الأخبار
ما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيلإسرائيل ترفض طلباً لتركيا وقطر لتنفيذ إنزالات جوية للمساعدات بغزةشاهد: المقاومة اللبنانية تقصف مستوطنتي (شتولا) و(كريات شمونة)الصحة: حصيلة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 32 ألفا و490 شهيداًبن غافير يهاجم بايدن ويتهمه بـ"الاصطفاف مع أعداء إسرائيل"الصحة: خمسة شهداء بمدن الضفة الغربيةخالد مشعل: ندير معركة شرسة في الميدان وفي المفاوضاتمفوض عام (أونروا): أموالنا تكفي لشهرين فقط
2024/3/28
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

يساريون ضد النساء ومع "حزب الله"بقلم:دلال البزري

تاريخ النشر : 2016-07-28
يساريون ضد النساء ومع "حزب الله"بقلم:دلال البزري
كان صديقي الصحافي اليساري يكرّر دائماً بأن علينا، نحن اليساريين، أن لا نتردّد في دعم "حزب الله". لأن هذا الحزب لا يمنعنا من التدخين وشرب الخمرة وإقامة العلاقات التي نشاءها... إلى ما هنالك من "ملذات" تطيب لليساري "الليبرالي" عموماً. وعندما كنتُ أرد عليه بأن الحزب هو حزب ديني، ويحمل في متونه كل المواد المعادية لتحرر النساء، كان يجيب بأن المحجبات و"المشودرات" (تشادور) اللواتي يتبعنه لسن كلهن مقتنعات بزيهن الديني؛ إنما يلبسنه تعبيرًا عن تأييدهن لمقاومته اسرائيل. وان إعادة إدخال النساء إلى طوق الإسلام السياسي يقتصر على الطائفة الشيعية، دون غيرها من الطوائف. وهذه الأخيرة، على كل حال، لن تتأخر في إعادة كرة الحرية إليها، بعد التحرير... وقتها، أي قبل عقدين أو ثلاث من الزمن، كان "حزب الله" لطيفاً، مهذباً، خلوقاً، لا يحتاج الى أدوات هيمنة عسكرية. هو مهيمن بفطرة أولوية المعركة الصهيونية، وخلاص. وكان فوق ذلك وارثاً لمجتمع "تقدمي"، سيطرت عليه الأحزاب اليسارية، فاعطت ما استطاعت هذه الحقبة أن تعطيه للنساء، وخصوصا الشيعيات، من نفحات حداثية، كانت واضحة المعالم. أما الآن، فلا. خرج الحزب إلى ميدان النساء بما يشبه الصراحة، ووظف "واجهاته" الطلابية والبلدية والجماهيرية، لبعث إشارات كلها تشي بفصلهن عن الرجال. لم يكتف بالهيمنة "الشرعية" القانونية عليهن، بإلباسهن الرداء الديني، وسيطرته على المحاكم الدينية، وعلى أحوالهن الشخصية، وبيئتهن الضيقة والمتوسطة. إنما صار يبعث بقوانين غير مُصاغة ترسم سلوكهن وأماكنهن ونشاطهن... خارج هذه البيئة والأحوال. بالأمس كانت حادثة منع الفنون في الجامعة اللبنانية في الحدث. واليوم سلسلة "قرارات"، غير رسمية، "شرعية" الحيثيات، كأنها اختبار، تقول كلها للنساء، انفصلن عن الرجال، وعدن إلى الدائرة الداخلية. في جبشيت الجنوبية، ومعها عيترون والخيام، اللحن هو نفسه: منع النساء من... ارتياد المسابح المختلطة، المقاهي المختلطة، الأنشطة الرياضية المختلطة. وكل ذلك كما قلنا، مع تجهيل متعمد لمسؤولية هذه القرارات، أو مع ابقاءها رجْراجة. متسبّبا بذلك، في تشوّش ونكران، و"توضيحات"، لا تفهم منها غير امر واحد: ان "حزب الله" يمارس، هنا، نصف تقية. يفصح ولا يفصح، يشير ولا يشير، يمنع ولا يمنع الخ. ولكن في إطار مفهوم، أي في البقعة الجغرافية، الجنوب اللبناني، التي يسيطر عليها أمنيا وسياسياً، والتي لا تخرج منها الإبرة من دون معرفته. المهم ان الذين دافعوا عن قرارات الحزب هذه لم يكونوا هذه المرة إعلاميين إسلاميين شيعة، أو شيوخ تابعين للحزب، أو شخصيات "محسوبة" عليه؛ إنما خرجت من أبواق يسارية، هي سليلة صديقنا الصحافي اليساري الكبير، ولم تتغير حجتهم قيد أنملة منذ رحيله. فلَشوا أنفسهم على صفحاتهم وحوائطهم الفايسبوكية وإعلامهم المعتمد، وراحوا يدافعون عن هذه الإجراءات الإختبارية بجوارحهم، كأنهم ما زالوا في الثمانينات، عندما لم يكن في الحزب سوى مناضلين ومقاومين. قالوا طبعا انه في هذه اللحظة المصيرية من تاريخ أمتنا، حيث نصارع الإمبريالية، لا يجوز أن نتلهى بقضية على هذه الدرجة من الثانوية وقلّة الاهمية.... ومع من؟ مع الحزب الذي يدافع عن الوطن والحدود، ويتصدّى للمشاريع الإميريالية الصهيوينة. قالوا أيضاً، في إصرار غريب على إنتحال صفة السذاجة السياسية، بعدما تسلْطنوا في "كشف المؤامرات"... قالوا ان هذا الذي حصل مؤخرا في القرى الجنوبية الثلاث، هو "حالات فردية" (مثل الجرائم الفردية لمجموعة "نور الدين زنكي")، "لا يجوز تعميمها"؛ وان الذين ينتقدونها هم المصطادين بالماء العكر، عاطلون عن العمل، وجدوا لأنفسهم وظيفة شتم "حزب الله" الخ. اما الحجة الأدهى، وقد تكررت على غير لسان "يساري"، انه على كل حال علينا ان نحترم "الثقافة التقليدية" التي جُبِل عليها "أبناء الجنوب"، والتي لها "جذور عميقة" الخ. وهي حجة قاتلة لليساريين أنفسهم ولذاكرتهم القريبة. فقبل "حزب الله" كان الجنوب اللبناني بيت الأدب والشعر والفن والحرية الفردية، وكانت الشابة الجنوبية ي الأكثر تحرراً، في السياسة كما في الاجتماع. ولكن يبقى السؤال: ما الذي يدفع حزب الله" إلى اختبار قدرة المجتمع الواقع تحت سيطرته السياسية على تقبّل إطباقه نهائيا على نسائه؟ وليس عبر برنامج واضح وصريح، إنما عبر اجراءات "بسيطة"، متتالية،  تُرسَم على جسد النساء؟ قد يكون الحزب في صدد إنعاش بوصلة فرعية، قديمة، تتمحور حول أضعف الحلقات، النساء، بعدما أضاع الأساسية، أي مقاومة اسرائيل، في حربه مع الأسد ضد السوريين. وقد تكون قوة الدفع الإيراني الصادرة خصوصا عن "الحرس الثوري"؛ وقد طار عقل هذا الأخير من إمكانية تأثر الإيرانيات بالثقافة الغربية التحررية، بعد الاتفاق النووي مع الغرب؛ فقام باجراءات شبه يومية تحدّ من هذا التأثير، وتحشد من أجل الحفاظ على سيطرة رجال الدين على الإيرانيات، باسم التصدي لهجمة الثقافة الغربية المنحلة. قد تكون الحرب ضد "داعش" نفسه، ومن المنطلق الإسلامي نفسه، الذي يدفع الى المزايدة الدينية على النساء. مع فارق بالأسلوب: "داعش" بالعلن والصخب، تأسر النساء، وحزب الله في شبه السرّ يريد إعادتهن الى البيت. اما "اليساري الملتزم"، فما الذي يجعله يدافع عن هذا الإختبار، ويفسح المجال أمام المزيد؟ أليس من ضمن "إيماناته" اليسارية تأييده لـ"حقوق النساء"؟ بلى، هذا ما يأتي على لسانه، يكررها ببغائياً، ولا يلحظ، ولا نحن نلحظ، إلا بعد حين، بأن هذا "التأييد" هو مجرد "أكسسْوار" فكري. في الواقع، هو لا يأبه بكل هذه الإنشائيات، بعدما فرّغها من مضمونها. لا يبالي أصلاً، ومنذ البداية. اليساري المؤيد للنساء لساناً، كان كاذباً. لم يبتغ من يساريته هذه غير المتعة الجنسية، تحت مظلة "الحرية الجنسية" التي تدعو إليها. وهذه الكذبة بلّطتْ الطريق أمام الصعود الديني، وأولويته بإخضاع النساء، هي التي تسهّل الآن مهمة "حزب الله" الإختبارية... من بين تسهيلات أخرى. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف