الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

طاقة شعرية ونقدية في التدمير الخلاق في فكر تيسير نظمي يحملها إلى باريس

تاريخ النشر : 2007-09-20
طاقة شعرية ونقدية في التدمير الخلاق في فكر تيسير نظمي يحملها إلى باريس



عمان- حركة إبداع - فاطمة أحمد/ بان الكليدار:

نشرت صحيفة "دنيا الوطن" الالكترونية في غزة وصحيفة" الحقائق" في لندن وموقع " حركة إبداع" في عمان لقاءا مع الناقد والروائي والقاص تيسير نظمي قبل سنتين دون أن تنشر هذا الجانب من اللقاء الذي بات ضروريا نشره للتعرف على حساسية ثقافية إشكالية بات يحسب حسابها اليوم في الأردن، خاصة بعد عضوية الكاتب في رابطة نقاد الأدب الدولية (A.I.C.L) في باريس، والتي دعته مؤخرا لحضور مؤتمرها الاستثنائي في فندق غوين التاريخي في النصف الثاني من تشرين أول/ أكتوبر المقبل، تحت عنوان " روح المقاومة في الأدب" ،ولم يحدد نظمي أي العناوين التي سيتحدث للمؤتمرين بها لغاية الآن كما لم يحدد أسباب هذا التأخير، غير أنه مع ذلك ما زال واثقا أن لديه ما هو جدير بالتحدث فيه، وهذا الجزء ربما يقول الكثير عن تفكيره وفكره وذائقته النقدية والإبداعية:


* من النقد إلى الإبداع كيف تتولد السخرية؟

- لو لم تكن القراءة تتبنى الموقفين، الفلسفي و الجمالي، لما كان هنالك معاينة و فحص و عملية تأمل و تقييم عميقة و بالتالي لما كان هنالك نقد. بعض الأعمال ضحلة لا تتناسب مع استعدادات الناقد للغوص و تجهيزاته الثقافية من أوكسجين وزعانف و خبرات جمالية. مثل هذه الأعمال الهشة ليس لها بنية ذاتية دفاعية ، بالتعبير الدارج يقال عنها " صف كلام" و مهما سرت بها لن تغطي ساقيك و ليس بها عمق ركبتيك و هذا ما قصدته ب" ضحلة" بحيث لا تغريك و تمتعك بعملية تفكيكها و إعادة بنائها. لا أنكر أن الناقد المبدع لديه طاقة تدميرية خلاقة. بمعنى أنه إذا دخل لعمل متوسط تتفكك بين ناظريه المكونات الهشة و الأنسجة الميتة فيتخلص منها في محاولة إعادة تركيب العمل الفني وفق أسس إفتراضية جمالية و فلسفية معتمداً على ما هو متين في العمل و جيد. أما الأعمال الممتازة، و دعيني أضرب مثالاً هنا على قصة " أجمل الرجال الغرقى" لماركيز فإنها تستعصي على التفكيك و الزيادة أو النقصان .لأنك كلما حاولت نسفها أو تفكيكها أو اختراقها فإن تماسكها الداخلي المطاطي لن يستجيب نتيجة لتعدد التأويل و ممكناته المتعددة كما يستجيب المطاط لأكثر من تشكيل. أنسجة دقيقة مشغولة بعناية و خبرات فائقة و متماسكة مع الأنسجة الأخرى و كل شيء موظف توظيفه المناسب بحيث يوصلك إلى البنية الكلية و" الوحدة الموضوعية" بتعبيرات النقد التقليدي.

* أين السخرية في كل ذلك؟

- السخرية تنبثق من المفارقة الصارخة كأن يقول الغواص عندما تقدمين له كوباً من الماء على أنه البحر: ابتعدوا قليلاً فسوف أقفز للغوص في هذا الكوب الذي ترون. السخرية تأتي لوحدها نتيجة منطقية للمعاينة والفحص الدقيقين للموضوع.

* و في الإبداع ؟

- المبدع هو الذي يجهز البحر و يسيطر بمهارته على حركتي المد و الجزر و يريك كم هي الأعماق حافلة بالكائنات الجميلة. فحتى الحيتان و أسماك القرش يوظفها و يسيطر عليها جمالياً بحيث لا يرتكب خطأ في عملية الخلق يكون موضوعاً للنقد السلبي من نقاد آخرين. المبدع يذهل الناقد و الناقد المبدع يذهل المبدع و يدهشه في عملية الفهم والتحليل لما يقوم به، الناقد يكشف أسرار الخلق مثلما يكتشف الطبيب أسرار المرض ويعالجه و مثلما يبتكر طبيب الجراحة التجميلية النسب و الألوان و العلاقات. المهارات متكافئة بين الإثنين، المبدع و الناقد ، في أية عملية تفسير سوية. فالسخرية لدى المبدع تنبثق من كشفه لسوء التناسب في العلاقات في الواقع نفسه. فعندما انبرى دون كيخوته لمبارزة طواحين الهواء و الإنقضاض على الأغنام باعتبارها العدو سطعت المفارقة. و ظهرت السخرية.

* ماذا عن السخرية السوداء؟

- تحتاج لألم و حزن بالغين، كأن تكوني في أبعد نقطة في قاع المحيط عن الشمس، و تتوقعين جفاف حبال الغسيل في يوم ماطر.

* هل لنا بمثال تطبيقي من قصصك الأخيرة؟

- ربما كانت" النمور في اليوم الثالث و العشرين تشرب ماء العدس " أبرز قصص مجموعتي الأخيرة قدرة على التدمير الإبداعي و النقدي معاً. فقد تعمدت تحطيم البنى التقليدية للقصة فيها و إعادة توزيع قصيدة " الممثل" ذات البناء الشعري التقليدي لسميح القاسم بعد تحطيم شكلها العمودي. و كل ذلك ينبع من مرارة و مفارقات " الإضراب عن الطعام" الذي خاضه نحو 14 كاتباً أردنياً في آب 1999 من أجل أن تقوم الحكومة و القطاع الخاص بواجبهما تجاههم بتوفير فرص عمل كريمة. المفارقة في الواقع إنتقلت إلى مفارقة في الفن، فالنمور لدى زكريا تامر في قصة " النمور في اليوم العاشر" تم تدجينها، و صار القفص مدينة و صار النمر مواطناً صالحاً. في حالتي لم يستطع أحد أن يدجن نموريتي و لكنني في النهاية عندما حصد من حصد من وراء الإضراب نحو85 الف دينار مقابل توقيف الإضراب أو تعليقه، لم أجد ما أفك إضرابي عليه سوى ماء العدس. و لك أن تتصوري نمراً يأكل ماء العدس!

فالقصة شكلاً و موضوعاً عملية تدمير خلاق.

تدمير الأشكال و البنى التقليدية، و إعادة توليد بنى جديدة، تماماً كأنما أسهمت في إزاحة الهيئة الإدارية القديمة للرابطة التي انتقد فيها رئيسها الشاعر سميح القاسم على مقالة، و حاول التخلص من أحد المضربين عن الطعام بحجة أنه غير عضو في الرابطة أو بحجة إقليمية بائسة تخفي ما تخفي وراءها بأن العملية شخصية و الصراع قائم بين من هو كاتب قصة فعلاً و بين من هو مجرد كاتب عمود يومي في الصحف. و إن اتخذ الصراع شكلاً سياسياً بائساً أو إقليمياً أكثر بؤساً.القصة تجاوزت هذه التفاصيل و قدمت رحيقها أو خلاصتها و لذلك انتهى الإضراب حقاً و لكن القصة لم تنته..

* هل من مثال آخر لعملية التدمير الخلاق؟

- قبل الذهاب بعيداً، أرجو أن أحدد بأن المصطلح مجاله الفن و ليس العلوم الإجتماعية، بمعنى أن الإعاقة في المجتمع تخلق حافزاً إنسانياً لعلاجها و موضوعاً للتعاطف مع المصابين بها و لكن في الفن لا يسمح بانتاج أعمال معاقة لأن الإنسان نفسه هو خالق للعمل الفني و ليس مسموحاً له إنتاج أعمال مشوهة. في هذه الحالة أجيز لنفسي، بل من صميم واجبي، أن أمارس عملية الهدم و التدمير الخلاق لأعمال معاقة قبل تعميمها و ترويجها لأن التهاون في ذلك يوجد مجالاً لإفساد الذائقة الجمالية و المثال و القيم التي هلكت جموع بشرية من أجل إنتاجها و تحسين ظروف إنتاج ما هو أفضل منها . من هنا أعود لذات المثال السابق، فحين أسرد قصة ما جرى في الإضراب سرداً تقليدياً فإنني أعمم ثقافة و قيم من تآمروا على الإضراب و حولوه إما لمكاسب سياسية بائسة أو لمكاسب شخصية بائدة أو لكوبون نفطي . من واجبي إذن أن أدمر البنية التقليدية للقصة ذاتها و لقصيدة سميح القاسم نفسه التي ينتمي شكلها لنفس الثقافة التي تدين القاسم سياسياً و لكنها لا تدينه فنياً و حضارياً. عملية التدمير للشكلين القصصي و الشعري تمت لجعل القصة تقوم بالوظيفة الشعرية و لجعل القصيدة ، بتفكيك بنيتها إلى عبارات، تقوم بالوظيفة السردية القصصية و النتيجة تلاحم شكلي و عضوي بين القصة و القصيدة في شكل احتجاجي متمرد ، أضرب ليس عن الأكل و حسب بل و عن التعاطي مع ثقافة هؤلاء جميعاً التي تريد للإنسان أن يموت جوعاً ليموت البعض من التخمة و الرداءة و التخلف . ها أنا لم أمت بعد لا بالشكل الواقعي و لا بالشكل الفني. لكنني تعاملت فعلاً مع جثث سياسية و فنية و انتصرت للأجمل، أي لأن يأكل النمر ماء العدس دون أن يتخلى عن صفاته مقابل قطعة لحم، فما بالك إن كانت قطعة اللحم تلك مسلوبة من قوت فقراء العراق و فلسطين و الأردن؟

• لكنك عرفت في الأردن ببداهة إبداعية في تكثيف النقد وتحويله إلى "إفيه " بتعبير الإخوة في مصر، وفي كل مهرجان مسرحي عربيا كان أم دوليا ينتظر الحضور تعليقك لدرجة بات يثير خشية المخرجين، نريد منك أمثلة على ذلك والسبب في التكثيف والسخرية؟

• دعيني أبدأ بالسبب، وهو حرماني من تولي أية مسؤولية صحفية في الصحف الأردنية، على غرار عملي في "الوطن" الكويتية سابقا. فالمساحة للتعبير النقدي مفقودة ، وقد حاولت الأوساط الثقافية والمسرحية حرماني حتى من حق الحضور للمهرجانات وفشلت لأنني لدي سلطة المعرفة والابتكار. ذات مسرحية حملت عنوان " الشهداء يعودون هذا الأسبوع" وهو بالمناسبة شدني لحضورها لأنه عنوان أول مجموعة قصصية للطاهر وطار، فوجئت من العرض أن الممثلين والمخرج لا علاقة لهم بالنص الأصلي ولا العنوان الذي يطرحونه ومع ذلك التزمت الصمت. ثم فوجئت بالممثلة تطلب من الحضور الوقوف أثناء العرض دقيقة صمت على أرواح الشهداء فنهض الجميع إلا أنا فقد بقيت هالكا في مقعدي من رداءة العرض. الممثلة بكل صفاقة لم تحترم بقائي جالسا وطلبت مني قائلة:" أنت يا أخ تفضل وقف" فقلت لها ساخرا من جديتها ومن الوقوف : " أنا أول شهيد يعود ويصل مسرحكم والشباب جايين وراي" فارتبكت واستاء الواقفون من انصياعهم وقلة ثقافتهم ولكنهم بعد سنة شهدوا أنني كنت محقا في ردي. أما المثال الأخير فقد كان من " مسرحية" مأخوذة عن نص لسالم النحاس والبطولة المسرحية مسندة للممثل الأردني داوود جلاجل. ورغم أنني خرجت من العرض في أول ست دقائق إلا أنني وصفتها بأنها حقا " فضيحة بجلاجل" وهذا مثل شعبي لا يمكن أن يتنكر له الأمين العام السابق لحزب الشعب الديمقراطي "حشد" وقد سعد به النقاد والممثل لأن اسمه ورد في "الإفيه" النقدي المكون من كلمتين فقط. ثم تولى النقاد في اليوم التالي توضيح أسباب هذا التعليق النقدي.

------------------------ أجرت اللقاء: فاطمة أحمد – بالفرنسية

بان الكليدار - بالعربية

www.nazmi.org
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف