الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مصر التليفزيونية بقلم:فهمي هويدي

تاريخ النشر : 2016-06-30
مصر التليفزيونية بقلم:فهمي هويدي
مصر التليفزيونية

 تفضح بعض عوراتنا من حيث لا تحتسب. آية ذلك أننا نتابع على الشاشات إعلانات المنتجعات الجديدة التى تعوم فوق الماء وتحفل ببرك السباحة وملاعب الجولف. وفى الوقت نفسه نقرأ على صفحات الصحف أخبار القرى والزراعات التى تموت من العطش، وذلك تناقض محير ومستفز. إذ يدهشنا البون الشاسع بين النموذجين، حتى لا يكاد يصدق المرء أنهما صورتان لبلد واحد. ولا يستغرب فى هذه الحالة أن يؤدى ذلك إلى انتشار مشاعر الاستياء والنقمة بين ضحايا شح المياه، الذين باتوا يعتبرون توفيرها فى بيوتهم حلما بعيد المنال.

لا أخفى أننى أحد الذين يستفزهم ذلك التناقض الحاصل، وكنت قد كتبت قبل حين عن أزمة ١١ قرية فى محافظة الشرقية انقطعت عنها المياه منذ عدة أشهر كما أن الصحف باتت تتحدث بين الحين والآخر عن اتساع نطاق الأزمة فى محافظات الصعيد. وقد شجعنى على العودة إلى الموضوع ما قرأته هذا الأسبوع عن حملة دعت إليها جمعية الدفاع عن المستهلكين فى إيطاليا التى استفزها مشروع ترفى محلى أقيم فوق إحدى البحيرات، فقررت محاسبة المسئولين عن تمويله وطالبت بالتحقيق فى جدواه الاقتصادية. خلاصة القصة التى بثتها وكالة الأنباء الفرنسية يوم ٢٦ يونيو الحالى كالتالى:

أعلنت جمعية الدفاع عن المستهلكين الإيطاليين أنها تنوى تقديم شكوى إلى السلطات المحلية فى شأن تبذير المال العام الذى أنفق على الجسور العائمة التى أقامها أحد الفنانين (كريستو) على بحيرة «ايسيو» الإيطالية منذ ١٨ يونيو، إذ لقيت الجسور إقبالا شديدا من السياح وراغبى التسريه وفد عليها عشرات الألوف منهم للتنزه على الجسور الممتدة بطول ثلاثة كيلومترات ليلا ونهارا. وقالت الهيئة إن الكلفة الهائلة لعمليات التنظيف وكلفة ضمان الأمن تثيران تساؤلات حول صحة الإذن الذى أعطى لإقامة تلك المنشآت. كما تساءلت عن الانعكاسات الاقتصادية للمشروع، وعن المبالغ التى أنفقت من حصيلة الضرائب لإنجازه. كما أنها اعتبرت أن تنفيذه وفر دعاية كبيرة للفنان صاحب الفكرة، دون أن يحقق أرباحا تذكر للمنطقة أو للمواطنين.

كان ٢٧٠ ألف شخص قد زاروا الموقع خلال الأيام الخمسة الأولى. وهو عدد تجاوز توقعات المنظمين، الذين كانوا يعولون على نصف مليون شخص خلال ١٦ يوما، وهى المدة التى ستبقى فيها الجسور مفتوحة أمام الجمهور (حتى الثالث من شهر يوليو).

من الخبر نجد أن مشروعا سياحيا ترفيا نفذ، لكن جمعية الدفاع عن المستهلكين راقبته وحرصت على التدقيق فيما إذا كان دافع الضرائب الإيطالى تحمل جانبا من تمويله أم لا، كما تساءلت عن جدواه الاقتصادية ومدى النفع الذى يمكن أن يحققه للمنطقة أو للمواطنين، لم تعترض على استمتاع السياح وغيرهم به، لكنها شاغلها الأهم ظل منصرفا إلى مصالح المواطنين، وترشيد الإنفاق العام.

فى حالتنا يتصرف المستثمرون بغير رقيب أو حسيب، بحيث يظل شاغلهم الأوحد هو الحصول على أقصى ربح ممكن، حتى إذا كان ذلك على حساب البيئة أو راحة المواطنين، أو ما يمكن أن تحدثه برك السباحة وملاعب الجولف من تأثير على وفرة المياه بالمنطقة. خصوصا أن الجميع يعلمون أن مصر مقبلة على مرحلة شح فى المياه جراء أزمة سد النهضة الإثيوبى والبدء فى تخزينه فى العام المقبل.

أشك كثيرا فى أن يكون أحد من أصحاب المنتجعات قد اعتنى بدراسة تأثير مشروعه على البيئة المحيطة أو الخدمات أو حدود موارد المياه المتاحة له. إذ فى غيبة المساءلة والرقابة المجتمعية فإن همَه يظل منصبا على كيفية توظيف كل تلك العناصر لصالح إنجاح مشروعه ورفع عوائده.

ما سبق يسوغ لى أن أسجل ملاحظتين، هما:

< إن الفرق بين النموذجين المصرى والإيطالى يجسد الفرق بين قيمة المواطن هنا وهناك، فالمواطن هناك صاحب صوت ودافع للضرائب، وهناك منظمة تدافع عن حقوقه وترعى مصالحه، أما فى بلادنا فإن شبكة المصالح تمثل مركز القوة الحقيقى. والمستهلكون لا صوت لهم ولا وزن أيضا.

< الملاحظة الثانية أن المقارنة فى الحالة المصرية لا تكشف فقط عن ضعف المجتمع وهشاشة منابر التعبير عنه، لكنها كاشفة عن المدى الذى بلغه التفاوت بين الطبقات واتساعه لفجوة بين الأغنياء والفقراء. والرمز هنا واضح فى أناس ينعمون بالماء ويلهون بها، وآخرون يحلمون بالماء وتنتشر بينهم الأمراض جراء قدرته، كما أنهم يضطرون إلى التيمم للصلاة والغسل.

ما لم يستعد المجتمع عافيته بحيث يسمع له صوت. فإنه سيظل مرتهنا لحسابات شبكات المصالح وعاجزا عن الدفاع عن حقوقه.

 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف