عباس العقاد عدوًا للمرأة
لم يكن توفيق الحكيم عدوًا للمرأة، مثلما كان عباس محمود العقاد، الذي صَدَّر لنا الكثير من المؤلفات النسوية مثل "هذة الشجرة"، "المرأة في القرآن"، "المرأة في الإسلام"، وكلها تثبت عدم أحقية المرأة في طلب المساواة وتدعوها للقبوع بيتها وملازمة دارها ، ومن هنا كان العقاد هو الأجدر بلقب عدو المرأة وليس هذا الحكيم .
انتقد عباس العقاد رأى المؤيدين منَ الرجال للمساواة بين الجنسين فيقول "وإنه منْ نقص الزكانة أو البصيرة، ونقص الرجولة معًا أنْ يقوم منَ الرجال منْ يَزعم أنَّ، المرأة كالرجل في كل شيء، وأنَّ النساء يَصلحن لكل ما يَصلح له الرجل منَ شئون الحياة، وما ظنك بمجتمع لا تكون فيه للرجولة معالم، لا يُفرق في أوضاعه بين جنسين، ذلك مُجتمع ضال عنْ سواء السبيل هالك لا محالة".
وينتقد الرأي العام فيقول"إننا في عصر يَميل إلى مُحاباة المرأة والانتصار لها، فيما يكتب عنها منْ آراءٍ فلسفية كانت أو اجتماعية، فنرى الكاتب يحبس قلمه عنْ كل ما يُغضب المرأة ولا يوافق دعواها، بيدَ أنَّ هذا لا يليق بقلم الناقد الأمين الذي يُعالج مسائل الاجتماع".
وادعى العقاد أنَّ سبب مُطالبة المصريات بالمساواة مع الرجال هى القاعدة التي تقول أنَّ كل ممنوع مرغوب، فيقول"وكل خلقٍ كامنٍ في المرأة يظهر منَ الولع بالممنوعات؛ فهى مَحكومة، ثم هى مَحكومة لأنها ضعيفة، وما زال منْ أدب المحكوم أنْ يَحن إلى التمرد والعصيان".
ولم يترك العقاد سببًا واحدًا يمكن أنْ يُستخدم لمعارضة المساواة إلا وذكره وبالغ في تفسيره، رُغم أنَّ مُعظمها أسباب واهية غير مَبنية على بحثٍ أو دلائل أو أرقام، فقد بَنى مُعظم رأيه على عدم كفاءة المرأة وعدم تأييد الشرع لمساواتها مع الرجل، شأنه شأن كل منْ عارض وسوف أُفند تلك الآراء وأقوم بالرد عليها كما يلي:
أما عنْ عدم كفاءتها، فالكفاءة تُقاس بالخبرات، والخبرات ناتجة عنْ الاختلاط والاحتكاك والتعلم، فإذا كانت القضية قضية مُقارنة بين قدرات المرأة وقدرات الرجل، فيجب أنْ نُوفر نفس الظروف لكلا الفريقين في الحرية والتعليم لعقدِ هذة المقارنة، وعن حديثه أنْ المرأة لا تُجيد فن الطبخ مثل الرجل إذا تفرغ له، فإن كلامه غير مَبني على أية تجارب وإنْ كان يعرف العقاد عشر رجال يجيدون الطبخ فإن كل نساء مصر يُجيدونه.
وعن قوله عنْ عدم إبداعها في الشعر، فإنَّ الشعراء كانوا يتكسبون في امتهانهم له عنْ طريق مدح الأمراء والوزراء فكان ذلك سبباً لشهرتهم، ولذلك فمن المؤكد وجود شاعرات نساء في التاريخ العربى، لكن ظروف المجتمع والدولة لم يسمحا لسماعِ شعرهن وشهرتهن.
وعنْ قوله أنَّ المرأة تنوح وتبكي لكنها لم تنجح في إلقاء قصيدة رثاء واحدة تُضارع شعراء الفحول، فالخنساء بنت عمرو هى صاحبة أشهر قصيدة رثاء في التاريخ العربى، وإنْ كان شعراء المديح فحول، فإن عنترة هو سيد الفحول - وإن لم يَمدح أميرًا – حيث أنْ غالبية شعره في عبلة، ولولا عبلة ما كان عنترة، أى أنَّ المرأة أيضًا هى المصدر الحقيقي لتأليف الشعر ولنبوغ مؤلفيه، ويقول العقاد بأنَّ قصور المرأة في مجال منَ المجالات لا يُساويه قصورها في الغناء والموسيقى، ونحن نقول أنه لا يوجد رجلاً مارس فن الغناء ونجح وابتكر وابتدع فيه مثلما فعلت أم كلثوم.
وأما عنْ تلميحه بالجندية إذا تساوت مع الرجل في حق العمل، فإنَّ بعض نساء أوروبا شاركت في جيوش بلادهن بالفعل في نفس الوقت التي طالبت فيه المرأة الشرقية بحقوقها، وإن لم يكن فإنها يمكن أنْ تَحل مَحله في جبهة العمل، إذا كان الرجال في جبهة الحرب كما فعلت نساء أوروبا في الحرب العالمية الأولى.
وبالحديث عنْ ثقافتها وقصور عقلها، فقد كان للعقاد صالونًا يجتمع فيه بعض أدباء عصره؛ ليتناقشوا ويتحاوروا كمعظم مُثقفي العصر، لكن هذا الصالون لا يُقارن بصالون نازلي فاضل والذي كان يجتمع به رموز السياسة، والأدباء، والمُثقفين، والحكومة، ورجال الدين، وعلى رأسهم الأميرة نازلي، يجتمعون وكأنهم فلاسفة إسبرطة في حضور أفلاطون، يحاورهم في مفاهيم الفلسفة الإغريقية.
والناس يريدون مُقابلة الحاضر بالماضي، فيُصغرون الأول ويُكبرون الثانى، فتراهم يَصفون القدماء بأنهم كانوا أحفظ للذمم منَّا وكانوا أَعفْ منا في الحُرمات وكانوا وكانوا، وكل هذا كذبٌ لا أصل فيه، ألم تكن الدعارة مُرخصة عنْ طريق الغوازى في عصر الحريم ؟!، لكنها قَلت رويدًا رويدًا حتى مُنعت تمامًا في نهاية النصف الأول منْ القرن العشرين أى في الوقت الذي طالبت ونالت فيه المرأة المصرية بعضًا منْ حقوقها؟!.
وأخيرًا ..
فلم يكن العقاد أبدًا إحدى العقبات التي واجهتها المرأة في طريقها، لنيل حقوقها كاملة، ومُساواتها مع الرجل، بقدر ما كانت تنظرلترويج قضيتها بين مثقفي العصر؛ لكسب تعاطفهم معها، وكانت سُنة التطور الاجتماعي هي الغالبة.
د. مصطفى مهران
لم يكن توفيق الحكيم عدوًا للمرأة، مثلما كان عباس محمود العقاد، الذي صَدَّر لنا الكثير من المؤلفات النسوية مثل "هذة الشجرة"، "المرأة في القرآن"، "المرأة في الإسلام"، وكلها تثبت عدم أحقية المرأة في طلب المساواة وتدعوها للقبوع بيتها وملازمة دارها ، ومن هنا كان العقاد هو الأجدر بلقب عدو المرأة وليس هذا الحكيم .
انتقد عباس العقاد رأى المؤيدين منَ الرجال للمساواة بين الجنسين فيقول "وإنه منْ نقص الزكانة أو البصيرة، ونقص الرجولة معًا أنْ يقوم منَ الرجال منْ يَزعم أنَّ، المرأة كالرجل في كل شيء، وأنَّ النساء يَصلحن لكل ما يَصلح له الرجل منَ شئون الحياة، وما ظنك بمجتمع لا تكون فيه للرجولة معالم، لا يُفرق في أوضاعه بين جنسين، ذلك مُجتمع ضال عنْ سواء السبيل هالك لا محالة".
وينتقد الرأي العام فيقول"إننا في عصر يَميل إلى مُحاباة المرأة والانتصار لها، فيما يكتب عنها منْ آراءٍ فلسفية كانت أو اجتماعية، فنرى الكاتب يحبس قلمه عنْ كل ما يُغضب المرأة ولا يوافق دعواها، بيدَ أنَّ هذا لا يليق بقلم الناقد الأمين الذي يُعالج مسائل الاجتماع".
وادعى العقاد أنَّ سبب مُطالبة المصريات بالمساواة مع الرجال هى القاعدة التي تقول أنَّ كل ممنوع مرغوب، فيقول"وكل خلقٍ كامنٍ في المرأة يظهر منَ الولع بالممنوعات؛ فهى مَحكومة، ثم هى مَحكومة لأنها ضعيفة، وما زال منْ أدب المحكوم أنْ يَحن إلى التمرد والعصيان".
ولم يترك العقاد سببًا واحدًا يمكن أنْ يُستخدم لمعارضة المساواة إلا وذكره وبالغ في تفسيره، رُغم أنَّ مُعظمها أسباب واهية غير مَبنية على بحثٍ أو دلائل أو أرقام، فقد بَنى مُعظم رأيه على عدم كفاءة المرأة وعدم تأييد الشرع لمساواتها مع الرجل، شأنه شأن كل منْ عارض وسوف أُفند تلك الآراء وأقوم بالرد عليها كما يلي:
أما عنْ عدم كفاءتها، فالكفاءة تُقاس بالخبرات، والخبرات ناتجة عنْ الاختلاط والاحتكاك والتعلم، فإذا كانت القضية قضية مُقارنة بين قدرات المرأة وقدرات الرجل، فيجب أنْ نُوفر نفس الظروف لكلا الفريقين في الحرية والتعليم لعقدِ هذة المقارنة، وعن حديثه أنْ المرأة لا تُجيد فن الطبخ مثل الرجل إذا تفرغ له، فإن كلامه غير مَبني على أية تجارب وإنْ كان يعرف العقاد عشر رجال يجيدون الطبخ فإن كل نساء مصر يُجيدونه.
وعن قوله عنْ عدم إبداعها في الشعر، فإنَّ الشعراء كانوا يتكسبون في امتهانهم له عنْ طريق مدح الأمراء والوزراء فكان ذلك سبباً لشهرتهم، ولذلك فمن المؤكد وجود شاعرات نساء في التاريخ العربى، لكن ظروف المجتمع والدولة لم يسمحا لسماعِ شعرهن وشهرتهن.
وعنْ قوله أنَّ المرأة تنوح وتبكي لكنها لم تنجح في إلقاء قصيدة رثاء واحدة تُضارع شعراء الفحول، فالخنساء بنت عمرو هى صاحبة أشهر قصيدة رثاء في التاريخ العربى، وإنْ كان شعراء المديح فحول، فإن عنترة هو سيد الفحول - وإن لم يَمدح أميرًا – حيث أنْ غالبية شعره في عبلة، ولولا عبلة ما كان عنترة، أى أنَّ المرأة أيضًا هى المصدر الحقيقي لتأليف الشعر ولنبوغ مؤلفيه، ويقول العقاد بأنَّ قصور المرأة في مجال منَ المجالات لا يُساويه قصورها في الغناء والموسيقى، ونحن نقول أنه لا يوجد رجلاً مارس فن الغناء ونجح وابتكر وابتدع فيه مثلما فعلت أم كلثوم.
وأما عنْ تلميحه بالجندية إذا تساوت مع الرجل في حق العمل، فإنَّ بعض نساء أوروبا شاركت في جيوش بلادهن بالفعل في نفس الوقت التي طالبت فيه المرأة الشرقية بحقوقها، وإن لم يكن فإنها يمكن أنْ تَحل مَحله في جبهة العمل، إذا كان الرجال في جبهة الحرب كما فعلت نساء أوروبا في الحرب العالمية الأولى.
وبالحديث عنْ ثقافتها وقصور عقلها، فقد كان للعقاد صالونًا يجتمع فيه بعض أدباء عصره؛ ليتناقشوا ويتحاوروا كمعظم مُثقفي العصر، لكن هذا الصالون لا يُقارن بصالون نازلي فاضل والذي كان يجتمع به رموز السياسة، والأدباء، والمُثقفين، والحكومة، ورجال الدين، وعلى رأسهم الأميرة نازلي، يجتمعون وكأنهم فلاسفة إسبرطة في حضور أفلاطون، يحاورهم في مفاهيم الفلسفة الإغريقية.
والناس يريدون مُقابلة الحاضر بالماضي، فيُصغرون الأول ويُكبرون الثانى، فتراهم يَصفون القدماء بأنهم كانوا أحفظ للذمم منَّا وكانوا أَعفْ منا في الحُرمات وكانوا وكانوا، وكل هذا كذبٌ لا أصل فيه، ألم تكن الدعارة مُرخصة عنْ طريق الغوازى في عصر الحريم ؟!، لكنها قَلت رويدًا رويدًا حتى مُنعت تمامًا في نهاية النصف الأول منْ القرن العشرين أى في الوقت الذي طالبت ونالت فيه المرأة المصرية بعضًا منْ حقوقها؟!.
وأخيرًا ..
فلم يكن العقاد أبدًا إحدى العقبات التي واجهتها المرأة في طريقها، لنيل حقوقها كاملة، ومُساواتها مع الرجل، بقدر ما كانت تنظرلترويج قضيتها بين مثقفي العصر؛ لكسب تعاطفهم معها، وكانت سُنة التطور الاجتماعي هي الغالبة.
د. مصطفى مهران