الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

(الأخلاقيات اللغوية) تثير جدلاً في حلقة جدة النقدية

تاريخ النشر : 2016-07-24
(الأخلاقيات اللغوية) تثير جدلاً في حلقة جدة النقدية
(الأخلاقيات اللغوية) تثير جدلاً في حلقة جدة النقدية



الخطيب: الفاعل الأخلاقي في اللغة يحدد موقفه بالمبدأ الذي يتبعه

جدة:
قدّم الناقد الدكتور عبدالله بن علي الخطيب خلال الحلقة النقدية التي نظمها نادي جدة الأدبي أمس الأول ورقة نقدية بعنوان (من اجل دراسة الأخلاقيات اللغوية) قال فيها أن كل فعل أخلاقي يتضمن علاقة ما بالواقع الذي يُنجز في إطارهوعلى علاقةبالرمز الذي يرجع إليه؛ ولكنه يحتوي ايضا على نوع من العلاقة مع الذات؛ وهذه ليست مقتصرةعلى (الوعي بالذات)، ولكنها تشكيلٌ للذات كـ (فاعل أخلاقي)يحصرالفرد ضمنهاالجزء من ذاته الذي يُشكل هذه الممارسة الأخلاقية، كما أنه يُحدد موقفه تجاه المبدأ الذي يتبع، ويعرّف نمطهالذي يسير عليه والذي سيكون بمثابة استكمال لذاته الأخلاقية؛ ولإتمام ذلك، يقوم الفرد بالاشتغال على نفسه، والتعرف عليها، والتحكم بها، وامتحانها، وتطويرها، وتحويلها. ولا يوجد فعل أخلاقي لا يتكئ على وحدة تصرف اخلاقي؛ كما انه لا يوجد تصرف أخلاقي لا يستحضر تشكيل الذات كفاعل أخلاقي؛ كما أنه ليس هناكتشكيلللفاعل الأخلاقي من دون (أنماط للتحويل الذاتي) ومن دون تزهد اوممارسات للذات تساند هذه الأنماط.".(فوكو، استعمال الملذات، الجزء الثاني).

يتعلق الأمر إذاً بالعودة الى "الفاعل". وكذلك الى فاعل اللغويات الذي تقترح جوليا كريستيفا مقاربته والبحث عنه ضمن الموضوع الذي أقرته النظريات اللغوية في مجلة (Langages، عدد 26)، والذي سوف نكتفي هنا أن نشير اليه ببعض التلميحات. ولذا نقترح تقليد منهج فوكو وإسقاطه على علم اللغويات الاجتماعية المعياري، بمعنى أننا سوف نحاول إثبات الفائدة لهذا المنهج الموجه نحو "تكوينالذات كفاعل لغوي". ودائما ما تتم دراسة الرموز اللغوية والمعايير؛ أما بالنسبة للدراسات التنويعيةفقد عُنيت بدراسة السلوكيات وعلاقاتها بهذه المعايير (وبالتالي استنباط المعايير الضمنية منها)؛ كما يظهر لنا أنه ومن الضروري دراسة الطريقة التي يتكون من خلالها الفاعلون إلى فاعلين لغويين معياريين،على مستوى الفرد، بمعنى، ودائما على طريقة فوكو : حول أيّ جزء من اللغة يطرح هؤلاء الفاعلون اشكالياتهم ويشكلون المادة التي يتصرفون من خلالها، وما الطريقة التي يُخضعون بها أنفسهم للتقيد بالقواعد، وما العملالذي يقومون به على أنفسهم "ليس فقط ليتطابق سلوكهم مع قاعدة محددة ولكن لكي يسعوا إلى تحويل أنفسهم إلى فاعلين للسلوك (ص34)؛ وماهو النمط الذي يسعون إليه عند انجازهم لفعل لغوي (actelinguistique)مطابق للمعايير.


1. سنتحدث إذاًهنا عن أخلاقية لغوية، وسنبدأ لمقاربة ذلك باستحضارمرجع آخر.

في نهاية كتاب " الماركسية وفلسفة اللغة" يلاحظ فولوشينوف أن الغلبة في عصر الحداثة في مجال نقل خطاب الغير هي للأشكال الحادّة في الأسلوب التعبيري ،و بما أنّ "كل النشاط اللفظي ينحسر الآن في توزيع كلام الغير والكلام الذي يبدو انه كلام الغير" فإنها لا تتموضع فقط على مستوى الوصف الشكلي لحالة اللغة، "فالكلام الجازم، والكلام الذي يتحمل قائله مسؤوليته، والكلام المثبت لم يعد موجودا سوى في السياقات العلمية" : الاختيارات النحوية هي حتماً اختيارات إيديولوجية، اختيارات يُعلن بها المتحدث التزامه، ويشّيد بها علاقته مع الواقع ومع الآخرين، ووفقاً للشكلالذي ذكره فولوشينوف يبني نفسه كمرجع للخطاب، كمتحدث رسمي أكثر من كونه منتج للخطاب، كما يُسهم في استقلالية الخطاب وعزله عن الواقع (وبدّقة أكثر، تقديمه بالضبط كما هو). وفي هذه الحالة يتعلق الأمر هنا بأخلاقية لغوية.

كما كان بإمكاننا أن نستشهد بالكاردينال بودريار الذي هو أقل شهرة في مجال اللغة، رغم أنه عضواً في الاكاديمية الفرنسية ، الذي يشير الى أنّ : "الأخلاق العالية في الحياة العامةتولّد ايضاً لغة عالية. وأن اللغة تتشوه على لسان الشخص البذيء؛ وأننا نرى نُبل[1] اللغة على لسان الشخص المغمور تجعل جبينه ونظراته تشرق من الفضيلة" (من اللغة الجميلة الى الفضيلة، دار بيره،1941، ص50)، وتجدر الإشارة الى أن الاكاديمية الفرنسية التي أُنشئت من أجل الاهتمام والعناية باللغة قد سارعت بإضافة الفضيلة الى كفاءتها. [اللغوية]



وقال الخطيب في المجال اللغوي نتساءل من الذي يشعر بنفسه معنياً [بالأخلاقية اللغوية] ومن الذي يسمح لنفسه بالاشتغال على أسلوب تعبيره، والحصول على سلوك لغوي غير السلوك الغريزي أو ذلك الذي يُملى عليه من الخارج ؟

ليس من السهولة بمكان الإجابة على هذه الاسئلة. مع ملاحظة أنّ هذا الهاجس قد يكون غير موجود لدى الأوساط الشعبية (والدليل على ذلك ما نراه من حالة التهكم والتشهير التي يقع تحت سطوتها المتقعرونبالكلام والجملأو"هذا الذي يعطي نفسه اكثر من حجمها" ويتصرف كأنّه محامي،أو"الذي يكّور فمه كدبر الدجاجة " الى درجة أنّ البعض يطلب منه أن "يلد".ولكن في نفس الوقت نعلم أنّ هذه الأوساط نفسها تُعلي من قيمة الحكواتي وسريع البديهة والذي يردّ على ما يقال بجراة .

ومن بين المجموعة التي تدافع عن نقائية اللغة، وأنه لا بد أن نتحدث لغة فرنسية سليمة ومن دون اخطاء، هل يشعر كل الناس بأنّهم معنيون بمهمة الدفاع عن اللغة ونشرها بطريقة صحيحة عبر ممارستهم لهذا السلوك النقائي؟ (لاحظوا ما يحدث عندما يصدر تعبير مبتذل أو عامي من شخص متخصص أو رجل سياسة، مباشرة يتم انتقاده والتشهير به من لدن أولئك الذين يقعون في نفس الهفوات والابتذال، وهم بفعلهم هذا يريدون إخبارنا بأننا لسنا معنيين بالدفاع عن اللغةو وأنّ هناك أبطالا ينبرون لمثل هذه المهة). من يعتبر نفسه خبيراً في مجال اللغة؟ وفي المماحكات اللغوية، من يستطيع ان يضع نفسه ممثلا شرعيّا للاستخدام الصحيح للغة، ضد القواميس، والنحو، والمتخصصين والسلطات الاخرى؟

في مجال الأخلاقية اللغوية نجد ما يعادل هذه المسائل مثل : وصم ونبذ الثرثرة والهذيان، وربطهما غالباً بالأنوثة؛ وإعلاء قيمة الإيجاز والعبارات البليغة، بل وحتى الصمت (كما يقول المثل اذا كان الكلام من فضّة فإنّ السكوت من ذهب ... أو حرّك لسانك سبع مرات قبل الكلام)؛ وكذلك مسألة نقاء اللغة ومايصاحبها من ممارسات وعمليات تطهير تقوم به الاكاديميات والقواميس...



وابان الخطيب كما أننا نعلم جيداً ان الأسلوب المتسلسل والجملة الطويلة، والأسلوب البلاغي الخليط يوجد من يدافع عنها ويعتبرها ضرباً من ضروب القيم. ولكن هناك بطبيعة الحال قيم اكثر "شرعية" وديمومة من غيرها.

وبهذه المقارنة بين الأخلاقية (الجنسانية) والأخلاقية اللغوية سوف نختم هذه المواجهة التي يبدو أنّها لم ترد بمحض الصدفة، حيث أن الأمر في نهاية المطاف يتعلق بالعلاقة مع الآخر، وفي اللغة وعبر اللغة ليشكل ويكوّن الذات نفسها. ولا يفوتنا الإشارة الى أنّه كان من المفترض ان تخضع هذه المقترحات إلى التدقيق بشكل أكبر. لقد أردنا هنا على وجه الخصوص إبراز إحدى معطيات الواقع اللغوي، والتي دائماً ما تكون في طي النسيان والمتمثلة في: مظهر اللغة الأخلاقي الذي يظهر لناأنه من الضروري دراسته ضمن مفهوم "العلى- لساني" الذي يعتبر لصيقاً بمفهوم القلتوبولوتيك [المقاربات التي تتخذها اللغة على نفسها.


حيث علق الدكتور سعيد السريحي قائلا تداولت مواقع التواصل الاجتماعي قبل أسابيع طرفة تقول (تشوف الرسايل بالواتز أب تحس إنك عايش مع الصحابة، تخرج الشارع تلقى نفسك مع كفار قريش)، وهي طرفة تصلح أن تكون شاهدا على ما سبق أن تداولنا الحديث حوله في هذه الحلقة وتواطأنا على النظر إليه على أنه ضرب من "النفاق الاجتماعي" الذي يحاول من خلاله كثيرون أن يظهروا الحريصين على القيم المنافحين عنها حد التشدد رغم أنهم يمارسون خلال حياتهم اليومية ما لا ينسجم مع تلك القيم التي إليها يطعون وعنها ينافحون.
غير أننا إذا ما أعدنا النظر ووسعنا دائرة مواقع التواصل التي يصدق عليها ما يصدق على جماعات "واتزأب" من ثنائة (الصحابة - كفار قريش ) فإن بإمكاننا أن نرى في اعتماد الغالبية العظمى استخدام أسماء مستعارة ما يحول دون ما يمكن أن يحققه ذلك التمسك بالقيم الأخلاقية والمنافحة عنها من فائدة شخصية تكون مبررة لوصف من يفعلون ذلك بالنفاق الاجتماعي، بل إن صلاة القربى والصداقة التي تجمع غالبية المشتركين في جماعة من جماعات "واتزأب" والذين يعرفون بعضهم على مستوى خطابهم الأخلاقي وحياتهم العامة المختلفة والمتناقضة معه وتقبلهم لمثل هذا الاختلاف يمكن لها أن تحول دون اختصار هذا الاختلاف في أنه لا يتجاوز أن يكون ضربا من النفاق الاجتماعي.
ولعلنا لو تأملنا اعتماد كثير من المشاركين في مواقع التواصل الاجتماعي أسماء مستعارة لرأينا في ذلك عتبة أولى لتبين أننا أمام انشطار قد لا يكون مبنيا على وعي تتولد من خلاله ذات تمارس الكتابة تختلف عن تلك الذات التي تمارس الحياة اليومية يصدق عليها ما ذكره فوكو في كتابه "استعمال الملذات" والذي يشكل الجزء الثاني من "تاريخ الجنسانية" في أجزائه الثلاثة حين دشن الأساليب التي تتبعها الذات كي تشكل من داخلها فاعلا أخلاقيا عند ممارسته للكتابة مشيرا إلى ما يحدث عندما يتم (تشيل للذات ك(فاعل أخلاقي) يحصرالفرد ضمنها الجزء من ذاته الذي يُشكل هذه الممارسة الأخلاقية، كما أنه يُحدد موقفه تجاه المبدأ الذي يتبع، ويعرّف نمطه الذي يسير عليه والذي سيكون بمثابة استكمال لذاته الأخلاقية؛ ولإتمام ذلك، يقوم الفرد بالاشتغال على نفسه، والتعرف عليها، والتحكم بها، وامتحانها، وتطويرها، وتحويلها).


وعلق الناقد على الشدوي على الورقة قائلا يقتبس برنارد قارده من بودريار العبارة التالية " الأخلاق العالية في الحياة العامة تولّد ايضاً لغة عالية. وأن اللغة تتشوه على لسان الشخص البذيء؛ وأننا نرى نُبل اللغة على لسان الشخص المغمور تجعل جبينه ونظراته تشرق من الفضيلة ".
تشير العبارة ضمنا إلى شخصين: الأول شخص غير بذئ؛ بمعنى ما شخص مؤدب، أخلاقه عالية، وحين يتحدث فإن لغته مؤدبة نبيلة. في المقابل هناك شخص بذئ حين يتحدث يشوه اللغة. لكن بما أن اللغة ظاهرة اجتماعية وليست ظاهرة فردية. وبما أن شبكة من المسلمات تشكل خلفية الإنسان المعرفية ؛ أي حين يتصرف، أو يفكر، أو يتحدث، فهو يسلم بوجود طريقة معينة يوصفها جون سيرل على أنها " شبكة من الأحكام والتصورات. أقول بما أن ذلك كذلك فلا مجال لهذا التقسيم إلى لغة شخصين؛ إنما المجال مجال التقسيم إلى تصورات الشخصين عن المجتمع الذي يعيشان فيه. فالشخص صاحب الكلمات غير البذيئة يتصور المجتمع من وجهة نظر أخلاقية؛ فلا يستخدم اللغة التي تخدش الذوق العام. وعلى العكس منه فإن من يستخدم اللغة البذيئة يتصور المجتمع من وجهة نظر اجتماعية؛ أي أن المجتمع ليس فاضلا، ولا بد أن يحتشد بكلمات لا تنم عن أخلاقيته. وإني لآمل أن يتضح ما أريد قوله في الفقرتين التاليتين.

وقال الدكتور محمد ربيع الغامدي حين عالج قارده مسألة الأخلاقيات اللغوية فأسقط على المعالجة منهج فوكو في تحليل تاريخ الجنسانية إنما كان ينظر إلى العناصر التي بإمكانها أن تسوِّغ الادعاء بتشابه السلوك اللغوي مع السلوك الجنسي، ثم البناء على هذه المشابهة ما يجعل الأخلاقيات اللغوية تماثل الأخلاقيات السلوكية الجنسانية تماثلا يكفي للتدليل على وجاهة الأطروحة الرئيسة التي تنطوي عليها هذه المقالة.
هناك قيود وإكراهات تفرضها السلطات المجتمعية المختلفة على السلوك الجنسي للفرد بحيث تكون هذه القيود بمثابة المعايير لما يكون من السلوك الجنسي مقبولا أو غير مقبول. بطبيعة الحال يمكن القول إن منظومة المعايير تشكل "النظام" الذي يؤطر السلوك الجنسي بشكل جمعي، أما السلوكيات الجنسانية المحتملة فهي الصورة الفردية التي قد يسعى الفرد في بعض المقامات إلى جعلها متوائمة مع النظام الذي تفرضه السلطات المجتمعية.

.
وشهدت الحلقة التي أدارها الناقد الدكتور محمد ربيع الغامدي مداخلات عدة من الحضور وكان من أبرز الحضور الدكتور سعيد السريحي والناقد على الشدوي والدكتور عبدالرحمن السلمي والدكتور عادل خميس والدكتورة لمياء باعشن، والدكتورة أميرة كشغري، وحنان بلياري ونبيل زارع .

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف