الأخبار
ارتفاع درجات الحرارة يفاقم معاناة النازحين في غزة ويزيد من البؤس اليوميالأمم المتحدة: إزالة الركام من قطاع غزة قد تستغرق 14 عاماًتصاعد الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية ضد الحرب الإسرائيلية على غزةتفاصيل المقترح المصري الجديد بشأن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بغزةإعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزة
2024/4/27
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ميراث الدول في المعاهدات الدولية بموجب أحكام الإتفاقيات الدولية بقلم: د. فادي علاونة

تاريخ النشر : 2016-07-24
لقد دعت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بموجب توصيه في 26 تشرين الثاني عام 1976م إلى عقد مؤتمر دولي حول ميراث الدول في المعاهدات ، بحيث أسفر هذا المؤتمر عن تبني معاهدة تحتوي على "50" مادة فتحت للتوقيع في عام 1978م .
وقد حاولت هذه الاتفاقية التمييز بين الحالات المعروفة على الساحة الدولية فيما يتعلق بالميراث الدولي ، فحددت في بعض الجوانب موضوع الميراث الدولي فيما يتعلق بظهور دوله جديدة ، ووضعت المبادئ الأساسية التي تعالج هذا الموضوع والتي من أمثلتها عدم التزام الدولة حديثة الاستقلال بالمعاهدات التي أبرمتها الدولة السابقة والاستثناءات الواردة على هذا المبدأ .
كما وحددت كذلك القواعد المطبقة فيما يتعلق بالميراث الدولي عند اتحاد دولتين أو أكثر تمتلك شخصيه مستقلة وقت الميراث ، وكذلك القواعد التي تحكم عملية الميراث الدولي في المعاهدات حين تفكك دوله ما واستمرارية تطبيق المعاهدات . وبالرجوع كذلك إلى القواعد العامة المطبقة في هذا الخصوص والى الفقه الدولي وقضاء المحاكم الدولية وما استقر عليه العمل فيما يتعلق بالتجارب السابقة أو التجارب الحديثة في ظل اتفاقية فينا للميراث الدولي المعقودة عام 1978م ، سنبين في هذا الموضوع أهم القواعد والأحكام التي يمكن أن تشكل أساسا يعالج هذا الموضوع في نطاق القانون الدولي وخصوصا فيما يتعلق بالمعاهدات الدولية ، وسنحاول تبيان اثر هذه المعاهدات وخصوصا فيما يتعلق بالمعاهدات ذات الطابع المهم والحيوي على الصعيد الدولي مثل معاهدات الحدود وغيرها من المعاهدات الأخرى . وذلك من خلال أولا : "الميراث الدولي في المعاهدات الدولية حين إنشاء دوله جديدة" وثانيا " الميراث الدولي في المعاهدات عند اتحاد دولتين أو أكثر تمتلك شخصيه مستقلة وقت الميراث" وثالثا "الميراث الدولي في المعاهدات حين تفكك دوله" .

أولا:- الميراث الدولي في المعاهدات الدولية حين إنشاء دوله جديدة
إن المبدأ العام الذي يحكم الميراث الدولي في هذه الحالة هو عدم التزام الدولة حديثة الاستقلال بالالتزام في المعاهدات التي أبرمتها الدولة السابقة ، ولكن هذه القاعدة غير مطلقه في جميع الحالات إذ يمكن تلطيفها ببعض الأمور التي تحكم قاعدة الميراث في بعض الحالات، كما أن هذه القاعدة محكومه ببعض الاستثناءات في بعض الأمور .
1- عدم التزام الدولة حديثة الاستقلال بالمعاهدات الدولية التي أبرمتها الدولة السابقة
لقد أكدت اتفاقية فينا علام 1978م والخاصة بالميراث الدولي على هذه القاعدة حيث نصت وفي المادة "15" على أن المعاهدات التي أبرمتها الدولة السابقة غير ملزمه للدولة حديثة الاستقلال ، وهذا يؤكد مبدأ صحة هذه القاعدة ، ولكن هل يكفي وجود مثل هذا النص على التأكيد على هذا المبدأ ؟ ، حقيقة لا يكفي وجود مثل هذا المبدأ فقط في تقرير الالتزام أو العدم ، ولكن حتى يتم التأكد من صحة هذا المبدأ يجب النظر إلى الممارسات الدولية بهذا الشأن . وبالنظر إلى الممارسات الدولية الثابتة في هذا المجال ، نجد أن الدولة الجديدة لا تلتزم بالمعاهدات التي أبرمتها الدولة السابقة ، فمثلا حين استقلال دول أمريكا اللاتينية عن اسبانيا أوضحت بريطانيا أن معاهدة الصيد الاسبانية البريطانية التي أبرمت عام 1790م لم تعد سارية المفعول بينها وبين الدول الجديدة ، وكذلك عندما استقلت فلندا عن الاتحاد السوفيتي في عام 1919م / اتبعت بريطانيا موقفا مماثلا وتسمى هذه القاعدة بقاعدة الصفحة البيضاء .
وبالنظر إلى هذا الأمر نجد أن الممارسات الدولية قد كانت سابقه على اتفاقية فينا لعام 1978م والخاصة بالميراث الدولي ، بمعنى أن هذه الاتفاقية جاءت لتؤكد القاعدة والعرف الذي كان قد سبق العمل عليه في المحفل الدولي ، شأنها شأن جميع المعاهدات الدولية ، إذ أن الأعراف هي التي تحكم مثل هذا الأمر حتى بظل عدم وجود اتفاقيات تعالج هذا الأمر .
وإذا ما أخذنا بما أوردته اتفاقية فينا بهذا الخصوص ، فهل يطبق هذا الأمر على إطلاقه ، بمعنى هل فعلا لا تستطيع الدولة حديثة الاستقلال الالتزام بالمعاهدات التي أبرمتها الدولة السابقة في حالة عدم قبولها لهذه المعاهدات أو في حالة قبولها .؟ وما هي الصعوبات التي تثور في هذا الخصوص ؟ .
حقيقة يمكن لدولة حديثة الاستقلال أن تلتزم مع دوله ثالثه بمعاهده أبرمتها هذه الدولة مع الدولة السابقة ، وهذا في المعاهدات الثنائية فقط بعكس ما قررته اتفاقية فينا الخاصة بالميراث الدولي ، ولكن هذه الموافقة مرهونة بتوفر احد الشروط التالية
• الاتفاق الصريح بين الدولة الجديدة والدولة الثالثة . وهذا الأمر لا يثير أية صعوبات كون هذه الدولة قد وافقت مسبقا أو موافقة لاحقه على الالتزام بهذه المعاهدات ، وهي معنية بالالتزام بهذه المعاهدات .
• إذا دلت تصرفاتهم على أنهم يرغبون بتطبيق المعاهدة المذكورة ، ولكن الصعوبة تثور في الآلية التي يتم عن طريقها تحديد نية التصرفات للالتزام بهذه المعاهدة ، فقد تكون التصرفات في ظاهرها تدل على نية الالتزام بهذه المعاهدة حفاظا على مبدأ معين يحكم علاقة هذه الدولة بالمجتمع الدولي ، أو لكي لا تظهر هذه الدولة بمظهر غير لائق بالمجتمع الدولي خصوصا ان هذه الدولة حديثة الاستقلال وترغب في تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي ، ولكن حقيقة تكون التصرفات الفعلية تدل على عدم نية وعدم صحة هذه التصرفات لتكن أساسا يحدد هذه المعيار ، هذا عدا على أن هذا المبدأ يحكم العلاقات القائمة بين الدولتين في المعاهدات الثنائية مما يستبعد تدخل الظروف الخارجية في هذه العلاقات كون هذا الالتزام صادر عن نية ذاتيه للدول المتعاقدة في المعاهدة الثنائية
أما فيما يتعلق بالمعاهدات الجماعية أو متعددة الأطراف فأنه يمكن لدوله جديدة أن تصح طرفا في معاهدة متعددة الأطراف وقعت عليها الدولة السابقة ولكنها لم تدخل حيز التنفيذ ولكن إذا أرسلت هذه الدولة الجديدة إشعارا يسمى إشعار الميراث إلى مؤتمن هذه المعاهدة ، وهذا ما أكدته اتفاقية فينا علام 1978م والخاصة بالميراث الدولي وهذا في المادة "17" منها ، وهذا المبدأ يحدد بعض البنود الأساسية التي تحكم هذا الموضوع ، فلا يمكن لدوله حديثه أن تشارك في معاهدة متعددة الأطراف إذا كانت هذه المشاركة لا تتلاءم مع هدف وغرض المعاهدة ، ولكن الصعوبة تكمن في تحديد غرض المعاهدة وهدفها بين الدول فقد تكون المعاهدات ذات غرض ايجابي بالنسبة للدولة القديمة ويكون الهدف ذات غرض سلبي بالنسبة للدولة الحديثة مما يثير الإمكانية للالتزام بالمعاهدة أو لا . إذ يجب أن يحدد هذا الأمر بالنسبة للدولة الحديثة في تحديد غرض هذه المعاهدة قبل الالتزام بالمعاهدة وقبل تقديم إشعار الميراث حتى يمكن أن يحدد هذا الأمر .
كما أن مشاركة الدول الحديثة في معاهده متعددة الأطراف ضيقه تخضع إلى موافقة كل الدول الأطراف في هذه المعاهدة ، وهذا ما قررته المادة "17" من اتفاقية فينا علام 1978م ، وهذا الأمر منطقي وصحيح إذ لتغير الذمم والشخصية المعنوية لهذه الدولة يجعل من الدولة الجديدة دوله تختلف تماما عن الدولة السابقة مما يستتبع موافقة جميع الدول في هذه المعاهدة ضيقة النطاق ، فإذا كان الأمر يطبق في الأصل فيما بين الدول قبل الميراث فأنه من الطبيعي أيضا أن يطبق في حالة الميراث الدولي للمعاهدات .
والقول بأنه لا يمكن لأي دوله حديثة أن تمارس حرية الاختيار في الالتزام بمعاهده وقعت عليها الدولة السابقة إذا كانت هذه المعاهدة مؤسسه لمنظمه دوليه حسب المادة "4" من معاهدة فينا علام 1978م ، هو قول غير صائب فإذا كان في الأصل أعطت الاتفاقية للدولة قاعدة وحرية عدم الالتزام بالمعاهدة المبرمة بين الدولة السابقة والدولة الثالثة ، بمعنى أنها أعطتها الحرية الكاملة في ذلك ، إلا أنها عادت ونصت على عدم جواز حرية الاختيار في حالة كون هذه الاتفاقية مؤسسه لمنظمه دوليه فقط ، والأصل إعطائها حرية الاختيار في تحديد إذا ما كانت تغرب في البقاء ضمن هذه الاتفاقية أو لا إذ أن الأصل وفي العلاقات العادية أن تتمتع كل دوله انضمت إلى معاهده أو حتى منظمه دوليه في الانسحاب منها حيث شاءت ووفق القواعد المقررة في كل اتفاقيه حول هذا الأمر .
2- الاستثناءات على قاعدة الصفحة البيضاء في الميراث الدولي
- تلتزم الدولة الجديدة بالمعاهدات التي وقعت عليها الدولة السابقة إذا كانت هذه المعاهدات تتعلق بتعيين الحدود ، وكل معاهده دوليه تبرم تحت شرط ضمني فاسخ هو بقاء الأوضاع والأحوال التي أبرمت فيها على حالها فإذا تغيرت هذه الأحوال والأمور تغيرا جوهريا كان من شأنه تهديد وجود احد الأطراف أو إلحاق أضرار جسيمه بمصالحه الحيوية وأدى إلى تغيير نطاق الالتزامات والتي لم تزل بعد في مرحلة التنفيذ وأصبحت شديدة الوطأة على الدول الطرف في المعاهدة بصوره مغايره تماما عن الصورة التي بدأت بها عند التعاقد جاز لهذه الدولة أن تطلب وقف العمل بالمعاهدة أو إنهائها وذلك بالاتفاق مع الدولة الأخرى فلا بد أن يكون التغيير جوهريا حتى لا يهدد القيمة القانونية للمعاهدات الدولية ويهدد الاستقرار والسلم الدوليين وكذلك يجب أن تكون هذه التغييرات غير متوقعه عند إبرام المعاهدة .
ويعتبر هذا الشرط الضمني الذي يوجب الأوضاع على حالها من الشروط الموضوعية التي تقضي بها القواعد العرفية الدولية العامة ، والتي لا تستند إلى إرادة الطرفين في المعاهدة ، وبموجب هذا الشرط يكون من حق من يتعذر بالظروف في التغيير الجوهري في ظروف إبرام المعاهدة أن يدعو الطرف الآخر إلى إنهائها أو تعديلها ولكنه لا يتخذ قرارا منفردا بالتنصل منها .
إلا انه من الخطورة جدا تطبيق هذا الشرط أو تعميم تطبيقه على جميع أنواع المعاهدات وأولها معاهدات الحدود الدولية ، حيث لو اتبعنا هذا الشرط المؤسس على بواعث ماديه وسياسيه واقتصاديه فأنه يجب علينا المطالبة بتعديل حدود جميع الدول الموجودة في القارات الخمسة لان مصالح كل دوله ومنازعاتها تتغير كل يوم ، والظروف والأحوال لا تبقى على حال
بحيث أن تطبق هذا الشرط يتنافى مع أساس الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها القانون الدولي من خلال معاهدات الحدود وأهما استقلال كل دوله وصيانة أراضيها وكفالة سيادتها الإقليمية ، لان السيادة الإقليمية للدولة تتفرع من جوهرها ، لهذا نجد معارضه شديدة لإعمال هذا النص العرفي من قبل فقهاء القانون الدولي العام .
ومما لا شك فيه أن كل تغير في الظروف لا يبرر إلغاء المعاهدة أو النقص من أحكامها ، إذ أن لهذه المعاهدة تبرم لتحكم علاقات الدول في المستقبل ولا بد من قدر الثبات لها ، وبعبارة أخرى يمكن القول انه عندما تتبدل الظروف التي عقدت في ظلها المعاهدة تبدلا جوهريا وأساسيا من الناحية الموضوعية بحيث يأبى العقل والمنطق أن يستمر المدين من تحمل أعباء لا طاقة له بها ولا قبل وسبب ذلك التغيير الحاصل هنا يمكن القول بتطبيق هذا النص ، أما التغير الذي يجعل المدين في حالة ضعف عن قدرته على الوفاء بالالتزامات فأن ذلك يدخل في النطاق العادي للأمور .
كما ويمكن القول أن التغير الذي يمكن أن يحصل على معاهدة الحدود يمكن أن يحصل ولكن بشروط عقد اتفاقيه جديدة تلغي الاتفاقية القديمة ومعاهدة الحدود السابقة ، ولهذا نجد أن المادة 62 من اتفاقية فينا جاءت بعدة شروط لأعمال هذا الأمر وإمكانية تعديل المعاهدة بشروط.
• أن يكون التغير منصبا على الظروف التي كانت موجودة في لحظة إبرام المعاهدة .
• أن يكون التغيير جوهريا
• أن يكون التغيير غير متوقع من قبل الأطراف .
• أن يكون وجود هذه الظروف والتي تغيرت قد شكل أساس الرضا للإطراف عند قبولهم إبرام المعاهدة .
• أن يكون مكن شأن هذا التغيير أن يؤدي إلى تعديل أساسي في مدى ونطاق الالتزامات الواجب تنفيذها طبقا للمعاهدة .
كما ونجد أن اتفاقية فينا لا تسمح إطلاقا للدول بإثارة مسألة التغير الجوهري في الظروف بقصد وضح حد لوجود المعاهدة أو الانسحاب منها. والحكمة من ذلك هي تفادي أن يكون مصير حدود الدول والسلام الدولي خاضعا للتقدير الشخصي لدوله أو مجموعة دول .بمعنى انه عندما يتم تحديد الحدود الإقليمية في معاهدة حدودية فأنها تشكل وصفا قانونيا ثابتا ومصيرها لا يرتبط بمصير المعاهدة التي أوجدتها ، إذ تبقى هذه الحدود قائمه ولا يطرأ عليها أي تغيير إلا إذا تم إبرام معاهده حدودية جديدة حددت الحدود بشكل جديد وباتفاق الطرفين فأن الحالة هذه تلغي المعاهدة الحدودية القديمة . كما لا تؤثر حالة الحرب حال انتهائها أو حالة الاحتلال الحربي على الحدود الدولية للدول سواء الدول المحتلة أو المحتلة . ويمكن القول انه لا يجوز لدوله الاستناد إلى نظرية البعد الجوهري في الظروف وذلك كسبب لإنهاء المعاهدة أو الانسحاب منها إذا كانت هذه المعاهدة منشأة لحدود .
وقد أيدت اتفاقية فينا لعام 1978م والخاصة بالميراث الدولي هذه القاعدة وهي قاعدة التزام الدولة حديثة الاستقلال بالمعاهدات التي أبرمتها الدولة السابقة والمتعلقة بالحدود ، وذلك في المادة "11" منها ، ولكن ترتكز هذه القاعدة على عدة بنود هي :-
• ثبات الحدود هو شرط جوهري وضروري لتعزيز السلم والأمن الدوليين ، وان الخلاف حول معاهدة حدودية من شأنه أن يؤدي إلى زيادة المخاطر التي تهدد السلام الدولي .
• أن نص المادة "11" من اتفاقية الميراث الدولي ، هو نص واحد وتأكيد لنص المادة "62" من اتفاقية فينا لعام 1969م التي نصت على انه لا يمكن إنهاء العمل بمعاهدة تعيين حدود بالاعتماد على نظرية الظروف الطارئة " .
- يلجا القضاء الدولي إلى قاعدة التزام الدولة الجديدة بالمعاهدات التي تنظم حقوق الارتفاق ، وفي هذا المجال يمكن الاستشهاد بحكم محكمة العدل الدولية في قضية المناطق الحرة ، ووقائع هذه القضية ، حيث أنشأت مناطق حرة بين مملكة سردينيا وسويسرا بموجب معاهدة تورينو التي أبرمت عام 1816م وقد حلت فرنسا مكان سردينيا ، وفي بداية الأمر احتفظت بالمناطق الحرة فتره من الزمن ثم قررت إلغائها من جانب واحد عام 1923م الأمر الذي عارضته سويسرا وأحيل هذا النزاع إلى محكمة العدل الدولية التي بتت في النزاع لصالح سويسرا باعتبار أن فرنسا حلت مكان سردينيا فيما يتعلق بالواجبات الناتجة عن معاهدة تورينو . كما أن ممارسات الدول تؤكد موقف القاضي الدولي من هذا الاستثناء الثاني على قاعدة الصفحة البيضاء ، فمثلا بموجب معاهده أبرمت عام 1926م بين تايلند وفرنسا حول تمتع تايلند بحرية الملاحة في نهر الميكونج وعشية استقلال كل من كمبوديا وفيتنام ، أبرمت هذه الدول اتفاقيات مع فرنسا اعترفت فيها ببقاء حقوق الارتفاق لصالح تايلند . هذا عدا عن تناول اتفاقية فينا لعام 1978م والخاصة بالميراث الدولي لهذا الموضوع حيث نصت في المادة "12" منها على استمرارية المعاهدات التي تنظم حقوق الارتفاق .
ثانيا:- الميراث الدولي في المعاهدات عند اتحاد دولتين أو أكثر تمتلك شخصيه مستقلة وقت الميراث
لقد حددت قواعد القانون الدولي هذا الأمر بممارسات ثابتة حيث تلتزم الدولة التي اتحدت بالمعاهدات التي وقعتها ضمن نطاقها الإقليمي قبل الاتحاد وهذه القواعد يمكن إثباتها عن طريق استطلاع لممارسات الدول ونشاطات لجنة القانون الدولي وأعمال مؤتمر فينا الدبلوماسي حول الميراث الدولي في المعاهدات .
1- ممارسات الدول في الميراث الدولي عند اتحاد دولتين أو أكثر
يبرهن على وجود هذا الأمر الممارسات القديمة للدول والممارسات الحديثة في هذا الشأن ، بحيث نجد أن الوحدة الألمانية حققت عند تشكيل الإمبراطورية الألمانية عام 1871 ، وقد تم التوصل إلى تفاهم مفاده أن المعاهدات التي أبرمتها الدويلات السابقة تطبق بشكل تلقائي ضمن حدودها الإقليمية ، كما أن الاتحاد الكونفدرالي السويسري عام 1848م قد اتبع أيضا حلا يقوم على استمرارية المعاهدات لكل مقاطعه سويسريه أبرمت معاهدات قبل تشكيل الاتحاد الكونفدرالي .
أما فيما يتعلق بالممارسات الحديثة في هذا الشأن فجميع الممارسات الدولية تكد هذا المبدأ ، فالاتحاد السوري المصري 1958م قد نص وفي الاتفاقية المبرمة عام 1958م وفي المادة "69" منها على " أن تطبيق الوحدة بين البلدين لا يحلق الضرر بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها سوريا ومصر قبل الاتحاد من جهة أو التي وقعت عليها مصر وسوريا مع دول أجنبيه قبل الاتحاد من جهة أخرى ، وتبقى هذه الاتفاقيات سارية المفعول داخل الحدود الإقليمية الواردة في هذه الاتفاقيات حين توقيعها .
كما ونجد أن الاتحاد الفيدرالي الأردني العراقي 1958م قد نص وفي المادة "3" من اتفاقية الوحدة المبرمة بين الطرفين على قاعدة استمرارية المعاهدات التي وقع عليها كل من طرف دون أن يكون لها اثر على الطرف الآخر "" المعاهدات والاتفاقيات التي تلزم كل من الأردن والعراق قبل إنشاء الاتحاد ستبقى ملزمه للدول التي وقعت عليها دون أن يترتب آثار على الدول الأخرى " ، ويبقى اتحاد الجمهوريات العربية عام 1971م خير دليل على ذلك حيث نصت المادة "60" من دستور مشروع الوحدة بين الجمهوريات العربية –مصر- سوريا –ليبيا – على قاعدة مشابهه لهذا الأمر .
والوحدة والاتحاد بين الدول تختلف صورها الدستورية ، ولكنها تنقسم قسمين رئيسيين في نطاق القانون الدولي ، القسم الذي تزول فيه الشخصية القانونية للدول المترابطة والقسم الذي تحتفظ فيه كل دوله بشخصيتها القانونية الدولية كاملة ، فالمعاهدات بالنسبة للوحدة أو الاتحاد كما يقول الدكتور سيد إبراهيم الدسوقي تعد في حكم الاتفاقات المنقضية التي لا تربط أحكامها الدولة الجديدة ، وقد سارت على هذا المبدأ الولايات المتحدة الأمريكية عندما اتحدت ولاية تكساس معها عام 1845م ، وعندما شكلت سوريا ومصر الجمهورية العربية المتحدة سارت على نهج يختلف عن السابق حيث احتفظت كل من سوريا ومصر بجميع المعاهدات التي عقدتها كل منهما مع الدول الأخرى ، والقسم الآخر هو الذي تحتفظ فيه الدولة بشخصيتها القانونية وهي تفيد كل دوله من هذه الدول بما قامت به من عقد معاهدات مع الدول الأخرى كما هو الحال في الاتحاد الذي تم بين أيسلندا والدنمرك عام 1918م ويرد على هذه المعاهدات القيد الخاص بنظرية التغير الجوهري في ظروف التعاقد .
أما ما هو معروف عنه في حالات الحماية فمن المعلوم أن فرض دوله حماية على دول أخرى ليس معناه إدخال سيادة الدول المحمية تحت سيادة الدول الحامية وإنما جرى العمل على سريان كافة المعاهدات التي قامت بها الدول قبل أن تفرض عليها الحماية وذلك لأن الشخصية القانونية للدولة المحمية ما تزال قائمه .
2- أعمال لجنة القانون الدولي واتحاد الدول
لقد احتوت المادة "19" من مسودة مادة حول الميراث الدولي التي حاول وضعها بعض الفقهاء على خيارين يعالج الخيار الأول استمرارية المعاهدات التي وقعت عليها قبل الاتحاد ، أما الخيار الثاني فيلزم الاتحاد بمعاهده وقعت عليها دوله من الدول بل الاتحاد . وقد فضل معظم أعضاء اللجنة الخيار الأول واستبعدوا الخيار الثاني باعتباره لا يتطابق مع ممارسات الدول ، وقد أدرج هذا الخيار في المادة "30" إلا أن اللجنة قد أضافت مادتين إضافيتين تعالجان الميراث الدولي في معاهدات لم يسر مفعوله حين الاتحاد وبموجب هذه المواد يمكن لدوله اتحدت أن تقوم بالتأكيد على أنها عضو في معاهدة متعددة الأطراف لم تكن سارية المفعول وقت الميراث إذا كانت احد الدول في الاتحاد طرفا في المعاهدة ، أما المادة الأخرى فتعالج وضع احد الدول التي وقعت على معاهدة ولم تصدق عليها ثم قامت بالاتحاد مع دوله أخرى وفي هذه الحالة يمكن للدولة الاتحادية الجديدة التصديق على المعاهدة وصبح عضو في المعاهدة .
وقد أظهرت أغلبية الوفود الحكومية المشاركة في مؤتمر فينا تأييدها لمبدأ استمرارية العلاقات التعاقدية الواردة في المادة "30" وبقية المواد الأخرى المضافة إلى اتفاقيه فينا لعام 1978م . والخاصة بالميراث الدولي في المعاهدات .
ثالثا:- الميراث الدولي حين تفكك دوله
إن القاعدة التي تحكم الميراث الدولي في المعاهدات حين تفكك دوله هي استمرارية المعاهدات ، ولكن وفي هذا الأمر يجب أن نتناول كلا الحالات الخاصة في هذا الموضوع كحالات التنازل وحالات الانفصال وحالات التحرر والاستقلال معتمدين بذلك على ممارسات الدول الحديثة والقديمة وعلى أعمال مؤتمر فينا للميراث في المعاهدات .
1- حالات التنازل
لقد جرى العمل بين الدول على انه يتم التنازل عن جزء من الإقليم التابع لدوله أخرى بعوض أو بغير عوض ، فطبيعي أن هذه المعاهدات التي تكون الدول المتنازعة طرفا فيها يقف تطبيقها على الإقليم المتنازع عنه بمعنى أن الدولة المتنازع لها لا ترث المعاهدات الدولية التي سبق للدولة المتنازلة عقدها مع دولا أخرى ، وتظل المعاهدات التي ارتبطت بها الدول المتنازلة قائمه نافذ بالنسبة لها إلا إذا اعتبر الانتقاص في إقليمها كبيرا أو على درجه تؤدي إلى اعتباره عاملا من عوامل انقضاء المعاهدات ، ونسوق مثالا على ذلك وهو عندما تنازلت الإمبراطورية الروسية عن الآسكا للولايات المتحدة سنة 1867م أن أفتى قلم قضايا وزارة الخارجية البريطانية بأن أحكام المعاهدات التي تمت بين بريطانيا وروسيا في عام 1825م لا تلتزم فيها الولايات المتحدة في النطاق الإقليمي لآلسكا ، وعندما تنازلت زنجبار لألمانيا جزء من إقليمها لم تنازع بريطانيا في الادعاء الألماني بأن أحكام المعاهدات التي سبق بريطانيا عقدها مع سلطان انحياز لا تمتد إلى الجزء الإقليمي المتنازع عنه لألمانيا .
2- حالات الانفصال
في حالة انفصال جزء من إقليم الدولة ليصير دوله قائمه بذاتها فأن الدولة الجديدة المتحدة لا ترث عادة المعاهدات التي سبق للدولة الأصل أن عقدتها مع غيرها من الدول بل يكون من حق الدول الجديدة أن تقوم بعقد معاهدات جديدة تلتزم بها ولا تتقيد بقيود الالتزامات التي كانت تربطها وقت كونه جزء من إقليم الدولة الأصل ونسوق بعض الأمثلة التوضيحية
• عندما انفصلت كمبوديا عن اسبانيا عام 1823م ادعت الولايات المتحدة أن المعاهدات التي كانت تربط بينها وبين اسبانيا لما تزل ملزمه لكمبوديا في النطاق الإقليمي في الفترة التي تمتد من يوم الانفصال إلى الوقت الذي تبدأ فيه كمبوديا مباشره حقوقها وحرياتها في عقد الاتفاقيات الدولية مستقلة غير أن ادعاء الولايات المتحدة ظل بدون نتيجة ايجابيه .
• عندما انفصلت ولاية تكساس عن المكسيك سنة 1840م ادعت الولايات المتحدة أن المعاهدة التي كانت تربطها بالمكسيك منذ عام 1931م تطبق على تكساس ولكن تكساس رفضت هذا القبول .
• عندما تحررت الولايات المتحدة عن الحكم البريطاني وصارت دوله مستقلة اعتبرت نفسها غير ملتزمة بأي حكم من أحكام المعاهدات التي كانت تربط بريطانيا بها .
• عندما انفصلت سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة في عام 1961م لم تعلن سوريا شيئا عن موقفها فيما يتعلق بالمعاهدات التي سبق أن ارتبطت بها الجمهورية العربية المتحدة التي كانت الوحدة فيها قائمه ولعل قصر الفترة التي قامت الوحدة خلالها من جهره والنصوص التي كانت تنطوي عليها هذه المعاهدات والتي كانت تبين النطاق الإقليمي لتنفيذ أحكامها من جهة أخرى هي من حكمت هذا الموقف . ولعل المعاهدات في هذا الشأن التي تمت في صيف 1961م بين الجمهورية العربية المتحدة وألمانيا الغربية في شأن تمويل بعض المشروعات ومن بينها مشروع بالتزاماتها سد الفرات وقد أعلنت حكومة المانيا الغربية أنها سوف توفي في خصوص المشروع لحكومة سوريا .
3- حالات التحرر والاستقلال
لقد جرى العمل الدولي بين الدول على أساس المبدأ الذي يقرر أن الدولة الخاضعة التي تتحرر من رابطة التبعية أو الخضوع تلتزم بعد استقلالها بأحكام الاتفاقيات الدولية التي عقدتها الدولة المتبوعة بوضعها صاحبة سيادة على الإقليم التابع والحالة الوحيدة التي رفضت فيها احد الدول تطبيق هذا المبدأ هي إسرائيل التي أعلنت في 1950م أنها لا ترتبط بأحكام المعاهدات التي سبق أن ارتبطت بها بريطانيا في خصوص فلسطين بوصفها الدولة المنتدبة عليها ، ونسوق بعض الأمثلة مثل عندما رفعت الحماية عن مصر وأعلن استقلالها في عام 1922م جرى العمل على أن مصر لما تزل مرتبطة بأحكام المعاهدات والامتيازات الأجنبية التي سبق أن عقدت بين الإمبراطورية العثمانية والدول ، وقد ألغيت الامتيازات الأجنبية في تركيا ولكنها ظلت قائمه في مصر إلى أن ألغيت بمقتضى معاهدة منترو التي عقدتها مصر الدول صاحبة الامتيازات سنة 1937م ، وكذلك اعتبرت معاهدة القسطنطينية المعاهدة المنعقدة بين الإمبراطورية العثمانية وبعض الدول عام 1888م في شان نظام قناة السويس مستمده وقائمه وقد اعترفت مصر باستمرار أحكام هذه الاتفاقية في معاهدة 1936م وفي معاهدة 1945م وفي التصريح الانفرادي الذي أصدرته الجمهورية المصرية في ابريل عام 1957 م . وكذلك عندما استقلت الأردن أعلنت أن المعاهدات التي عقدتها بريطانيا بالنيابة عنها أثناء قيامها بالانتداب لم تزل قائمه وان الأردن سوف تستمر في احترام أحكامها .
أما بالنسبة إلى أعمال لجنة القانون الدولي فقد تبنت في المادة "33" من المشروع النهائي لمعاهدة الميراث الدولي مبدأ استمرارية المعاهدات لكل دوله في حالة انفصال دوله إلى عدة دول إلا إذا كان هناك نية مخالفة المعاهدة أو إذا كانت الاستمرارية تتنافى مع جوهر وغرض المعاهدة وخلال المؤتمر الدبلوماسي كان هناك اتجاهين اتجاه يتماشى مع هذا القول والآخر يتماشى مع مبدأ الصفحة البيضاء .

قائمة المصادر والمراجع

• اتفاقية فينا الخاصة بالميراث الدولي لعام 1978م .
• د. محمد السعيد الدقاق ، المنظمات الدولية المعاصرة ، الدار الجامعية ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1990 .
• د. مصطفى سيد عبد الرحمن ، الجوانب القانونية لتسوية نزاعات الحدود الدولية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، الطبعة الأولى ، 1994م .
• د. فيصل عبد الرحمن علي طه ، القانون الدولي ومنازعات الحدود ، دار الأمين ،القاهرة ، الطبعة الثانية ، 1999م .
• د. عدنان السيد حسن ، التسوية الصعبة ، دراسة مقارنه في الاتفاقيات والمعاهدات العربية الإسرائيلية ، مركز الدراسات الاستراتيجية ، بيروت ، الطبعة الأولى، 1998م .
• د. غسان الجندي ، قانون المعاهدات الدولية ، عمان ، الأردن ، الطبعة الأولى ، 1988م .
• د. محمد طلعت الغنيمي ، الأحكام العامة في قانون الأمم ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، الطبعة الأولى ، 1986م .
• د. احمد أبو الوفا ، الوسيط في القانون الدولي ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، الطبعة الرابعة ، 2004م .
• د. احمد سرحان ، قانون العلاقات الدولية ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1993م .
• د. سيد إبراهيم الدسوقي ، الاستخلاف في المنظمات الدولية ، دار النهضة العربية ، الطبعة الأولى ، 2004م .
• د. وليد بيطار ، القانون الدولي العام ، المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع ، بيروت ، بدون طبعه ، 2008م .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف