الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

فلسفة القيادة بقلم:د. خالد محمود عبد اللطيف

تاريخ النشر : 2016-08-25
فلسفة القيادة بقلم:د. خالد محمود عبد اللطيف
المدير التنفيذى للأكاديمية الملكية للأمم المتحدة يتحدث عن فلسفة القيادة

بقلم الكاتب و المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد اللطيف
رئيس تحرير جريدة الأمة العربية ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
مما لا شك فيه أن كثيرٌ منا يعتقدُ أن القائد والمدير هو المسؤول الوحيد عن سير المؤسسة أو عن سير العمل، وأنه هو وحده مَن له ميزةُ اتخاذ القرار، وأنه لا يحتاج إلى مساعدين أو مستشارين، ولكن الواقع غير ذلك، فالقيادة والإدارة هي عملية اتخاذ القرارات فقط، ولا يشترط التفرد باتخاذ هذه القرارات، فمعظم القرارات الصحيحة لا يتم اتخاذها إلا من خلال معاونة آخرين حتى تتاح أمام متَّخِذ القرارِ الأساسي فرصةُ الاطلاع على آراء المعاونين والمستشارين.

فما هو المفهوم الصحيح للقيادة؟

وما هي الكيفية التي يمكن من خلالها صنع الشخصيات القيادية؟

• أكثر الناس للأسف ينظرون إلى الشخص القيادي بأنه مسؤول عن كلِّ شيء، وينظرون إليه على أن له مطلقَ الحرية في اتخاذِ كل القرارات ويفعل ما يريد، ويغيب عنهم فكرة أن القائد أصلاً من المفترض أن يتقن شيئًا اسمه فن التفويض، فاليوم إذا نظرنا إلى العالم الأوروبي لرأينا أن فكرة القيادة أساسًا مبدأ تفويض؛ أي إن معظم رؤساء الدول اليوم لا يتخذون القرارات إلا بعد الرجوع إلى مجلس الشيوخ، وإلى مجلس الوزراء، ومجلس الشورى، فنحن نحتاج إلى إعادة مفهوم فكرة القائد، وفكرةُ القائد ومفهوم صناعة القائد شيءٌ قديم جدًّا، وفي القرآن الكريم قال رب العالمين في سورة طه عن سيدنا موسى بالتحديد، بما أن سيدنا موسى كان في مصر وأيضًا سيدنا عيسى، فمصر بلد قادةٍ وأنبياء وعظماء، فقال الله تعالى: ﴿ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ﴾ [طه: 41]، وقال تعالى أيضًا: ﴿ وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾ [طه: 39]، ففكرة وجودِ هذا القائد هو بالفعل يُصنَع صناعة ويبنى بناءً، فمن هنا نحن انطلقنا بفكرة صناعة القائد.

وأكثر عمر مناسب لزرع الفكر القيادي والقدرة على اتخاذ القرار، يقول خبراء التربية والتنمية: إنه عمر الطفولة، فالطفل هو أكثر شخصٍ مناسب يمكننا غرسُ مبادئ القيادة واتخاذ القرار بداخله منذ الصغر، وهناك شيء آخر هو سبب فشلِ كثيرٍ من المؤسسات، وحتى الهيئات الدولية بشكل عام، هو فكرة أن القائد هو المتحكِّم الوحيد في كل شيء، فإذا مات القائد مثلاً انهار نظام المؤسسة كله، سواء كانت هذه المؤسسة جهة اجتماعية أو ثقافية أو دولة مثلاً، وللأسف إذا أصبحت كل المؤسسات تسير بهذا النظام، فنحن نحتاج إلى عشرات السنين بعد رحيل كل قائدٍ لإعادة بناءِ المنظَّمة مرة أخرى، وهذا رأيناه في كثير من الشركات المشهورة على مستوى العالم كله، بعدما تُوفِّي قائد هذه المؤسسة أو مالكها انهارت هذه المؤسسة.

و الشيء الذي تمارسه الدول الأوروبية الآن ودول الشرق الآسيوية - مثل اليابان والصين - والذي كان السبب في نهضتِها، هو العمل الجماعي ووجود قائد، وفكرة التخطيط الإستراتيجي، فمن المفترض أنه بكل مؤسسة وكل منظمة هناك شيءٌ اسمه خطة إستراتيجية، والخطة الإستراتيجية مقصودٌ بها تخطيط لمرحلة بعيدة المدى، فهناك تخطيط يومي، وتخطيط قصير المدى، وتخطيط طويل المدى، فالمؤسسة عندما يكون بها خطة إستراتيجية بعيدة المدى، هذا يعني أنه عندما يستقيل القائد أو يُتوفَّى - مثلاً - لا ينهار نظام المؤسسة، فما زالت القواعد والقوانين التي وضعها تسير وتُكمِل مع المؤسسة، مع القيادة الثانية التي كان يعمل القائد الأساسي على تدريبها.

والواقع أن فكرة صناعة القائد فكرة هامة جدًّا، ونحتاجها خاصة في ظروفنا التي نعيشها حاليًّا، ولكن في البداية علينا أن نُحدِّد أولاً أماكن صناعة القائد، يُصنع القائد في ثلاثة أماكن أساسية:
تبدأ في المنزل وفي الأسرة؛ فالأسرة هي أول مَن يبدأ تكوين الشخصية القيادية التي نبحث عنها، ثم بعد ذلك يأتي دَور المدرسة، ثم المجتمع والبيئة، فالبيئة أيضًا لها عَلاقة بصناعة القائد وتركيبة الشخصية القيادية.

والأسرة تُسهِم بشكل كبير في صناعة الشخصية القيادية، ففي البداية هناك أطفالٌ لهم شخصية قيادية بالفطرةِ، وهذا يقودُنا إلى سؤال مهم جدًّا: هل هناك سمات بارزة للأطفال، نعرف من خلالها أنهم قادة؟
بالطبع نعم، فمعرفة الشخصية القيادية أولاً يتم تحديدها من خلال سرعة البديهة، وحب المبادرة، ومساعدة الآخرين، والقدرة على اتخاذ القرار، والقدرة على إدارة الضغوط والأزمات والتصرف، واتخاذ القرار المناسب في اللحظة المناسبة، فكلها مهارات قيادية تدل على أن هذا الشخص مؤهَّل لكي يصير قائدًا بالفطرة، والبقية التي ليس لها هذه الناحية الفطرية، فالعلماء قسَّموا البشر إلى ثلاثة أنواع:
• النوع الأول هو 1 % من البشر، وهم قادة بالفطرة.

• والقسم الثاني هم 98 %، يكتسبون القيادة بعد ذلك، من خلال التدريب المحدد والبرامج المعينة التي يخضعون لها، وهم لديهم استعداد للقيادة.

• القسم الثالث 1 %، وهم مهما دربتهم ومهما علمتهم، لم ولن يكتسبوا مهارة القيادة أبدًا.

وإذا كان الطفل لا يمتلك أيَّ مواهب قيادية فطرية، يمكننا تنميته وإكسابه تلك المهارة من خلال تعليم الطفل تحمل المسؤولية، فاليوم في المنزل مهامُّ بسيطة تناسب عمر الطفل أو الطفلة، وتربي عنده شعور حب الإنجاز، وخاصة إذا أنجز المهمة وأعطيناه تعبيرات إيجابية أو تحفيزية، فإن هذا يولّد لديه ثقة بالنفس، فتحمُّل المسؤولية هي بداية تكوين الشخصية القيادية عند الطفل.

وليس هناك عمر مناسب يجبُ تحميل الأطفال المسؤولية عند وصولهم إليه، ولكن متى أعطتِ الأم توجيهًا لطفلها وفهم الطفل هذا التوجيه، فإنه منذ تلك اللحظة يصبح بإمكانه تحمُّل المسؤولية، ويمكننا غرس بدايات تحمل المسؤولية بداخله، ثم بعد أن يصبح في عمر الـ5 سنوات مثلاً نقوم بتكليفه بشراء متطلَّبات المنزل البسيطة من المحالِّ المجاورة للمنزل، ويكون تحت مراقبة الأم، وفي هذه الحالة، فإن الطفل ينشأ لديه حب مساعدة الآخرين وتحمل المسؤوليات.

أما بالنسبة للفتيات الصغيرات خاصة، فيمكن للأم أن تدرِّبَهن منذ الصغر على تحمل المسؤولية، من خلال تكليفهن بترتيب الغرف الخاصة بهن، والطلب منهن مساعدة الأم في المطبخ، وفي الأمور السهلة بالمنزل، فكل هذه الأشياء تساعد على تكوين الشخصية القيادية لدى الطفل من مبدأ تحمل المسؤولية، إلى جانب هذا، فيمكننا إخضاع الطفل إلى برامج معينة من شأنها أن تسهم في تطوير أدائه الذهني والعقلي، بالإضافة إلى البرامج التي تطوّر بناءه الجسمي وأداءه الرياضي، وبرامج أخرى تساهم في تطور أدائه الاجتماعي وتواصله مع الآخرين.

ويتم ذلك من خلال تدريب الطفل عبرَ مجموعةٍ من القصص للأشخاص الناجحين، نقوم بتوصيل قيمة معيَّنة إلى الطفل، هذه القيمة تساعده على كيفية التواصل مع أعضاء فريقه، وكيف يقبَلُ توزيع المهامِّ وبالتفويض، فكل هذا نقوم بتدريب الأبناء عليه من خلال قصة، ومن خلال ألعاب مرتبطة بتأصيل هذه القيمة التي نريدها، وبشكل عام القصص لها دورٌ كبير في تحديد شخصية الطفل وفي تربيته، من خلال اختيار القصص الصحيحة المناسبة لعمر الطفل، فليس بالضرورة أن تكون القصة مشوِّقة فقط، ولكن لا بد وأن يكون هناك مناقشات مع الطفل بعد القصة.

والتدريب على القيادة يحتاجه كل من الأطفال والشباب، وتحدَّثنا من قبلُ عن الأطفال، ولكن الشباب الآن يحتاجون إلى مَن يأخذ بأيديهم، وإلى مَن يساعدهم، وإلى مَن يدرّبهم على المهارات القيادية حتى يستطيعوا أن يأخذوا دورَهم الصحيح في المجتمع، وأن يمارسوا القيادة، فهناك كثير من الشباب لديهم الصفات القيادية، ولكنهم يحتاجون إلى مَن يكتشف تلك الصفات والقدرات وتوظيفها بشكل صحيح.

والقائد يحتاج إلى نوعية معيَّنة من الكتب لكي يقرؤها ويكتسب منها المهارات القيادية، فالمكتبة بها عددٌ كبير من الكتب المنوَّعة ما بين كتب اجتماعية، وكتب تعليم مهارات التواصل، وكتب سياسية، وكتب تاريخية، فنحن نُركِّز على إكساب الشاب القدوة القيادية التاريخية.
وتاريخ مشرِّف من القادة العظماء الذين أثّروا في التاريخ المصري والعربي؛ مثل الزعماء: مصطفى كامل، ومحمد نجيب، وغيرهم، كل هذه القامات أفتخر كثيرًا بانتمائهم للعرب، هذا بالنسبة للماضي، والآن في الحاضر هناك شخصيات قيادية معاصرة ومشرّفة أحبُّ أن يأخذ الشباب القدوة من هؤلاء؛ مثل مستشارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الدكتورة داليا مجاهد، وهي مصرية من مواليد السيدة زينب، والدكتور أحمد زويل أمير الكيمياء، وهو أيضًا كان مستشارًا للرئيس أوباما، وحتى في المجال الطبي، فهناك وردة سميت بعاصمة الورود باريس، وسميت بأوركيدا مجدي يعقوب، وحتى في المجال النووي الذي حل مشكلة التسرب النووي، كان البروفيسور الصفتي الذي كان مرشحًا لجائزة نوبل، فهناك حولنا كثير من الأشخاص من الممكن أن نتَّخِذهم قدوةً لنا، وهنا يأتي دور مدرِّب التنمية البشرية؛ ليساعد الشباب في التعرُّف على هذه النماذج المشرفة.
وأنا أعتبر أن من أنجح الأشخاص على مستوى العالم رئيس البرازيل "لولا دي سيلفا"، فهذا الرئيس قصته مؤثرة جدًّا، فكيف تحوَّل من ماسح أحذية وبائع خضروات، وليس لديه من المؤهلات إلا ما يعادل دبلوم الصنايع، فتحول إلى رئيس دولةٍ اقتصادُها سادس اقتصاد على مستوى العالم، فقصته مؤثرة جدًّا.

وتركيز كل جهودنا وتركيزنا على السياسة، فالحياة ليست كلها سياسة، ويجب علينا أن نبتعد كثيرًا عن الحياة السياسية، وعن الهموم السياسية، وننتبه إلى بلدنا وإلى علمنا، وأضرب لهم دائمًا مثالاً لشخصية مصرية رائعة، وهو الدكتور "علي مصطفى مشرفة"، العالم الجليل الذي صنف من أكبر القامات العلمية بمجال الذرة، فعندما كان يدرس بإنجلترا قامت الثورة في مصر، فهو كشاب مصري لديه العنفوان والوطنية والثورية أراد أن يعود إلى مصر ليشارك في الثورة، فقام بمراسلة محمود باشا النقراشي، فقال له إنه يريد أن يترك الدراسة ويعود إلى مصر، فجاءه الرد من النقراشي باشا "يا علي، ابق حيث أنت، فمصر تحتاجك عالمًا أكثر ما تحتاجك ثائرًا".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف