ولقـد كــرمنا بـنـي آدم
بـقـلم / حــســـن زايـــــــــد
هذا البيان ليس بياناً للأمم المتحدة ، ولا إحدي منظمات حقوق الإنسان التابعة لها ، ولا منظمات المجتمع المدني . " ولقد كرمنا بني آدم " ، بيان إلهي ، يعلن فيه المولي ، قبل وجود الأمم المتحدة ، وتوابعها ، وقبل وجود منظمات المجتمع المدني ، أنه كرم بني آدم . وقد جاء التكريم الإلهي لبني آدم ، من تكريم آدم عليه السلام ، باعتباره الأصل ، وباعتباره ممثلاً للنوع الإنساني ككل ، من لدن آدم إلي قيام الساعة . من لحظة وجود بشر ، إلي لحظة عدم وجود بشر . وقد تمثل هذا التكريم الأول لآدم ، بمكرمة لم يسبقه فيها أحد من العالمين ، ولا يشاركه فيها أحد ، وهي أن الله نفخ فيه من روحه ، وهذه النفخة الإلهية هي مناط التكريم ، وأصله ، وما عداها تفريع عنها : " ونفخت فيه من روحي " [ الحجر ـ 29 ] . ثم أسجد الله له الملائكة ، تكريماً له . ثم جعل الله هذا التكريم تكريماً عاماً في بني آدم . لم يختص به الأبيض دون الأسود ، أو الأسود دون الأصفر ، أو الأصفر دون الأحمر . كما لم يختص به الطويل دون القصير ، أو الذكر دون الأنثي ، أو المسلم دون المسيحي ، أو المسيحي دون اليهودي ، أو المشرك دون اللاديني . ولا يجوز لإنسان كرمه الله أن يفرط في كرامته ، كما لا يجوز وبنفس القدر أن يتعرض إنسان لإنسان بالإهانة ، لأنه بتعريضه للإهانة ، والعدوان عليه ، يكون قد اجترأَ علي الله ، وعلي حقه فيه ـ باعتبار النفخة ـ من ناحية ، وعلي حق الشخص المهان من ناحية أخر . فإذا تساءلت بينك وبين نفسك عن سر تلك الحماية الإلهية التي أضفاها الله علي الإنسان ؟ . والإجابة ببساطة لأن الله أرادك خليفة عنه في الأرض . حيث اقتضت الحكمة والمشيئة الإلهية أن تجعل الإنسان خليفة عنه في الإرض ، لتحقيق مرادات الله فيها مختاراً . من أجل ذلك كانت هذه الحماية . لذا سنجد أن الإسلام ـ دين المسلمين ـ يتحدث عما يطلق عليه ، مقاصد الشريعة ، وهي بمثابة دستور حماية الإنسان في الإسلام ، وهي خمسة : الأولي ـ حفظ النفس ، والثانية ـ حفظ الدين ، والثالثة ـ حفظ العقل ، والرابعة ـ حفظ المال ، والخامسة ـ حفظ النسل . أما عن الأولي : وهي حفظ النفس ، ولا يكون ذلك إلا بالإمتناع عن الإعتداء عليها . ولذا فقد جعلت الشريعة أن قتل نفس ـ بغير نفس أو فساد في الأرض ـ بمثابة قتل للناس جميعاً . جاء في التنزيل : " من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " [ المائدة : 32 ]. كما جعلت الحفاظ علي النفس إحياء لها ، ومن أحيا نفساً ، كأنه أحيا البشرية كلها . جاء في التنزيل : " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً " .[ المائدة ـ 32 ] . أما عن الثانية : وهي حفظ الدين ، فهي قمة سامقة في حرية الإعتقاد ، ولا يقتصر الأمر علي الإسلام ، لأن الخطاب عام في حرية العقيدة : " لا إكراه في الدين " . [ البقرة : 256 ] . ومقتضي عدم الإكراه ، عدم جواز إكراه إنسان علي الدخول في دين ـ أي دين ـ أو الخروج منه . لأن الإكراه يخلق مجتمعاً من المنافقين . وأما الثالثة : وهي حفظ العقل ، ومقتضاها ضمان قيام العقل بوظائفه الحيوية ، وعدم جواز إعاقته عن العمل تحت أي ذريعة . أي أن يتمتع العقل بحرية التفكير والإبداع وحرية الرأي والتعبير بضابطين : ألا يضر بمصالح المجتمع ، وألا يضر بالنظام العام ، في إطار الحديث النبوي : " لا ضرر ولا ضرار " . والرابعة : وهي حفظ المال ، ومقتضاها الحفاظ علي الملكية الخاصة وصيانتها ، إلي حد أن الإسلام قد ذهب إلي إعتبار من قتل دون ماله شهيداً . والخامسة والأخيرة : هي الحفاظ علي النسل ، وذلك للحفاظ علي النوع الإنساني ، واستمراريته في عمارة الأرض ، إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها . ومن باب الحفاظ علي النوع الحفاظ علي الأنساب وحمايتها من الإختلاط ، ومن هنا كان تحريم الزنا . والحماية من الإختلاط في الأنساب للحفاظ علي صلة الرحم ، وعدم زواج المحارم مما تأباه النفس السوية . هذا بخلاف ما يفضي إليه اختلاط الأنساب من من الخلط في المواريث الشرعية . وإنفاق الأباء علي غير أبناءهم بغيرحق . تلك هي المقاصد الخمس الكبري للشريعة الإسلامية التي تستهدف تكريم بني آدم . والفارق بينها وبين ما نشهده الآن من حقوق مقررة بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، وتوابعها ، ومنظمات المجتمع المدني ، أن ذلك تشريع البشر للبشر ، قد يخالطه هوي ، أو انحراف ، أو نقص مخل ، أو زيادة مفرطة ، فضلاً عن الهوي الذي يخالط تطبيقها عملياً علي الأرض ، وإفلات المخالف من العقوبة . أما مجال التشريع الإلهي فلا هوي ولا نقص ولا انحراف ولا تزيد ، ويجري تطبيقه عملياً علي الجميع ، إذ أن المخالف لا يفلت من العقوبه ، فإذ أفلت في الدنيا ، ففي الآخرة هو ملاقيها . زد علي ذلك أن وضع الإنسان للحقوق منقوص لا محالة ، لأنه يعرف أشياء ، وتغيب عنه أخري . أما وضعها من جانب خالق الإنسان فله شأن آخر ، " ألآ يعلم من خلق ، وهو اللطيف الخبير " ؟ ! . هذا بيان للناس .
حــســــن زايـــــــــد
بـقـلم / حــســـن زايـــــــــد
هذا البيان ليس بياناً للأمم المتحدة ، ولا إحدي منظمات حقوق الإنسان التابعة لها ، ولا منظمات المجتمع المدني . " ولقد كرمنا بني آدم " ، بيان إلهي ، يعلن فيه المولي ، قبل وجود الأمم المتحدة ، وتوابعها ، وقبل وجود منظمات المجتمع المدني ، أنه كرم بني آدم . وقد جاء التكريم الإلهي لبني آدم ، من تكريم آدم عليه السلام ، باعتباره الأصل ، وباعتباره ممثلاً للنوع الإنساني ككل ، من لدن آدم إلي قيام الساعة . من لحظة وجود بشر ، إلي لحظة عدم وجود بشر . وقد تمثل هذا التكريم الأول لآدم ، بمكرمة لم يسبقه فيها أحد من العالمين ، ولا يشاركه فيها أحد ، وهي أن الله نفخ فيه من روحه ، وهذه النفخة الإلهية هي مناط التكريم ، وأصله ، وما عداها تفريع عنها : " ونفخت فيه من روحي " [ الحجر ـ 29 ] . ثم أسجد الله له الملائكة ، تكريماً له . ثم جعل الله هذا التكريم تكريماً عاماً في بني آدم . لم يختص به الأبيض دون الأسود ، أو الأسود دون الأصفر ، أو الأصفر دون الأحمر . كما لم يختص به الطويل دون القصير ، أو الذكر دون الأنثي ، أو المسلم دون المسيحي ، أو المسيحي دون اليهودي ، أو المشرك دون اللاديني . ولا يجوز لإنسان كرمه الله أن يفرط في كرامته ، كما لا يجوز وبنفس القدر أن يتعرض إنسان لإنسان بالإهانة ، لأنه بتعريضه للإهانة ، والعدوان عليه ، يكون قد اجترأَ علي الله ، وعلي حقه فيه ـ باعتبار النفخة ـ من ناحية ، وعلي حق الشخص المهان من ناحية أخر . فإذا تساءلت بينك وبين نفسك عن سر تلك الحماية الإلهية التي أضفاها الله علي الإنسان ؟ . والإجابة ببساطة لأن الله أرادك خليفة عنه في الأرض . حيث اقتضت الحكمة والمشيئة الإلهية أن تجعل الإنسان خليفة عنه في الإرض ، لتحقيق مرادات الله فيها مختاراً . من أجل ذلك كانت هذه الحماية . لذا سنجد أن الإسلام ـ دين المسلمين ـ يتحدث عما يطلق عليه ، مقاصد الشريعة ، وهي بمثابة دستور حماية الإنسان في الإسلام ، وهي خمسة : الأولي ـ حفظ النفس ، والثانية ـ حفظ الدين ، والثالثة ـ حفظ العقل ، والرابعة ـ حفظ المال ، والخامسة ـ حفظ النسل . أما عن الأولي : وهي حفظ النفس ، ولا يكون ذلك إلا بالإمتناع عن الإعتداء عليها . ولذا فقد جعلت الشريعة أن قتل نفس ـ بغير نفس أو فساد في الأرض ـ بمثابة قتل للناس جميعاً . جاء في التنزيل : " من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " [ المائدة : 32 ]. كما جعلت الحفاظ علي النفس إحياء لها ، ومن أحيا نفساً ، كأنه أحيا البشرية كلها . جاء في التنزيل : " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً " .[ المائدة ـ 32 ] . أما عن الثانية : وهي حفظ الدين ، فهي قمة سامقة في حرية الإعتقاد ، ولا يقتصر الأمر علي الإسلام ، لأن الخطاب عام في حرية العقيدة : " لا إكراه في الدين " . [ البقرة : 256 ] . ومقتضي عدم الإكراه ، عدم جواز إكراه إنسان علي الدخول في دين ـ أي دين ـ أو الخروج منه . لأن الإكراه يخلق مجتمعاً من المنافقين . وأما الثالثة : وهي حفظ العقل ، ومقتضاها ضمان قيام العقل بوظائفه الحيوية ، وعدم جواز إعاقته عن العمل تحت أي ذريعة . أي أن يتمتع العقل بحرية التفكير والإبداع وحرية الرأي والتعبير بضابطين : ألا يضر بمصالح المجتمع ، وألا يضر بالنظام العام ، في إطار الحديث النبوي : " لا ضرر ولا ضرار " . والرابعة : وهي حفظ المال ، ومقتضاها الحفاظ علي الملكية الخاصة وصيانتها ، إلي حد أن الإسلام قد ذهب إلي إعتبار من قتل دون ماله شهيداً . والخامسة والأخيرة : هي الحفاظ علي النسل ، وذلك للحفاظ علي النوع الإنساني ، واستمراريته في عمارة الأرض ، إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها . ومن باب الحفاظ علي النوع الحفاظ علي الأنساب وحمايتها من الإختلاط ، ومن هنا كان تحريم الزنا . والحماية من الإختلاط في الأنساب للحفاظ علي صلة الرحم ، وعدم زواج المحارم مما تأباه النفس السوية . هذا بخلاف ما يفضي إليه اختلاط الأنساب من من الخلط في المواريث الشرعية . وإنفاق الأباء علي غير أبناءهم بغيرحق . تلك هي المقاصد الخمس الكبري للشريعة الإسلامية التي تستهدف تكريم بني آدم . والفارق بينها وبين ما نشهده الآن من حقوق مقررة بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، وتوابعها ، ومنظمات المجتمع المدني ، أن ذلك تشريع البشر للبشر ، قد يخالطه هوي ، أو انحراف ، أو نقص مخل ، أو زيادة مفرطة ، فضلاً عن الهوي الذي يخالط تطبيقها عملياً علي الأرض ، وإفلات المخالف من العقوبة . أما مجال التشريع الإلهي فلا هوي ولا نقص ولا انحراف ولا تزيد ، ويجري تطبيقه عملياً علي الجميع ، إذ أن المخالف لا يفلت من العقوبه ، فإذ أفلت في الدنيا ، ففي الآخرة هو ملاقيها . زد علي ذلك أن وضع الإنسان للحقوق منقوص لا محالة ، لأنه يعرف أشياء ، وتغيب عنه أخري . أما وضعها من جانب خالق الإنسان فله شأن آخر ، " ألآ يعلم من خلق ، وهو اللطيف الخبير " ؟ ! . هذا بيان للناس .
حــســــن زايـــــــــد