الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الثقافة المضادة في العصر الحديث بقلم:عبد الكريم اوبجا

تاريخ النشر : 2016-07-26
الثقافة المضادة في العصر الحديث بقلم:عبد الكريم اوبجا
الثقافة المضادة في العصر الحديث


عبد الكريم اوبجا 
لقد برزت الثقافة المضادة في العالم من خلال مرحلتين تاريخيتين: 1) ستينيات و سبعينيات القرن الماضي (1965-1978) التي أطرتها ظرفيتي استقلال المستعمرات و انتصار النيوليبرالية. 2) بداية العقد الثاني من القرن الحادي و العشرين (2011-2013) الذي أطرته ظرفية الأزمة البنيوية للرأسمالية العالمية و الربيع الديمقراطي. 

1) مرحلة ستينيات و سبعينيات القرن العشرين (1965-1978):

اتسمت هذه المرحلة ببروز الموجات الجديدة من الثقافة الاحتجاجية المضادة و الحركات الاجتماعية المرتبطة بها و المتشبعة بالفكر الماركسي المتفتح على مختلف المدارس الفكرية في مجال العلوم الاجتماعية و الإنسانية. 

فاندلعت بالولايات المتحدة تمردات طلابية في 1965 ضد حرب الفيتنام و ضد العنصرية و متعاطفة مع حرب العصابات في أمريكا اللاتينية، و ظهرت حركة الحقوق المدنية بتأثير من "مارتن لوثر كينغ"، و كانت حركات السود كذلك تحت تأثير الزعيم "مالكوم إيكس" الذي رسم لها خطا أمميا مناهضا للإمبريالية و متحالفا مع حركات التحرر الوطني في العالم الثالث. و برزت حركة "الهيبيزم" في منتصف الستينيات و انخرطت في موجات الاحتجاج و الرفض، و هي حركة بوهيمية ملتزمة سياسيا و تنشد عالما تسوده الأخوة و المساواة و تنبذ مجتمع الاستلاب و الاستهلاك و تحلم بمجتمع بديل. و في ميدان الموسيقى و الغناء ظهرت ألوان و مجموعات موسيقية بديلة ك"إيجلز" و "البيتلز" و "بينك فلويد".

و بتأثير من الثورة الثقافية الصينية في1966، خلقت أحداث ماي 1968 في باريس حالة ثورية تم خلالها تحرير الشباب للفضاءات العامة و التجمهر في الشوارع و تم تكريس ثقافة التجمعات العمومية في الجامعات و الثانويات و أماكن العمل و ارتفع عدد المتظاهرين إلى عشرة ملايين خلال أيام الإضراب العام الذي دعت إليه النقابات العمالية. و في نفس السنة انفجرت انتفاضات طلابية و عمالية بكل من ألمانيا الغربية و إيطاليا و إسبانيا و اليابان و بلغراد.

و عرفت بلدان أمريكا اللاتينية احتجاجات كبيرة في كل من بوليفيا و الأرجنتين و البرازيل و المكسيك، و شهدت بلدان المنطقة العربية و المغاربية حركات احتجاجية متفاوتة في كل من مصر و لبنان و فلسطين و الجزائر و المغرب.

و في المغرب أطلقت انتفاضة الطلبة في 23 مارس 1965 و الأحداث الأليمة التي صاحبتها فورة ثقافية و فنية قوية معبرة عن حجم الآلام و الآمال التي تعيشها الشبيبة المغربية، و وجدت تعبيراتها في الشعر و الزجل و الأدب و الموسيقى و السينما و المسرح و الفن التشكيلي. كما ظهرت مجموعات غنائية تعبر عن ثقافة الرفض و الاحتجاج ك"ناس الغيوان" و "إزنزارن" و "المشاهب" و "جيل جيلالة". و برزت مجلة "أنفاس" (1966-1973) كمنبر إعلامي تقدمي مفتوح للمثقفين والأدباء و الشعراء و التشكيليين و السينمائيين المقموعين و الساعين إلى ممارسة ثقافية بديلة، فكانت المجلة منطلق حركات سياسة يسارية جديدة و نخص بالذكر منظمتي "إلى الأمام" و "23 مارس".

2) مرحلة بداية العقد الثاني من القرن الحادي و العشرين (2011-2013): 

إن هذه المرحلة المعروفة بالربيع الديمقراطي، و التي يؤطرها شعار "الشعب يريد"، تعبر عن اقتحام الإرادة الشعبية للساحة السياسية و الثقافية بقيادة شباب التغيير و بدون وسيط منذ 14 يناير 2011، حيث أن إرادة الشعب ضد الاستبداد و الفساد يجري التعبير عنها و تهتف بها جماهير غفيرة في ميادين تونس و مصر و اليمن و البحرين و ليبيا و سوربا و المغرب. و ساعد بشكل كبير في تفجر هذه الانتفاضات مجموعات من الشباب المستاءين من البؤس الثقافي و الاجتماعي و تحدوا القمع المضروب عليهم و استغلوا شبكات التواصل الاجتماعي في التواصل و إقامة الصلات و توسيع دائرة التعبئة الشعبية للتظاهرات و الإعتصامات. و تأتي في هذا السياق كذلك احتجاجات حركات "احتلو وولستريت" بأمريكا و "الساخطين" بإسبانيا مستلهمة شعارات الانتفاضة بالمنطقة العربية و المغاربية.

و سنتوقف عند التجربة التونسية باعتبارها تجربة جد مميزة على المستوى الثقافي بالخصوص، فحالة التردي الثقافي السائدة بتونس قبل 14 يناير 2011 كانت نتيجة تراكمات لسلسلة من الاختيارات والتوجهات الرسميّة للنظام السابق التي تكرس السطحيّة والإلهاء و التضييق على المثقّفين الرافضين لواقع الحياة الثقافيّة، كما أن أشباه المثقّفين الذين استفادوا طويلا من دعم النظام الحاكم لعبوا دورا أساسيا في تشويه المناخ الثقافي، في ظل غياب المثقّف الذّي يُعايش مشاكل النّاس ويطرح الحلول العمليّة ويسعى لتغيير حقيقيّ.

و مع 14 جانفي 2011، برزت الثقافة البديلة التي كانت مقموعة طويلا قبل الثورة، و تولدت من رحم مجموعات شبابيّة تطوّعت وتجنّدت لخدمة الحياة الثقافيّة بوسائل ذاتيّة محدودة ومتواضعة متحرّرة من العوائق البيروقراطيّة، ونقلت الإنتاج الثقافي من الفضاءات الكلاسيكيّة في المسارح ودور الثقافة إلى المقاهي والجامعات والشوارع لتمرير رسائل سياسيّة و ثقافيّة و كسر مركزيّة و تمركز الثقافة وجعلها في متناول الجميع. 

و كان الامتياز لمجموعات الراب التي كان ظهورها سابقا للثورة، و الرسومات الحائطيّة أو “الغرافيتي” كإحدى وسائل مقاومة الشباب لحالة التغييب عن المشهد العام في البلاد وتبليغ آرائهم للجميع، و جعلوا من “الغرافيتي” الملتزم والحامل لمعاني ثورية وفلسفية فنّا ووسيلة تعبير تتمحور حول مفاهيم الحريّة وحقّ الإنسان في العيش الكريم والسيادة الوطنيّة و العدالة الاجتماعيّة و قضية شهداء الثورة، و وقفت بقوّة ضدّ العنف الذي جوبهت به الحركات الاجتماعيّة و انفتحت على القضايا الدوليّة و الإقليمية. 

كما ظهرت في مواقع التواصل الاجتماعي صفحات ثقافيّة ومجموعات أدبية تتناول الشأن الثقافيّ والسياسيّ في تونس بكلّ جرأة وصراحة. أمّا السينما فقد شهدت انتعاشة كبرى واستطاع الشباب أن يجد المتنفّس لمعالجة كلّ القضايا والمشاكل والأحداث التي عايشتها وتعيشها البلاد في الوقت الراهن عبر الأفلام القصيرة والوثائقيّة.

-----------------
هوامش: 
- احمد الحارثي، "اليسار الثقافي أو ثقافة الاحتجاج و الرفض في المغرب السبعيني"، مجلة نوافذ، ماي 2008.
- جلبير الأشقر، الشعب يريد، 2013.
- محمد سميح الباجي عكّاز، " كل مفروض مرفوض، نحو ثقافة بديلة؟"، 2014.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف