الأخبار
2024/5/17
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اليمن ورحلة الربيع والصيف بقلم عادل بن مليح الأنصاري

تاريخ النشر : 2016-08-07
اليمن ورحلة الربيع والصيف بقلم عادل بن مليح الأنصاري
اليمن ورحلة الربيع والصيف ( لعادل بن مليح الأنصاري )

((صالح الذي اطاح به الربيع ربما يأتي به الصيف ))

ربما هو من قبيل الصدفة أن يتزامن هذا التناغم بين صيف خليجي ساخن المناخ والذي من النادر أن تشهده منطقة الخليج , وذلك التصريح الساخن الناري الذي أطلقه صالح بكل بساطة وربما استهتار سياسي كم أبدع صالح في التعاطي معه , وربما جر خصومه عن عمد أو من غير قصد وتخطيط للتعاطي معه , صالح الذي كان ومازال يلهوا بلعبة السياسة بدهاء حينا وبنذالة أحيانا , وبتلقائية في بعض الأحيان , هو كقائد سفينة سياسية يحاول رسم طريقها وإذا عجز ترك الأمواج تأخذها حيث تشاء ثم يمسك دفتها ويتظاهر بأن له الكلمة الأخيرة في تحيدي مسارها رغم تخبط الأمواج ومتاهات البحر .
في مقالة سابقة هنا تحت عنوان ( حضارة وقات وأئمة وعسكر) , " لابد من استحضار بعض الكلمات ذات الدلالة لمقالنا اليوم " مثل :
الرقيب السابق و المشير الحالي صالح :
بعدها قام قائد لواء تعز , فخامة المشير ( علي عبدالله صالح ) بالقفز على كرسي العسكر , وبعد ضم الجزء الجنوبي صار رئيس اليمن الواحد , والذي كان رقيبا أثناء الثورة .
ربما يعتبر المشير علي قائدا فطريا ومحنكا , وصاحب شرف الوحدة اليمنية , كما أن تاريخ اليمن الحديث يشهد له بعدة إنجازات هامة مثل :
- يُعتبر أول رئيس لليمن الواحد .
- قاد حربا لمنع الانفصال بين اليمنين ,
- إعادة بناء سد مأرب العظيم .
- استخراج النفط والغاز.
- تحقيق تنمية زراعية كبيرة .
- إقامة المنطقة الحرة بعدن .
- توقيع معاهدة الحدود بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان واريتريا .
- انضمام اليمن لبعض مؤسسات مجلس التعاون الخليجي .
وأيضا :
الرقيب السابق و المشير الحالي صالح :
بعدها قام قائد لواء تعز , فخامة المشير ( علي عبدالله صالح ) بالقفز على كرسي العسكر , وبعد ضم الجزء الجنوبي صار رئيس اليمن الواحد , والذي كان رقيبا أثناء الثورة .
ربما يعتبر المشير علي قائدا فطريا ومحنكا , وصاحب شرف الوحدة اليمنية , كما أن تاريخ اليمن الحديث يشهد له بعدة إنجازات هامة مثل :
- يُعتبر أول رئيس لليمن الواحد .
- قاد حربا لمنع الانفصال بين اليمنين ,
- إعادة بناء سد مأرب العظيم .
- استخراج النفط والغاز.
- تحقيق تنمية زراعية كبيرة .
- إقامة المنطقة الحرة بعدن .
- توقيع معاهدة الحدود بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان واريتريا .
- انضمام اليمن لبعض مؤسسات مجلس التعاون الخليجي .
...
هذا هو علي عبدالله صالح قبل أن يطيح به الربيع العربي , صالح خضع مرغما رغم دهائه وقوته وربما (نذالته) ذلك الطوفان الربيعي الذي غمر العالم العربي (فقط) , راقبه وهو يجتثه مرغما , ولكن علي صالح ليس كغيره من ضحايا الربيع العربي , فسلم المفتاح للجماهير الغاضبة ولكنه حافظ على القفل بين يديه .
في رحلة الربيع وقف صالح يراقب الجماهير المحمومة وهي تصرخ وتصفق وتغني (حتى الراب) فرحا بذلك الربيع الذي سيفتح لليمن ابواب اليمن السعيد مرة أخرى , لقد استرجعت تلك الفترة وقضيت وقتا طويلا وأنا أعيش تلك الأجواء أثناء الثورة اليمنية , وتلك الفيديوهات للفنانين في ساحات صنعاء , استرجعوا أناشيد الثورة اليمنية مثل : الفنان محمد الأضرعي , لن يخطر على بال أي متابع أن تؤول الأمور إلى ما آلت إليه اليوم , فمن ربيع 2011 وحتى صيف 2016 , تكاد الأمور أن تعود إلى حيث البداية مع فارق في حجم الخسارة البشرية والاقتصادية والزمنية , والأهم ذلك الإحباط الذي دمر نفوس ملايين الشباب ليس في اليمن وحدها بل في أغلب دول الربيع العربي , ليس لشيء إلا لأن الأحوال بكل أطيافها لم تكن أفضل أو تتغير للأفضل , بل ربما على العكس , فالمتابع بدقة يدرك أن بعض الشعوب خسرت ولو بعض المكتسبات التي كانت راضية بها مقارنة بما يحدث اليوم , ليس مهما أن نخوض في الأسباب الحقيقية لهبوب الربيع العربي أو مكتسباته أو حتى سلبياته , فما حدث بسرعة زمنية تسابق سرعة الأحداث التي يقدر البشر على استيعابها بسهولة أو حتى التكيف معها , هل من دليل على ذلك ؟ نعم , وهو أين تلك الجماهير وشباب الثورات وشباب الفيس بوك وأحلامهم التي رسموها جميعا عبر الوطن العربي عند بداية ذلك الربيع ؟ لقد اختفوا وخنقتهم آمالهم وأحلامهم وخبت نار ثوراتهم وطموحاتهم بعد أن صدموا في نتائج تلك الثورات وتلك التضحيات التي قدموها , واكتفوا بمتابعة مصادري أحلامهم والمتسلقين على آمالهم من خلف أثير صفحات التواصل المختلفة , معلقين , باكين , وشاكين , وراضين ومستسلمين , سيناريو عجيب وكأنما وُضع بعبقرية فذة من قبل مخرجين عظام , فكيف ذاك (الحلم) أضحى خبرا وحديثا من أحاديث الجوى ؟
مر الربيع العربي , وطوى بين دفتيه تلك الآمال والأحلام لملايين الشباب العربي , وكأنها ما كانت إلا زوبعة في فنجان القدر تجرعتها قلوبهم الصغير ثم استسلموا لمكر الكبار .
نعود للرقيب السابق والمشير الحالي , والماكر في كلا الأحوال علي صالح , فصالح بدأ حياته السياسية كما يمارسها اليوم , عصي على التغيير , فبعد انقلابه على رفقاء الثورة واستبدالهم بموالين أو أقرباء وأنسباء , وجعل الحكومات اليمنية صورية وكل مؤسسات الدولة تدار بكلمة منه فقط , صالح هو من حارب الحوثيين , ست حروب دفع اليمنيون ثمنها من أرواحهم ومقدراتهم ومستقبل تنميتهم , كان الحوثي وقتها محور التخلف الذي سيلقي اليمن للوراء عشرات السنين بعودة الإمامة , وقتها كان لمحاربة الحوثي عند صالح مربحان قيّمان , فأولهما ليقنع الخارج بوقوفه ضد التخلف والرجعية , وثانيهما للداخل حتى يغرق اليمنيين في فوضى شاملة ليتناسوا أطماع المشير في تقنين الفساد والتمكن من مفاصل الدولة لصالح العائلة وتهريب الأموال واستثمارها عائليا في الخارج .
وقد لا يكون سرا ما قيل عن محاولات صالح العديدة لإنقاذ الحوثيين كلما قرب الجيش اليمني من القضاء عليهم , وخاصة " ما قيل عن حرب صعدة " , صالح كان عدوا وخصما للحوثيين وقتها لأسباب خاصة ليس لليمن علاقة بها , وحتى أنه حاول تصفية زعيمهم حسين بدر الدين الحوثي .
ولكن بعد الثورة الربيعية خرج صالح من طوفانها بدهاء لم يستطيع أن يصل إليه زعيم عربي من ضحايا ذلك الربيع بقدره , فحتى بعد التنازل عن كرسي الحكم ظل علي صالح رئيسا (من منازلهم) يوزع الأدوار ويعبث في سياسة اليمن كيف يشاء , يعادي من يشاء ويصادق من يشاء , ويوجه غالبية جيش اليمن حيث يريد , فأي ثورة التي أطاحت بالمشير الداهية ؟
في اليمن اختلط الحابل بالنابل , فهناك قوة علي صالح , وقوة الحوثيين , وقليل من الإخوان والإصلاح والدواعش والقاعدة , وقد لا أبالغ إذا قلت أن العالم الخارجي لم يعد يدري ماذا يحصل في اليمن , ولكن المؤكد أن المشير هو أقوى تلك الأوراق .
إيران لا شك أنها تراقب عصابتها في اليمن مراقبة المحموم الذي يصارع نوبة قلبية صباح مساء , فالسعودية أفشلت مخططاتها بقوة في اليمن كما أفشلتها بقوة في البحرين , ولكنها مازالت تراهن على عصابة الحوثي طالما بقيت أيديهم ممدودة للمشير المتقلب , ومرة أخرى أكاد أن أجزم أن اللاعب الحقيقي في اليمن لايزال المشير المخلوع "والذي يسعى ويطمح في الرجوع" .
المشير المتقلب لن يتوانى في اللعب بكل أوراق اليمن المعقدة , وسيرمي كروت اللعبة حيث يريد بعيدا عن معايير السياسة والنذالة والدهاء والمنطق , وليس أفضل للتحالف من الاستفادة من " نذالة " صالح وحثه على بيع عصابة إيران بأبخس الأثمان , وقد قدم عربونا واضحا في وصفه للسعودية العدو اللدود لإيران وحوثييهم بمفردة ( الشقيقة الكبرى ) كما أنه أعلنها صريحة ووجه سهمه لإيران داعيا إيها بترك اليمنيين وشأنهم .
صالح والذي اطاح به الربيع ربما يأتي به الصيف , ورب ضارة نافعة , فهذا المشير الداهية " حتى لو غضب بعض اليمنيين " هو الأفضل حاليا , ليس لأنه حكيم ومحنك , ولكن لأن الساحة اليمنية تعج بالمطبات الكبيرة والصعوبات الغير منطقية , وتتميز بطرق سياسية وتنظيمية واجتماعية وعرة وملتوية , وجماعات يصعب الوصول إليها بسهولة دون دفع الكثير من التضحيات , وربما لن يخرج اليمن من محنته إلا بالاستعانة بالمشير الذي يجيد اللعبة اليمنية أكثر من غيره , أما بالنسبة للتضحيات التي قدمها شباب الثورة فنقول لهم , لا تحزنوا فإن لكم في بقية الشباب العربي تعزية وحسن جواب , ولربما قال شباب الثورة المصرية ليت لنا بمبارك , وكذلك شباب الثورة الليبية ليت لنا بقذافنا , وكلمة أخيرة نقولها للمتحمسين للربيع العربي والديموقراطيات العربية , ربما ليس العيب في التغيير والسعي وراء الحرية والديمقراطية وحياة الحرية والكرامة كما غنى لها كافة الشباب العربي في كل مكان , ربما العيب في تكوين الإنسان العربي الذي لا يجيد استخدام تلك المفردات جيدا , ويحتاج الكثير من الثقافة الإنسانية في التعامل مع الغير , وربما مع الذات قبل كل شيء .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف