في زمن "العز الثوري" ، بعد الاستقلال والانسحاب المستعمر هو وحاشيته جاءت فترة الازدهار.فجأة الفلاح الذي كان مجرد "خماس" عند "المعمر" يعمل في الأرض من "الليل" إلى "الليل" ، أي قبل بزوغ الفجر إلى بعد غروب الشمس ، بمقابل لا يكفيه حتى ملئ نصف بطنه وبطون عائلته و لا يستر إلا أقل من ثلث الأجساد الشبه العارية...
قلت فجأة وجد نفسه ، أي الفلاح ، يمتلك الأرض وبينت له مساكن بعد أن كان يسكن في بيوت قصديرية بجوار إسطبلات أنعام المعمر . مسكن أقرب منه إلى فيلات لم يكون يمتلكها حتى المعمر نفسه...
وكانت تُمنح له أرباح في مهرجانات احتفالية . أرباح مصدرها أموال الخزينة تستقطع من مداخل أخرى لكي يتم تحفيز الفلاح على التشبث بالأرض وبالتالي النهوض بالقطاع الفلاحي الذي هو أهم قطاع استراتيجي في النمو الدول والأمم...
ومن هذا القطاع يُعرف المستقبل أهو " استقلالي" ، أي الاستقلال عن استيراد و يُأكل مما ينتج أو "خضوعي"، أي الخضوع لشروط الذي يتولى إطعامه من وراء البحار و المحيطات ...
وقد يكون هذا أهم خطأ استراتيجي أرتكب عندما ظن القائمون على التخطيط في تلك الفترة بأن بهذا التحفيز المالي و المادي ستولد علاقة عضوية و عاطفية بين الفلاح و الأرض ...
لأن هذه العلاقة هي وجدانية و ليست مادية ، تماما كالأم رابط الأمومة لا يحتاج إلى تحفيز و إنما هو فطري وزوجة الأب ، مثلا، مهما أعطيتها من تحفيز فلن يحرك شعرة من عاطفة الأمومة لديها في اتجاه أولاد زوجها...
و الفلاح الذي كان بالأمس القريب يعمل كل تلك المدة بالمجان تقريبا ليس حبا في الأرض و إنما خوفا من سوط المعمر وجوعا وكل تلك المزايا و التحفيزات لم تحرك لديه أي شعور اتجاه الأرض بل و لجأ إلى كل الأساليب من السمسرة والبيع بطرق ملتوية كل ما مُنحت له من الأرض و آلات الفلاحية و الزراعية وأهمل ما تبقى له و أصبح لا يزور حقله إلا بعض من اليوم ...
قلت في الفترة المذكورة ، أي فترة " العز الثوري" و المهرجانات توزيع المساكن و الأرباح ظهرت أغنية شعبية وطنية حماسية ، عنوانها "خذ المفتاح يا فلاح" ، مفتاح ، للأسف ، ضيعه الفلاح و لم يٌحتفظ به...
أتذكر دائما ، يوما ، اصطحبت والدي لزيارة مسقط رأسه و في طريق طلب مني فجأة الوقوف على الرصيف و عندما سألته عن السبب ، طلب مني النظر يمينا وشمالا ماذا أرى. قلت له أراضي بور تصحرت يعلوها غبارا "أصفر" و لا نبتة خضراء...
رد علي :" هذه الأراضي التي تراها كانت في زمن المعمرين جنات من الخضروات و الفواكه من كل الأنواع و الأصناف تجري من تحتها مياه فُجرت تفجيرا"...
ويضيف والدي : "المعمر الذي كان صاحب هذه الأراضي استعان بخبير مياه مشهور في ذلك الزمان ودله على مخزون مياه جوفي ضخم فاستعمل ذلك المعمر المتفجرات القوية لتصبح كل تلك المنطقة مياه عذبة وأصبحت بساتين خضراء تسر الناظرين". في ذلك الزمان الفلاح كان محتفظا بالمفتاح الذي مُنح له......
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
27.06.2016
قلت فجأة وجد نفسه ، أي الفلاح ، يمتلك الأرض وبينت له مساكن بعد أن كان يسكن في بيوت قصديرية بجوار إسطبلات أنعام المعمر . مسكن أقرب منه إلى فيلات لم يكون يمتلكها حتى المعمر نفسه...
وكانت تُمنح له أرباح في مهرجانات احتفالية . أرباح مصدرها أموال الخزينة تستقطع من مداخل أخرى لكي يتم تحفيز الفلاح على التشبث بالأرض وبالتالي النهوض بالقطاع الفلاحي الذي هو أهم قطاع استراتيجي في النمو الدول والأمم...
ومن هذا القطاع يُعرف المستقبل أهو " استقلالي" ، أي الاستقلال عن استيراد و يُأكل مما ينتج أو "خضوعي"، أي الخضوع لشروط الذي يتولى إطعامه من وراء البحار و المحيطات ...
وقد يكون هذا أهم خطأ استراتيجي أرتكب عندما ظن القائمون على التخطيط في تلك الفترة بأن بهذا التحفيز المالي و المادي ستولد علاقة عضوية و عاطفية بين الفلاح و الأرض ...
لأن هذه العلاقة هي وجدانية و ليست مادية ، تماما كالأم رابط الأمومة لا يحتاج إلى تحفيز و إنما هو فطري وزوجة الأب ، مثلا، مهما أعطيتها من تحفيز فلن يحرك شعرة من عاطفة الأمومة لديها في اتجاه أولاد زوجها...
و الفلاح الذي كان بالأمس القريب يعمل كل تلك المدة بالمجان تقريبا ليس حبا في الأرض و إنما خوفا من سوط المعمر وجوعا وكل تلك المزايا و التحفيزات لم تحرك لديه أي شعور اتجاه الأرض بل و لجأ إلى كل الأساليب من السمسرة والبيع بطرق ملتوية كل ما مُنحت له من الأرض و آلات الفلاحية و الزراعية وأهمل ما تبقى له و أصبح لا يزور حقله إلا بعض من اليوم ...
قلت في الفترة المذكورة ، أي فترة " العز الثوري" و المهرجانات توزيع المساكن و الأرباح ظهرت أغنية شعبية وطنية حماسية ، عنوانها "خذ المفتاح يا فلاح" ، مفتاح ، للأسف ، ضيعه الفلاح و لم يٌحتفظ به...
أتذكر دائما ، يوما ، اصطحبت والدي لزيارة مسقط رأسه و في طريق طلب مني فجأة الوقوف على الرصيف و عندما سألته عن السبب ، طلب مني النظر يمينا وشمالا ماذا أرى. قلت له أراضي بور تصحرت يعلوها غبارا "أصفر" و لا نبتة خضراء...
رد علي :" هذه الأراضي التي تراها كانت في زمن المعمرين جنات من الخضروات و الفواكه من كل الأنواع و الأصناف تجري من تحتها مياه فُجرت تفجيرا"...
ويضيف والدي : "المعمر الذي كان صاحب هذه الأراضي استعان بخبير مياه مشهور في ذلك الزمان ودله على مخزون مياه جوفي ضخم فاستعمل ذلك المعمر المتفجرات القوية لتصبح كل تلك المنطقة مياه عذبة وأصبحت بساتين خضراء تسر الناظرين". في ذلك الزمان الفلاح كان محتفظا بالمفتاح الذي مُنح له......
بلقسام حمدان العربي الإدريسي
27.06.2016