الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في ذكرى وفاة الشيخ محمد رفعت بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم

تاريخ النشر : 2018-05-07
في ذكرى وفاة الشيخ  محمد رفعت بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
في ذكرى وفاة الشيخ محمد رفعت
بقلم : إبراهيم خليل إبراهيم
في مثل هذا اليوم 9 مايو توفي القارىء الشيخ محمد رفعت عام 1950 وهو من مواليد 9 مايو عام 1882م في درب الاغاوات بمنطقة المغربلين بالقاهرة ووالده كان مأموراً لقسم شرطة الخليفة والشيخ محمد فى طفولته أصيب بمرض الرمد وفقد بصره وهو ابن عامين وعندما أتم عمر 5 سنوات كان والده قد حفظه ثلث القرآن ثم ألحقه بكتاب بشتك الملحق بجامع مصطفى فاضل باشا بمنطقة درب الجماميز في حي السيدة زينب ليكمل حفظ القرآن الكريم الذى بدأه مع الشيخ محمد البغدادى وبالفعل حفظ القرآن الكريم وتعلم أصول وقواعد الموسيقى وحفظ العديد من الموشحات والأدوار والقصائد الدينية وفي التاسعة من عمره توفى والده محمود رفعت ليجد نفسه مسئولا عن الأسرة المكونة من 5 أفراد أمه وخالته وأخوة وأخته بالإضافة إليه .
بعد وفاة والده بدأ يقرأ القرآن الكريم فى سرادقات المآتم وعندما بلغ 15 سنة تم تعيينه قارئاً للقرآن الكريم لمسجد مصطفى فاضل باشا بدرب الجماميز بحى السيدة زينب رضى الله عنها وكان المسجد يزدحم بالمصلين كل يوم جمعة للاستماع إليه وحرص النحاس باشا والملك فاروق على سماعه .
تزوج الشيخ محمد رفعت في سن صغيرة وأنجب ثلاثة أولاد وبنت وأنجبوا له 16 حفيدا وقد ذكر حسين ابن الأصغر للشيخ محمد رفعت : أنه كان يأخذ والده إلى المسجد وبمجرد دخوله إذا بصفوف الحضور تنشق فى تناسق بديع ويصل الشيخ محمد رفعت إلى الصف الأول فى ثوان معدودة وبعد التلاوة يلتف حوله عشاقه ويصافحونه ومنهم من يقبل يده وذات مرة قبل يده رجل رث الثياب وشكله غير مألوف فهمست فى أذن والدى وقلت له : هذا الرجل .. كيف يقبل يدك وأنت تقبل يده وهو غير نظيف؟ فقال : هذا الرجل قد يكون عند الله تعالى أفضل من أبيك .
تلقى الشيخ محمد رفعت عروضا كثيرة ليقرأ القرآن في مساجد أكبر وأكثر شهرة من مسجد فاضل باشا مثل مسجد الحسين ومسجد السيدة زينب ولكنه رفض ترك المسجد الذي تعلم فيه وكان محبو الشيخ محمد رفعت يجلسون خارج المسجد بعد امتلاء ساحته وكان الترماي رقم 5 يمر من أمام المسجد أثناء الصلاة وفي كل مرة كان يشير الكمسري للسائق ليتوقف رغم عدم وجود ركاب أو محطة رسمية للوقوف وذلك ليستمتع فقط بصوت الشيخ محمد رفعت والغريب أن الكمسري كان قبطيا .
مسجد مصطفى فاضل باشا يضم شرفة علوية كبيرة وكان يجلس بها الأجانب لاستماع صوت الشيخ محمد رفعت الذي ملك قلوبهم وعقولهم وكان صوته سبباً فى دخول الكثير منهم إلى الدين الإسلامى .
قام البرنس محمد علي أحد أمراء العائلة المالكة في مصر وقتئذ بترشيح الشيخ محمد رفعت إلى افتتاح الإذاعة المصرية وفى أواخر شهر مايو عام 1934م افتتحت الإذاعة المصرية بصوت الشيخ محمد رفعت وقرأ سورة الفتح وفى يوم الجمعة السابع من شهر ديسمبر تعاقدت معه الإذاعة لقراءة القرآن الكريم على الهواء مباشرة وفى الخامس من شهر يناير عام 1935م أبرمت عقدا آخر معه يقضى بقراءته مرتين يوميا على الهواء فيما عدا يوم الأحد وكان يقرأ القراءة الأولى من الساعة التاسعة وحتى العاشرة إلا الربع مساءً والثانية من الساعة العاشرة والنصف وحتى الحادية عشرة والربع مساءً وكان يتقاضى على القراءة الواحدة 3 جنيهات وفى ذلك الوقت هاج البعض بدعوى أن قراءة القرآن الكريم بالإذاعة بدعة فأصدر شيخ الأزهر الأحمدى الظواهرى فتوى مفادها أن قراءة القرآن الكريم فى الإذاعة ليست محرمة أو مكروهة .
اعتاد الشيخ علي محمود أحد أكبر قراء القرآن وأداء التواشيح على الجلوس لسماع الشيخ محمد رفعت وما إن يبدأ الشيخ رفعت في الاندماج مع القراءة حتى يجهش الشيح علي محمود في البكاء .
الشيخ محمد رفعت عشق مصر ولذلك لم يغادرها ولم يستجب للدعوات الكثيرة التى وصلته من الدول العربية والأجنبية وفي هذا الصدد أذكر أن المهراجا الهندي حيدر باشا أباد طلب من الشيخ محمد رفعت أن يسافر إلى الهند لإحياء ليالي شهر رمضان فرفض وأعتقد المهراجا الهندي أن رفض الشيح محمد رفعت لضعف المقابل المادي فقرر زيادة الأجر إلى 100 جنيه في الليلة الواحدة وهو مبلغ خيالي في تلك الفترة فرفض الشيخ محمد رفعت وقال: ( أنا لاأبحث عن المال أبدا فإن الدنيا كلها عرض زائل )
تجاوزت شهرته المحلية إلى العالمية حيث حرصت إذاعات لندن وباريس وبرلين على إذاعة تسجيلاته أثناء الحرب العالمية الثانية لجذب أسماع المستمعين وذات مرة كان الشيخ محمد رفعت يقرأ القرآن فى سرادق عابدين وبعد أن انتهى من القراءة أمر الملك فاروق بإعطاء الشيخ بعض المال ولكنه رفض وقال للملك فاروق : أنا أقرأ القرآن الكريم لله تعالى .
وذات يوم دعىّ لإحياء مأتم وأراد أهل المتوفى إكرامه فقاموا فى نهاية الليلة بمنحه جنيها ذهبيا ، وبعد أن وصل إلى منزله إذا بطارق يطرق بابه وعندما فتح الباب قال الطارق : يا فضيلة الشيخ .. لقد أخطأنا بدون قصد فقد أعطيناك مليماً وهاأنذا جئت إليك لأعطيك الجنيه وهنا شكره الشيخ وقال له : المليم هذا رزق ربى والحمد لله على ما رزقنى ورفض أخذ الجنيه .
وذات يوم طلب عبده فراج زوج الابنة الوحيدة للشيخ قراءة بعض آيات القرآن الكريم بنغمة العجم فقال له الشيخ : يا عبده .. أنا لا أسمعك مطلبك هذا عبر الإذاعة ولكن إذا كنت تريد هذا فاحضر إلى جامع مصطفى فاضل باشا يوم الجمعة وعندما ذهب الشيخ إلى الإذاعة قرأ بنغمة العجم وبعد عودته لمنزله حضر إليه الأحباب وقالوا له : يا فضيلة الشيخ هل نغمة العجم تزنقك هذه الزنقة ؟! وهنا قال الشيخ لزوج ابنته : رد عليهم يا عبده .
في أواخر عام 1939 مرض الشيخ محمد رفعت بسرطان الحنجرة وكانت تهاجمه الزغطة باستمرار فقرر الابتعاد عن القراءة في الإذاعة والاكتفاء بالقراءة في مسجد فاضل باشا ونشرت مجلة المصور خبر مرض الشيخ محمد رفعت وقاد الصحفي فكري أباظة حملة صحفية لجمع التبرعات المالية للشيخ محمد رفعت وجمع محبوه مبلغ 5 آلاف جنيه وأعطوا المبلغ للصحفي فكري أباظة ليقدمه للشيخ بحكم صداقتهما إلا أن الشيخ محمد رفعت رفض بشدة وقال : قارىء القرآن لاتجوز عليه الصدقة واقترح تخصيص وتوجيه هذه التبرعات للأيتام كما اعتذر عن قبول أي مدد أو عون من رؤساء وملوك العالم الإسلامي وقال : قارىء القرآن لايهان .وفي عام 1942 وأثناء قراءة الشيخ محمد رفعت في مسجد فاضل باشا هاجمته الزغطة بشكل مستمر فلم يستطع القراءة فأجهش في البكاء وبكى كل من في المسجد حزنا على الشيح وكانت هذه المرة الأخيرة التي قرأ الأديب الكبير فيها الشيخ محمد رفعت .
في الأيام الأخيرة للشيخ محمد رفعت كان أقرب أصدقائه الفنان القبطي نجيب الريحاني وكان يزوره بصفة دائمة للتخفيف عنه والوجود بجواره .
وفى يوم مولده .. الاثنين التاسع من شهر مايو عام 1950م فاضت روحه إلى بارئها ونعت الإذاعة المصرية الشيخ محمد رفعت عند وفاته بقولها : أيها المسلمون فقدنا اليوم عَلَمًا من أعلام الإسلام أما الإذاعة السورية فجاء النعي على لسان المفتي حيث قال : لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام.
أراد حسين الابن الأصغر للشيخ الجليل أن يجمع تسجيلاته وبالفعل وجد مجموعة من التسجيلات لدى زكريا باشا نوران وقد تكونت جمعيات من محبى الشيخ الجليل وتم تجميع أكثر 278 اسطوانة مدتها 25 ساعة تضم 19 سورة من سور القرآن الكريم بصوته العذب .
وعندما تولت الإذاعية أمال فهمى رئاسة إذاعة الشرق الأوسط طلبت من حسين ابن الشيخ الجليل نقل مجموعة من تسجيلاته بحيث تكون مدة كل تسجيل 300 ثانية لإذاعته فى افتتاح إرسال الإذاعة يومياً ولذلك نجد صدق الله العظيم بصوت الشيخ محمد رفعت ولكن من مقام مختلف عن المقام الذى قرأ به .
ذات مرة سئل الشيخ محمد متولى الشعراوى عن رأيه فى أصوات .. محمود خليل الحصرى وعبد الباسط عبد الصمد ومصطفى إسماعيل ومحمد رفعت ؟ فقال : إن أردنا أحكام التلاوة فهو الحصرى وإن أردنا حلاوة الصوت فهو عبد الباسط عبد الصمد وإن أردنا النفس الطويل مع العذوبة فهو مصطفى إسماعيل وإن أردنا هؤلاء جميعاً فهو محمد رفعت .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف