبار ان اهتمام السياسة الامريكية قبل كل شيء ينصب على عدم انتصار الشيوعية في منطقة الشرق الاوسط ولاسيما في مثل ايران التى تحظى بموقع استراتيجي هام فزوال الشاه الحليف المريض اذا كان يخلفه نظام ديني ارتجاعي متزمت يقضي على الشيوعية بسيف الاسلام فانه يعتبر حليفا طبيعيا لهم ، فدحر الشيوعية والقضاء عليها قضاء تاما باسم الدين وواجب الايمان كما يعرفه العالم انما هو في ضمن التخطيط الاساسي للسياسة الامريكية في هذه المنطقة الحساسة من العالم والمليئة بسبعين في المائة من احتياطي النفط العالمي الذي تتوقف عليه الحضارة في امريكا واوروبا . ومع اننا لاندري بالضبط المذكرات التي دارت بين الامريكان وزمرة الخميني الا اننا ندري انه التحق بالخميني في النجف وقبل ان يغادرها بيوم واحد صديقه ومستشاره الدكتور ابراهيم يزدي الامريكي الجنسية وكان هذا الشخص في رفقة الخميني في باريس ومن اقرب المقربين اليه ، وكاد اليزدي يسبب مشكلة سياسية للخميني عندما منعته الكويت الدخول إلى اراضيها ووافق العراق على عودته ماعدا اليزدي الذي كان يحمل الجواز الامريكي ، واصر الخميني على اصطحاب اليزدي معه واصرت الحكومة العراقية على عدم الوافقة لأن الرجل امريكي وغادر العراق ولايحق له الدخول مرة اخرى الا بعد الحصول على الموافقات الرسمية التي تقتضيها الحالة الموجودة اثر قطع العلاقات الدبلوماسية بين العراق وامريكا ، واخيرا دخل الخميني الاراضي العراقية وترك اليزدي في الحدود، وعندما وصل إلى بغداد قدم التماسا إلى السلطات العليا يطلب منح اليزدي اذن الدخول إلى العراق لاربع وعشرين ساعة فقط شريطة ان يغادرها بصحبته واستجابت السلطات العليا لرجاء الخميني والتحق اليزدي بالخميني في بغداد ، واليزدي هذا عين في اول دولة شكلت بعد نجاح الثورة برئاسة بازركان نائبا لرئس الوزراء في شئون الثورة ومتابعتها ووزيرا للخارجية فيما بعد .
ووجود شخص امريكي في قلب النظام كان تعبيرا بليغا عن التعاون الحميم بين الثورة وامريكا ، ناهيك عن المحادثات التي دارت رحاها في باريس بين الخميني ورمزي كلارك وزير العدل الامريكم السابق وهكذا المحادثات التي دارت بين زمرة الخميني في طهران مع الامريكان كما اعترف بازركان وبهشتي ورفسنجاني وغيرهم من اركان الزمرة الحاكمة واعترفوا في الصحف والاذاعة والتلفزيون انهم اجروا تلك الاتصالات بالامريكان بعلم الخميني وامره ، ولم يكن اليزدي هو الامريكي الوحيد في الدولة بل كان كلا من امير انتظام وزير الدولة والناطق الرسمي باسمها ودكتر جمران وزير الدفاع على شاكلة اليزدي يحملان الجنسية الامريكية وكان من الشائع ان اليزدي وزميليه عميلان مأجوران معروفان للمخابرات المركزية الامريكية . ومع ان نشوة الانتصار حجبت عن الشعب تلك الجسور الممتدة بين الخميني والامريكان ، وكان يسمع من الخميني في خطبه اليومية ، ان الامريكان كانوا وراء كل مالاقاه الشعب الايراني من المحنة والبلاء على يد الشاه وهم السبب الحقيقي لما لاقته ايران في ربع قرن من الذلة والهوان ، الا ان العيون الساهرة بدأت تراقب هذا التناقض في القول والعمل وظهرت على صفحات بعض الجرائد اسئلة حول وجود هؤلاء الامريكان في حكومة بازركان ثم اسئلة اخرى تسأل البازركان والخميني معا عن السبب في عدم الغاء المعاهدات العسكرية وصفقات الاسلحة بالاف الملايين وعن الاتفاقيات التجارية التي ابرمت بين نظام الشاه والحكومة الامريكية طالما ان الثورة الايرانية كانت في حقيقتها ضد السياسة الامريكية في ايران ، كان جواب بازركان ان حجم هذه المعاهدات تتجاوز الاف الملايين وانها تتجاوز 900معاهدة عسكرية وتجارية وصفقات الاسلحة وان الغاء هذه المعاهدات يحتاج إلى دراسة وافية تستغرق شهورا بل سنوات ولايمكن ان نلغي المعاهدات من جانب واحد لما يترتب على ذلك من خسارات مالية عظيمة ، واذا كان الشعب قد اقتنع بهذه الاجوبة الركيكة الا انه لم يسمع جوابا مقنعا عن سبب وجود الوزراء الذين يحملون الجنسية الامريكية في قلب الدولة الخمينية وبقيت العلاقات مع الامريكان على احسن مايرام إلى ان حدثت ازمة الرهائن وبذلك حدث تغير مفاجيء في ظاهرة السياسة الايرانية نحو الامريكان وقد نفرد فصلا خاصا لتلك المهزلة التي اضحكت العالم وابكته .
وهنا نصل إلى بيت القصيد في شرح العلاقات الثنائية بين الخميني والامريكان إلى ماقبل ازمة الرهائن ، ومن انها كانت علائق حسنة ووثيقة لا يستوجب التفريط بها لحماية الشاه الذي فقد كل قواعده الشعبية في ايران . وبما ان السياسات العالمية الكبرى لاتصل إلى احد في البلاد التي يحكمونها بصلة القربى ، بل انها تنبع من مصالحها الهامة التي تسعى لاجلها فلذلك كانت التضحية بالشاه في سبيل الخميني امرا معقولا اذا ما استمر الخميني على نهج الشاه في تنفيذ المخطط العام الذي كانت ترسمه له وهكذا ضحى الامريكان بالشاه وهم على امل صديق حميم قوي جديد .
2)اما حكمة بختيار في معالجة الازمة السياسية ذهبت ايضا ادارج الرياح ، فان شاهبور بختيار الوطني الذي قضى شطرا كبيرا من حياته في معارضة الشاه وفي سجونه كان قد فقد في نظر الشعب تلك الوطنية بعد ان صافح الشاه واخذ على عاتقه حماية التاج ، والازمة السياسية التي كانت تعد العدة للثورة تجاوزت حدود الاشخاص والافراد ولم يكن بمقدور شخص واحد ان يوقف زحفها مهما كانت وطنيته ونضاله المشرف . وعندما عين الدكتور بختيار رئيسا للوزراء كنت انا في بغداد واتصلت هاتفيا بالسيد ابو الحسن بني صدر وقلت له في حديث دام قرابة ساعة ، الوطنية تفرض عليكم حماية هذا الرجل ان الوطنية تفرض عليكم وعلى الخميني ان تجدوا حلا وسطا لمساندته فباستطاعته ان يجد حلا فيه الخلاص من الملكية ومنع البلاد ومؤسساتها من الانهيار الكامل ، ولم يجد كلامي اذنا صاغية في وقته فسافرت إلى باريس وانا في طريقي إلى امريكا وكان الخميني انذاك فيها والشاه في المغرب في السفرة التي لم يعد منها ابدا إلى بلاده فاتصل بي احد اقرباء بختيار يطلب مني ان اقوم بدور الوفاق بين بختيار والخميني ، وارسل بختيار ابن عمه عباس قلي بختيار والذي كان وزير العمل في حكومته إلى باريس ، وحاولت ان اصلح بين الرجلين ودامت المحادثات ثلاثة ايام ، ومع ان الدكتور بختيار كان يعد باعلان الجمهورية شريطة ان يمهله الخميني ثلاثة اشهر ، الا ان الخميني كان لايراه صادقا في مواعيده ثم كان يقول ما دام اننا وصلنا إلى ابواب الانتصار فلماذا ننتظر ثلاثة اشهر اخرى . وفي اخر لقاء مع الخميني سألته بصراحة ، اذا اعلن بختيار الجمهورية يوم غد فماذا يكون موقفك منه ؟ هل تؤيده ؟ ام تقف ضده ، وبدا الاحراج على وجه الرجل .
وقال : انه لن يفعل هذا . فسألته من جديد : اذا فعل فكرر الخميني كلامه مرة اخرى فكررت عليه القول ، سنفرض انه فعل ، ماذا يكون موقفك ؟ طأطأ الخميني رأسه .
ثم قال بعد برهة انه لن يفعل وسكت وانتهت المحادثات وخرجت من عند الرجل مقتنعا انه لايسمح لاحد ان يلعب دورا بارزا في الثورة بل يريد ان يحتكر كل دور لنفسه ، وفي صباح اليوم التالي ،
قلت للسيد عباس قلي انا لااجد في المحادثات هذه نجاحا وتقدما وساطلب من السيد ابو الحسن بني صدر ان يتابع الوساطة فهو صديق الرجلين وغادرت باريس إلى الولايات المتحدة الامريكية ، وبعد يومين اتصلت بالسيد بني صدر هاتفيا وسألته عن سير المحادثات ،
فقال : ان المهمة فشلت وانه سيترك باريس مع الخميني بعد يومين إلى طهران وسألته وعلى متن طائرة واحدة ؟ اجاب نعم ثم اضاف قد تسقط الطائرة ونستريح جميعا ،
فقلت : والعالم بأسره ،
قال : أي والله .
لم تستطع حكومة بختيار مواجهة التيار الحاد الذي كان يعصف بحكومته ، فالتيار كان اقوى منه ولم يكن بختيار هو المقصود بالامر بل كان المقصود هو النظام الذي اصبح بختيار جزءا منه ، وسقط النظام وسقط معه بختيار ، وهكذا فقد الشاه ثاني امل في العودة وبقي الامل الثالث وهو الجيش وقادة الشاه الاوفياء وهذا الامر لم يكن اكثر من (سَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) وتفصيل فشل الجيش في مواجهة الثورة العارمة التي شلت كل مرافق الدولة بما فيها الجيش نفسه يتخلص فيما يلي :
اولا ان اكثرية قواد الجيش الذين نصبهم الشاه في مناصب مرموقة من مرافق القوات العامة لم يشترط فيهم الكفاءة العسكرية بل كان الشرط الاول والاخير هو الوفاء للشاه واطاعته اطاعة عمياء ، وبما ان الجيش يتبع قادته في مواجهة الازمات الحادة فان القوات العسكرية لم تستطع حسم المواجهات المتتالية مع الشعب عسكريا سواء بسبب عدم كفائتهم او بسبب ضعف الشاه في اتخاذ القرارات الحاسمة او لعدم وجود ضوء اخضر من الامريكان الذين كانوا يسيطرون على مرافق الجيش المختلفة والهامة بمستشارين عسكريين وسياسيين كما ان من الضروري ان لا يغرب عن بالنا ان الجيش الايراني جيش مسلم ومتأثر بالمبادئ الاسلامية ومع وفائه المطلق للشاه الا ان وفائه لدينه يجب ان يؤخذ بعين الاعتبار وقد اخذت الثورة طابعا دينيا في اخر ايامها حيث انضمت إلى الثورة اكثر الشخصيات الدينية الهامة ذات النفوذ في قلوب الشعب ، وانضمام كثير من هؤلاء إلى الثورة كان اضطرارا وخوفا من الرأي العام والشارع الذي انضم إلى الرأي العام بدأ يتحكم في الوضع السياسي السائد في البلاد ، كما ان كثيرا من رجال الدين الذين التحقوا بالثورة كانوا من انصار الشاه او من معارضي الخميني ولكنهم عندما علموا ان القطار المليء بالغنائم سيفوتهم اذا بقوا محايدين او مناصرين للشاه ، انضموا إلى الثورة شأنهم شأن كل مستغل للظروف السانحة التي تعصف بالرطب واليأبس .
اذا كان من الطبيعي ان يتأثر الجنود والضباط الصغار وهم الكثرة البالغة في الجيش بالعاصفة الشعبية المطلية بطلاء الدين ولاسيما ان الجنود كانوا من الشعب فلابد وانهم يتأثرون بالثورات التي تأخذ الطابع الشعبي العام فقد تحصل مواجهة بين الجيش والشعب ولكن لفترة محدودة ولمرة او مرتين ، اما المواجهة التي انتهت إلى انهيار الجيش الايراني امام الشعب فقد استمرت ستة اشهر وكانت تحصل المواجهة كل يوم وفي كل ناحية من ايران المترامية الاطراف وفي صورة كر وفر انتهت في آخر المطاف إلى تضعيف معنويات الجيش وعدم الولاء لقوادهم الذين كانوا هم بدورهم لايدرون حقيقة السياسة التي يجب عليهم اتباعها . وقد انتهت معنويات الجيش الايراني بمغادرة الشاه أي القائد الاعلى للقوات المسلحة إلى خارج ايران بتلك الصورة المشينة ولا شك ان جيشا كجيش ايران الذي تعود ان يظهر وجهه الحقيقي تحت راية ملوكه قد ينتهي وينهار اذا ما هرب إلى خارج البلاد قائده الاعلى وامبراطوره الذي كان يرى فيه مجد ايران القديم والحديث معا . وهكذا انهار بين عشية وضحاها جيش كان قوامه 400الف جندي مدجج بالسلاح ومعدات عسكرية ارضية وجوية كانت تقدر بثلاثين بليون دولار وخبرات عسكرية ومستشارين اجانب كانت تكلف الشعب اربع الاف مليون دولار سنويا من قوته ودمه ، ليعلم العالم ان ارادة الشعب تنبع من ارادة الله واذا اراد الله شيئا هيأ اسبابه .




سقوط الامبراطور

الفئات المتحالفة لاسقاط الشاه .
اذاعة بي بي سي الريطانية .
فرنسا تحمي الخميني .
الثورة الشاملة .
بازركان في الحكم .




قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)


سقوط الامبراطور

كيف سقطت الامبراطورية الايرانية ؟ وكيف سقط الامبراطور محمد رضا بهلوي ؟ ومن هم الذين مهدوا الطريق لاسقاطه ؟
لقد توالت الاحداث تلو الاحداث ومهدت الطريق في سقوط امبراطورية كان عمرها 2500عاما . لقد كانت الاحتفالات العظيمة التي شهدتها برسبوليس بمناسبة مرور الفين وخمسمائة عام على عمر الملكية في ايران لم تزل حديث الملوك والرؤساء التسعين الذين حضروا تلك الاحتفالات من اقصى الارض عندما بلغهم ان القي وخمسمائة عاما من التاريخ الذي احتفلوا لاجله في برسبوليس قد تبخر في خلال 6ساعات فقط .
قال المهندس بازركان في احدى خطبه ان الخميني لم يسقط الشاه بل الشاه هو الذي اسقط نفسه ، ان اعدى اعداء الشاه كان الشاه نفسه وليس الخميني وزمرته والجماهير التي تعاونت لاسقاطه . ان السياسة التي اتبعها الشاه في ايران كانت نتيجتها المحتومة سقوطه وسقوط نظامه كما اشرنا اليها بصورة اجمالية في فصل آخر من هذا الكتاب ، اما الفئات التي تعاونت وتكاتفت لاسقاطه في اللحظة المناسبة ومن ثم استطاعت ان تستقطب الجماهير في كل مكان فانها كانت لا على سبيل الحصر :
1. الجبهة الوطنية والتي كانت ترى في الدكتور مصدق رحمه الله رائدا لها .
2.نهضة المقاومة الشعبية التي اسسها الامام الزنجاني والمهندس بازركان بعد ان انشقوا من الجبهة الوطنية وكانت لهاتين المجموعتين نفوذ كبير في الاوساط الجامعية وفي البازار ( المركز التجاري لطهران والمراكز التجارية في مدن اخرى ) .
3.مجاهدين خلق : وهو الحزب الذي اسسه موسى خياباني ومسعود رجوي وغيرهما وبدأوا يعكرون صفو النظام بالمقاومة المسلحة وكان الاب الروحي لهؤلاء اية الله الطالقاني رحمه الله والتف حول هذا الحزب شباب المدارس والجامعات ، وكان الشاه يعبر عنهم بالمركسيين الاسلاميين ، وكان لهؤلاء دور بارز وعظيم في نجاح الثورة ."1"
4.كبار رجال الدين والذين اضطهدتهم سلطات الشاه في خلال السنوات التي تلت المجابهة الدامية بين الشاه والزعامة الروحية وكان لهؤلاء نفوذ واسع بين صفوف الشعب امثال ، اية الله الطالقاني والامام السيد حسن القمي والامام الشيخ بها الدين المحلاتي والامام الخاقاني ، وهؤلاء كانوا على طرفي نقيض مع الخميني وزمرته سواء في افكاره او في سياسته ولكن المصيبة كانت تجمعهم على كل حال فكانوا في خندق واحد ضد الشاه مع احتفاظهم باصالتهم في التفكير واستقلالهم في اتخاذ القرارات .
5.جماعة الدكتور شريعتي : وكلهم كانوا ولايزالون من الشبان الجامعيين المتحمسين للتجديد الاسلامي وقد سحرهم شريعتي بافكاره الغامضة التي كانت تفسر بانها ضد طبقة من رجال الدين الموالين للشاه وللنظام الحاكم .
6.خميني وزمرته من رجال الدين الموجودين في اخل ايران وخارجها .
7. الاحزاب اليسارية بما فيها حزب توده الشيوعي .
لقد اجتمعت هذه الاحزاب والفئات كلها على اسقاط النظام ، وبما ان كل حزب وفئة كانت ترى نفسها اولى واحق بتولية امور البلاد اذا ما قدر لها النجاح في اسقاط الشاه ، فقد استقر رأيهم على اختيار زعيم يقود الحركة وهو على حد ( زعمهم ) لايطمع في الحكم فوقع الاختيار على الخميني . ولعب الخميني نفسه دورا عظيما في اغفال الشعب وسائر الفئات المناضلة وايهامهم انه يكون الرجل المفضل لقيادة الثورة اذا ما اجتمعوا تحت لوائه ، ومن هنا جاء تعيينه للمهندس بازركان كاول رئيس للوزراء بعد الثورة ومشاركة نفر قليل من افراد زمرته في الحكم ، دليلا قاطعا على التزامه بالنهج الذي اعلنه للشعب كافة . واستقر الخميني في نفل لوشاتو قرب باريس تحميه الشرطة الفرنسية وكل الاذاعات العالمية والصحف الكبيرة تنشر ما يقوله ضد الشاه وكانت زمرته في ايران تنشر الكاسيتات التي تحتوي على خطبه المثيرة للشعب وانضمت إلى الخميني اذاعة بي بي سي الفارسية في لندن لتذيع كلما يقوله الخميني ويطلبه من الشعب الايراني حتى اصبحت بوقا من ابواقه ولعب تلك الاذاعة البريطانية دورا هاما في نجاح الثورة لانها الاذاعة الفارسية الوحيدة التي يهتم بسماعها الشعب الايراني الذي كان يعتقد انها تجسد السياسة البريطانية وكان الاستنتاج السياسي لدى الشعب الايراني وساسته ان الوضع الذي اتخذته اذاعة بي بي سي البريطانية في حمايتها للخميني وللثورة انها تمثل رأي بريطانيا وان الدول العظمى قد اتفقت على تصفية الشاه . فموقف الامريكان مع التناقض الموجود في تصريحات الساسة الامريكيين حول تأييدهم للشاه كان ضعيفا . وموقف بريطانيا كما تشهد به اذاعتهم الرسمية كانت مع الخميني والثورة ، وان كانت البيانات الرسمية التي يدلي بها الساسة الانكليز تناقض اذاعتهم . اما فرنسا فقد جندت كل قواها لحماية الخميني واعطائه فرصة التحرك كما يحب ويشاء. اما الروس فهم ضد الملكية بطبيعة سياستهم وحزبهم (التودة) كان يتعاون مع الثورة والخميني تعاون الصديق مع صديقه .
اذن كل القوى العظمى رضخت للامر الواقع وهو تصفية الشاه ، وعاد الخميني إلى طهران عودة الابطال واستقبله 6 ملايين شخص لدى وصله مطار مهر اباد الدولي ولم يسقط سلاح الجو الايراني طائرة البوينغ التي كانت تقله في سماء ايران ومع ان قائدها كان يحمل في قلبه الولاء الكامل للشاه لم يقدم على هذا الامر الذي كان اخر بارقة امل لانقاذ النظام الشاهنشاهي في نظر المخلصين للنظام ، وقد جازى الخميني بالاعدام هذا القائد الذي كان باستطاعته اسقاط طائرته والقضاء عليه وعلى زمرته التي كانوا في معيته و 150 صحفي من انحاء العالم .
واعلن الخميني فور وصوله إلى طهران عدم شرعية حكومة بختيار وتعيين المهندس بازركان رئيسا للوزراء ، واصبحت ايران تعيش في حالة من الفوضى والارتباك ، وكان لابد للازمة ان تنتهي بنصر احد المتخاصمين ، وكانت الايام تمر بسرعة ، ففي يوم 14فبراير من عام 1979 اعلنت حكومة بختيار الحم العسكري ومنع التجوال واعلن الخميني العصيان العام فخرجت ملايين الناس إلى الشوارع متجهة نحو الثكنات العسكرية وسلاح الجو ومقر السافاك والقوات الصاعقة التي كانت تحت امرة قائد حرس الشاه ، وحصلت مواجهة صغيرة استولى الناس على تلك المرافق العسكرية والسلاح الموجود فيها وقتلوا بعض القادة العسكريين الذين ارادوا الدفاع عن ثكناتهم وجاء الجنرال قرباغي القائد الاعلى للقوات المسلحة إلى الخميني مستسلما للامر الواقع معلنا حياد الجيش في المجابهة التي كانت تدور رحاها في شوارع طهران وسائر المدن الايرانية الاخرى ، وعاد الجيش إلى ثكناته بامر من قائده الاعلى واعلن الخميني ولادة الجمهورية الاسلامية الايرانية . فولى عصر ليشهد العالم عصر جديد .
اما بختيار فقبل ان يستطيع الهرب القت مجموعة من المتظاهرين القبض عليه واقتادوه إلى مقر بازر كان رئيس الوزراء ، غير ان بازركان وفاء لسنوات النضال إلى قضاها مع هذا الزميل المنكوب هيئ له وسائل الفرار ، فهرب بختيار بعلم بازركان ومساعدته من ايران إلى فرنسا "1" ، وهكذا انتهت الفين وخمسمائة عاما من التاريخ بسقوط الامبراطورية والامبراطور .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف