الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مثل القمر بقلم خالد أبوعدنان

تاريخ النشر : 2016-07-29
مثل القمر

جمال القمر فرض نفسه على ثقافات العالم عبر التاريخ، فتغنى الشعراء في وصفه وفتن العشاق بالتسامر معه، كما أن كهنة الأديان العتيقة اعتبروه إله استثنائي جمع سحر الجمال وقوة الحضور، وعلّل علماء الفلك ذلك بأن الكهنة كانوا يعرفوا أن القمر له قوة تأثير على مسار الرياح وأيضاً أنه المسبب للمد والجزر والكوارث البحرية. ومن أشهر أسماء إله القمر هي لونا الإغريقية حبيبة الشيطان وعشيقة تنين الحب الأحمر، لونا إله القمر اليوناني وزوجة سول – الشمس- وتقابلها في الإغريقية سليني التي كانت أخت هيلوس إله الشمس الإغريقي، وهذة اللونا لها دورة شهرية في بعثها الحب مع التنين في ليالي تمتد لأغلب الشهر، بل أن منتصف الشهر عندما يكتمل ظهور القمر تكون لونا سهرانة تغني للتنين الأحمر عن حبها له في رفض لكل خجل وحياء النساء في المعتقدات الدينية الإغريقية، التي تحرم على الزوجة تقبيل زوجها بل أنها تعتبر ذلك من إيحاء الشيطان الذي يسعى لتدمير العلاقات الأسرية.



لكن لونا لها وجهة نظر ثانية في أنها لا تبوح بالحب المحرم بل إنها تعشق أن تدلل مليك قلبها تنين الحب الأحمر، رغم أن أغلب كهنة أثينا أوضحوا تبريرات لونا وأهمية ما تقوم به من غناء، إﻻ أن كهنة أولمبيا اعتبروا لونا ابنة غير شرعية للملكة عشتار من خلوتها المحرمة مع الحوت الأسود وهو من جنود العتمة زوجة إبليس، وقال كهنة أولمبيا أين تذهب لونا ثلاثة ليالي كل شهر؟ ولماذا لا يكون وجهها سلين أي بدرا طوال الشهر؟ لابد أنها تعشق بالسر شيئا معاب؟! وفعلا أثبتوا أنها وجدت مع غبار النار وهو مارد شيطان يكره البشر، ومن بعدها بدأ أتباع لونا يتقلصون عددا حتى تم تحريم عبادة لونا نهائيا ومعاقبة أي فتاة تحاول أن تقلد لونا وتغني أو تقبل زوجها، إﻻ أن أتباع لونا هروبوا بمعتقدهم إلي روما التي سمح كهنتها بعبادة لونا، بل أنهم أقروا أن الزوجة يحق لها أن تقبل زوجها، لكن لابد أن تكون ساكنة أثناء المعاشرة الجنسية،  وهذا أعطى حقوق المتعة دون المغالاة بالشهوة فقد كان معدل إعدام الزوجات مرتفع بتهم الحركة على سرير الزوجية، حيث اعتبر الكهنة ذلك من علامات لبوس الجن وسيطرة الشياطين على نسل البشر.



 لكن روما المنفتحة دينيا سمحت للمرأة بالغناء واعتبرت الدعارة مهنة مرخصة قانوناً بعد حادثة غزو بوستيموس لروما بسبب نقص حاد في عدد الإناث في قبيلته، وطلب من روما أن ترسل له كل فتيات روما العذاري وإلا سيحرقها، فأرسلت روما له الداعرات وقبل أن يصلنه رقصن وهن يتعرين تحت شجرة التنين عند مدخل روما، فترك جنود بوستيموس سلاحهم ومواقعم وهجموا على الداعرات، فأسرع جيش روما وقتل جنود بوستيموس، ولما عادت الداعرات كن يرقصن عاريات في شوارع روما ويغنين لجونو، جونو إله حماية المرأة وأصله يونو أي حامية روح النساء وهي من سلالة الآلهة يونا المسؤولة عن حماية النسل والتكاثر عند الرومان وفكرته مأخوذة من الإله القمر السومري نانا  الذي يعني نور القمر أو ضوء المرأة السماوي، جونو هو أقدم إله يشرّع التعري والرقص في الشوارع.

أما أفروديت إله الحب والجمال الأغريقي هو إله الإخصاب الحيواني وكل أساطيره تأكد أنه النسخة الإغريقية من إله عشتار العراقية ضمن تحويرتها الكنعانية حيث تنطق عشتروت والإغريق لا يلفظوا حرفي العين والشين، وهي إله تؤمن بالتكاثر بدون زواج بل أنها كانت تمارس الجنس مع العديد من العشاق كما أنها اعتبرت غياب القمر ثلاثة ليالي هي دعوة للدعارة بين البشر برعاية إله العاهرات بوتنيا، أما اكتمال البدر القمري فهو دعوة للحب العذري وليلة غناء لإله العشاق هيميني، إلا أن الإله منيرفا وهو إله روماني يجسد قدرات المرأة المتنوعة فهي تمثل الحكمة والأدب والفن كما أنها مقاتلة وسلاحها الصواعق الحارقة، وهي مأخوذة من الإله الكنعانية الرشف أو الرف الهادية لعلوم الطب والحكمة وحامية النسل والأسرة، وكانت رف تضرب بالنار من يعتدي على الكنعانين من البشر والجن، وهي تعاقب من تغني أو ترقص من النساء المتزوجات.

أما عند الفراعنة فالقمر هو من ينظم الوقت وتقويم القمري هو بالأصل فرعوني منسوب للإله خنسو وله احتفالية راقصة عند بزوغ الهلال وهي رقصة شعبية تحّرك بها الأيادي بشكل دائري من قبل الرجال وعند حلول وقت البدر هناك احتفالية ثانية بالرقص بالعصي بطريقة مماثلة لرقص بالعصى بالصعيد المصري حالياً، حيث يتم اللعب بالعصى بشكل بهلواني ونقلها بين اليدين والرأس، وهي تعني أن القمر يبارك نسل الشعب ويرزقه الخير في الزروع والماشية. أما رقصة الإله خنوم في تشيع الجنائز بعد مغيب الشمس فهي كلها حركات بالرأس واليدين بدعاء أن ينتقل المتوفي للحياة الخالدة بسلام وتعزف الموسيقى ويلقن المشيعيين المتوفي فيقولون: أنا أفتح فمك لكي تتكلم وأفتح عينيك لكي ترى رع وأذنيك لكي تسمع تبجيلك، ثم تمشي على رجليك لكي تدفع عنك الأعداء.

وهناك الإله تحوت المسؤول عن حماية البلد من الفيضان وهو وجه القمر القاتم، وعندما يعلن الكهنة أن الفيضان قادم يبدأ الناس بتقديم القرابين الليلية وهي بالعادة طعام للتماسيح والأسماك وبعد ذلك تبدأ رحلة البحث عن فتاة النهر القمرية لتقدمها قرباناً للنهر حتى يهدأ ويكون الإله تحوت هو من يرشد الكهنة على المطلوب فعله، فمواصفات الفتاة صعبة جداً حيث يجب أن تكون ولدت والقمر بدراً وبلغت في ليلة غير معتمة وأيضاً عذراء وفوق كل هذا أن تكون في فترة الطهارة من الحيض عند تقديمها، وبعد العثور عليها، فهي تتدرب على الرقص الشهواني، لتثير شهية النهر ويقبل بها، وهذا الرقص عبارة عن حركات منطقة الخصر والقدمين بدعوة أن رحمها جاهزا وهي مستعدة للزواج وهذا الرقص يعتبر باكورة الرقص الشرقي.

أما عند الإله عشتروت في الساحل الكنعاني فإن تقديم القرابين للبحر الهائج مماثل لنظيره الفرعوني باستثناء أن الرقص ليس شهواني بل أن الخصر والقدمين يكونوا ثابتين والحركات كلها تكون بهز الصدر والكتفين والذراعين لأن الإله أنانا القمري يدعو للحب لا للجنس ويعتبر أن زواج يكون بين القلوب قبل الأجساد، وفي سومر العراقية فإن الإله نانا القمرية تطلب من فتاة النهر تثبيت كافة جسدها والجلوس على ركبتيها مع تحريك رأسها بالكامل ونقل شعرها من اليمين إلي الشمال وإظهار وجهها بمراحل توازي مراحل نمو القمر من الهلال للبدر حتى تخفي وجهها بشعرها بالكامل. وإذا ما جمعت الرقصات الثلاث فهي تشكل جميع حركات الرقص الشرقي الحديث.  

لعل هذا الكمية من المعلومات التاريخية لا تنصف عشاق القمر الحاليين، فهم مازالوا يعتبرونه رمز الأنوثة والخصوبة، بل يبالغون أن السلام والمحبة لا يحلان إلا والقمر بدراً!  كما هي في الأسطورة الفارسية التي تروي قصة الملك الذي تزوج من عشرين امرأة كلهن أنجبن إناث، مما دفع المنجمين لاختيار وضعيات القمر حتى يتمكن الملك من إنجاب وريث العرش، بل أنهم اعتبروا أن هناك قمر داخل كل أنثى عندما يصبح بدرا في داخلها تنجب ذكراً فحلاً أما أمه فتوصف بأنها بدر البدور.

خالد أبوعدنان

ولدت لاجئا وأحيا مهاجراً
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف