محور الاتفاق التركي الإسرائيلي وتداعيات الصحوة
د. عماد أبو الجديان
إن الاتفاق التركي الإسرائيلي الأخير هو صدمة لم يتوقعها الكثيرون، حيث عادت العلاقات التركية مع إسرائيل بعد قطيعة دامت نصف عقد من الزمن منذ الهجوم الإسرائيلي على أسطول كسر الحصار عن غزة. علق جزء كبير من الفلسطينيين أمالاً على رفع الحصار عن غزة بجهود تركية كان يعتقد أنها داعمة للقضية الفلسطينية قلباً وقالباً، ولكن فوجئ الجميع باستبدال البند الثاني من الاتفاق والمتعلق برفع الحصار عن غزة، فقط من خلال السماح لتركيا ادخال ما ترغب من المعدات والسلع للقطاع عبر ميناء أسدود وذلك تحت مراقبة أمنية إسرائيلية، كما ستسمح سلطات الاحتلال لتركيا بإقامة محطة توليد كهرباء ومستشفى ومحطة تحلية في القطاع بإشراف جهات دولية.
بعد أن وضعت تركيا ثلاثة شروط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل هي: (1) اعتذار علني عن الهجوم، (2) تعويضات مالية للضحايا، (3) رفع الحصار عن قطاع غزة، فإن المطلع أيضا على البنود التفصيلية للاتفاق يندهش من انخراط تركيا في مثل هذا الاتفاق، فهي وإن استردت كرامة شهدائها وانتزعت منها موافقة على مسؤوليتها عن مجزرة سفينة مرمرة، ودفع تعويضات لأسر الشهداء من جهة، فمن جهة أخرى أقوى أصبحت تركيا وكيل لأعمال وأجندات إسرائيلية، حيث تمخض الاتفاق تعاوناً استخباراتياً بين الطرفين، وتعاون اقتصادي يبدأ بمحادثات حول مد أنبوب غاز طبيعي من حقول الغاز بالبحر المتوسط لتركيا، لتتمكن تركيا من فتح سوق جديدة للغاز الإسرائيلي في الأسواق الأوربية.
باتت الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط من ناحية أمنية تطال تركيا، الأمر الذي أضحى يهدد أمنها، ويلامس نفوذها في المنطقة، وخاصة بعد العلاقات السيئة مع روسيا والتي خسرتها تركيا بسبب الحرب في سوريا، فأصبح تحالفاً ومسانداً قوياً ضرورة في شكل اتفاق مع قوى إقليمية على الأقل، فكان الاتفاق الرابح بين تركيا وإسرائيل، حيث فضلت تركيا مصالحها وتنازلت عن مطالبها برفع الحصار عن غزة، في حين أن إسرائيل تغنم تطبيعاً مع عدو عدوها اللدود إيران، في جولة مكاسب سياسية ودبلوماسية أكيدة وستحصد نتاجها في زمن لن يكون بالبعيد.
لقد بات واضحاً أن التمسك بثوابت الدفاع عن القضية الفلسطينية خياراً قائماً ضمن الأجندة التركية تجاه القضية الفلسطينية، ورفع الحصار عن قطاع غزة.
لم يكن يوماً التعويل على السلطان التركي في شكل تأمين بعض الاحتياجات الأساسية لمواطني غزة من الحصول على كهرباء وماء ومواد تموينية من خلال تسهيل إدخال المساعدات من تركيا إلى غزة عبر ميناء أسدود الإسرائيلي، بل كان التعويل في الأساس موقف الرجال تجاه القضية الفلسطينية وهو ما كان على ما يبدو وهماً لا أكثر ولا يستحق التعويل عليه.
إن صدمة الفلسطينيين اليوم - وتحديداً التيار الإسلامي – بتركيا لم تكن الأولى، فقد خذلتهم قطر من قبل، وبعض الدول العربية الأخرى! أليس هذا درساً قاسياً وعليه أن يتعلموا منه جيداً؟ الأولى اليوم بالفلسطينيين أن تستنهض جميع القوى الوطنية وتستعيد مجدها السياسي ونضالها الكفاحي وانهاء الانقسام وتعزيز أسس الوحدة الوطنية والحفاظ على القضية الفلسطينية ومقدرات الشعب الفلسطيني.
د. عماد أبو الجديان
إن الاتفاق التركي الإسرائيلي الأخير هو صدمة لم يتوقعها الكثيرون، حيث عادت العلاقات التركية مع إسرائيل بعد قطيعة دامت نصف عقد من الزمن منذ الهجوم الإسرائيلي على أسطول كسر الحصار عن غزة. علق جزء كبير من الفلسطينيين أمالاً على رفع الحصار عن غزة بجهود تركية كان يعتقد أنها داعمة للقضية الفلسطينية قلباً وقالباً، ولكن فوجئ الجميع باستبدال البند الثاني من الاتفاق والمتعلق برفع الحصار عن غزة، فقط من خلال السماح لتركيا ادخال ما ترغب من المعدات والسلع للقطاع عبر ميناء أسدود وذلك تحت مراقبة أمنية إسرائيلية، كما ستسمح سلطات الاحتلال لتركيا بإقامة محطة توليد كهرباء ومستشفى ومحطة تحلية في القطاع بإشراف جهات دولية.
بعد أن وضعت تركيا ثلاثة شروط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل هي: (1) اعتذار علني عن الهجوم، (2) تعويضات مالية للضحايا، (3) رفع الحصار عن قطاع غزة، فإن المطلع أيضا على البنود التفصيلية للاتفاق يندهش من انخراط تركيا في مثل هذا الاتفاق، فهي وإن استردت كرامة شهدائها وانتزعت منها موافقة على مسؤوليتها عن مجزرة سفينة مرمرة، ودفع تعويضات لأسر الشهداء من جهة، فمن جهة أخرى أقوى أصبحت تركيا وكيل لأعمال وأجندات إسرائيلية، حيث تمخض الاتفاق تعاوناً استخباراتياً بين الطرفين، وتعاون اقتصادي يبدأ بمحادثات حول مد أنبوب غاز طبيعي من حقول الغاز بالبحر المتوسط لتركيا، لتتمكن تركيا من فتح سوق جديدة للغاز الإسرائيلي في الأسواق الأوربية.
باتت الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط من ناحية أمنية تطال تركيا، الأمر الذي أضحى يهدد أمنها، ويلامس نفوذها في المنطقة، وخاصة بعد العلاقات السيئة مع روسيا والتي خسرتها تركيا بسبب الحرب في سوريا، فأصبح تحالفاً ومسانداً قوياً ضرورة في شكل اتفاق مع قوى إقليمية على الأقل، فكان الاتفاق الرابح بين تركيا وإسرائيل، حيث فضلت تركيا مصالحها وتنازلت عن مطالبها برفع الحصار عن غزة، في حين أن إسرائيل تغنم تطبيعاً مع عدو عدوها اللدود إيران، في جولة مكاسب سياسية ودبلوماسية أكيدة وستحصد نتاجها في زمن لن يكون بالبعيد.
لقد بات واضحاً أن التمسك بثوابت الدفاع عن القضية الفلسطينية خياراً قائماً ضمن الأجندة التركية تجاه القضية الفلسطينية، ورفع الحصار عن قطاع غزة.
لم يكن يوماً التعويل على السلطان التركي في شكل تأمين بعض الاحتياجات الأساسية لمواطني غزة من الحصول على كهرباء وماء ومواد تموينية من خلال تسهيل إدخال المساعدات من تركيا إلى غزة عبر ميناء أسدود الإسرائيلي، بل كان التعويل في الأساس موقف الرجال تجاه القضية الفلسطينية وهو ما كان على ما يبدو وهماً لا أكثر ولا يستحق التعويل عليه.
إن صدمة الفلسطينيين اليوم - وتحديداً التيار الإسلامي – بتركيا لم تكن الأولى، فقد خذلتهم قطر من قبل، وبعض الدول العربية الأخرى! أليس هذا درساً قاسياً وعليه أن يتعلموا منه جيداً؟ الأولى اليوم بالفلسطينيين أن تستنهض جميع القوى الوطنية وتستعيد مجدها السياسي ونضالها الكفاحي وانهاء الانقسام وتعزيز أسس الوحدة الوطنية والحفاظ على القضية الفلسطينية ومقدرات الشعب الفلسطيني.