الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

تركيا :علمانية الدولة أم علمانية الحزب الحاكم ؟ بقلم:محمد احمد عطاالله

تاريخ النشر : 2016-07-25
تركيا :علمانية الدولة أم علمانية الحزب الحاكم ؟ بقلم:محمد احمد عطاالله
تركيا :علمانية الدولة أم علمانية الحزب الحاكم ؟

محمد احمد عطاالله[1]

ينص الدستور التركي في المادة الثانية على علمانية الدولة حيث يصف الجمهورية التركية بانها ديمقراطية ، علمانية اجتماعية وانها تحكم بالقانون، كذلك اشار الدستور الى حرية المعتقد والتفكير الديني و اشار  ايضا انه يستحيل تطبيق القواعد الدينية ولو جزئيا في كيان الدولة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والقانوني . فما هو تفسير العلمانية كما وردت في الدستور وهل حزب العدالة والتنمية  بقيادة رجب طيب اردوغان علماني ام الدولة التركية نفسها علمانية وقبل ان نجيب عن هذه الاسئلة يجب ان نعرف ان هناك تباين في تعريف العلمانية في الوسط التركي منذ تداول هذا المفهوم  فتفسير مصطفى كمال مؤسس الجمهورية يختلف عن تفسير من جاء بعده وبالتأكيد يختلف عن تعريف حزب العدالة والتنمية الذي يتقلد مقاليد الحكم منذ سنين وقبل كل شئ لابد من تعريف العلمانية في الوسط التركى فيرجع تعريف العلمانية في تركيا الى كلمة lailik وتنسب هذه الكلمة الى الاصل الفرنسي laicite المنحدرة من الكلمة اللاتينية المسيحية laicus وتعنى المسيحى المعمد بالمقابل مع الاكليروس أو الكنيسة فعبارة علماني تعنى لغاية اليوم المسيحى المؤمن ، وغبطة البطريرك خريش في كل سنة بمناسبة الصوم الكبير يوجه رسالة الى ابناء طائفته يستهلها بالتالى " الى اخواننا المطارنة وجميع أـبناء طائفتنا اكليركيين وعلمانيين " (6) وقد أدى هذا الغموض حول العلمانية الى ايجاد آراء متباينة ازاءها وعلى الرغم من هذا الغموض في معناها نرى أن مجموعة من الكتاب الاتراك قدموا لها تعريفا  ، وتبعا لرأي بولنت دووار ان هدف العلمانية هو ايجاد المجتمع التركى ونظام الدولة والذي يجب ان يقوم عل العقل والتجربة والحرية وفي رأيه ان هدف العلمانية للثورة التركية انعكس على تقييد الحرية الدينية وبصورة خاصة في مجالات القانون والتعليم وحسب اعتقاد دووار أن تطوير النظام الاجتماعي الحديث قد أعطى العثمنة الايجابية للمبادئ الاسلامية اما العلمانية في وجهة نظر Ethen Ruglali Figlali  لا تعنى اللادينى وفي اعتقاده أن الدين في مفهوم العلمانية شئ  مرتبط بوجدان الاشخاص وضميرهم. اما  العلمانية من وجهة نظر مصطفي كمال مؤسس الجمهورية " لا تعنى اللادينى بل على العكس من ذلك انها منحت المجال الواسع امام المؤمنين للعبادة الصحيحة واغلاق المجال امام المحتالين على الدين والسحرة والذين ربطوا بمفهوم العلمانية اللادينى هم الذين يتفقون مع الاعداء بقلوبهم وضمائرهم "(7) يقول اتاتورك العلمانية تعنى عزل موضوعات الحياة عن موضوعات الدين بل تعنى اكمال حرية الضمير لمواطنينا "(8) ولكن رغم هذا التعريف نجد ان اتاتورك شن حربا بلا هوادة ضد مظاهر الدين وفي هذا السياق يعرف الاستاذ باهرى سيوبجنى العلمانية بانها تعنى انفصال الدولة عن الدين وقد وصف الثورة التركية بانها حركة انقاذ الافراد من الاعتقادات والمؤسسات الخاطئة وجلب حرية الوجود للافراد، فيما يفسر جتين أوزال العلمانية تفسيرا جديدا مفاده أن العلمانية لها صفة وطنية اذ ان تطبيق هذه الصفة يختلف من دولة الى اخرى تبعا لاختلاف الظروف أما فؤاد باشكيل فيعرف العلمانية بانها حماية الدين وحماية حقوق المواطنين ضد الاعتداءات  وعدم تدخل الدولة في الشئون الدينية أو تدخل الدين في شئون الدولة.  مما سبق يتبين لنا ان تعريف العلمانية لم تأخذ جانبا صداميا مع الدين فكل ما في الامر هو تحييد الدين، ينص الدستور التركى في المادة الثانية على علمانية الدولة حيث يصف الجمهورية التركية بانها ديمقراطية ، علمانية اجتماعية  وانها تحكم بالقانون ولكن ماذا قال رجب طيب اردوغان قبل توليه السلطة في خطاب جماهيرى عن العلمانية " لا يمكنك الا ان تكون مسلما أو علمانيا ، فانت تحاول ان تقارب بين مجالين مغناطيسيين متنافرين ، من المستحيل ان تجمعهما معا، ففي هذه الحالة لا يمكن لأحد ان يدعى انه مسلم ثم يرجع ويقول في نفس الوقت علماني لانه عند المسلمين الله وحده له الحاكمية والسلطة المطلقة بينما يؤمن العلمانيون أن السلطة هى للشعب توقف. هذا كذب هذه كذبة كبيرة " (9) لكن هذه النبرة الحادة كانت سيدة الموقف ابان حقبة اربكان الذي كان يظهر الايديولوجيا بشكل علنى وهذا ما تأثر به أحد تلاميذه رجب طيب اردوغان  لكن مؤسس حزب العدالة والتنمية يقول في مقابلة تلفزيونية مصرية بعد فوز الرئيس المعزول  محمد مرسي " ان مفهوم العلمانية ليس مفهوما رياضيا فان في الرياضيات 2 في 2 =  4ولكن في المفاهيم الاجتماعية المفاهيم مختلفة لان العلمانية في مجتمع الانجلو سيكسون مختلفة ، في اوروبا المفهوم يختلف ، في تركيا المفهوم مختلف طبعا دفع ثمنا بالغا ، فان دستور 1982 هناك تعريفا للعلمانية في هذا الدستور الدولة علمانية وهى على مسافة متساوية مع كل الاديان ، الاشخاص لا يكونوا علمانيين ، الدولة تكون علمانية ، الاشخاص بامكانهم ان يكونوا متدينين وضد الدين أو دين اخر هذا شئ طبيعى ، يجب على المسلم ان يعيش ديانته وعلى النصرانى ان يعيش ديانته واليهودى ، الدولة علمانية والافراد ليسوا بالضرورة علمانيين رجب طيب اردوغان رئيس وزراء دولة علمانية وهو يفعل كل ما توجبه هذه الدولة "(10) مما سبق يظهر لنا من كلام السيد اردوغان ان تركيا دولة علمانية ولكن بمفهوم اخر وهذا ما يبينه اردوغان نفسه في خطاب اخر ان الدين هو شئ مهم بالنسبة لى على المستوى الفردى بل هو أهم شئ لكنه لن يكون كذلك في الفضاء العام الاجتماعى والسياسي حيث يجب ان تتنافس البرامج والافكار والخطط ويكون الاختيار بينها والتصويت عليها عبر العملية الديمقراطية . يقول الدكتور ابراهيم أبراش استاذ العلوم السياسية بجامعة الازهر بغزة " ان حزب العدالة والتنمية حزب سياسي وطنى تركى ذو مرجعية اسلامية" (11) ولكن كيف تلاقت هذه الافكار وكيف تعاطى الحزب مع مستجدات العصر ويمكن القول هنا "ان مؤسسو حزب العدالة والتنمية أطلقوا على حزبهم " الديمقراطية المحافظة " وهى نظام سياسي اجتماعى توفيقى تنسجم فيه الحداثة والتراث من جانب والقيم الانسانية والعقلانية من جانب آخر فهي تقبل الجديد ولا ترفض القديم والمحلى وتحترم الاخر وتؤمن بخصوصية الذات وترفض الخطاب السياسي القائم على الثنائيات التى ترفض رؤية سياسية  أو عرقية أو أيديولوجية أو دينية واحدة تلغى ما سواها   لذلك يمكن القول ان حزب العدالة والتنمية ليس حزبا علمانيا بقدر ما هو حزبا ديمقراطيا محافظا يحافظ على هويته الثقافية ويؤمن بالتحديث والتطور وبهذا لا يتناقض مع العلمانية بالمفهوم الغربي ويظهر لنا ان حزب العدالة والتنمية هو امتداد للخط السياسي للحزب الديمقراطى في الخمسينات ولحزب العدالة في الستينات والسبعينات وللوطن الأم في الثمانينات ومن ثم قدر له الاستمرار ولكل هذه الاحزاب بدرجة ما هي " ديمقراطية محافظة " أي انها تحترم الاسلام كهوية للدولة وترفض العلمانية الاستئصالية وتحاول ان تدعو الى علمانية متسامحة كما في الغرب ، ان حقائق التطور السياسي في تركيا تتجه لصالح دولة ديمقراطية تحترم الاسلام والمتدينين ولا تتصارع مع العلمانية وانما تهذبها وتروضها لتكون اكثر انسانية وتجاوبا مع حقائق العصر وموازين القوى على الارض وهذه الرؤية عند مؤسسي الحزب ونظرتهم للواقع جاء بعد مراجعة ذاتية جدية افضى الى ضرورة انتهاج مقاربة جديدة حيال متطلبات الديمقراطية الليبرالية وعضوية تركيا للاتحاد الاوروبي وتبلورت هذه الرؤيا في تشكيل حزب سياسي جديد هو حزب العدالة والتنمية في 1481 لا ينتمى الى رؤية الحركة الاربكانية بل يمثل رؤية عرفت ب " العثمانية الجديدة " وتعد امتدادا لرؤية الرئيس الراحل توجورت اوزال وتقوم على الانفتاح تجاه مختلف التيارات والقوى الوطنية مع التمسك بالقيم والتقاليد الوطنية من اجل تحقيق نهضة الدولة داخليا وتعزيز مكانة تركيا الدولية  يقول يوسف أبا خليل "التجربة الثرية لحزب العدالة والتنمية خففت إلى حد كبير من استبدادية العلمانية الأتاتوركية، وأحالت المجتمع التركي، أو تكاد، إلى مجتمع محكوم بعلمانية سيكولارية أدت إلى استقلال شؤون الحكم كشأن دنيوي بحت، عن الشأن الديني، وما نتج عنه من تساوي النظرة تجاه كافة الأديان والمذاهب". عندما سئل اثنان من قادة الحزب وهما عبدالله غول وعبد اللطيف شنر عن الجديد في حركتهم قالا: لن تتمحور حركتنا حول المشاعر والعقائد الدينية وانما على الأسس الديمقراطية والشفافية والحوار والتعاون .... وسوف تهتم بقضايا الناس اليومية مثل البطالة وعدالة التوزيع واصلاح نظام التعليم واصلاح الخدمات ..... لن تهدد النظام القائم وستتجنب الراديكالية في السياسات ، وعن مشكلة الحجاب قالا ان الحركة ستحلها في سياق حق المرأة الانساني في الاختيار.(12)  يقول كمال السعيد حبيب " ويمكن القول في محاولة فهم ظاهرة العدالة والتنمية في السياسة التركية وعلاقتها بالاسلام أن أربكان كان يضع الاسلام أمامه وهو يخوض صراعه مع العلمانية الاستئصالية في تركيا بينما قرر اردوغان أن يضعه في قلبه وهو يخوض هذا الصراع أيضاً"(13) وفي مقارنة منهج أربكان وأردوغان في التغيير نرى أن أربكان وجيل الشيوخ الذين معه يغلبون الشريعة والالتزام بالطابع الاسلامي لطبع المجتمع التركى العلماني به من خلال رؤية روحها احيائي بامتياز متأثرا في هذا بالحركات الاحيائية في العالم العربي ، وهي حركات يتقدمها الدين وتغلب عليه الشريعة في عملية التغيير التى تسعى اليه ، فهي حركات ذات طابع شمولى يغلب عليها مفهوم التغيير الشامل ، اذ لا بد من وجود الدولة حتى يمكن تطبيق الاسلام وهذا هو تفكير الجيل الثانى من الحركة الاسلامية التركية.(14) هذه الافكار الاربكانية جعلت النظام العلماني يضعها في موضع الريبة والخوف والحذر ويحاول حصارها والانقلاب عليها. أما جيل أردوغان وعبدالله غول فانهم يرون ان الواقع القائم يحتاج لقدر من التكيف والتوافق والعمل على اصلاحه ، ولذا استطاع حزب اردوغان ان يغالب المؤسسة العسكرية عبر تبنيه استراتيجية دخول الاتحاد الاوروبي وتبنيه لاستراتيجية اصلاح اقتصادي قريبة من الليبرالية الجديدة ذات الطابع الغربي  (15) اذن نحن أمام تعبير قديم ذي طابع أحيائى  أربكان  وتعبير جديد ذي طابع اصلاحى  أردوغان

______________________________

الهوامش

1) أوخان، محمد على ، عن النورسية : سعيد النورسي رجل القدر في حياة أمة ، (القاهرة : دار الفضيلة ، د . ت) ، ص 274

2)Crescent,Turkish nationalism and The Turkish Hugh Poulton, Top Hat, Grey wolf and Repuplic ( u.k: c. hurst, 1997) p.   174

(3) أبو امين ، عادل " مفاجأة حزب الرفاه في الانتخابات البلدية لتركيا " ، شؤون دولية ، العدد 223، 11أبريل 1994 ، ص 24

 

(4) النعيمى ، أحمد نوري ، مصدر سابق ، ص 345

(5) عبد العاطى، محمد ، مرجع سابق ، ص 79

(6) قبانى، عبد العزيز ، العلمنة والعروبة ، مجلة آفاق عن العلمنة ، عدد خاص - حزيران 1978م ، ص 49

(7) النعيمى ، أحمد نورى ، الحياة السياسية في تركيا الحديثة 1919-1938، دار الحرية ، بغداد 1990، ص 169

(8)  مصدر سابق ، ص 169

(9) مهرجان خطابى من حلقة بعنوان العائدون : تركيا الاسلامية العلمانية.

(10) قناة دريم المصرية

(11) عبد العاطى ،محمد ، مصدر سابق

(12) لطفى ، منال ، الاستثناء التركى ، حوار مع شريف ماردين ، الشرق الأوسط ، بتاريخ 277.

(13) عبد العاطى ، محمد ، تركيا بين تحديات الداخل ورهانات الخارج : بحث بعنوان الاسلاميون الاتراك ..من الهامش الى المركز : كمال السعيد حبيب ، ص 117.

(14) حوار كمال السعيد حبيب مع على بولاج في اسطنبول عام 2003بحث بعنوان الاسلاميون الاتراك ..من الهامش الى المركز : كمال السعيد حبيب ، ص 118

(15) نفس المصدر ،ص 118 .

-----------------------------------------
[1] كاتب فلسطيني
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف