الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/18
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فرسان الليل و ذكرى مؤلمة -أقصوصة - بقلم:نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2008-05-13
فرسان الليل و ذكرى مؤلمة -أقصوصة - بقلم:نزار ب. الزين
فرسان الليل
قصة قصيرة
نزار ب. الزين*

" فرسان الليل "
" جرذانا و صبيانا "
" جرذاناً من جميع الأجناس "
" صبيانا من جميع المقاسات و الأعمار "
" للجرذان الهزيع الأول من الليل "
" و للصبيان الهزيع الأخير "
"إنهم يتكاثرون ، أعني الصبيان لا الجرذان"
" أصبحوا يشكلون عصابات "
" أصبحت لهم قيادات "
" كثيراً ما يتشجارون أو يتصارعون "
همس رياض لزوجته ، كانا يمارسان رياضة المشي في شوارع الضاحية الأنيقة ، عندما شاهدا بعض الصبية يقلبون حاوية قمامة ثم يعبثون بما فيها ...
ثم أكمل متسائلاً باهتمام :
" ترى هل أن الأمر مربح إلى هذا الحد "
" أم أن الفقر تجاوز كل حد ؟ "
فأجابته مؤكدة :
" أفضل من مهنة الشحاذة على أي حال"

*****
صبي في الخامسة ، ربما أقل قليلاً أو أكثر قليلاً ،
يتشبث بكيس يحمله، بينما آخرأكبر منه يحاول إنتزاعه منه .
يضربه ، يشتمه ، و لكن الطفل ظل متشبثاً بكيسه ...
يبكي ، يصرخ ، يستنجد ، و لكنه لا يزال يتشبث بكيسه .
يقترب رياض منهما ..
تناشده زوجته :
- - لا تحشر أنفك يارياض
- و لكن رياض يستمر ، يأمر الصبي الكبير بالكف عن أذى الصبي الصغير ، فيبتعد هذا شاتماً رياض و زوجته و كل من يلوذ بهما بأقذع الشتائم .
- - ألم أقل لك لا تحشر أنفك يا رياض ؟
قالت له معاتبة ؛
إلا أن رياض يتقدم من الصغير و يسأله:
- هل يفرض عليك أحد جمع العلب يا بني ...؟.
- نعم – عمّو –إنه أبي ، هو عاجز ، يأمرنا أن نسرح أنا و إخوتي ، قبل فجر كل يوم لجمعها ؛ أما أمي فتحمل ما جمعناه ثم تبيعه ، لتجلب لنا بثمنه الطعام .
يهز رياض رأسه أسفاً ، بينما تعقب زوجته :
" أفضل من مهنة الشحاذة على أي حال "
ثم يكملان المشوار ..
*****
صبي آخر ، يتسلق حاوية أخرى ، إنه في قلب القمامة الآن ، ينقب بيديه الصغيرتين عن العلب الفارغة ، لا يهم إن كانت من البلاستك أو من الألَمينيم ، و لا يهم إن كانت الحاوية مليئة بالحشرات أو بالديدان أم بملايين الفيروسات و المكروبات و الطفيليات ، و لا يهم إن كانت رائحة القمامة تزكم الأنوف ، أم تخترق الخياشم إلى أعماق الدماغ ، المهم أنه كلما عثر على واحدة ، ناولها للآخر !
يتسلق الحاوية الآن من الداخل فيتعثر و لا يفلح بالخروج منها...
يحاول زميله مساعدته فلا يتمكن ....
كلاهما صغيران ، ضعيفان .....
يهرع رياض نحوهما ....
يُخرج الأول من القمامة بينما يلوذ الآخر بالفرار ....
ربما ظنه شرطيا ...
تلومه زوجته
- ها أنت تحشر أنفك ثانية ، لقد لوثت ملابسك و بدأت تفوح منها رائحة المزابل ..
أجابها معارضاً :
- هل كان بوسعي أترك المسكين غارقا في القمامة ؟ ( ملعون أبو الملابس )
، ثمثم أضاف متألما :
- "يا لها من مهنة تعيسة " ، فأجابته زوجته :
- " أفضل من مهنة الشحاذة على أي حال " ،
- ثم أكملا المشوار .
*****
حاوية أخرى
و صبي آخر ، في التاسعة أو العاشرة
يعثر في الحاوية على كيس مليء
يفرح
ينظر إلى محتوياته
يفرح أكثر
يتناول منه
بفرح أكبر
إنها ثمرة تين
يقربها من فمه
يتناول منها قضمة
يهرع رياض نحوه
يصرخ به منبها :
- إبصقها يا بني في الحال إنها فاسدة و سوف تقتلك إن أكلتها !
يجفل الطفل ، ينظر إلى رياض شذراً ، يبدو عليه بعض خوف ...
و لكنه يتشبث بثروته الصغيرة
ثم يطلق ساقيه للرياح ...
تلتفت زوجته قائلة :
- ألم أقل لك ، لا فائدة من حشر أنفك ؟!
و قبل أن تكمل جملتها ، لمحت دموعه الصامتة تنهمر !
--------------
* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : [email protected]
------------------
ذكرى مؤلمة
تحليل و نقد أدبي
حول قصة : فرسان الليل
بقلم : المغفور له الدكتور زكي العيلة - دكتوراه في الأدب و التقد

* نتتبع في قصة ( فرسان الليل ) للأديب ( نزار الزين ) ملامح أولئك المنسيين من أبناء الفقر و الصمت الذين يعيشون في قعر المجتمع مفتقدين الآمان و الغد .
صِبية من جميع الأعمار و المقاسات يتناسخون دون أن يهتم لأوضاعهم الاجتماعية المهدورة أحد ، المدينة و أناسها لاهون عنهم ، لا يأبه أحد بوجيعتهم و هم ينقبون حاويات القمامة بحثاً عن أكياس و علب فارغة ينتزعون من فضلاتها أكسير حياتهم " لا يهم إن كانت من البلاستيك أو من الألمنيوم ، ولا يهم إن كانت الحاوية مليئة بالحشرات أو بالديدان أو بملايين الفيروسات و المكروبات و الطفيليات ، ولا يهم إن كانت رائحة القمامة تزكم الأنوف أم تخترق الخياشيم إلى أعماق الدماغ ، المهم أنه كلما عثر على واحدة ناولها للآخر " .
تطالعنا في المقابل شخصية ( رياض ) الذي تدفعه أحاسيسه الإنسانية ـ و هو يتمشى مع زوجته ـ إلى إبداء التعاطف مع قضية أولئك الصبية رغم تدخلات زوجته التي تحاول أن تئد فيه تلك المشاعر إيثاراً للسلامة .
وتحت طائلة إحساسه بالتمزق يحاول أن يقيم خيط ود مع الصبي الصغير الذي يسرح مع إخوته فجر كل يوم لجمع العلب من الحاويات كي تُحوِّل أمه أثمانها البسيطة إلى طعام ، كما يجاهد من أجل إخراج صبيين صغيرين علقا في حاوية دون أن يأبه بتلوث ملابسه ، ما يجعله عرضة لتقريع زوجته .
وعندما يقع بصره على صبي آخر يقضم ثمرة تين فاسدة ملوثة اصطادها من حاوية أخرى يلاحقه بنصائحه و توسلاته ، فيما راحت دموعه تنهمر في صمت ناجم عن إحساسه بالعجز أمام هذا الواقع غير الإنساني ، فهؤلاء الصبية من فرسان الليل أبناء مرحلتهم ، مرحلة التفاوت الاجتماعي والطبقي ، حيث أضحت الحاويات المثقلة بالأصابع الطفولية الباحثة عن بقايا طعام ، أي طعام في قمامة المترفين عنوان المرحلة ، لتظل المعاناة من مكنونات المستقبل مفتوحة ، ممتدة ، إلى أن يتحول فرسان الحاويات المنسيين المقهورين إلى فرسان حقيقيين أصحاء و هذا لا يتحقق إلا في مجتمع يحترم إنسانية أفراده .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف