الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

خطوطنا الحمراء بقلم:فهمي هويدي

تاريخ النشر : 2016-07-24
خطوطنا الحمراء بقلم:فهمي هويدي
حين يلقى القبض على قاض متلبسا برشوة مقدارها ٦٥٠ ألف جنيه لتبرئة متهم فى قضية مخدرات منظورة أمامه، فتلك جريمة تحسب على فاعلها، الذى هو شخص واحد من بين نحو ١٤ ألف قاض فى مصر. أعنى أنها ينبغى أن تقدر بقدرها، إذ هى ليست ظاهرة عامة تهز بنيان المجتمع، ولا هى مما يشين عموم القضاة، ناهيك عن أنها لا علاقة لها بالمصالح العليا للبلد، لا بالأمن ولا بالسياسة أو الاقتصاد. وإذا كانت القضية حادثا فرديا محدود الحجم والأثر، فليس مفهوما لماذا يصدر بحقها قرار بحظر النشر، بحيث تتحول إلى خط أحمر يغلق فيه باب الكلام لينفتح واسعا باب النميمة والشائعات. لست أشك فى أن النائب العام الذى أصدر قراره بهذا الخصوص يوم الخميس الماضى ٢١/٧ له أسبابه التى دعته إلى ذلك. لكن ظاهر الأمر يوحى بأنه لا يوجد سبب عام يبرره، الأمر الذى يحيلنا إلى الأسباب الخاصة على اتساعها.

الأمر ليس جديدا فى مصر، لأن سلاح حظر النشر أصبح يشهر بين الحين والآخر للتعتيم على بعض الملفات والقضايا التى يراد حجبها عن الرأى العام من خلال «فرمانات» يصدرها النائب العام، تأمر الجميع بالصمت وعدم الحديث بصوت عال على الأقل. وثمة تقدير أحصى ٢٥ قضية صدرت بحقها قرارات بحضر النشر خلال السنوات الثلاث الأخيرة. قليل من مبرراتها مفهوم وأغلبها دوافعه غير مفهومة. وهو ما أصبح محلا للانتقاد والتندر، الذى عبرت عنه القصة كثيرة التداول (أشرت إليها من قبل) التى تحدثت عن طفل من أبناء المسئول الكبير حين عاد من مدرسته باكيا ذات يوم، وشكا لأبيه أن زملاءه دأبوا على السخرية منه على «الفيس بوك»، فما كان من الرجل إلا أن طيب خاطره وطلب منه الكف عن البكاء، قائلا إن ذلك لن يتكرر لأن قرارا بحظر النشر فى موضوعه سيصدر فى اليوم التالى!


لست فى مقام مناقشة موضوع حظر النشر وما إذا كان مشوبا بإساءة استعمال الحق أم لا، رغم أن تلك مسألة جديرة بالبحث والتحرير. فإن أكثر ما يهمنى فى اللحظة الراهنة هو ما يفضى إليه تعدد تلك القرارات التى باتت تملأ الفضاء المصرى بالخطوط الحمراء. وهو ما يوسع من دائرة المحظورات. مما يؤدى إلى تراجع مؤشرات الشفافية ويشكل عدوانا على مبدأ الحق فى تداول المعلومات الذى يقرره الدستور ويفترض أن تترجمه السياسة وتحميه.

يستوقفنا فى هذا الصدد التزامن الذى يحتاج إلى دراسة بين تزايد المحظورات فى الدين وتزايدها فى الدنيا، وكيف أن ضيق الصدر والتشدد على الخلق يمثل قاسما مشتركا بينهما. وإذ أتمنى أن يتولى من هو أخبر منى وأعلم تحرير تلك العلاقة، إلا أن السياق الذى نحن بصدده يدعونا لأن نتوقف عند تداعيات المحظورات أو الخطوط الحمراء الدنيوية. ذلك أن تأثيرها على ثقافة المجتمع وآفاق الحوار فيه لا ينكر. لا يقل عن ذلك أهمية ما تفضى إليه من حيرة وبلبلة فى أوساط المعنيين بالشأن العام وأهل الرأى منهم بوجه أخص.

إذ حين ندقق فى المشهد من هذه الزاوية سنجد أننا صرنا نتعامل مع مستويين للخطوط الحمراء، أحدهما ثابت طول الوقت والثانى متغير بتغير الأحوال والحسابات والأمزجة. الثابت يشمل المقدسات السياسية رفيعة المستوى. وهذه المقدسات قد تكون رموزا عالية المقام، أو مؤسسات لها حظها من القوة والنفوذ. وتلك دائرة لها ذاتها المصونة التى لا تمس. والتعرض لها بغير المديح والتهليل بمثابة «إهانة» لها. والإهانة فى هذه الحالة من الكبائر التى لا تغتفر. حيث الوقوع فى الكبيرة إثم ومروق له تكلفته الباهظة. أما الخطوط الحمراء المتحركة فهى التى تطلق حسب الطلب وترسم بين الحين والآخر لتتعامل مع مختلف المستجدات كى تضفى الحصانة وترخى الأستار على أشخاص وملفات تختلف حساسيتها وحساباتها بحسب تقديرات الأطراف السياسية رفيعة المستوى التى تتحصن وراء الخطوط الثابتة. ومن الفوارق المهمة بين ما هو ثابت ومتحرك فى الخطوط الحمراء، أن الثابت منها له أسبابه العامة المفهومة، وثيقة الصلة بالخرائط السياسية، وتلك أسباب يمكن استنتاجها. أما الخطوط المتحركة فأسبابها خاصة فى أغلب الأحوال، وغير مفهومة على الدوام.

صحيح أن حظر النشر له أصل فى الدستور، مبنى على رعاية «المصلحة العامة»، لكن انضباط المصطلح أو تسيُّبه مرتبط بالحالة الديمقراطية وحيوية قوى المجتمع ومؤسساته. وبسبب ما تعرف من الوهن الذى أصاب الديمقراطية والمجتمع فى مصر، فإن إطلاق الخطوط الحمراء أصبح خاضعا فى شق كبير منه لمقتضيات السياسة وملاءماتها. حتى أصبحت الظاهرة تعبيرا عن أزمة السياسة وليس أزمة الدستور والقانون.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف