الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

محمد فوزى و المعاناه التاميميه بقلم:وجيه ندى

تاريخ النشر : 2016-08-25
محمد فوزى و المعاناه التاميميه بقلم:وجيه ندى
محمد فوزى والمعاناه التاميميه
وجيــه نــدى بحث و تنسيق فنى و حياة الفنان الشامل محمد فوزى و المعاناه التى عاشها خلال سنواته الاخيره فى حياته لتاميم شركته الفنيه - يوم 28 أغسطس 1918 ولد فوزى حبس عبدالعال الحو فى قرية كفر أبو حنجل بمدينة طنطا بمحافظة الغربية
وحصل محمد فوزى على شهادته الإبتدائية من مدرسة طنطا ا ، و كان قد تعلم فى ذلك الوقت أصول الموسيقى و قواعدها و كتابة النوتة الموسيقية على يد عسكرى المطافئ محمد الخربتلى، الذى كان يصحبه معه للغناء فى الموالد
عام 1938 وسافر محمد فوزى من طنطا إلى القاهرة وحده بعد أن رفض والده إتجاهه للفن ، واضطربت حياته لفترة ليضطر للعمل فى فرقة بديعة مصابنى ثم فرقة فاطمة رشدى، قبل أن يلتحق بالفرقة القومية "المسرح القومى حالياً ".وكان ان تزوج محمد فوزى من زوجته الأولى هداية، و التى أنجب منها ثلاثة أبناء نبيل (مهندس الكترونيات) و سمير(مهندس) ومنير طبيب و استمر زواجهما طوال مدة 9 سنوات ، و قد إنفصلا بعد زواجه من مديحة يسرى. ودخل محمد فوزى فى مجال السينما من خلال دور ثانوى فى فيلم "سيف الجلاد"، الذى رشحه له عميد المسرح العربى يوسف وهبى بعد أن رآه فى أحد عروض المسرح القومى و أعجب بموهبته عام 1945 كانت بداية التعارف بين محمد فوزى و مديحة يسرى أثناء مشاركتهما فى فيلمه الثانى "قبلة فى لبنان"، و الذى ظهر فيه فوزى فى دور ثانى وموسم 1946 قام بأول بطولة سينمائية له فى ثالث أفلامه "أصحاب السعادة" برفقة المطربة نور الهدى مع المخرج أحمد بدرخان. وقام بالتمثيل و الغناء فى موسم واحد 5 أفلام متتالية جعلته يجلس على عرش ملك أغانى السينما و الإستعراض جنباً إلى جنب فريد الأطرش
و موسم 1948 قدم محمد فوزى أول أغنية رمضانية فى السينما المصرية من خلال فيلم "بنت حظ"، حيث كانت الأغنية فى هذا الفيلم هى الأولى عن المسحراتى
كما قدم أول أغنية عن الحج فى السينما المصرية فى فيلم "حب وجنون" ، و كانت كلماتها "ياللى زرت البيت .. و من زمزم اتوضيت .. وعلى النبى صليت
وتألق محمد فوزي كمطرب وممثل سينمائي ومنتج للأفلام محبوب من الجميع ، تخرج من معهد الموسيقي العربية - قام محمد فوزي ببطولة أكثر من ثلاثين فيلما سينمائيا ،وكان أول فيلم هو "سيف الجلاد " ، وأول بطولة سينمائية كانت في فيلم "قبلة في لبنان" ،ومن أهم الأفلام التي قام ببطولتها بعد ذلك : " فاطمة وماريكا وراشيل – من أين لك هذا – الآنسة ماما –المجنونة – ورد الغرام - ثورة المدينة كما انتج العديد من الأفلام من بينها : "نهاية قصة" - " بابا عريس" . رصيده الغنائي حوالي 400 أغنية عاطفية واستعراضية ودينية من بينها : " شحات الغرام –ويلك ويلك - ليه عشم – عوام – مال القمر ماله …" ، كما قام بالتلحين لكبار المطربين والمطربات منها لحنه الشهير "أنا قلبي خالي " الذي غنته السيدة / ليلي مراد ،كما وضع النشيد القومي للجزائر ، و قام بتلحين الأغاني الفرانكو آراب مثل أغنية "يا مصطفي يا مصطفي – فطومه -علي بابا " كما لحن العديد من الأوبريتات من بينها : "سند ريلا – الساحر الصغير – الصباح رباح " . وكان محمد فوزي أول من غني للأطفال من كبار المطربين ، حيث قدم لهم أغنيتي "ذهب الليـل " و"ماما زمـانها جايـه " ولاقتا نجـاحـا ما يـزال أصداؤهما تتـردد حتـى الآن ...... أسس أول مصنع اسطوانات في الشرق الأوسط .
وبعد معاناه من سرطان العظام والإحساس بالقهر من تأميم مصنعه ( مصرفون) وتحويله الى شركة صوت القاهرة فى آخر ايامه اتجه الى الغناء الدينى وقدم احلى الأعمال- من أهم مطربى لأغنية المصرية الخفيفة إطلاقاً، و لعله أول من غنى لأعياد الميلاد و للأطفال، و لأول أغنية دون موسيقى مصاحبة ، و يرجح إنه المطرب الأخف دماً فى تاريخ السينما المصرية، أما حياته الشخصية فمن المحتمل أن تكون الأكثر إثارة لإهتمام أهل النميمة، و لكن محمد فوزى سيكون حتماً واحد من أهم الشخصيات المؤثرة فنياً فى العالم العربى، كمطرب و ملحن ، و ممثل، و منتج و إنسان أيضاً ولم يكن قدوم محمد فوزى من طنطا إلى القاهرة فى اواخر الثلاثينات أشبه بقدوم ريفى ساذج يحمل قدراً من الموهبة فى الغناء، متمنياً لفت الإنتباه و لو لفترة قصيرة من الوقت، فلقد كان فوزى مهموماً بأن يكون طيلة الوقت متورطاًَ فى "مشروع" فنى تتضح معالمه رودياً مع كل خظوة جديدة فى حياته، بداية من تطوير العديد من القوالب الغنائية التقليدية بالأغنية المصرية، و ذلك بطابع خاص و مختلف تماماً عن مشروعات عبد الوهاب ، و القصبجى الحثيثة فى هذا المجال، مروراً بتجربته السينمائية التى لا تزال هى الأنضج بين كل مطربى السينما حتى الآن، ثم تأسيسه لشركة الإنتاج السينمائى أسهمت فى خروج ثانى فيلم مصرى ملون إلى النور جعلت من مشروعه السينمائى مكتملاً فى خطوة لم يقدم عليها أبناء السينما المنتمون إليها لعقود عدة. ليتبقى أمام فوزى الحلم الأكبر الذى لازمه منذ بداياته الفنية الأولى ، و هو إنشاء مصنع اسطوانات مصرى فى واحدة من اهم الخطوات الاستقلالية لفنان مصرى خلال تلك الفترة كل ما كان ينتظره محمد فوزى هى اللحظة المناسبة لإطلاق مشروعه الكبير، تماماً مثل حبيب ينتظر التوقيت المناسب لإهداء محبوبته هديتها الذهبية، و كان له ما أراد عام 1958، بإلإقدام على تأسيس "مصرفون"، أول مصنع لإنتاج الاسطوانات فى الشرق الأوسط، و برأس مال مصرى، فيما اعتبر كسراً حاسماً لسوق أحتكرته الشركات الأجنبية بالكامل، و الذى كان قفزة نوعية ليس فقط على المستوى الفنى او التقنى، ولكن أيضاً على المستوى الإقتصادى، موفراً حجم كبير من العملة الصعبة كانت تدفع سنوياً لصالح الشركات الأجنبية، بل و محققاً لمعادلة صعبة كانت مستحيلة آنذاك و ذلك بإنتاج اسطوانة ثمنها 35 قرشاً غير قابلة للكسر، و تحمل أكثر من أغنية، و هو ما كان يعتبر ضربة موجعة للإسطوانات الأجنبية بثمنها الذى يصل إلى 90 قرشاً قابلة للكسر ، و لا تحمل سوى اغنية وحيدة و لعل محمد فوزى راهن بالكثير من أجل تثبيت هذا المشروع الطموح على قدميه خلال سنواته الأولى، مقرراً إعتزال التمثيل فى وقت مبكر حتى يتسنى له التفرغ تماماً لإدارة المشروع، على أمل التوسع فى إنتاج شركته التى كانت تحظى بسمعة ذهبية فى مصر و الشرق الأوسط، خاصة فى ظل تميزها بإنتاج أفضل ما انتجته فترة اواخر الخمسينات من حصاد غنائى برفقة أصوات مثل أم كلثوم و نجاة الصغيرة و محمد فوزى بطبيعة الحال.
إلا أن مشروع محمد فوزى الخاص كفنان و إقتصادى أيضاً كان بالحجم و التفرد الذى دفع الحكومة المصرية إلى تأميمه عام 1961، فى الوقت الذى تم فيه تعيين محمد فوزى مديراً للمصنع فقط براتب شهرى قدره 100 جنيه، لتجلس أحلامه كلها حلمه خلف مكتب ادارى، فى مبرر منطقى للأوجاع النفسية و الجسدية التى تفاقمت إلى مرض سرطان العظام الذى أمتص جسده إلى أن وصل وزنه إلى 35 كيلو جرام فقط، حتى يوم وفاته فى اكتوبر من عام 1966
وموسم 1951 أنتج محمد فوزى ثانى الأفلام المصرية الملونة "الحب فى خطر" الذى ظهر به جزء بالألوان و شاركته البطولة صباح و إسماعيل ياسين و من أخراج حلمى رفلة
كما أنتج فوزى فى هذه السنة ثانى أفلامه الملونة وهو فيلم "نهاية قصة" و قام ببطولته مع مديحة يسرى و إخراج صديقه حلمى رفله، فيما سعتبر إنه الفيلم الذى شهد ميلاد قصة الحب الشهيرة بين فوزى و مديحة يسرى و قدم أول أغنية لعيد الميلاد فى السينما المصرية فى فيلم "نهاية قصة" التى غناها لزوجته مديحة يسرى "يا نور جديد فى عيد سعيد .. ده عيد ميلادك أحلى عيد" وتزوج فى موسم 1952 زوجته الثانية الفنانة مديحة يسرى و هو الزواج الذى أستمر لتسع سنوات شهدت ميلاد طفلهما عمرو
وموسم 1954 أنتج محمد فوزى لأخته هدى سلطان فيلماً واحداً هو "فتوات الحسينية" و الذى شاركها البطولة زوجها فريد شوقى و أخرجه نيازى مصطفى عام 1956
قدم فى فيلم "معجزة السماء" أغنية "كلمنى طمنى" و التى قام بغنائها بدون فرقة موسيقية مكتفياً بصوت الكورال من خلفه ، و كانت هذه هى المرة الأولى التى يغنى فيها مطرب بدون فرقة موسيقية فى مصر - كما قدم أول أغنية للأطفال فى العالم العربى "ذهب الليل طلع الفجر" من تأليف الشاعر حسين السيد وموسم 1958 أسس محمد فوزى أول مصنع إسطوانات فى الشرق الأوسط برأس مال مصرى و أطلق عليه "مصرفون".
وموسم 1959 إنفصل محمد فوزى عن الفنانة مديحة يسرى، فى الوقت الذى استمرت فيه صداقتهما حتى يوم مماته وآخر أفلام الفنان محمد فوزى "ليلى بنت الشاطئ" و الذى شاركته البطولة ليلى فوزى مع المطربة فايزة أحمد و من إخراج حسين فوزى
وفى موسم 1961 قامت الحكومة المصرية بتأميم شركته "مصرفون"، ليتحول فوزى إلى مجرد مدير للمصنع بمرتب 100 جنيه شهرياً ، فيما أعتبر أيضاً إنها الضربة القاضية التى أمتدت اضرارها إلى حياته و صحته، فى رحلة ليست بالقصيرة من المرض
وفى موسم 1966 أخر ما بدأ محمد فوزى فى تلحينه هو لحن أغنية "صعبان على" التى كتبها المؤلف عبد الفتاح مصطفى ، لكنه توفى قبل أن يتمكن من أن ينهي اللحن و صباح يوم 20 أكتوبر1966 توفى الفنان محمد فوزى بعد أن إشتد عليه المرض، الذى كان من الصعب على الأطباء أن يكتشفوه و ظل يحمل إسمه "مرض محمد فوزى" ، إلى أن تم إكتشاف أنه سرطان العظام ومن أشهر أقوال محمد فوزى " إن الموت علينا حق .. فإذا لم نمت اليوم سنموت غداً .. و أحمد الله أننى مؤمن بربى فلا أخاف الموت الذى قد يريحنى من هذه الآلام التى أعانيها فإذا مت أموت قرير العين .. فقد أديت واجبى نحو بلدى و كنت أتمنى أن أؤدى الكثير .. و لكن إرادة الله فوق كل إرادة و الأعمار بيد الله .. لن يطيلها الطب .. ولكنى لجأت إلى الطب حتى لا أكون مقصراً فى حق نفسى و فى حق مستقبل أولادى .. تحياتى إلى كل إنسان أحبنى و رفع يده إلى السماء من أجلى .. تحياتى لكل طفل أسعدته ألحانى .. تحياتى لبلدى .. وأخيراً تحياتى لأولادى و أسرتى." هذه كانت آخر رسالة من محمد فوزى إلى جمهوره قبل وفاته و قد أرسلها فى منتصف شهر أكتوبر عام 1966. ومحمد فوزي لم يكتشف بليغ حمدي ولكنه كان سبب في تعارفه على ام كلثوم ، وكان لحن أنساك لزكريا أحمد ولم يتمه ولوفاته فأحتفظ بليغ حمدى بالمذهب وأكمل اللحن ، وحدث في بدايات القرن العشرين تحولان تقنيان، كان لهما أخطر الاثر في إحداث تحولات جذرية عميقة على مسار وتطور الموسيقا العربية المعاصرة. أولهما ظهور الاسطوانة في مطلع القرن. وقد ادى هذا التحول الى تغيرات كبرى، كان ابرزها اختفاء احد ابرز تقاليد مدرسة القرن التاسع عشر، وهو تقليد الوصلة الغنائية المطولة، على مقام واحد. اما التحول الثاني، فكان انحسار المسرح الغنائي، بعد ثورة سيد درويش المسرحية العارمة، وظهور السينما في اواخر العشرينات، التي سرعان ما تفرع منها فن السينما الغنائية مع بدايات نادره امين ومحمد عبدالوهاب، في عقد الثلاثينات بشكل خاص. لقد كان لهذا التحول مفاعيل كثيرة، أهمها ظهور الاغنية السينمائية. وليس صحيحا ان قصر المدى الزمني هو العنصر الاساسي بين مميزات الاغنية السينمائية، بل ان طبيعتها ولدت من رحم الاغنية المسرحية. خاصة ان التشابه كبير بين المسرح والسينما في اعتماد كليهما على قصة وسيناريو، موزعة على مواقف متعددة، متناقضة حينا، ومتكاملة حينا آخر.
وكان طبيعيا ان يكون الموسيقار والمطرب الكبير محمد عبد الوهاب رائدا في هذا المجال، كونه رائدا في مجال انتاج الافلام الغنائية، لكن هذا الفن الوليد سرعان ما اجتذب اليه، بعد النجاح الجماهيري الساحق الذي حققته افلامه الاولى،الورده البيضاء ودموع الحب مع نجاة على ومن ابرز هؤلاء العبقري محمد فوزي،وجلال حرب و ابراهيم حموده و سعد عبد الوهاب و كارم محمود وعبد الغنى السيد و عبد العزيز محمود وهناك عدة عوامل دفعت عبقرية محمد فوزي الى لعب دور ريادي مميز في مجال الاغنية السينمائية، وجعلها فنا قائما بذاته يعوض الى حد ما، وبطريقة ما، انحسار الاغنية المسرحية:
- لم يكن محمد فوزي من اخصائيي المطولات الكلاسيكية (مثل الجندول والكرنك ونهج البردة ورباعيات الخيام)، لكن نوعية مواهبه الفنية، ونوعية شخصيته، وميوله الخاصة، دفعته بشكل طبيعي نحو الاغنية المتوسطة والخفيفة، وهذه اقرب الى طبائع الأغنية المسرحية، من المطولات.- تميزت شخصية محمد فوزي الانسانية بخفة الظل التي دفعته بدورها الى تنويع مواضيع أغنياته والحانه بشكل طبيعي، كان يناسب من جهة شخصيته الخاصة، كما يناسب موضوعات افلامه المتنوعة بطبيعة الحال.
والذي يراجع افلام محمد فوزي الغنائية بجدها حافلة بأنماط شديدة التنوع من الغناء الرومانسي الساحر الى جانب ألوان الغناء الساخر والفكاهي. ان فيلم “الانسة ماما” الذي انتج في العام الاول من عقد الخمسينات، يجد فيه معظم هذه الالوان المختلفة والمتنوعة، وقد مارسها محمد فوزي كلها، بنسبة عالية جدا من الموهبة، التي تلامس حدود العبقرية أحيانا. يكفي ان نذكر اغنيتي صباح الخفيفتين (ما اعرفش، وهنا القاهرة)، وقد توج محمد فوزي جهوده اللحنية الكبيرة في هذا الفيلم، بمغناة “أبطال الغرام”، التي قدم فيها صورة كاريكاتورية في غاية الجمال والموهبة، لابطال الغرام الرومانسيين على مر التاريخ مثل: روميو وجولييت، انطونيو وكليوبترا، وقيس وليلى، في مشاهد تقترب فيها السينما كثيرا من المسرح في اخراج تلك المشاهد، كما في مادتها الموسيقية والغنائية. وقد ادت مشاركة اسماعيل ياسين في هذه المغناة بمحمد فوزي الى تحدي نفسه في المزاوجة المتفاعلة بين المواقف الرومانسية والمواقف الساخرة، على درجة من التفوق والموهبة، قلما كان هناك في الموسيقا العربية من يجاري محمد فوزي فيها. كذلك، امتلأت افلام محمد فوزي بفن الثنائيات الغنائية ذات الصفات المسرحية الخالصة، وهي حتما تتميز عن تبادل مطرب ومطربة في هذه الايام، على اداء مقاطع متناوبة من اغنية عادية ليست ملحنة اصلا للحوار الغنائي الثنائي.
ان حصيلة ما انجزه العبقري محمد فوزي في افلامه السينمائية الغنائية التي تجاوزت الاربعين حتما، لم يكن فقط اسهاما مميزا في نمط الاغنيات السينمائية التي تنوعت اغراضها واساليبها حتى اصبحت امتدادا طبيعيا للاغنية المسرحية، لكنها ايضا مدعاة لطرح سؤال افتراضي هام هو: ماذا كان يمكن ان يصدر عن عبقرية محمد فوزي، لو انه لم يكتف فقط بالسينما، بل ذهب مباشرة للمسرح الغنائي؟ من المؤكد ان فن المسرح الغنائي كان سيضغط على ينابيع اخرى للعبقرية في شخصية محمد فوزي الفنية،
ولد محمد فوزي عبد العال الحو في كفر ابو حنجل بمدينة طنطا في عام 1918 كان والده مزارعا ميسور الحال من أعيان بلدة والتي تبعد عن مدينة طنطا بحوالي عشرة كيلومترات.. وكان محمد فوزي الابن الحادي والعشرين في قائمة والده الذي تزوج ثلاث نساء، ولكنه الابن الأكبر لأمه وهي الزوجة الثالثة، أما أخواته وأخوته الأشقاء فهم: حورية، وبهيجة التي اشتهرت باسم هدى سلطان، وزوز التي اشتهرت باسم هند علام، واصغر الأشقاء احمد.. وكان فوزي وأشقاؤه يقيمون في طنطا حيث ولدوا.. أما بقية أخواته وأخوته فكانوا يقيمون مع أمهاتهم في قرية كفر أبو جندي.. ويقول الكثيرون من أبناء كفر أبو جندي أن محمد فوزي وشقيقتيه هدى سلطان وهند علام وهي أسماء فنية قد ورثوا حلاوة الصوت من والدهم الذي كان يحفظ القرآن جيدا ويقرأه ويرتله في مناسبات القرية وفي جلساته مع أصدقائه من دون مقابل. وكانت علامات حلاوة الصوت تظهر على الطفل محمد فوزي واشتهر بين أقرانه بحب الغناء، وكان يدعى للترفيه عن زملائه في المدرسة فيغني لهم أغاني عبد الوهاب وأم كلثوم. إن موهبة محمد فوزي في الغناء تأكدت وهو في الثانية عشرة من عمره وفي يوم الجمعة من كل أسبوع كنا نتردد معا على حديقة المنتزه في طنطا لنستمع إلى فرقة موسيقا الملجأ العباسي التي كانت تعزف في كشك الموسيقا ويتطوع بالغناء وينتزع التصفيق والإعجاب من الحاضرين.. وكانت من احب الأغاني في تلك الأيام أغنيات كلنا نحب القمر و حسدوني وباين في عنيهم و يا جارة الوادي لعبد الوهاب، و ياما أمر الفراق و اللي حبك يا هناه لأم كلثوم. ومن حديقة المنتزه خرجت شهرة المطرب الصغير وصار له جمهور من المعجبين والمعجبات فدفع ذلك بعض المتعهدين إلى دعوته للغناء في الحفلات والأفراح والموالد خاصة مولد العارف بالله السيد أحمد البدوي الذي اشتهر بلقب شيخ العرب.. ومن طريف ما يذكر انه غنى ذات مرة في أحد الأفراح أغنية محمد عبد الوهاب أيها الراقدون تحت التراب . فتشاءم أصحاب الفرح وطردوه وكادوا يفتكون به. وقد دفع نجاح محمد فوزي أحد المتعهدين في طنطا واسمه عبد الحميد الصغير ليستغله فكان يقيم له حفلات عامة يجني من ورائها الأرباح من دون أن يسأل المطرب الصغير أجره.. فقد كان كل همه أن يغني ويسمع الناس صوته فقط.
وذات يوم نصحه أستاذ التاريخ والجغرافيا بأن يهذب موهبته على أساس علمي.. وسأله محمد فوزي عن الطريق الذي يتعلم فيه الموسيقا فأشار عليه بأن يستعين بعسكري في فرقة موسيقا المطافئ في طنطا اسمه محمد الجريتلي فتعلم على يديه العزف على العود وأصول الغناء
وجاوزت شهرته حدود الإقليم ليغني في القرى والبلاد المجاورة في الأفراح والمولد خصوصا مولد السيد احمد البدوي بالمجان ويظل خارج البيت حتى الصباح مما جعله يتخلف عن الدراسة من اجل أن يشبع هوايته الفنية. وانتهى فوزي من الدراسة الابتدائية ودخل المدرسة الثانوية في طنطا، وقوبل من تلاميذها بترحاب كبير، فقد كانت شهرته كمطرب قد سبقته في اليوم الأول لبدء الدراسة، وقرر التلميذ محمد فوزي أن يقدم شيئا جديدا للمرحلة التعليمية الجديدة ففاجأ زملاءه ذات يوم وقد أمسك بقصيدة من قصائد الشعر المقررة وراح يلحنها وقوبلت هذه المحاولة من زملائه الطلبة بإعجاب وتصفيق.
وفي هذه الأثناء جاء إلى طنطا ضابط الإيقاع الكبير في ذلك الوقت مصطفى العقاد ومعه بعض أفراد فرقته، فسعى محمد فوزي للقاء العقاد والتعرف إليه ودعاهم للاستماع إليه، فأعجبوا به ورأوا في صوته خامة صالحة للغناء، وكان العقاد وقتها عضوا في معهد فؤاد للموسيقا العربية فشجعه على السفر إلى القاهرة للالتحاق بالمعهد
جاء محمد فوزي إلى القاهرة قبل الموعد المحدد لبدء الموسم الدراسي بالمعهد ليلتقي بضابط الإيقاع مصطفى العقاد عضو مجلس إدارة المعهد ليحقق أمله بالالتحاق في المعهد كما وعده بذلك حين التقى به في طنطا.. وعندما ذهب إليه في المعهد كان يعتقد انه سيلحقه به بدون امتحان على اعتبار انه استمع إليه وأبدى إعجابه بصوته.
وادى محمد فوزي الامتحان أمام لجنة برئاسة مصطفى بك رضا رئيس المعهد وعضوية كل من الدكتور محمود احمد الحفني وإبراهيم شفيق وصفرعلي وإبراهيم حجاج.. وغنى أمامهم أغنيتي “كلنا نحب القمر” لمحمد عبد الوهاب “وياما أمر الفراق” لأم كلثوم، واجتاز الامتحان بصعوبة لان مصطفى رضا وإبراهيم شفيق من أنصار القديم وطلبا منه أن يغني شيئا من أغاني التراث..وأغاني صالح عبد الحي
. ومر الامتحان بسلام بين الغضب والضحك.. وأصبح محمد فوزي طالبا بالمعهد.
وبدأت رحلة جديدة بالقاهرة مليئة بالحرمان.. وكانت أمه ترسل له جنيها في الشهر، كان لا يكفيه مسكنه الذي كان عبارة عن غرفة بها مرتبة على الأرض فقط.. وقد دفعه الفقر إلى أن يتفق مع صاحب محل حلواني مواجه للمنزل الذي يقيم فيه بأن يتناول الوجبات الثلاث يوميا لبن وكنافة فقط على أن يسدد ثمنها في آخر الشهر.
فجأة ابتسم الحظ ذات يوم عندما فوجئ ببديعة مصابني تستدعيه للعمل في فرقتها بعد أن رشحه لها أساتذته في المعهد ووقعت له عقدا فانفرجت أزمته وبدأ يسدد ديونه ويتطلع إلى مستقبل كبير في دنيا الفن.. وفي كواليس فرقة بديعة مصابني نشأت قصة حب بينه وبين إحدى راقصات الفرقة واسمها “لولا”.. وكانت لوائح فرقة بديعة تمنع قيام أي علاقة حب بين فناني وفنانات الفرقة لأنها كانت تعتقد أن تلك العلاقات تجعل كل محب يغار على محبوبته من المعجبين مما يؤثر على سير العمل.. وعندما اكتشفت بديعة مصابني العلاقة الغرامية التي بين محمد فوزي والراقصة “لولا” فصلتها لتبعدها عن طريق المطرب الجديد، ولما علم محمد فوزي بذلك ذهب إلى بديعة معاتبا إياها على فصلها محبوبته فقالت له: إنه يجب أن يكون سعيدا لأنه لم يفصل هو الآخر فقدم استقالته من الفرقة تضامنا مع محبوبته “لولا” مضحيا براتبه الكبير الذي أنقذه من حياة الفقر. وبعد تركه فرقة بديعة مصابني قضى شهرا بدون عمل هو و”لولا” ثم اتفق على تكوين فرقة استعراضية غنائية تطوف أنحاء الوجهين البحري والقبلي.. وفعلا قام مع فرقته الجديدة بهذه الرحلة وامتلأ جيبه بالنقود.. وعاد إلى القاهرة ليجد في انتظاره عروضا كثيرة من فرق استعراضية فقبل العمل مع فرقة فاطمة رشدي التي أدخلت إليها الاسكتشات الغنائية كوسيلة لجذب الجماهير واكتشفت فيه فاطمة رشدي موهبة التلحين فطلبت منه أن يضع لها بعض الألحان المسرحية والاسكتشات التي تقدمها على المسرح فكانت فاطمة رشدي أول من أكسبه الثقة في نفسه كملحن، ونشأت بينهما قصة حب سرعان ما انتهت. توالت نجاحات محمد فوزي فلفت إليه الأنظار مما دفع الفنان الكبير يوسف وهبي إلى اختياره للمشاركة في فيلم “سيف الجلاد” كمطرب وممثل في عام 1944، وقبل عمل محمد فوزي في هذا الفيلم أراد أن يسدل الستار على مغامراته العاطفية فتزوج من السيدة “هداية” بنت بلدته وقريته فى طنطا و انتقل إلى مسكنه الجديد في حي السكاكيني بالقاهرة في عام 1943، و التي أنجبت منه ثلاثة أبناء هم: المهندس سمير ومنير والدكتور نبيل. واستمر زواج محمد فوزي وهداية ست سنوات ودخل مرحلة الأضواء في تلك الفترة وجذبته السينما بعد إثبات وجوده في فيلم “سيف الجلاد” كمطرب له حضور متميز.. وكان كل أصحابه يقولون له: “هداية وشها حلو عليك يا محمد”. وبعد عرض فيلم “سيف الجلاد” اختاره المخرج الكبير احمد بدرخان للقيام ببطولة فيلم “قبلة في لبنان” وشاركته البطولة الفنانة مديحة يسري وأنور وجدي وسليمان نجيب وفردوس محمد وكان هذا ثاني أفلامه.. وكان أيضا الشرارة العاطفية التي بدأت بينه وبين مديحة يسري دون أن يظهر أي منهما عاطفة نحو الآخر لأن مديحة يسري كانت متزوجة من احمد سالم ومحمد فوزي متزوجا من السيدة “هداية”.. ثم التقيا مره أخرى عام 1949 في فيلم “فاطمة وماريكا وراشيل” إخراج حلمي رفلة، ثم توفي الفنان احمد سالم، بعد ذلك التقت مديحة يسري مع محمد فوزي في فيلم “آه من الرجالة”، وفي أوائل 1951 التقيا للمرة الرابعة في فيلم “نهاية قصة” الذي أنتجه محمد فوزي في نفس الوقت الذي كان ينتج فيه فيلم “الحب فى خطر” مع صباح وقدما لأول مرة بالألوان ومن إخراج حلمي رفله، ليتزوج بعد ذلك من مديحة يسري حيث استمرت هذه الزيجة، من أبريل 1951، وانفصلا في نوفمبر 1958. وبعد نجاح محمد فوزي في فيلم “قبلة في لبنان” سنة 1945 وتألقه في فيلم “أصحاب السعادة” سنة 1946 الذي نقله إلى البطولة المطلقة.. قرر أن يتحول إلى منتج سينمائي فأنتج أول أفلامه “العقل في إجازة” سنة 1947 الذي اكتشف فيه الموهبة الشابة “فاطمة شاكر” التي أطلق عليها اسمها الفني “شادية”.. وكان نجاح هذا الفيلم نقطة تحول في حياته الفنية واستطاع في خلال عشر سنوات أن يصبح ألمع نجوم السينما الشبان والمطرب البارز على شاشة السينما المصرية ووصل رصيده من النجاح حتى سنة 1959 الى 36 فيلما آخرها “ليلى بنت الشاطئ” وقاسمه البطولة ليلى فوزي والمطربة فايزة احمد وهو إنتاج وإخراج حسين فوزي. أما الزواج الثالث في حياة محمد فوزي فكان في عام 1959 وكانت الزوجة هي السيدة كريمة الملقبة “بفاتنة المعادي” التي قدمها المخرج عاطف سالم في فيلم “وحش البحر” سارت الحياة طبيعية لمدة عامين بعد زواج محمد فوزي من كريمة.. لكن شاءت الظروف أن تصدر في عام 1961 قوانين التأميم وشمل التأميم مصنع الاسطوانات والفيلا التي كان يسكن فيها بالهرم وبها استوديو للتسجيلات.. وتلقى فوزي خبر التأميم وهو جالس في مكتبه باستوديو التسجيل بالعتبة ولم يهتز ولم يغضب بل قال للشخص الذي جاء يتسلم الشركة: أهلا وسهلا دي حاجات في مصلحة الجميع.
وبعد يومين ذهب محمد فوزي إلى مقر الشركة في العتبة بناء على دعوة مدير الشركة الجديد.. ودخل إلى المدير الذي كان يجلس على المكتب الذي كان يجلس عليه فوزي قبل التأميم.. وقال له المدير الجديد “أنا أصدرت أمرا بتعيينك مستشارا فنيا للشركة”.. واستدعى السكرتير وأمر بأن يقود محمد فوزي إلى المكتب المخصص له، وهو عبارة عن حجرة صغيرة كانت تستخدم في عمل الشاي قبل ذلك.. واكتفى محمد فوزي بأن ينسحب معتذرا عن قبول هذه الوظيفة لكن الأمر ترك في نفسه تأثيرا شديد القسوة. وبعد عامين من زواجه بفاتنة المعادي وبعد ما حدث له من تأميم مصنعه وشركته اشتدت الآلام على فوزي ونصحه الأطباء بالذهاب إلى لندن.. لكن العلاج الإنجليزي الكلاسيكي فشل معه.. ثم سافر إلى أمريكا حيث كان العلاج اكثر جرأة لان المرض كان خطيرا وهو “سرطان في النخاع” ولم يفلح العلاج أيضا معه هذه المرة.. ثم عاد مرة أخرى إلى لندن ليموت هناك بعد شهرين وكان ذلك 21 اكتوبر 1966.رحمه الله واسكنه فسيح جناته بحث و تحرير فنى وجيــه نــدى
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف