الأخبار
نتنياهو يُوجّه رئيسي موساد وشاباك باستئناف مفاوضات تبادل الأسرى والتوجه للدوحة والقاهرةسيناتور أمريكي: المشاركون بمنع وصول المساعدات لغزة ينتهكون القانون الدوليالدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباس
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

المشهد الإنتخابي في الخريطة الجيوسياسية الفلسطينية بقلم: د. سامي محمد الأخرس

تاريخ النشر : 2016-08-26
المشهد الإنتخابي في الخريطة الجيوسياسية الفلسطينية بقلم: د. سامي محمد الأخرس
المشهد الانتخابي في الخريطة الجيوسياسية الفلسطينية
بادئ ذي بدء لا بد وأنّ نُقر أننا ظاهريًا أقرب للنموذجين البريطاني الذي يعتمد على الموروث التاريخي لثقافة الحزبين، وكذلك النموذج الأمريكي أيضًا الذي يعتمد على ثقافة الحزبين، وأبعد ممّا نكون عن النموذج الإسرائيلي الذي يمثل وعيًا مجتمعيًا، وثقافة مجتمعية ديمقراطية تمارس سلوك الوعي الانتخابي المتعدد، وتجسد مفاهيم تحقيق الرفاهية المجتمعية، وهي مرحلة متقدمة من ممارسة الوعي والسلوك الانتخابي التي نلمسها ونشاهدها كممارسة في المجتمعات الأكثر وعيًا، والأكثر حرصًا على تحقيق عدالة ورفاهية، واستدراك واع لمصالحها المجتمعية والوطنية دون التمترس في خندق واحد أو الحزب الواحد كعبادة وضرورة . وربما هذه الممارسة هي نتاج العديد من الظروف الموضوعية، وغير الموضوعية، وأيضًا ربما لتنوع الثقافات المشكلة والمكونة للفسيفساء المجتمعية الصهيونية، والتنوع الثقافي بسبب الهجرات الوافدة من أنمذجة أوروبية لها باع وتجارب طويلة وراسخة في الممارسة لديمقراطية، وإن بدأت بعض الملامح تختلف مع استجلاب موجات الفلاشا، واليهود الأفارقة والعرب القادمون من مجتمعات لم تسلك مسالك المفهوم الثقافي الذي يضاهي الغرب، وهنا بدأت ملامح الميل في الصوت الانتخابي تميل للأحزاب الدينية، بما أن كلّ القوى الدينية تؤثر في سلوك ومفاهيم الأقل وعيًا، والأكثر حرمانًا.
هذه النماذج الثلاث التي تم تناولها بلمحة سريعة هي لربط السلوك الثقافي الانتخابي مع السلوك الانتخابي العربي عامة الذي يخذ النمط الأبوي التقليدي في إتباع مفهوم الولاء للقبيلة والعشيرة، ويؤمن حسب التربية بالنمط الأوحد، رب واحد في كلّ وادٍ، أي النمط السيادي كتعبير عن علاقة السيد بمولاه، التبعي وهو نتاج ظروف منطقية فرضتها ثقفة التسيد، والتحكم بلقمة العيش، وبالوعي ولعمل...إلخ مما جعل لمواطن العربي يحتكم لأمعائه أكثر من إحتكامه لعقله في المسلك الثقافي الذي هيأت له كلّ الظروف ذلك، حتى إنه أصبح أكثر إيمانًا بالتواكل والقدرية للربانية حتى بسلطة الحزب ولقائد ولمسؤول، أي تأليه كلّ شيء يُسيطر. هذا هو لسلوك الذي يمكن من خلاله بناء جسور المشهد لانتخابي العربي عامة، والفلسطيني خاصة، حيث أنه يقر التبعية قبل قراءة أسماء من يخدموه أو يقدموا له الخدمة، وفروض الطاعة يقدمها مسبقًا دون وعي أأو قرءة في واقع مستقبله لأنه أصبح أسير مصالح شخصية مرتبطة بالحزب أو للشخص على حساب الوطن والمجتمع.
الصورة رغم ذلك ليست نمطية، وليست ميؤوس منها، ولكنها حقيقة قائمة تخضع للظرف الموضوعي للمواطن الذي يرى في العملية الانتخابية انتقام وثأر أكثر منها عملية تمثيلية ديمقراطية تعبر عن مصالحه المجتمعية، وهي الحقيقة الماثلة حتى بالطبقات التي تدعي الوعي والثقافة والعلم، كما هي الحقيقة في المشهد الجيوسياسي الفلسطيني، أيّ تحكم الجغرافيا الفاعل بالمشهد السياسي، كما هو النموذج لفلسطيني الحالي في الوطن المنقسم جغرفيًا في الضفة الغربية التي تتوعد السلطة الوطنية وحركة فتح، وفي غزة التي تتوعد حركة حماس وسلطتها، أيّ أن العملية ثأرية تبدلية.
قلما ترى وأنت تراقب حالة التفاعل مع الانتخابات المزمع اجرائها محليًا من يتحدث عن الوطن ومصلحة الوطن، ورفاهية المجتمع بل المشهد السائد عملية تنظير سياسية لقطبين كبيرين هما حماس وفتح، وتوعد كلّ منهما بالأخر، ومحاولة إثبات مدى شعبية كلّ حزب دون الإلتفات لأهداف هذه العملية الخدماتية المحضة، بل أنّ الأمر يدور في فلك التبادل الثأري بين كلّ طرف، فالخدمات هنا لا اعتبار لها في خلد المواطن بل درجة الانتقام من الآخر من تسيطر على خلد وذهن المتضررين من فتح أو من حماس، وسنبقى ندور في حلقات الثأر المتبادلة وفي النهاية تذمر من الحزب الحاكم وفساده وظلمه. وهنا يتضح مدى الوعي الذي يمكن لنا الإستناد عليه من حالة لاستقطاب والانتقام، وبناء مستقبل لأجيال متسامحة تبحث عن قضاياها الأساسية. فالذي يدور عملية انتخابية يغلفها الحقد الأعمى بين قوتين حماس وفتح، وعض أصابع ضحيتها الشعب في مزيد من المعاناة والألم والتظلم، دون البحث عن مخارج خدماتية توفقية تسامحية تكبح جماح هذا الانتقام، وهذا الحقد، وهذه الثقافة المرتبطة بالمصلحة الثأرية والذاتية.
من هنا بدأت العملية الانتخابية فعليًا على الأرض بحشد قوى كلّ طرف للثأر من الآخر، وبدأت تبحث عن مسار يمكن لها أنّ تفعل فيه الغل بصدور الموطن وتأليبه ضد الأخ، والصديق والجار، وانطلقت حركة حماس في غزة تؤكد إنها مستعدة لكلّ متغيرات الحالة الفلسطينية، أو ربما لعلمها المسبق بالمتغيرات والتوافقات التي تجري في كواليس السياسة الفلسطينية الثنائية، ولذلك طلت بقوة بحملتها تحت عنوان" كيف صارت" وهي حملة ليست عشوائية، وليست غبية كما يصورها البعض، أو يسخر منها البعض الآخر، رغم إنها تحمل في بعض شعاراتها استخفاف ولكن هذا الاستخفاف موجه، لأنه لا يخاطب بقعة جغرافية واحدة، ولا يقتصر على انتخابات محلية بلدية فحسب بل هي حملة تخاطب الكل الفلسطيني بل والعربي في شتى بقاع تواجده، بما أن المواطن يؤمن بما يرى في الشعارت أكثر مما يسمع، ويحاول خداع حواسه البصرية لتبرير بعض القناعات الداخلية في هويته الحزبية وانتماؤه للآخر، وعليه فإن حركة حماس بدأت حملتها بشكل منظم وهي تدرك حجم حظوظها في شطري الوطن، وتدرك طبيعة التحالفات والنتائج، والمتغيرات في ظلّ واقع مأزوم، وفي ظلّ حلة الإنقسام المتجذرة فإن إدراك حماس يأتى من دراسات منظمة لديها، وفق قواعد هيئاتها التنظيمية والدعوية، ومبادئها الفكرية في السلوك المجتمعي الفلسطيني.
وفي المقبل حركة فتح تبدو وكأنها فوجئت بالانتخابات رغم أن مطبخها السياسي المركزي ومجلسها الثوري هو صانع كلّ القرارات ورغم ذلك لم تبدو في حلة منظمة رغم اجتهادات بعض قادتها وعناصرها في محاولة طرح شعار للحملة أو للشكل الانتخابي باجتهادات شخصية، رغم ذلك لا زالت الحركة لا تدرك موقعها التفصيلي في الخريطة لانتخابية المستقبلية، وتخضع لمحاولة المرهنة على معانيات أهل قطاع غزة تحت حكم حماس، ولم تسأل نفسها ماذا عن الضفة الغربية؟ وماذا عن الشتات الفلسطيني؟ أيّ أنّ التكتيكات الفتحاوية مرحلية دون رؤى استرتيجية بعيدة المدى.
الحالة الفتحاوية تنطبق على اليسار لفلسطيني الذي تم الإعلان عن تحالفه فحتى راهن اللحظة هذا التحالف يشهد حرّاك تشاوري بين مكوناته واحتمالية هذا الحرّاك التفككية أكبر من احتمالية التوافقية لأنّ عنصره غير منسجمة ولا ترتبط ببرامج إستراتيجية أو رؤى للشكل والمضمون التحالفي، بل كلّ ما يشغله الخروج بمكاسب حزبية داخلية وعرض رزمة أسماء ومرشحين وتسلسل في القائمة فقط، وهناك بعض القرى والمناطق لم تلتزم بالصيغة التحالفية كما حدث في طوباس بتحالف الجبهة الشعبية مع حركة حماس مما يدلل على غموض أهداف التحالف وعدم وضوح رؤية منسجمة إستراتيجية، ورغم ذلك فهي خطوة متقدمة في المحاولة لخلق تيار ثالث يكبح جماح التفرد بين القوتين الأكبر حماس وفتح، وربما يكون لهذا التحالف درجة من التأثير في الوعي المجتمعي يؤدي لإنحرف العبودية الثنائية للحزبين الأكبر.
هذه القوى الرئيسية الثلاث التي إتضحت معالمها حتى راهن اللحظة في الخريطة الجيوسياسية الفلسطينية الانتخابية، وحالة كلّ قائمة من حيث الاستعداد والترقب والتهيئة، وقرءة الحالة الواقعية للمشهد لذي تتضح معالمه جيدًا رغم محاولات البعض التفائلية في انتظار نتائح عملية انتخابية تعتمد على الوعي المجتمعي، والحرص من المواطن على مصلحته وخدماته بعيدًا عن النغمة الثأرية التي جسدتها فتح وحماس في المجتمع الفلسطيني. رغم أنّ كلّ المؤشرات الإنتقامية واضحة للعيان وكلّ الملامح تؤكد على صورتها في ذهن المواطن، المتحزب وغير المتحزب فالأول يدرك أنّ معركته تسلطية مرتبطة بمصالحه الذاتية بفوز حزبه على حساب مجتمعه، ولا يدرك في وجدانه إلاَّ الثأر ولإنتقم من القوة التي إنتزعت سلطاته ونفوذه، وغير المتحزب الذي يبرر لنفسه بعدم وجود قوة ثالثة قادرة على تحقيق أهدافه وطموحاته دون العناء والبحث لأنه يعتمد على الشيء الجاهز.
من هذه القراءة يمكن تقديم صورة رقمية ايضاحية تقديرية للاجمالي العام لموازين لقوى المختلفة مع وضع العديد من الاعتبارات في قراءة هذه الصورة، أول هذه الاعتبارات إدرك الناخب الفلسطيني لطبيعة التجارب الانتخابية والسلوك الانتخابي الذي يعود بالنفع عليه، وهذا الاحتمال هو الذي يتم المراهنة عليه للمواطن غير المحزب، وغير المستفيد من المكاسب الحزبية المالكة لمصدر السلطة في شطري الوطن، الثاني الجهود والتوجيه، والفعل الذي يقوم به المثقف الوطني في توجيه بوصلة الناخب البسيط من خلال ترشيده سلوكيًا نحو مصالحه بعيدًا عن الديموغاجية والتشوهات الانحرافية لسلوكياته الحزبية.
أيّ أنّ الخريطة الرقمية للقوى المطروحة وفق كلّ ساحة جغرافية تؤكد أنّ المساحة السياسية في غزة ربما ترجح كفة القوة المسلوبة سلطاتها لأنها تريد الإنتقام والثأر ممن سلبها سلطاتها ونفوذها وتفردها السابق بالقرار والنفوذ، ممثلة بحركة فتح بما لا يقل عن نسبة 40%- 45%، مقابل صاحبة السلطة التي سيهب أبنائها وعناصرها لتأكيد نفوذهم وسلطتهم ومصالحهم بنسبة ما بين 35%- 40%، أما المترقبون للعب دور الوساطة والوسيط والمراهنين على وعي شعبنا وهما القوى الديمقراطية 10%-15%. أما في الضفة الغربية فربما يكون الوضع معاكس أو مختلف لوجود متغير في موازين الثأر والانتقام فإنّ كانت غزة تثأر من حماس فإنّ الضفة تثأر من فتح وعليه يقدر أنّ تكون كفة لميزان أرجع لحركة حماس بنسبة 40% وحركة فتح ما بين 30%-35% وللقوى الوسيطة بين الطرفين 20%. أي بالمآل النهائي يتوقع فوز حركة فتح بنسبة 45%، مقابل40% حماس، 15% القوى الديمقراطية والمستقلة.
أما التحالف الديمقراطي وهو قوى اليسار الفلسطيني فإن النجاح الفعلي له ليس نتائج الانتخابات البلدية بل هو نجاحه في تثبيت الحالة التحالفية المستقبلية والعمل ضمنها في تأكيد وترسيخ هذا النمط التحالفي ليستطيع التأكيد على أنّ هناك من يستطيع الوقوف بوجه أيّ قوة تحاول الاستفراد ولقهر لجموع شعبنا.
تبقى أنّ يدرك المواطن الفلسطيني كيفية التعبير عن سلوكه الانتخابي لصالح نفسه ومجتمعه، ولصالح الخروج من دوئر ومناطق التسلط والثأر والانتقام، وفرض سطوة الحزب الأوحد على مقدراته المجتمعية، ويقدم خارطة سياسية تفرض على الجميع حتمية المصالح الوطنية والإلتقاء نحو الوطن ومراقبة كلّ قوة للأخرى.
د. سامي محمد الأخرس
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف