الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

يزهر الفن في تربة السياسة بقلم:شوقية عروق منصور

تاريخ النشر : 2016-08-26
يزهر الفن في تربة السياسة

شوقية عروق منصور

العاصفة التي انطلقت بعد نشر صورة  المطرب التونسي " صابر الرباعي " الى جانب أحد الضباط الإسرائيليين ، حيث اتهم المطرب بالتطبيع ، وقامت قيامة ردود الأفعال وقد أكد المطرب التونسي أن الضابط تكلم العربية ولم يعرف أنه إسرائيلي.

هذه العاصفة تتكرر كلما زار أحد الفنانين مدن الضفة الغربية ، أو اذا التقى أحد الفنانين العرب بأحد الإسرائيليين في حفل داخل دولته أو خارجها .

بعيداً عن المزايدات السياسية ، وفوهات المدافع وطلقات الرصاص ، اذا أردنا وضع الفنان العربي في ميزان الالتزام السياسي والوعي الوطني والقومي ، علينا أن نعرف الخلفية الثقافية له ، علينا أن نفتش في تربة المجتمع السياسي الذي نشأ فيه ، علينا أن نعرف ميادين المقايضة التي تفرضها الفضائيات على الفنانين مقابل الولاء للنظام والحاكم وسياسته ؟؟  جميعنا نعرف أن تربة الفن العربي تعاني من الخلل في ذرات الخصوبة ، تعاني من ضعف في جذور القناعة من أن الفن قد يكون السلاح الحاد الذي يقطع عضو اللامبالاة ، وقد يفتح الشرايين  المغلقة لتسيل  دماء اليقظة وتغمر الوجه الذي يعاني من الإصفرار ، ليتلون ويصبح نضراً ، متألقاً .

الفنان والفن العربي في السنوات الأخيرة يعيش حالة من الترهل والتعفن ، ذخيرته الهروب من الواقع المزري ، الواقع المحبط الضبابي ، الهروب عبر كلمات والحان وموسيقى وأصوات وافلام ومسرحيات وفضائيات وبرامج ، جميعها تؤكد أن خلطة الفن لا بد أن تكون مجهزة في وعاء الوعي ، قبل أن تكون في وعاء الزيف والبهرجة الفارغة ، وحمى الأزياء ورفع رايات الغطرسة والمراوغة .

في الوقت الذي يعيش فيه العالم العربي  في مستنقع الدماء والدمار والفقر ، لا نرى اي تحرك للفن العربي ، بكافة أطيافه ، على جميع الأصعدة ، حتى الغناء أصيب بالسكتة القلبية ، وماتت الاغنية الوطنية ، والفلم المقاوم والمسرحية المنبعثة من تحت ركام التغيير ، لقد ابتعد قطاع الفن عن المؤازرة والتضامن والوحدة والسعي للدخول الى الجرح ومسح الدموع والتعاطف وبث الحماس في النفوس .

لقد رأينا الممثلة انجيلا جولي تزور الجرحى واللاجئين وتحضن الفقراء والجوعى ، وتنحني بعطف وحنان على الايتام وتحمل الأطفال المعذبين ، منهم من قال هذه سياسة ودعاية ودولتها أمريكا هي السبب في تدمير العالم العربي ، لكن مهما كان تبقى ممثلة جاءت وحملت رسالة إنسانية ، في المقابل ينشغل الفن العربي بأخبار الفنان الخاصة ، من زواجه الى ثيابه ، حتى يصل الواحد الى التفتيش في ملابسه الداخلية .

لم نجد فنانة عربية ، مطربة ، تنفض ريشها الطاووسي وتنزل الى حارات الألم والفقر والهدم والجوع ، وإقامة حفلات يجمع ريعها لإبناء شعبها – يقال أن الفنان الفلسطيني محمد عساف اقام حفلات غنائية  يرجع ريعها لابناء شعبه ، لكن الأموال التي جمعت قد اختفت ، هذه آخر الأخبار - .  

 يذكر التاريخ أن أم كلثوم عقب نكسة 67 خرجت الى العالم العربي والغربي واقامت عشرات الحفلات الغنائية التي ذهب ريعها للمجهود الحربي .

في الخمسينات ابان الثورة المصرية ، ركب مئات الفنانين قطار الرحمة ، هذا القطار الذي وصل الى صعيد مصر ، ووصل الى جميع القرى المصرية ليشرحوا لهم عن الثورة والإنجازات التي تقام ،  وما زال قطار الرحمة انجازاً فنياً يشكل حلقة الفخر للتضامن المصري والعربي ، وفي لقاء لي مع المخرج العالمي " يوسف شاهين " أشار الى هذا القطار الذي استقطب الفنان العربي ودمجه مع مشاريعه القومية والوطنية ، وأضاف أن معظم الأفلام العربية في الخمسينات والستينات كان لها المواقف الوطنية والمعالجة الاجتماعية ، في العراق وسوريا والجزائر وتونس  كانت علاقة الفنان مع وطنه الثائر المتخلص من الاستعمار علاقة عشق وعطاء .

في عام 1983 التقيت بالفنانة نادية لطفي ، وكانت خارجة من حصار بيروت ، جلسنا طوال الليل وهي تحكي عن اختراقها الحصار مع عدد كبير من الفنانين والشعراء والادباء المصريين والعرب ، لقد جازفوا بحياتهم ، قاموا بتحدي الطائرات والمدافع ليصلوا الى بيروت الغربية ، عاشوا الحصار ، ناموا على الأرض ، وأكلوا مع المقاتلين ، وقد حملت الفنانة نادية لطفي كاميراتها وصورت مئات الصور التي كانت شاهدة عيان على الحصار الذي دام ثمانون يوماً ، وقد وزعت الصور على نشرات الأخبار آنذاك ، وكذلك قام الفنان نور الشريف الذي التزم بالقضية الفلسطينية وأنتج الفلم الذي يحكي حياة رسام الكاركاتير الفلسطيني " ناجي العلي " وقد خسر الفلم ماديا ، وأثناء لقائي مع نور الشريف ، أكد أنه رغم الخسارة هو راض ، لأن حياة  ناجي العلي تستحق أن توضع في فلم ، وعندما سألته هل تلقى الدعم من احد الفصائل الفلسطينية أجاب لا .. بالعكس هناك من حاربني وطالب بعدم عرض الفلم .

التربة السياسية الآن فاسدة ، تعاني من أمراض سياسية ولا تحاول تقديم العلاج ، بل تؤكد على استمرار الفساد ، لذلك تنعكس الحالة الفاسدة على المطرب والفنان والممثل فهم يعيشون بدون مشاريع ثقافية و فنية وإنسانية ،  لذلك لا نلوم المطرب " صابر الرباعي " وغيره من الفنانين الذين  يعيشون ويعبثون في هذه التربة ، يرتعون بأموال ويبنون القصور ويركبون السيارات الفخمة ، يعيشون حياة منفصلة عن الهم العربي ، طبقات فنية تتمتع بكامل الهالة والأضواء والترهل ، يتنفسون بأخبارهم الحافلة بالثرثرة والاشاعات ، يخلقون اجيالاً تعيش في متاهات ، لأن حكوماتهم وانظمتهم توجههم لتفريغ القدرات ، واذا تجرأ أحدهم على الخروج من الدائرة يحاصرونه ، ويقومون بحشره في خانات النسيان ، هناك عقاب خفي لا نراه نحن ، بل يراه الفنان عبر تجاهله في كل وسائل الاعلام .  

نحن نعيش في زمن الطبول القارعة ، والميكروفونات الصاخبة ، ووسط الضجيج نفتشي عن أصوات تبكي وتنوح على وضعنا فلا نجد .

حكاية " صابر الرباعي " مع الضابط الإسرائيلي  حكاية عابرة ، في زمن يمجد الخنوع والاستسلام و " صابر الرباعي " جزء لا يتجزأ من هذا الخنوع ، ولا نطالبه بأكثر من ذلك لأنه لم ينشأ وفي داخله الحس القومي ، فالمطربين على دين ملوكهم .

قبل فترة قامت القيامة ضد المطرب الشعبي " سعد الصغير " صاحب اغنية بحبك يا حمار لأنه قاموا بالتقاط صورة مع امرأة يهودية ، دافع عن نفسه قائلاً : أنا لا أفهم في السياسة ولا أعرف شيء في السياسة .. جاءت امرأة في احدى الحفلات في القاهرة .. وقالت اريد أن أتصور معك والتقطت الصورة ، ولم أعرف أنها يهودية ، هل علي أن افتش في هوية كل من يقترب مني .

أنا لم أجد العيب في صاحب " بحبك يا حمار " وجدت العيب في الذي أدخل تلك المرأة اليهودية الى القاهرة .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف