هل تستحق كوب ورقي ؟!... بقلم د.مازن صافي
حين كنت صغيرا في المدرسة الابتدائية، تعلمت الدرس الأول ولازال معي درساً للحياة، عنوانه باختصار "الإتحاد قوة" فذاك الرجل العجوز وقد شعر بدنو الأجل، جمع أبنائه وطلب من كل واحد منهم أن حضر عصاه، وطلب من كل واحد أن يكسر جميع العصى مجتمعة، وفشل الجميع، وكرر الطلب بأن يكسر كل واحد عصاه، فكسر كل واحد عصاه بنفسه، وبهذا يكون الدرس قد اكتمل.
والدرس الثاني الذي تأثره به قبل أيام، جاء على لسان وزير وزارة سابق ،حيث قال في خطاب بمؤتمر دُعي له، وقد كان على المنصة يحمل في يده كوب من القهوة الورقي ، وقد أهمل الخطاب الرسمي المعد للإلقاء وبدا يرتجل في كلمته: "كلكم تعلمون أنني كنت العام الماضي وكيل وزارة وتحدثت في نفس المناسبة والمكان هنا، لكن في العام الماضي حجزوا لي على درجة رجال الأعمال، ونسقوا لي سيارة خاصة، تقلني من المطار إلى الفندق، ورتبوا لي شخصا ينهي إجراءات استلامي لغرفة الفندق ويرشدني إليها، وفي الصباح التالي عندما نزلت إلى الأسفل وجدت شخصا ينتظرني في البهو، والقني الى نفس القاعة وأوصلني إلى المدخل الخلفي ثم غرفة التحضير، وناولني القهوة في كوب خزفي جميل، لكني الآن لم أعد وكيل وزارة، لقد أتيت على متن طائرة اقتصادية، استلقيت سيارة أجرة على حسابي من المطار إلى الفندق، وأنهيت إجراءات استلامي للغرفة بمفردي، وأخذت سيارة أجرة أخرى لتقلني إلى القاعة،مشيت إلى المدخل الأمامي وعثرت على طريق وراء الكواليس دون مساعدة، وعندما سالت أحد الأشخاص، هل تتوفر لديكم قهوة؟، أشار إلى ماكينة القهوة في الزاوية، وأعددت القهوة بنفسي ووضعتها في هذا الكوب الورقي، وقال: العبرة هي أن كوب القهوة الخزفي لم يكن لي بل للمنصب الذي كنت أتولاه، أنا أستحق كوب ورقي، كلنا نستحق كوب ورقي، كلما كنت شخصا ناجحا وتبلي بلاءً حسناً في الحياة،سوف تمنح العديد من الامتيازات، الناس سينادونك سيدي، سوف يحملون حقائبك، ويفتحون لك الأبواب، وسيحضرون لك كوب الشاي دون انتظار طلبك، لكنك لست المستهدف،بل منصبك،وعندما تستمر الحياة،سوف يمنحون جميع تلك الأشياء للشخص الذي سيستبدلونه بك، لا تنس أبداً أنك تستحق كوب ورقي فقط.
والدرس الأخير حكمة تعلمناها تقول: "يا بني، ألن جانبك لقومك، يحبوك، وتواضع لهم، يرفعوك، وابسط لهم وجهك، يطيعوك، ولا تستأثر عليهم بشيء، يسودوك."
الخلاصة أن المناصب لا تدوم وان ما تسجله بأخلاقك وانتمائك وصدقك سوف يستمر معك ويتحدث عنك في غيابك.
كاتب فلسطيني
[email protected]
حين كنت صغيرا في المدرسة الابتدائية، تعلمت الدرس الأول ولازال معي درساً للحياة، عنوانه باختصار "الإتحاد قوة" فذاك الرجل العجوز وقد شعر بدنو الأجل، جمع أبنائه وطلب من كل واحد منهم أن حضر عصاه، وطلب من كل واحد أن يكسر جميع العصى مجتمعة، وفشل الجميع، وكرر الطلب بأن يكسر كل واحد عصاه، فكسر كل واحد عصاه بنفسه، وبهذا يكون الدرس قد اكتمل.
والدرس الثاني الذي تأثره به قبل أيام، جاء على لسان وزير وزارة سابق ،حيث قال في خطاب بمؤتمر دُعي له، وقد كان على المنصة يحمل في يده كوب من القهوة الورقي ، وقد أهمل الخطاب الرسمي المعد للإلقاء وبدا يرتجل في كلمته: "كلكم تعلمون أنني كنت العام الماضي وكيل وزارة وتحدثت في نفس المناسبة والمكان هنا، لكن في العام الماضي حجزوا لي على درجة رجال الأعمال، ونسقوا لي سيارة خاصة، تقلني من المطار إلى الفندق، ورتبوا لي شخصا ينهي إجراءات استلامي لغرفة الفندق ويرشدني إليها، وفي الصباح التالي عندما نزلت إلى الأسفل وجدت شخصا ينتظرني في البهو، والقني الى نفس القاعة وأوصلني إلى المدخل الخلفي ثم غرفة التحضير، وناولني القهوة في كوب خزفي جميل، لكني الآن لم أعد وكيل وزارة، لقد أتيت على متن طائرة اقتصادية، استلقيت سيارة أجرة على حسابي من المطار إلى الفندق، وأنهيت إجراءات استلامي للغرفة بمفردي، وأخذت سيارة أجرة أخرى لتقلني إلى القاعة،مشيت إلى المدخل الأمامي وعثرت على طريق وراء الكواليس دون مساعدة، وعندما سالت أحد الأشخاص، هل تتوفر لديكم قهوة؟، أشار إلى ماكينة القهوة في الزاوية، وأعددت القهوة بنفسي ووضعتها في هذا الكوب الورقي، وقال: العبرة هي أن كوب القهوة الخزفي لم يكن لي بل للمنصب الذي كنت أتولاه، أنا أستحق كوب ورقي، كلنا نستحق كوب ورقي، كلما كنت شخصا ناجحا وتبلي بلاءً حسناً في الحياة،سوف تمنح العديد من الامتيازات، الناس سينادونك سيدي، سوف يحملون حقائبك، ويفتحون لك الأبواب، وسيحضرون لك كوب الشاي دون انتظار طلبك، لكنك لست المستهدف،بل منصبك،وعندما تستمر الحياة،سوف يمنحون جميع تلك الأشياء للشخص الذي سيستبدلونه بك، لا تنس أبداً أنك تستحق كوب ورقي فقط.
والدرس الأخير حكمة تعلمناها تقول: "يا بني، ألن جانبك لقومك، يحبوك، وتواضع لهم، يرفعوك، وابسط لهم وجهك، يطيعوك، ولا تستأثر عليهم بشيء، يسودوك."
الخلاصة أن المناصب لا تدوم وان ما تسجله بأخلاقك وانتمائك وصدقك سوف يستمر معك ويتحدث عنك في غيابك.
كاتب فلسطيني
[email protected]