الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سبسطية: مكان أثري يتحدث عن نفسه بقلم:آمنه أبو حطب

تاريخ النشر : 2016-06-30
سبسطية: مكان أثري يتحدث عن نفسه بقلم:آمنه أبو حطب
سبسطية: مكان أثري يتحدث عن نفسه

نابلس –آمنه أبو حطب 

شهدت فلسطين عبر تاريخها الطويل تراكمًا حضاريًا شمل جميع جزئياتها الجغرافية. وإذا علمنا أن عمر التراكم الحضاري في القدس يمتد إلى عمق يتجاوز العشرة آلاف عام، فإنه ما من مكان في فلسطين، مهما بَعُد عن القدس أو اقترب منها، إلا وفيه أثر لقوم قطنوه واستقروا فيه أو مرّوا منه قبل آلاف السنين. الأمر الذي يعني أن كل من يتحرك على أرض فلسطين عليه أن يراعي أنه يتنسم عبق التاريخ بأبهى صوره وتجلياته.

أما المكان الذي نحن بصدده، فهو بلدة "سبسطية" الواقعة باتجاه شمال غرب مدينة نابلس، وعلى بعد (15) كيلومترًا منها. وتروي المراجع التاريخية أنها تقوم على أنقاض مدينة السامرة التاريخية، وأن هيرودوس (سنة 25 ق. م.) هو الذي غيّر إسمها من "السامرة" إلى "سبسطية". وكانت أرض سبسطية شاهدًا على الصراع التاريخي على أرض فلسطين، منذ الفتوحات الإسلامية؛ فهي من فتوح عمرو بن العاص سنة 634م؛ زمن خلافة ابو  بكر بن الصديق رضي الله عنه، وفيها قبر شداد بن أوس الخزرجي، وهناك جامع فيها يقوم على موضع الكنيسة التي أقيمت في القرن الرابع الميلادي، واشتهر باسم "مشهد زكريا"، (2) ثم حوله الصليبيون (1099-1187م) إلى كنيسة سميت باسم "يوحنا المعمدان"، وعندما حررها السلطان صلاح الدين الأيوبي أعاد المسجد ووضع فيه منبرا

تعتبر "سبسطية" من أشهر الأماكن التي بقيت في ذاكرة التاريخ، عبر الحقب الزمنية المختلفة؛ فقد ذكرها الجغرافي ابن خردذابة  في تعداده لكور فلسطين. وذكرها اليعقوبي في كتابه (البلدان) في الحديث  عن جند فلسطين، وقال إنها مضافة إلى نابلس, وذكر بها أضرحة وقبور للأنبياء، ومنذ ذلك الوقت  نجد سسلة  من الكتابات  والوصف للموقع  والمعالم من قبل الرحالة  والزوار, وكان من بينهم  الحجاج المسيحيون  الذبن يزورون  ضريح سيدنا يحيي. وذكرها العديد من المؤرخين  في الكتب التاريخية أمثال الحموي والوردي.

أما في كتب الرحالة، فأول من أشار إليها الرحالة الأندلسي "بنيامين التطيلي"، وقال: سبسطية أو السامرة القديمة المستوية على الجبل، حصينة، وفيها العديد من الحدائق  والعيون. كما يؤكد المؤرخون والرحّالة أن سبسطية تضم، بالإضافة إلى الجامع المذكور أعلاه، قبر زكريا وابنه يحيي ، وقبر نبي الله يحيي ووالده  زكريا في مغارة ذات هيبة وينزل  إليها بدرج.

وأما حاليًا، فإن حدود قرية سبسطية الفلسطينية، هي: من الشمال قرية برقة, ومن الغرب أراضي قرية رامين, ومن الشرق قرية بيت أُمرين, ومن الجنوب قرية الناقورة. ويقطنها نحو (3100) نسمة من الفلسطينيين، ينتمون إلى عدد من العائلات، أبرزها: الكايد والشاعر، ويعتمدون  في دخلهم على الزراعة، خاصة أشجار الزيتون وأشجار المشمش والبرقوق. وسوف نتناول، فيما يأتي هذه القرية كمكان يحمل دلالات تاريخية بحاجة إلى أن نتأملها ونتوقف عندها بالكثير من المهابة والتقدير والاحترام.

سبسطية: مكان سياحي تحت الضوء


منذ قدوم السلطة في العام 1994، وإنشاء وزارة السياحة الفلسطينية، أخذت تركز اهتمامها نحو هذه القرية التاريخية، فنفذت سلسلة من أعمال  الترميم في نواة البلدة التاريخية , والتي شملت المسجد, وضريح ومقام النبي  يحيى, وكاتدرائية يوحنا المعمدان, والمقبرة الرومانية, ومعصرة الزيتون, وقصر الكايد, والمباني التقليدية, بالإضافة إلى المسار السياحي. كما تم تنفيذ مشروع مركز التفسير من قبل وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) وبلدية سبسطية.

من جانب آخر، قامت دائرة الآثار الفلسطينية بأعمال الحفر بالتعاون مع بلدية سبسطية, فوجد العديد من الأواني الفخارية  في المقبرة التي تعود إلى العصر الحديدي, مما جلب اهتمام المسؤولين  في المجتمع المحلي لإيجاد متحف يحتوي على هذه الموجودات التي تنتمي إلى تاريخ سبسطية.

ثم أقامت وزارة السياحة "مركز تجمع شبابي" في مدينة سبسطية؛ لتنظيم زيارات للمواقع الأثرية في سبسطية، مع تقديم شرح حول تاريخ هذه المواقع, وقامت الوزارة بإدراج سبسطية مع أسماء المواقع المدرجة على لائحة التراث العالمي. كما عملت على إدراج المواقع الأثرية التي يتم تأهيلها على الخريطة السياحية، وطباعة مطوية (بروشور) خاص تعريفي بالمواقع  وأهميته. بالإضافة إلى إقامة مهرجان سبسطية للسياحة والتراث الثقافي للحفاظ على الطابع التراثي والثقافي فيها.


سبسطية: محط أنظار الجمهور الفلسطيني


لم يتوقف الوضع في سبسطية عند جهود وزارة السياحة الموصوفة أعلاه، وإنما كانت قامت بعض المؤسسات بتسليط الضوء عليها، ووضعها على قائمة اهتماماتها. وسنتطرق، فيما يأتي، إلى الجهود التي تبذلها "جمعية الروزنا للتراث الثقافي" حتى جعلت من سبسطية مسارًا سياحيًا جميلًا، يتم من خلاله استقطاب الوفود السياحية من الشباب الفلسطينيين القادمين من مختلف المحافظات الفلسطينية. ففي مقابلة مع السيد رأفت جميل مدير الجمعية، أشار إلى أن (جمعية الروزنا للتراث الثقافي) نفذت مشروعًا يهدف إلى إبراز الأماكن الأثرية المهشمة, وتأهيلها وتشغيلها  ووضعها على الخارطة السياحية, من خلال تشغيل المجتمع المحلي بهدف  دفع العجلة  الاقتصادية, وتثبيت  الصمود.

كما قامت الجمعية بتنفيذ عدد من الفعاليات والأنشطة في سبسطية، أهمها: إعداد نزل لاستقبال المجموعات السياحية، وتدريب أدلاء سياحيين بهدف خلق كادر من أبناء سبسطية لقيادة البرامج السياحية، والبرامج الثقافية لقيادة  المجموعات السياحية ، وتنظيم مهرجانات وفعاليات ثقافية في سبسطية لتحقيق أهداف: الترويج للسياحة وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في سبسطية، وتعزيز مفهوم التشبيك والشراكة ما بين مؤسسات سبسطية مع مؤسسات محلية من ومؤسسات دولية، والعمل على إبراز سبسطية كمركز سياحي وقيادة العمل السياحي بالمنطقة.

لم يتوقف فعل جمعية الروزنا عند هذا الحد، وإنما قامت بترميم وتأهيل مباني قديمة بالبلدة القديمة في سبسطية، ومواصلة العمل على تعزيز روح الانتماء لأهمية الآثار وتفهم بعدها التاريخي عند قطاع الشباب من أجل صونها والمحافظة عليها، بعد أن كانوا يتعاملون مع المواقع الأثرية بطريقة سلبية.


الخاتمة


نستنتج مما سبق أن هناك تقدمًا ملحوظًا في ارتفاع مستوى ثقافة التعامل مع الآثار والمواقع الأثرية، وما كان ذلك ليتم لولا أن هناك جهودًا جادة ومثمرة يبذلها القاعات العامة والخاصة والأهلية. إذ أن تضافر جهود وزارة السياحة والقطاع الخاص والقطاع الأهلي الذي تمثله جمعية الروزنا. رغم أن الواقع يشير إلى أن هناك حاجة، بل ضرورة قصوى، لعمل المزيد من الترميمات والتحسينات في هذا المكان السياحي-الأثري، الذي يتمتع بسمات وخصائص تاريخية وجمالية تستحق أن نبذل الجهود من أجل انتزاعها من مخالب الاحتلال، ومنحها الهوية الوطنية الفلسطينية البحتة.

كما أن أجمل ما توصلنا إليه هو التطور، بل التحول، النوعي الذي تمت الإشارة إليه في توجهات الشباب اتجاه الآثار إيجابيًا، وكذلك تطوير أفكار المسارات السياحية-التعريفية-التوعوية الدائمة والمستمرة، التي تستقطب الشباب الفلسطيني من مختلف المحافظات، للتمتع بعبق التاريخ الذي يفوح من جنبات سبسطية ومن أرضها الطيبة.

الأمر الذي يدفعنا إلى التوجه إلى صانعي القرار في مجال السياحة والآثار إلى الإفادة مما وجدناه في سبسطية، من أجل تعميمه على الأماكن السياحية والأثرية الأخرى في المدن والقرى الفلسطينية وتوسيع وتعميق السياحة الداخلية. علمًا بأننا ندرك هول الإعاقات والعراقيل التي يضعها الاحتلال في وجه كل من يسعى إلى تثبيت الهوية الوطنية الفلسطينية على الأرض في المجالات كافة، بخاصة مجال السياحة والآثار، التي يرى فيها الاحتلال منفذًا ومجالًا رحبًا للتزوير في الخفاء من أجل نفي الوجود التاريخي للشعب الفلسطيني على أرض الآباء والأجداد!      
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف