الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تواطؤ على أنغام الفالس بقلم:نزار ب. الزين

تاريخ النشر : 2008-05-08
تواطؤ على أنغام الفالس بقلم:نزار ب. الزين
تواطؤ على أنغام الفالس
قصة
نزار ب. الزين*

مجموعة كيمنسانيا
بمناسبة الذكرى الستين للنكبة

دعا قائد ال( ها غانا ) في مدينة حيفا عددا كبيرا من الضباط البريطانيين ، إلى حفل تكريمي ساهر في كازينو(بيت غالين) على سفح جبل الكرمل ، حيث أحيطوا بمظاهر الحفاوة بشكل لم يسبق له مثيل .
كانت النساء و الفتيات اللواتي ارتدين أثواب السهرة الزاحفة عند القدمين و الكاشفة لظهورهن و معظم نحورهن ، يتنافسن في خطب ود الضباط الضيوف ، بينما أبدى هؤلاء بدورهم من اللطف و البشاشة ما أشاع الدفء في جو الحفل .
و كان الميجر ( سمِث ) المسؤول عن مخلفات الجيوش البريطانية ، قد فرغ لتوه من أداء رقصة ( السلو فالس ) التي يعشقها الإنكليز ، مع زوجة أحد زملائه الضباط ، فما أن أوصلها إلى مقعدها مقدما لها شكره ، حتى دار على عقبيه متجها نحو المائدة المفتوحة ، الحاوية على ما لذ و طاب ، فتناول كاسا جديدة من ( الويسكي ) دفعة واحدة ، ثم توجه إلى غرفة التدخين ، فقد أحس بحاجته الشديدة إلى الراحة و بعض ( النيكوتين ).
*****
و بينما كان يشعل ( سيغاره الهافانا ) الذي كان قدمه إليه أحد كبار ضباط ال( ها غانا ) ، إذا بيدين ناعمتين تعبث بشعره ، ثم تتلمس جبهته ، و إذ هم بالإلتفات ليرى صاحبة هتين اليدين الرقيقتين ، أغمضت صاحبتهما له عينيه برفق ، و بنغمة حالمة انسابت من شفتيها و كأنها نغمة ناي راعٍ من ويلز : " خمِّن من أنا " قالت له ، و لكنه لم يقوَ على الصبر ، فأمسك باليدين و أزاحهما عن عينيه برفق ، ثم قبل اليد اليسرى و تبعها باليمنى ، و هو يجيبها بما يشبه الهمس : " راشيل .. أيتها العزيزة .. يا لسعادتي بوجودك هنا " .
جلست راشيل إلى جواره ، دون أن تحاول الإفلات من قبضة كفيه العريضتين ، سألته مستغربة : " لِمَ أنت مسترخِ ، هكذا ؟ هل تشعر بتعب ؟ " ؛ "بعض التعب ، فقد أنهكني الرقص .. و بيني و بينك ، فقد أدار ( الوسكي *) رأسي قليلا " ، أجابها و هو يضحك .
أمالت رأسها نحوه و قد كادت تلتصق به ، و بغنج و دلال قالت له : " أنت راقص بارع يا سمث ، الرقصة التالية لي ، أليس كذلك ؟ " فأجابها و قد افتر ثغره عن ابتسامة عريضة : " التالية و ما بعد التالية و حتى آخر السهرة ، يا عزيزتي " .
*****
كانا قد ابتدءا الرقص عندما سألته :
- هل أعجبتك الحفلة يا ( سمث ) ؟ لقد أشرفت شخصيا على إعدادها !
= إنني في أوج السعادة يا راشيل ، إنها ليلة من ليالي العمر ، سأحمل ذكراها حتى آخر العمر .
كانت يده الأخرى قد التفت حول كتفها و أخذت اصابعه تعبث بشعرها الأسود المسترسل ، ثم تسللت إلى أذنها تداعبها برقة ، فسألته و هي مغمضة العينين :
- ترى هل سأكون ضمن محتويات ذكرياتك الجميلة ، يوم تعود إلى الوطن ؟
لم يجبها بلسانه ، بل اخذت شفتاه تهمس إلى شفتيها بصمت ، بكل ما يكنه لها من عاطفة مشبوبة ، أوقد لظاها شذى عطر الياسمين الذي تمضخت به ، ثم أضاف بصوت أرعشه الإنفعال :
= لكم أتمنى البقاء إلى جوارك إلى الأبد ..
فأجابته بحماسة :
- عندما تكون لنا إسرائيلنا ، سأهرع إليك في ( ليفربول ) و لو سباحة .
فأجابها واثقا من كل كلمة :
= ستنتصرون ، و ستكون لكم إسرائيلكم ، و لسوف أبقى في انتظارك على رصيف الميناء .
- إني متشائمة يا ( سمث ) ، الجيوش العربية كما يبدو ، مصممة على القضاء علينا ، و تستعد لاختراق الحدود حال رحيلكم .
فابتسم ( سمث ) و أجابها مؤكدا و جازما :
= العرب متخلفون و ضعفاء يا راشيل ، و لولا معرفة قادتكم بهذه الحقيقة ، لما صمموا على تحديهم .
- و لكنها جيوش سبعة !!!
= لا قيمة لها عمليا ، تأكدي مما أقول ، فبعضها وليد ، و بعضها لا زال يحبو ، و بعضها الآخر بإمرة ضباط بريطانيين ،
و نحن أصحاب الوعد الذين عملنا على تنفيذه بكل إخلاص ، طوال ربع القرن الماضي ، بكل الوسائل ما خفي منها و ما علم ؛ أتشكين بذلك يا راشيل ؟
صمت قليلا و سحب رشفة سيغاره ، ثم أضاف :
= العرب جميعا متنافسون ، متناحرون ، فوضويون ؛ و سوف يسهلون لكم الأمور بأيديهم من حيث لا يدرون ، و لسوف تلمسين بنفسك صدق ما أقول ..
ثم أضاف مازحا :
= و لكن لِمَ تقحمين رأسك الشفافة بالسياسة و قذاراتها يا راشيل ؟
- أنسيت من أنا يا ( سمث ) ؟
= ليس هذا ما عنيت ، ما عنيته ، أنك خلقت للحب و الغزل ، أنت حمامة سلام و ملاك رحمة ، و السياسة لا تتناسب مع هذه الصفات ..
- ما هذا الذي أسمع ؟ أنت اليوم شاعر ، ترى هل بالغت بشرب الكحول ؟
فضحكا معا ، و تبادلا قبلة حارة جديدة ..
*****
و فجأة ابتعدت عنه قليلا ، ثم سألته و قد بدا على محياها بعض الإستياء :
- و لكن كيف تتركوننا و نحن في هذه الحالة من الخطر الذي يتهددنا من كل صوب ؟
أجابها بكل ثقة :
= إننا سنترككم أقوياء يا راشيل ، هيأنا لكم كافة أسباب الدولة ، و ستعلمين الحقائق في وقتها .
- و لكن ، لطالما شكا والدي من حيادكم مؤخرا .
= الليوتونانت كولونيل والدك ، أكثر الناس معرفة بما قدمناه لكم في الماضي و الحاضر – و خاصة الحاضر – و هو يعلم أيضا بما تعرضت له بريطانيا من ضغوط لأجلكم ، و يعلم أن هناك تحالفات و معاهدات تربطنا بمعظم العرب ، و مع ذلك عملنا ما بوسعنا للتوفيق بين مصالحنا القومية و مصالحكم المشروعة ، و هو يعلم أيضا أن هناك هيئة أمم متحدة ، بريطانيا واحدة من مؤسسيها ، أي أن أولى واجباتنا الأدبية احترام مقرراتها ، و هو يعلم أيضا و أيضا ، أننا عندما نعجز أحيانا من مساعدتكم علانية تحت ضغوط الظروف الدولية ، فإننا لا نتوانى عن فعل ذلك سرا ؛ و سيعترف لك ذات يوم ، أن إسرائيل صناعة بريطانية بنسبة 70% على أقل تقدير .
و أضاف و قد انتصب بقامته و انتفخت أوداجه زهوا :
= و اليوم سأضرب لك مثلا حيا ، يشهد عمليا على ما أقول ، إكراما لهتين الشفتين المعسلتين ...
- شوقتني يا ( سمث ) ، قالت له منفعلة .
= تعالي معي نبحث عن والدك ، و ستكون المفاجأة رائعة .
فاقتربت منه تزفه القبل ، و هي تقول :
- ليس لي صبر يا أعز الناس ، قل لي حالا ...
= بل تعالي معي .
و جرها من يدها و مضى بها بين الردهات ، و هما يتضاحكان ، إلى أن عثرا على والدها ، فنادته راشيل بإشارة منها ، فترك صحبه مستأذنا ، و تبعهما إلى إحدى شرفات الكازينو .
و بادر الميجر (سمث) محدثه بشيء من التعاظم :
= سيدي الليوتونانت كولونيل ، أريد تقديم هدية صغيرة إلى إسرائيل الموعودة قبل رحيلي ..
فابتسم مردخاي و التمعت عينا راشيل ، و تركاه يكمل حديثه و هما في أقصى حالات اللهفة .
= سيغادر حيفا صباح الغد قطار محمل بالأسلحة و الذخائر ، اشتراها العرب من مخلفات الجيش البريطاني ، و سيتم تسليمها في نقطة قريبة من بلدة جنين ؛ فتصرفوا ...
أجابه مردخاي بلهجة ممتنة و قد شد بيديه الإثنتين على كتفي ( سمث ) بحرارة :
- إنني عاجز عن الشكر يا ميجر ( سمث ) ، إن هذا الجميل لا يمكن أن ننساه ، و لكن يحضرني سؤال هام : " هل القطار مسلح ؟ " أجابه سمث : " بالتأكيد و لكنني ، سأوصي الحراس بعدم المقاومة ، حالما تعطونهم كلمة السر" .
و لم تستطع راشيل الصبر حتى ابتعاد والدها ، فألقت بنفسها بين ذراعي ( سمث ) قائلة بلهفة محمومة :
- سمث ، أيها الحبيب الغالي ، تعال نخرج من هنا ، خذني إلى بيتك ، خذني إلى أي مكان ، أو خذني حالا ..
*****
بينما كانت راشيل تتناول فطورها مع سمث في شرفة منزله ، كان جنود ال(الها غانا ) من مستوطنة ( بنيامينا ) ، ينقلون آخر صندوق مليء بذخيرة الرشاشات ، من حمولة القطار البالغة عشرين طنا ، من بينها عشرة مدافع ( هاون ) ثقيلة !
============================
*نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : [email protected]
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف