الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الإسرائيليون يعطشون الفلسطينيين ويجففون أرضهم بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

تاريخ النشر : 2016-07-30
الإسرائيليون يعطشون الفلسطينيين ويجففون أرضهم بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
الإسرائيليون يعطشون الفلسطينيين ويجففون أرضهم

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

إنها حربٌ إسرائيليةٌ من نوعٍ آخرٍ وطرازٍ مختلف، لكنها حربٌ قذرةٌ وغير أخلاقية، وخبيثةٌ وغير إنسانية، يلجأ إليها العدو الإسرائيلي بصورةٍ متعمدة، ويمارسها على قطاعٍ واسعٍ، ويستهدف بها الشعب الفلسطيني كله، ولا يميز بين قطاعاته أو حاجاته، إذ يعمم حربه لتطال الجميع وتؤثر على الكل، وتنعكس على مختلف جوانب الحياة الفلسطينية، رغم أنها حربٌ غير مشروعة، ووسيلة قتالٍ وحصارٍ غير مباحة، ولا يسمح بها القانون الدولي ولا تجيزها الأمم المتحدة ولا شرائع حقوق الإنسان المختلفة، التي تضمن للإنسان بصورةٍ عامة، الحق في الماء النقي بقصد الشرب والعمل معاً، ولا يوجد في القوانين ما يجيز لعدوٍ أن يحرم آخرين من حقهم في استخدام المياه، ولكن العدو الإسرائيلي يلجأ إلى هذا السلاح ولا يبالي، ويحرم الفلسطينيين من حقهم في مياههم الجوفية ومياه أنهارهم الطبيعية كما حرمهم من أرضهم وجردهم من ممتلكاتهم.

قد تكون هذه الوسيلة في الحصار ومحاولة إرغام الخصوم قديمةً، فقد كانت تستخدمها الجيوش في حروبها، التي تشرعها قوانينهم وتبيحها أعرافهم، حيث كانوا يتعاملون بالمثل، فكانت الجيوش تعسكر عند أقرب بقعةٍ من العدو، قبل أن تقوم بتسميم أو ردم كافة الآبار القريبة، والتي من الممكن أن يستفيد منها العدو في زحفه عليهم وقتاله لهم، وبذا يعطش ولا يقوى على القتال، وتحرم الخيول والإبل والفيلة من الماء فتهلك أو تضعف.

رغم أنها وسيلةُ حربٍ قديمةٍ، وقد اندثرت وانتهى اللجوء إليها، إلا أن العدو الإسرائيلي يستخدم هذا السلاح ضد الفلسطينيين على نطاقٍ واسعٍ، وبطريقةٍ منظمةٍ وممنهجةٍ، وقد تبدو عنصرية وتنز بالكراهية، إذ يغدق بالماء على مستوطنيه، ويطمئن إلى حصولهم على حاجتهم منه، ثم يقوم بتخزين الفائض منه لاستخدامه في الري والزراعة وأعمال البناء والصيانة والنظافة، في الوقت الذي يمنع الفلسطينيين من الحصول على جزءٍ من حاجتهم، أو القليل من حقهم، حيث يراقب مياههم الجوفية، ويصادر عيون الماء الغنية، ويمنعهم من استخراج حاجتهم، بقوانين وأنظمة وعمليات مراقبةٍ ورصدٍ واعترضٍ وسحبٍ وتحويلٍ، رغم أن المتاح لديهم قليلٌ، إذ غارت العيون وجفت الآبار، وتملح مخزون الماء القليل، في الوقت الذي يقل عموماً منسوب الأمطار السنوية، التي يؤثر قلتها في عذوبة المياه الجوفية، ومدى صلاحيتها للري والاستخدام الآدمي.

قد تبدو شركة ميكوريت الإسرائيلية التي تشرف على إدارة وتوزيع المياه في فلسطين المحتلة، أنها شركة مدنية مهنية لا تتعاطى السياسة، ولا تخلط في عملها بين المهنية العلمية وبين التوجهات السياسية، وأنها تقوم فعلياً بإدارة المياه والعمل على تنمية موارده ومتابعة مصادره ومنابعه، والاهتمام بتخزينه وحسن توزيعه، وتحرص على نقائه وعدم تلوثه، وتعمل على ضمان وصوله إلى مستخدميه من السكان والمزارعين والمعامل والمصانع، في الوقت الذي تقوم فيه بعمل دراسات دورية للتعرف على منسوب الماء واحتياطاته، وحجم وفرته والمدة التي يمكن أن يكفي بها السكان قبل موسم الأمطار التالي.

إلا أن إدارة شركة المياه الإسرائيلية أمنية بامتياز، وإن كان فيها خبراء ومهنيون واقتصاديون ومحاسبون وفنيون، فإن أغلبهم يعمل ضمان نطاق الأمن القومي للشعب اليهودي، الذي يقوم على تأمين المصالح الإسرائيلية، وضمان عدم المساس بها أو الاعتداء عليها، ولو أدى ذلك إلى حرمان شعبٍ بكاملة، وتعطيش السكان العرب في مناطقهم، ومنعهم من استمرار مزاولة أعمالهم المهنية وحرفهم الزراعية وغير ذلك مما يلزم فيها الماء الوفير، ولا يضير العاملين في هذه الشركة أن يتعاموا في موضوع الماء بعنصريةٍ شديدةٍ، وكراهيةٍ مقيتةٍ، ولا يترددون في تنفيذ الأوامر العسكرية التي تقضي بسحب المياه من المناطق الفلسطينية أو اعتراضها، وتحويل مجاري الأنهار العربية إلى مناطقهم، ولا تتأخر إدارة الشركة عن إبلاغ السلطات الأمنية والعسكرية عن الجهود الفلسطينية الرامية إلى استخراج المياه الجوفية.

الإسرائيليون يسيطرون بالقوة والقرارات العسكرية على البحيرات والأنهار والعيون والآبار الارتوازية في كل الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى خزانات المياه الغنية في هضبة الجولان السورية المحتلة، وقد بينت الدراسات أن المستوطنين في الضفة الغربية الذين يتربعون على عيون المياه الغنية، أنهم يستهلكون خمسة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني من المياه، وفي الوقت الذي يقاسمون الفلسطينيين مياههم في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنهم لا يمنحونهم شيئاً من المياه الكثيرة في الأرض المحتلة عام 48، وحسب تقارير المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار"، فإن معدل استهلاك المواطن الفلسطيني من المياه في الضفة الغربية للشرب وكافة الأغراض المنزلية والزراعية يقدر بحوالي 130 متراً مكعباً في السنة، إلا أن المواطن الإسرائيلي يستهلك 2235 متراً مكعباً في السنة.

في الوقت الذي يستمتع فيه المستوطنون الإسرائيليون بالمياه، فإن الفلسطينيين الذين يعانون من الحرمان يقومون بنقل المياه في صهاريج وشرائها بأثمانٍ مرتفعةٍ، أو يلجأون إلى الآبار الجمعية التي تحتاج إلى معالجةٍ وتنقيةٍ، أو إلى الآبار والعيون التي تملحت من كثرة السحب وقلة التجدد في ظل انحباس الأمطار وتراجع منسوبها العام، علماً أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمنع الدول الأوروبية والمانحة من إنشاء محطة تحلية لمياه البحر في قطاع غزة، وهو المنطقة الأشد فقراً بالمياه، وسكانه هم الأكثر تضرراً والأشد حرماناً من غيرهم، علماً أن معاناتهم قد زادت كثيراً بعد قيام الحكومة المصرية بإغراق الحدود الجنوبية للقطاع في منطقة رفح بمياه البحر المالحة.

لا تكاد تخلو جلسات المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من حوارٍ عاصفٍ حول المياه وحصة الفلسطينيين منها، حيث يصر المفاوض الإسرائيلي على منع الفلسطينيين من الوصول إلى مصادر المياه ومنابعها، ويفرض على السلطة الفلسطينية عدد الآبار الارتوازية وطول الغاطس فضلاً عن عمق الآبار، وذلك ليمنع الفلسطينيين من الوصول إلى عمق المياه الجوفية أو إلى الأحواض المائية الكبرى.

العدو الإسرائيلي لا يريد للفلسطينيين أن يكون عندهم أي شئ من مقومات الحياة والاستقرار فضلاً عن أسس وأركان الدولة المستقلة، فهو كما يحرمهم من الكهرباء والوقود والغاز، فإنه يعمل جاهداً لحرمانهم من المياه، وكما يبيعهم الأولى بأسعاره الخاصة وهي أسعارٌ عالية، فإنه ينوي أن يبيعهم الماء، حيث تمكن من بناء اثني عشر محطة تحلية لمياه البحر.

إنه يريد أن يقوض أي فرصة لبناء دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلة، إذ لا يمكن أن تقوم دولة بلا مصادر مأمونة للمياه، ولا يقوى مجتمع على مواجهة العطش وتحدي الجفاف، ولا تستطيع قوةٌ قد تيبست أطرافها وجفت عروقها وتصلبت أوردتها وشرايينها على البقاء والثبات وتشكيل دولة وبناء وطنٍ.

بيروت في 30/7/2016
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف