الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء..بقلم:محمد الحنفي

تاريخ النشر : 2016-08-23
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء..بقلم:محمد الحنفي
إذا لم يستحي الانتهازي، فليفعل ما يشاء...
محمد الحنفي

    1) قديما قالوا "الحياء من الإيمان" و نحن نقول "الحياء احترام لكرامة الإنسان". لأن الإيمان، و احترام كرامة الإنسان متطابقان، و الإنسان لا تقوم له قائمة إلا  باحترام الآخر، بقطع النظر عن لونه أو سنه أو جنسه أو مستواه المعرفي، أو عرقه، أو لغته. لأن الإنسان إنسان كيفما كان، و أينما كان، و احترام الآخر على أسس موضوعية، هو الذي يكسب الإنسان  إنسانيته، و تلك الإنسانية هي العصب الذي يربط بين الناس جميعا و تشكل منهم وحدة متكاملة على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية.

    2) غير أننا نصاب بالهول العظيم و الدهشة المباغتة عندما نجد أناسا يدعون أنهم يعملون على احترام حقوق الإنسان الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، و مع ذلك يقومون، و دون حياء، بأمور لا علاقة لها بما يدعون فيصدق عليهم المثل القائل : " إذا لم تستحي فافعل  ما شئت". و هذا النوع من المدعين للنضال، يغطون عن أفعالهم المشينة بادعاء النضال من اجل تحسين الأوضاع المادية و المعنوية. و ينطلقون من ممارسة الاستبداد المكشوف على الجماهير الشعبية الكادحة التي يتعاملون معها على أنها غبية،  و غير معروفة من لدن المدعين للنضال المتنوع  الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي. و هم في ذلك إنما ينتهزون الفرص، و يعملون على تحقيق ما يمكن من التطلعات الطبقية. لأن هذه التطلعات أو تلك هي محرك الممارسة الانتهازية  التي لا تتوقف أبدا، حتى و أن صار الانتهازي من كبار البورجوازيين.

    3) و من سمات الانتهازي، حرص الانتهازي على انتهاز الفرصة ما أمكن، حتى تحقيق التطلعات و ما فوق التطلعات المنشودة. فالمعلم الانتهازي يستغل نفوذه على التلاميذ ليمارس عليهم الابتزاز. و الإداري يمارس الابتزاز على أصحاب الحاجات الإدارية، و رجل السلطة ينتهز الفرص باستغلال نفوذه من اجل ممارسة الابتزاز على المواطنين لتحقيق تطلعاته الطبقية مما يؤدي بالضرورة إلى نشر الفساد الإداري،  و الطبيب يبتز المرضى في القطاعين العام و الخاص. و المحامي يبتز موكليه، و القاضي  يبتز المتقاضين، و هكذا إلى أن يصير الابتزاز السائد في الواقع و متخللا لجميع مناحي الحياة بسبب  ممارسة الانتهازيين.

    فانتهاز الفرص المواتية يصير هاجسا يوميا في سلوكك الخاص و العام على السواء بسبب ما يؤدي إليه ذلك إلى تحقيق التطلعات الطبقية، و كل من لا يمارس الانتهازية لا يمكن أن يكون إلا مغفلا في مجتمع محكوم بممارسة الانتهازية التي تقف وراء تراجع القيم النبيلة و المتقدمة في المجتمع المغربي.

    4) و من سمات الانتهازي أيضا إظهار خلاف ما يخفي قبل الإقدام على الممارسة الانتهازية. لأن أهم ما يهتم به الانتهازي هو حرصه على ثقة الناس  به و عمله على ادعاء النضال و الإخلاص فيه في الإطارات النقابية و الجمعوية، و الحقوقية، و الحزبية حتى يصير موثوقا به، و حينها يمارس انتهازيته بشكل مفضوح متقمصا منطق التبرير حتى يتأتى إقناع المعنيين بادعاء النضال بالشروط التي تجعله يعمل بخلاف ما يدعي.

    و ممارسة كهذه لا تحضر فيها مصلحة الجماهير الشعبية الكادحة، لا يمكن أن تخدم العمل النقابي، و لا العمل الجمعوي، و لا العمل الحزبي، و لا العمل المهني، و لا أي  شيء آخر بقدر ما يخدم المصلحة الانتهازية المتمثلة في تحقيق  التطلعات الطبقية.

    و الانتهازي عندما يدعي خلاف ما يمارس إنما يقوم بممارسة التضليل المادي و المعنوي على الجماهير الشعبية الكادحة المعنية بالادعاء مما يؤدي بالضرورة إلى تكريس التخلف على جميع المستويات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية. كما يجعل الجماهير الشعبية الكادحة، معنية بفقدان الثقة بالإطارات النقابية و الجمعوية و الحقوقية و الحزبية التي يقودها الانتهازيون، مما يجعل الحركة النقابية و الحركة الحقوقية و الحركة الجمعوية، و الحركة الحزبية فاقدة للامتداد الجماهيري الواسع.

    5) و الانتهازيون يستغلون غياب الوعي عند الجماهير الشعبية الكادحة، و عند الطبقة العاملة و سائر أفراد الشغيلة بالخصوص لتمرير ممارستهم الانتهازية التي تتحول إلى "ممارسات نضالية" بفعل التضليل  الذي يمارسه هؤلاء الانتهازيون.

    و قد كان في إمكان هؤلاء الانتهازيين القيام بإيصال الوعي الطبقي الحقيقي إلى سائر الكادحين، إلا انهم لم يفعلوا ذلك و لن يفعلوه، لأنهم يدركون جيدا أنه يتناقض مع انتهازيتهم، و أن هذه الانتهازية لا يمكن أن تتعايش مع انتشار الوعي  الطبقي الحقيقي  الذي يقف سدا منيعا أمام العمل على تحقيق التطلعات الطبقية.

و الانتهازيون عندما يدعون قيادتهم النضال الطبقي الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي، و يظهرون و كأنهم يعملون على بناء جسور قوية يمكن أن يمروا منها إلى الضفة البورجوازية الإقطاعية المتخلفة التي يحتمون بها و يعملون على هدم كافة الجسور التي تربطهم بالطبقة العاملة و بسائر الكادحين حتى لا يكون هناك ما يدعو إلى قيام ارتباط عضوي مع الكادحين، و تصير علاقة الكادحين مع الانتهازيين علاقة تناقض طبقي حقيقي بعد أن يحقق الانتهازية عن طريق النضال النقابي و النضال الحزبي و النضال الحقوقي و النضال الاجتماعي و الثقافي و السياسي تطلعاتهم الطبقية، و ينكشف أمر انتهازيتهم أمام الطبقة العاملة و أمام سائر الكادحين، و الأمثلة كثيرة في هذا المجال و ما حصل خلال التسعينيات من القرن العشرين، و في بداية القرن الواحد و العشرين خير دليل على ذلك.

    6) و نظرا لهمجية الممارسة الانتهازية فإن التطلعات الطبقية يمر عبر دوس كرامة الكادحين و كرامة الإنسان في نفس الوقت. لأن الإنسانية في عرف الانتهازيين، و في ممارستهم اليومية غير واردة. و لذلك نجد أنهم لا يطالبون ب :

    أ- تحقيق المطالب الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية، إلا بالقدر الذي يمكن من تحقيق بناء الجسور الوطيدة مع الطبقة الحاكمة التي تقوم بتقديم المزيد من الامتيازات للانتهازيين نظرا لدورهم في تضليل الكادحين.

    ب- تحقيق الديمقراطية بمضمونها الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي سعيا إلى تحقيق الحرية و الديمقراطية  و العدالة الاجتماعية. لأن تحقيق الديمقراطية، و بذلك المضمون يتناقض مع سعي الانتهازيين إلى ممارسة الطبقية التي  تمكن من التمتع بالامتيازات التي تساعدهم على التموقع إلى جانب التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

    ج- احترام حقوق الإنسان كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. و العمل على اجرأتها من خلال الدستور، و من خلال القوانين المحلية و الوطنية، و من خلال أنظمة مختلف الهيئات المحلية و الوطنية حتى تصير حقوق الإنسان قائمة في الواقع  الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي، و المدني، و السياسي. لأن  احترام حقوق الإنسان يتعارض تعارضا مطلقا  مع اللجوء إلى الممارسة الانتهازية و يشكل  عرقلة أمام تحقيق التطلعات الطبقية.

    د- إجراء انتخابات حرة و نزيهة انطلاقا من قوانين تضمن تلك النزاهة، و تعمل على إفراز ممثلين معبرين فعلا عن احترام إرادة الشعب المغربي، و انتخابات من هذا النوع لا ترضي الانتهازيين، و لا تسمح لهم بممارسة العمالة الطبقية التي تمكنهم من القبول بتزوير إرادة الشعب المغربي من اجل الوصول إلى المؤسسات المنتخبة باعتبارها  مطية لتحقيق التطلعات الطبقية.

    ه- إيجاد حكومة منبثقة عن صناديق الاقتراع حتى تكون مسؤولة أمام ممثلي الشعب الحقيقيين الذين يقومون بمحاسبتها انطلاقا من البرنامج المعتمد و المصادق عليه في المؤسسة  البرلمانية. لأن حكومة كهذه، لا يمكن أن تقبل  أبدا بالممارسة الانتهازية مهما كان مصدرها حتى لا تخضع للمحاسبة العسيرة، و من اجل أن يستمر الانتهازيون في البحث عن الفرص التي تمكنهم من تحقيق تطلعاتهم الطبقية.

    و انطلاقا من رصدنا للممارسات الانتهازية التي يحرص الانتهازيون على القيام بها، و عن سبق إصرار و ترصد، فإننا نخلص إلى ما ابتدأنا به هذه المقالة من أن الانتهازيين ليست لديهم ذرة واحدة من الحياء، لأنهم لا إيمان لهم بمصالحهم الطبقية التي يعملون على تحقيقها بطريقة انتهازية. و لذلك فهم يفعلون ما يشاءون :

أ‌- بالعلاقات الاجتماعية التي تصير في خدمة انتهازيتهم.

ب- بالعلاقات المهنية التي يوظفونها لتحقيق التطلعات الطبقية.

ج- بالمنظمات النقابية التي يحولونها إلى مجال للممارسات الانتهازية في العلاقة  مع الشغيلة، و في العلاقة مع الإدارة في القطاعين العام و الخاص.

د- بالجمعيات الثقافية التي يوظفونها كمجال للممارسة الانتهازية.

ه-  بالجمعيات الحقوقية التي تصير وسيلة لممارسة الابتزاز على الجهات المنتهكة لحقوق الإنسان الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و المدنية، و السياسية على حساب ضحايا الخروقات المختلفة.

و- بالأحزاب السياسية التي تصير مجرد مطية للوصول إلى تحقيق التطلعات الطبقية عن طريق الوصول إلى المؤسسات المنتخبة.

فهل يمكن نسج وعي متقدم للحد من تأثير الانتهازية على الواقع ؟


ابن جرير في 10/09/2005 محمد الحنفي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف