الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

كتاب ( فلسفة الثورة ) للرئيس جمال عبد الناصر بقلم ا.د.ابراهيم خليل العلاف

تاريخ النشر : 2016-08-21
كتاب ( فلسفة الثورة  ) للرئيس جمال عبد الناصر بقلم ا.د.ابراهيم خليل العلاف
كتاب ( فلسفة الثورة ) للرئيس جمال عبد الناصر
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل

منذ صدوره في الخمسينات من القرن الماضي، قرأت الكتاب الذي ألفه الرئيس جمال عبد الناصر قائد ثورة 23 يوليو –تموز 1952 في مصر التي أسقطت النظام الملكي الممتدة جذوره الى محمد علي باشا والي مصر 1805-1848 بعنوان :" فلسفة الثورة " ، وهو كتاب صغير الحجم لكنه عميق المضمون ؛ ففيه يرسم عبد الناصر ، وهو الضابط الثوري الذي خاض حرب فلسطين سنة 1948 ، صورة لما كان يتمناه لبلده .كان يرى ان الخلاص من الاستعمار يبدأ في بلده ، وكان يرى ان لمصر موقعا ستراتيجيا في الوطن العربي ، وفي افريقيا ، وفي العالم الاسلامي وان عليها ان تمارس دورها النهضوي القائد في هذه المناطق .
أمس وأنا اراجع ما في جعبة مكتبتي الشخصية من كتب وقعت يدي ثانية على الكتاب ، فقرأته ، ووجدتُ فيه بعد مضي نصف قرن، وبعد ان ترجل الفارس ورحل وبعد ان فقدت مصر بل قل أفقدها حكامها بعده هذا الدور ، وانكفأوا يعالجون مشاكلهم وصراعاتهم بدل ان يتصدوا لمشاكل مصر ودورها بشجاعة عبد الناصر وشمولية وعمق ونظافة وصدق نظرته ، والاهم من كل ذلك بكبرياءه وأنفته وادراكه لأهمية بلده راحوا يقعون الواحد بعد الآخر في براثن ما نصبه لهم الاميركان ومؤسساتهم المالية من أعباء وقيود ، بحجج وذرائع وهمية للاسف الشديد .
اليوم مصر العظيمة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بما يليق بها .. مصر اليوم مدينة ضعيفة تابعة مثقلة بالديون تتصارع مع نفسها .. لادور عربي لها ، ولادور اقليمي ، ولا دور افريقي ، ولادور دولي ..... لها علاقات ومعاهدات مع الكيان الصهيوني تكبلها وتمنعها من ان تمارس دورها .هي اذا ليست مصر عبد الناصر ، بإي حال من الاحوال .كانت مصر قائدة وكانت رائدة .كانت تمارس دورا سياسيا وعسكريا واقتصاديا وثقافيا واعلاميا .. بتنا اليوم نخجل مما تقدمه قنواتها واذاعاتها من برامج تافهة ومهلهلة وسطحية .فضلا عن انها باتت تنتظر المساعدات من هذه الدولة الخليجية ومن تلك وطبعا لهذه المساعدات ثمن .علاقاتها الخارجية مرتبكة مع الكثير من الدول وهذا مما اضعف دورها وقلل حجمها الاستراتيجي وضيقه الى أبعد الحدود .
نعود الى كتاب "فلسفة الثورة " لنقف على ان عبد الناصر شبهه أي شبه الكتاب بدورية الاستكشاف . وقال انه ليس محاولة للتأريخ وليس محاولة لشرح أهداف ثورة 23 يوليو –تموز وحوادثها وانما هو محاولة لاستكشاف "نفوسنا لكي نعرف من نحن وما دورنا في تاريخ مصر المتصل الحلقات " كما انه في الوقت نفسه " محاولة لاستكشاف الظروف المحيطة بنا في الماضي والحاضر لكي نعرف في أي طريق نسير ..ومحاولة لاستكشاف أهدافنا والطاقة التي يجب أن نحشدها لنحقق هذه الاهداف ..ومحاولة لاستكشاف الظروف المحيطة بنا لنعرف اننا لانعيش في جزيرة يعزلها الماء من جميع الجهات " .
ومعنى هذا كله ، أن عبد الناصر اراد ان يحدد لمصر دورا هو نفسه دورها الذي قامت به عبر التاريخ القديم والاسلامي .وطبعا هذا الدور معروف سواء في العصور القديمة أو الاسلامية حيث تصدت مصر للغزاة المغول والصليبيين وقدمت التضحيات تلو التضحيات من اجل هذه الامة العظيمة : أمة الاسلام .
وقد جاء جواب عبد الناصر في كتابه سريعا ولكن في نهاية الكتاب وبعد ان عرض لنا تجربته في الحياة وتكوينه الثوري والنضالي وتكوين مصر ، وما شهدته من هبات وثورات ضد الاستعمار ان كان ذلك في ثورة أحمد عرابي 1882 او ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول ، وما واجهته من نكبات ان كان ذلك في حادث فبراير –شباط 1942 حين حاصر الانكليز قصر عابدين وفرضوا على الملك فاروق ما ارادوه او حين ذهب الجيش المصري وعبد الناصر كان احد افراده الى فلسطين سنة 1948 بدون ان تتوفر له اية استعداد فحوصر في الفالوجة وجرى ما جرى هناك مما يكشف عنه عبد الناصر في كتابه هذا .
وقف عبد الناصر عند الدوائر الثلاث التي ينبغي لمصر ان تتحرك ضمنها بفعالية وهذا ما فعله بعد الثورة : الدائرة العربية ، والدائرة الاسلامية والدائرة الافريقية .قال ان من عناصر قوة مصر انها ضمن الدائرة الاسلامية حيث ترتبط الشعوب برابط مادي ومعنوي انه رابط الاسلام ووقف عند الدائرة العربية ولم ينس دور النفط الذي كان عنه انه عصب الحضارة المادية والباب الذي دخل منه الغرب لاستعمار المنطقة وقدم احصائيات غاية في الدقة ابرزها : ان رأس المال المطلوب لاستخراج برميل من النفط في البلاد العربية هو ( 10 ) سنتات فقط في حين ان استخراج برميل من النفط في امريكا نفسها هو ( 78 ) سنتا فكيف لاتريدهم ان لايسيل لعابهم عند رؤية النفط العربي وثروات وخيرات المنطقة .هذ فضلا ان الارض العربية جاذبة بسبب مكانتها المقدسة وذكريات الغرب والصهاينة في فلسطين وتكاتفهم من اجل تدمير هذه الارض وسكانها وامكانياتها الاقتصادية والثقافية ولايخفي متطرفوء الغرب اهدافهم في اخراج العرب من التاريخ واعادتهم بدوا في الصحراء !! .
في الكتاب يؤكد عبد الناصر على جملة من القيم منها انه لكي نكون اقوياء ، لابد ان نفهم قوة الرابطة العربية وقوة الرابطة الاسلامية وقوة الرابطة الافريقية ويحدد بالنص :" اذن فنحن أقوياء ، ليس في علو صوتنا حين نولول ،ولا حين نصرخ ، ولا حين نستغيث انما نحن اقوياء حين نهدأ ، أو حين نحسب بالارقام مدى قدرتنا على العمل وفهمنا الحقيقي لقوة الرابطة بيننا ،هذه الرابطة التي تجعل من ارضنا منطقة واحدة لا يمكن عزل جزء منها عن كلها ولايمكن حماية مكان منها بوصفه جزيرة لاتربطها بغيرها رابطة " .. هذا هو الامن القومي العربي والاسلامي والافريقي ، كما قدمه عبد الناصر ببساطة وبدون لف ودوران وتعقيد ايديولوجي مقيت .
كان عبد الناصر يرى انه لكي ندرك البعد الحقيقي للدائرة الاسلامية ان تكون نظرتنا للحج قوة سياسية ضخمة ويجب " أن تهرع صحافة العالم الى متابعة انبائه لابوصفه مراسم وطقوس تصنع صورا طريفة لقراء الصحف وانما بوصفه مؤتمرا سياسيا دوريا يجتمع فيه كل قادة الدول الاسلامية ورجال الرأي فيها وعلماؤها في كافة انحاء المعرفة وكتابها وملوك الصناعة فيها وتجارها وشبابها ليضعوا خطوطا عريضة لسياسات بلادهم وتعاونها معا حتى يحين موعد اجتماعهم من جديد بعد عام " .
ويلتفت عبد الناصر الى افريقيا - ومصر تقع في قارتها السمراء - ليقول ان مصر لايمكن ان تتغافل عن الصراع في جنوب افريقيا وانها لايمكن ان تتخلى عن مسؤوليتها في المعاونة بكل ما تستطيع على نشر النور والحضارة حتى اعماق القارة فالنيل بعد ذلك سبب مهم هو " ان النيل شريان الحياة لوطننا يستمد ماءه من قلب القارة " .كان عبد الناصر يريد ان تكون القاهرة " معهدا ضخما لافريقيا يسعى لكشف نواحي القارة امام عيوننا ويخلق في عقولنا وعيا افريقيا ويشارك مع كل العاملين من كل انحاء الارض على تقدم شعوب القارة ورفاهيتها " .
نجح عبد الناصر في تنفيذ كل ما تحدث عنه ، ووعد .. بنى السد العالي واقام سلطة الفقراء وكسر احتكار السلاح وعمق ارتباط مصر بالدوائر الثلاث العربية والاسلامية والافريقية ، ونشر الثقافة ، وأقام المصانع ، واعاد للفلاحين حقوقهم وحقق الوحدة مع سوريا مفتاح مصر ، وانتهج سياسة عدم الانحياز ، ووقف ضد الصهيونية والغرب الاستعماري والامبريالي .المهم انه جمع كل فئات الشعب العاملة ووضعهم على الطريق الصحيح وتركهم يواصلون السير الا ان الغرب الامبريالي والصهيونية العالمية والرجعية العربية لم يدعوه يواصل السير فتآمروا بعد ان اجتمعوا على محاربته ولم يتركوه حتى بعد رحيله في 28 ايلول –سبتمبر 1970 فعادوا يشوهون صورته ويصفونه بالدكتاتور وبأنه وانه لكن عبد الناصر وإرثه الثوري والنضالي والوحدوي والانساني بالرغم من كل التشويه الذي اشتركت فيه اطراف واطراف ظل حيا وعبد الناصر نفسه كان يعرف ذلك عندما قال ان القائد عليه ان يقبل طعنات الجماهير في حالات الانكسار كما قبل تصفيقهم في حالات الانتصار وتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا .
 
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف