" قبر ... وقبر " ؟؟!!
قصة قصيرة
بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )
===================
مقدمة :
أحداث وشخوص هذا النص وكل النصوص اللاحقة .. حقيقية وحدثت على أرض الواقع .. وليس من فضل للكاتب عليها اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
( الكاتب )
--------------------------------------------
" قبر ... وقبر " ؟؟!!
وقفت المرأتان في المقبرة ... مقبرة المدينة الواسعة الكبيرة ... الأولى وقفت ساهمة واجمة إلى جانب قبر ... تتمتم ببعض السور القرآنية .. وبعض الأدعية .. تربت على القبر بحنو ورقة .. تسوي بعض الرمال المتهدلة حول القبر وتعيد وضعها من جديد فوقه ..
الثانية ... كانت قلقة .. تبكي بحرقة ... تتحرك هنا وهناك ... تقف بين عدة قبور ... لعلها أربعة .. تتنقل بينها بسرعة غريبة .. تضع على هذا القبر بعض الورود .. وترش على ذاك شيئاً من الماء .. وعلى آخر بعض الأحجار .. وعلى الرابع بعض سعف النخيل ..
لعلها لحظات طويلة تلك التي سبقت رغبتهن بالحديث لبعضهن البعض ... بدأته الأولى بالحديث :
- عليك بالصبر يا أختاه ... وبالدعاء الدائم والترحم ... ولا داعي للقلق والبكاء بهذا الشكل .
توقفت الثانية عن البكاء والحركة لبعض الوقت ... اقتربت من الأولى بعيون متقدة كالجمر :
- أي صبرٍ هذا بعد أن فقدت زوجي وثلاثة من أطفالي ؟؟!!... ألا ترين هذه القبور الأربعة ؟؟.. إنها قبور زوجي وبعض أولادي .. بعض أطفالي .. لقد قصفوا منزلنا بوحشية .. ولست أدري هل من حسن حظي أو من سوء حظي أني لم أكن معهم في المنزل عند القصف ...
- رحمهم الله .. وأدخلهم فسيح جناته .. وألهمك الصبر .. فعليك بالصبر يا عزيزتي ..
- إنك تقولين ذلك .. لأنك لا تشعرين بمدي مصابي .. لا تشعرين بمدى ما أكابده .. فأنت تتماسكين هكذا لأنك لم تفقدي سوى عزيز واحد عليك .. في هذا القبر الوحيد الذي تقفين إلى جواره .
- حقاً أختاه ... حقاً بأنه قبر واحد .. ولكنه يحوي كل ما استطعنا الحصول عليه من أشلاء ... محترقة ... متفحمة ... لخمسة عشر فرداً ... هم أفراد عائلتي بالكامل ؟؟؟!!!
قصة قصيرة
بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )
===================
مقدمة :
أحداث وشخوص هذا النص وكل النصوص اللاحقة .. حقيقية وحدثت على أرض الواقع .. وليس من فضل للكاتب عليها اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
( الكاتب )
--------------------------------------------
" قبر ... وقبر " ؟؟!!
وقفت المرأتان في المقبرة ... مقبرة المدينة الواسعة الكبيرة ... الأولى وقفت ساهمة واجمة إلى جانب قبر ... تتمتم ببعض السور القرآنية .. وبعض الأدعية .. تربت على القبر بحنو ورقة .. تسوي بعض الرمال المتهدلة حول القبر وتعيد وضعها من جديد فوقه ..
الثانية ... كانت قلقة .. تبكي بحرقة ... تتحرك هنا وهناك ... تقف بين عدة قبور ... لعلها أربعة .. تتنقل بينها بسرعة غريبة .. تضع على هذا القبر بعض الورود .. وترش على ذاك شيئاً من الماء .. وعلى آخر بعض الأحجار .. وعلى الرابع بعض سعف النخيل ..
لعلها لحظات طويلة تلك التي سبقت رغبتهن بالحديث لبعضهن البعض ... بدأته الأولى بالحديث :
- عليك بالصبر يا أختاه ... وبالدعاء الدائم والترحم ... ولا داعي للقلق والبكاء بهذا الشكل .
توقفت الثانية عن البكاء والحركة لبعض الوقت ... اقتربت من الأولى بعيون متقدة كالجمر :
- أي صبرٍ هذا بعد أن فقدت زوجي وثلاثة من أطفالي ؟؟!!... ألا ترين هذه القبور الأربعة ؟؟.. إنها قبور زوجي وبعض أولادي .. بعض أطفالي .. لقد قصفوا منزلنا بوحشية .. ولست أدري هل من حسن حظي أو من سوء حظي أني لم أكن معهم في المنزل عند القصف ...
- رحمهم الله .. وأدخلهم فسيح جناته .. وألهمك الصبر .. فعليك بالصبر يا عزيزتي ..
- إنك تقولين ذلك .. لأنك لا تشعرين بمدي مصابي .. لا تشعرين بمدى ما أكابده .. فأنت تتماسكين هكذا لأنك لم تفقدي سوى عزيز واحد عليك .. في هذا القبر الوحيد الذي تقفين إلى جواره .
- حقاً أختاه ... حقاً بأنه قبر واحد .. ولكنه يحوي كل ما استطعنا الحصول عليه من أشلاء ... محترقة ... متفحمة ... لخمسة عشر فرداً ... هم أفراد عائلتي بالكامل ؟؟؟!!!