الأخبار
الدفاع المدني بغزة: الاحتلال ينسف منازل سكنية بمحيط مستشفى الشفاء38 شهيداً في عدوان إسرائيلي على حلب بسورياالاحتلال الإسرائيلي يغتال نائب قائد الوحدة الصاروخية في حزب الله17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزة
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

استقالة أم إقالة ل6 وزراء عراقيين؟ بقلم:عبد الحسين شعبان

تاريخ النشر : 2016-07-28
لم تعرف السياسة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي العام 2003 وإلى اليوم، حالة استقالة تُذكر، لأسباب تتعلّق بالاحتجاج على ممارسة ما، أو فشل في توجّه ما، أو تعارض في تدابير أو إجراءات ما، مثلما لم تعرف إقراراً بالإخفاق أو عدم القدرة على تحقيق ما تم الوعد به، أو جرّاء حدث كبير بحاجة إلى سياسة جديدة، وهذه بالتالي تحتاج إلى إدارة جديدة، وهو ما فعله دايفيد كاميرون حين أعلن عن استقالته في اليوم الثاني لإعلان نتائج استفتاء بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي في 24 يونيو (حزيران) 2016، واستقالة أليكس سالموند رئيس وزراء اسكتلندا الذي فشل في تحقيق وعده باستقلال اسكتلندا عبر الاستفتاء عن المملكة المتحدة، في 18 سبتمبر (أيلول) 2014.
ولم ينتظر الزعيمان تقديم أي مسوّغات أو تبريرات لفشلهما، بل اعترفا بالهزيمة بروح رياضية، وبادرا إلى الاستقالة من دون أن يتشبثا بمواقعهما، أو يلقيا باللوم والاتهامات على الآخرين، خصوصاً الزعم بوجود "مؤامرة كبرى"، أو أن "جهات خارجية" تقف وراء ذلك، وهو الأمر كثير الحدوث في البلدان العربية والعالمثالثية، فحتى الخطأ الذي ينبغي على الجهة المسؤولة تحمّله، فإنها تلقيه على خصومها وأعدائها، في محاولة للتمترس في المواقع التي تعتّقت فيها رؤوس البعض.
وثقافة الاستقالة لا تقتصر على أحداث كبرى من هذا النوع، بل إنها تشمل أحياناً أحداثاً أدنى مستوى: تفجير مثلاً، أو تزوير، أو فضيحة أخلاقية، أو خروقات أمنية، أو مخالفة لقواعد الدستور، أو غير ذلك، الأمر الذي يضطر فيه المسؤول إلى تقديم استقالته احتراماً لنفسه وللجمهور.
وباستثناء استقالة وزير حقوق الإنسان الدكتور عبد الباسط تركي في أبريل (نيسان) 2004، احتجاجاً على ممارسات منافية لحقوق الإنسان من جانب القوات الأمريكية، وإن مرّت الاستقالة بهدوء وعدم إثارة ضجة، فإن ثقافة الاستقالة لم تصل بعد إلى الطاقم السياسي العراقي الحاكم، الذي بدا أكثر لهاثاً ومحمومية على المواقع والمراكز، حتى قيل على لسان مسؤولين، إن لكل موقع ومركز ثمنه الذي يبلغ ملايين عدّة من الدولارات. 
هكذا تُباع وتُشترى المواقع والمراكز، في ظل نظام المحاصصة الطائفية – الإثنية الذي جاء به بول بريمر الحاكم المدني الأمريكي للعراق في مجلس الحكم الانتقالي (العام 2003)، والذي استمرّ حتى الآن مكرّساً أعرافاً في إطار نصوص دستورية تساعد على تعزيز مثل هذا التوجّه المحاصصاتي، بزعم تمثيل المكوّنات، وهو ما ورد ذكره في الدستور ثماني مرّات.
وبعد أخذٍ وردّ، وشدّ وجذب، لمدّة عام أو يزيد قليلاً، قدَّم 6 وزراء استقالتهم لرئيس الوزراء التي قبلها على جناح السرعة، وهم يمثلون التحالف الوطني (الشيعي). وباستثناء محمد الغبّان وزير الداخلية، الذي كان قد أعلن تقديم استقالته قبل ذلك، وحمّل رئيس الوزراء مسؤولية الاختراقات في الملف الأمني، وآخرها تفجيرات الكرادة، التي عجّلت حسبما قال في قرار استقالته، لما تركته من أثر نفسي فيه، فإن الاستقالات الأخرى كانت أقرب إلى الإقالات، وهي ليست مُسبَّبة.
ولأن ثقافة الاستقالة غائبة أو محدودة جداً، فإن الاستقالات الأخيرة، بدت وكأنها تحصيل حاصل، لضعف الشعور بالمسؤولية أولاً، وعدم تحمّل نتائج الخطأ، أو النقص، أو التقصير والاعتراف به، لأنه غير متداول أو مألوف في التقاليد السياسية، بل هو غير موجود في قاموس السياسة العراقية، ففي السابق لم يكن بإمكان الوزير في ظل نظام شمولي الاستقالة، وأن ما مسموح به فقط هو قبوله "الإقالة"، وعليه الانصياع، وإلاّ فإن النتائج ستكون وخيمة، واليوم فإن الكتلة التي ينتمي إليها الوزير هي التي تقرّر بقاءه أو تغييره، وليس المهم أن يكون كفوءًا أو نزيهاً، أو ناجحاً، بل يكفي أن يكون موالياً، فالولاء هو الأساس وليس الكفاءة.
وفي الغالب الأعم، تُفضّل الكتلة بقاء "وزيرها"، لأن وجوده مكسب له، وفرصة لتوسيع دائرة نفوذها وامتيازاتها، حتى ولو على حساب الوطن، وإلاّ لماذا تعاني الدولة ملاكات فاسدة وتزويراً يزكّم الأنوف، وهجرة للكفاءات؟ أليس أحد الأسباب الأساسية في ذلك هو نظام المحاصصة؟
إذاً ما الذي دفع الوزراء لتقديم استقالة شبه جماعية، وهم من كتلة واحدة تقريباً؟ هناك من يقول إن العبادي كان سيقرّر البدء بكتلته لامتصاص النقمة، ولهذا بادروا هم بتقديم الاستقالة، أو باتفاق معهم قبل إقالتهم. وهناك من يزعم أن الأمريكان هم من قرروا إعفاء هؤلاء الوزراء من مناصبهم لقربهم من إيران، وقد ازداد تأثير واشنطن في السياسة العراقية بعد احتلال "داعش" للموصل، خصوصاً بعد إرسالها جنوداً بصفة خبراء، بلغ عددهم أكثر 4.600، وسينضم إليهم نحو 560 آخرون، كما أعلن وزير الدفاع آشتون كارتر في 11 يوليو (تموز) الجاري، وأن قاعدة القيّارة الاستراتيجية القريبة من الموصل وضعت تحت تصرّفهم، ولربما ستكون قاعدة ثابتة، إضافة إلى قواعد أخرى.
وإذا كان القرار بإقالتهم يأتي منسجماً مع رغبة حركة الاحتجاج، فإن هناك وزراء آخرون متهمون بالفساد وضعف الكفاءة، والفشل في إدارة وزاراتهم، لا يزالون مستمرون في مواقعهم، وتأتي الإقالة من جهة أخرى، في إطار نشاط جديد يقوم به نوري المالكي رئيس الوزراء السابق، الذي ظل يطمح لولاية ثالثة، الأمر الذي شعرت إيران عند غيابه بضعف رأس الدولة الذي كان يمكن الإبقاء عليه في المدار الإيراني.
المالكي يسعى لإقامة تحالف جديد، قد يطيح بالعبادي من داخل حزب الدعوة، ولهذا السبب ذهب إلى السليمانية، وهو الذي اتهم أربيل بالتواطؤ في إسقاط الموصل، فضلاً عن اتّهامه الكرد بمحاولة فرض نفوذهم على كركوك لضمّها إلى كردستان (أي تكريدها)، والاستحواذ على نفطها، ولكن مثل هذا الأمر قد يكون مطروحاً للحلحلة فيما إذا تم الاتفاق على تركيب سياسي جديد.
الإشكالية الآن في ما بعد الاستقالات، أو الإقالات، تتلخّص في: أي المعايير التي سيعتمدها العبادي، هل معيار الاستحقاق الانتخابي؟ أي العودة إلى نظام المحاصصة، أم معيار وزراء التكنوقراط طبقاً للمواصفات الأمريكية؟ وهل بإمكانه فعل ذلك، وماذا لو أقدم عليه، فهل سيؤجّج الحملة مجدداً ضده لسحب الثقة منه، وهو ما يلوّح به بعض خصومه، بمن فيهم السيد الصدر، أم أن ثمة تغييرات ستدور في الفلك الأمريكي أبعد من ذلك بعد فشل العملية السياسية، في محاولة لتحجيم الدور الإيراني، خصوصاً بتقليص نفوذ الحشد الشعبي، ولا سيّما بعد تحرير الموصل، أم أن العبادي سيلقى معارضة شديدة من كتلته، خصوصاً وهو لا يملك عدداً كافياً من المقاعد البرلمانية التي تؤهله للبقاء في الموقع، وقد يكون حصاد كلّ ذلك هو انتخابات العام 2018.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف