الأخبار
قطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّاتإعلام الاحتلال: نتنياهو أرجأ موعداً كان محدداً لاجتياح رفحإصابة مطار عسكري إسرائيلي بالهجوم الصاروخي الإيراني
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الاتفاق التركي الإسرائيلي بقلم عبد الرحمن شهاب

تاريخ النشر : 2016-06-29
الاتفاق التركي الإسرائيلي
بقلم عبد الرحمن شهاب - اطلس للدراسات

كتب ماجد الكيالي في تغريدة على صفحته "لا شيء في السياسة أكثر بؤسًا من العناد والحماقة وادعاء امتلاك الحقيقة والعيش على الشعارات والعواطف، لا شيء يقود إلى التهوّر في السياسة أكثر من ذلك ..." قد يصاب بعض الفلسطينيين الغزيين بالصدمة من توقيع الاتفاق التركي الإسرائيلي بدون تحقيق الشعارات التي رفعها أردوغان منذ حوالي العقد، رغم الشعارات الكبيرة والتطمينات الكثيرة.

وللحقيقة فإن تركيا كان بودّها ان تساعد الفلسطينيين برفع الحصار عن غزة، ولكن هذا أقصى ما كان يمكنها ان تقدم لهم، فمصالح تركيا كثيرة ومتشعبة بقدر تطلعات استراتيجيتها والتي تتمثل في صناعة "تركيا المركزية بين الشرق والغرب"، وعلى ما يبدو فإن هذه هي الفكرة الباقية من السياسة الخارجية التركية المنهارة.

استراتيجية السياسة الخارجية التركية التي انتهجتها - العدالة والتنمية منذ البدايات - كانت استراتيجية حالمة وغير واقعية، خاصة فيما يتعلق باستراتيجية "صفر المشاكل"، والتي لم تصمد ولم تستمر طويلًا لما احتوت من التناقضات؛ حيث اعتقد الحزب الحاكم ان بإمكانه التأسيس لتركيا "المركزية بين الغرب والشرق"، معتقدين بذلك انهم يمكن ان يشكلوا تركيا "منطقة الجذب".

ومن أجل بناء سياسة "صفر المشاكل" اعتمدوا خلق المشاكل مع الغير، ظانين انهم سيكونون هم الحل، وأن بإمكانهم ان يفتعلوا المشاكل مع إسرائيل والغرب فيما يستفيدون لاحقًا من تحسين العلاقات مع العرب وتجاوز العداء التاريخي الذي نشأ بين القومية التركية وفشل القومية العربية، وكذلك تحسين العلاقات  في آسيا الوسطى على حساب روسيا، وقد تغافلوا ان صانعي المشاكل في تلك المناطق (إسرائيل وروسيا) هم أنفسهم الذين تسعى تركيا لافتعال المشاكل معهم، وأن المحاور التي تسعى تركيا لتحسين العلاقة معها (العرب والأرمن) هي المحاور المفعول بها من قبل الآخرين وهي مناطق تستخدم لصراعات القوي الأخرى.

فيما يتعلق بالشرق الأوسط - وهو الذي يخصنا في هذا المقال - فغياب تركيا لعشرات السنين عن التأثير في المنطقة نتيجة لامبالاة أو تخوف من التورط في مشاكل الشرق الأوسط قد حرمها من بناء الأدوات التي تساعدها لأخذ مكانها في الإقليم، الأمر الذي دفعها لاستخدام أدوات لا تنسجم مع سياسة "صفر المشاكل"، وهو امتطاء ما يراه الغرب "الإرهاب الإسلامي"، وبذلك كانت قدرتهم على المناورة صعبة للغاية، فزلت قدمها سريعًا في المشاكل، فقد ناصبت العداء للنظام السوري داعمة في نفس الوقت أقصى التطرف هناك ودعم أشرس المعارضة وأسوئها، معلنة شعارها ان لا بقاء ولا تفاهم مع نظام الأسد، غير آبهة بمآلات المنطقة وبمصلحة الشعب السوري الذي تشظى نتيجة تلك السياسة، ومنسجمة مع مصلحة العدو الصهيوني هناك  في تفكيك سوريا، متجاهلة ان المشاكل التي تخلقها للروس في القرم قد تشكل حافزًا آخر للروس لرد الاعتبار لحليفهم القديم والاستراتيجي في المنطقة (نظام الأسد) وتحت شعار محاربة تنظيم "داعش"، والذي تدرك تركيا انها الراعي لها، ولتجد تركيا ان لا ملاذ لها إلا العودة للحليف الذي افتعلت معه المشاكل، وهو الضامن الوحيد لها لكبح القوات الروسية في المنطقة (إسرائيل)، وهو الحليف الحقيقي في معايير الأحلاف، وليس العرب ولا السوريين.

 على الصعيد الفلسطيني، وبسبب غيابها عن المنطقة لعقود، اضطرت لتبني السباق على المضمار الفلسطيني من خلال مواجهة يمين متطرف لا يتوانى عن الخروج عن لباقة الدبلوماسية في إهانة السفير التركي أو أي تصرف مماثل.

كان الدخول للقضية الفلسطينية ليست من بوابة التوافق الفلسطيني، ولا من خلال الفاعلين الأساسيين في المنطقة كمصر والسلطة الفلسطينية؛ بل من خلال خلق الأزمات لهؤلاء، رافعة أعلى سقف يطالب به الفلسطينيين، حتى بدا لسكان غزة ان تركيا "الأستانة" و"العثمانيين الجدد" هم السند الوحيد للمقاومة، وفي نفس الوقت الداعم في المحافل الدولية، وكانت سفينة مرمرة  تشكل التحدي الدبلوماسي والمقاومة في آن واحد، حتى تحدث البعض عن سفينة "مرمرة 2" قد يرافقها الأسطول التركي لكسر الحصار، وأصبح الميناء والمطار قيد مناقصات الانشاء، مما عزز الشقاق الفلسطيني المصري.

لم تكن تركيا داعمة حقيقية للمقاومة، وفي أحسن الأحوال لم تكن تدرك ان الإسلام السياسي في الوطن العربي وفي فلسطين بالذات لا يمكن تطويعه عدا عن استقطابه ضمن المشروع   "مركزية الدولة التركية بين الشرق والغرب"؛ ومن هنا كان السباق الإقليمي في فلسطين يحمل تناقضًا آخر، حيث سعت تركيا لمنافسة  محورين في آن واحد "الاعتدال والمقاومة"، فلم يكن بالإمكان سباق "دول الاعتدال" في كسب المعتدلين الفلسطينيين، ولم تقدر على منافسة "محور المقاومة" في دعم المقاومين الفلسطينيين  بالمال والسلاح، وبذا باتت التصريحات النارية لأردوغان في نظر الإسرائيليين لا تعدو ديماغوجيا لأجل أخذ مكانة في الإقليم الذي قد يرضى في نهاية المطاف بمد غزة بمياه الشرب والاسمنت والكهرباء، ولو كان ذلك على حساب شرعنة الحصار على غزة.

لقد استنكر الفلسطينيون كل الاتفاقيات العربية مع دولة الاحتلال، ولكن الموقف الفلسطيني فيما يتعلق بالاتفاق التركي الإسرائيلي له طعم آخر من المرارة والصدمة، صدمة المجتمع الغزي الذي اعتبرها خذلانًا فوق الخذلان، وبعد سقوط الميناء والمطار سيعود المواطن الفلسطيني لبحث سبل السفر من خلال التسهيلات الإسرائيلية أو الانتظار على قوائم معبر رفح، أما جمعيات المال وتوزيع المواد الغذائية والكابونات فتنتظر حصتها من الاتفاق، فيما الجدل على الشبكات الاجتماعية بين شامت شماتة غير أخلاقية وبين مستعقل يعطي دروسًا في السياسة والاتزان، وآخر مكذب للصدمة ما زال يحافظ على اتزانه من خلال التطمينات بأن الاتفاق ليس بالكارثي "فيهما إثم كبير ومنافع للناس".
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف