الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

عطيل فلسطين في رواية "السفر إلى الجنة" وفاء عمران بقلم: رائد الحواري

تاريخ النشر : 2016-06-27
عطيل فلسطين في رواية
"السفر إلى الجنة"
وفاء عمران
تحدثنا الروائية "وفاء عمران" عن شخصية الشرير/الخائن/المخادع "عزيز" ، فهذه الشخصية المحركة والباعثة لكل المآسي التي حلت "بأبي سمير وزوجته وخطيبة ابنه "سلمى" والتي تمسى شبهة أرملة بعد الوشاية التي أقدم عليها "عزيز" والتي أدت إلى استشهاده على يد جنود الاحتلال.
"عزيز" يغرق أكثر في جرائمه ويزيد الألم على خصومه، فيوحي لأبو "سلمى" بأنها اقترفت الخطيئة مع سمير، ولا بد من تغطية وكتمان هذا الأمر من خلال قبول "عزيز" (الشهم) بالزواج منها والستر عليها، يقبل أبوها هذا الأمر وترفض أختها "عائشة" فكرة هروب "سلمى" وتكشف هذا الأمر للأب مما يجعل الزواج من "عزيز" أمر واقع لا مفر منه.
تنجب "سلمى" ولد "فريد" لكن "عزيز" تأخذه الغيرة من الشهيد "سمير" الذي كان صديقة منذ أيام الطفولة، من خلال رؤيته "لسلمى" وهي تحمل صورة له و"لسمير" جمعتهما في الجامعة، بعدها يبدأ بالإفصاح عما قام به من خلال توصيف عملية استشهاده بدقة متناهية، مما يجعل "سلمى" تتأكد بأنه وراء عملية استشهاده، وعندها تقرر الفرار من فلسطين، لكن "عزيز" يكون قد جعل من "منى" صديقة زوجته جاسوسة عليها، فتخبره بالمال الذي وضعته عندها، وعلى نيتها للسفر. مما يجعل عملية سفرها تؤجل لأول مرة ثم تلغى لاحقا.
شخصية "عزيز" مبنية روائيا بشكل متين، فهو شخص يثير حنق المتلقي ويجعله معاديا، فكلما ذكر هذا الشخص كان هناك جريمة/عمل شرير يظهر على الساحة، كما نجد اعماله الشريرة لا تتوقف عند حد معين، فهي متنامية ومستمر، خاصة تلك المتعلقة بعائلة "سمير" التي يخدعها ويشترى منها قطة الأرض التي تمتلكها، و "سلمى" التي تتعرض للضرب وللقهر وللعيش مع زوج خائن لصديقه ولوطنه.
"عزيز"
طرفي الصراع هما "عزيز وسلمى" سلمى الفتاة الجميلة التي وجدت في سمير الحبيب والبطل وفارس الاحلام، بينما "عزيز" كان يمثل القبح والبغض والشر والقهر، ضمن هذه الاجواء يتم الحديث عن "عطيل" فلسطين، شخصية تمارس الشر بحرفية عالية، تعمل على الانتقام من كل من كان أفضل منها أو تجاوزها، فهي شخصية حسودة، تعمل على تحطيم وتكسير كل الشخصيات الناجحة والنبيلة، وكأنها والشر جسد وروح.
طريقة التفكير عند "عزيز" كانت بدايتها بهذا الشكل: "يشعرني بالقرف من نفسي، حسدته على أبسط الأشياء نعم حسدته على أنه وأبيه على اهتمامها به...نعم حسدته لأنه كان نظيفا ومرتبا كنت أشعر بالطمأنينة والراحة في بيته كان هو محور حياة والديه" ص28، إذن هذه شخصية غير سوية، تحقد على نعم الغير، وتعمل على إزالتها منهم أو حرمانهم من تلك النعم، ولهذا وجدنا "عزيز" يقدم على الوشاية "بسمير" الذي يستشهد، ولا يتوقف عمل الشر عند هذا القتل، بل نجده يتنامى من خلال قوله: "ـ يجب أن نرفع النعش غدا ونكون أول من يهتف بالدم بالروح نفديك يا شهيد" فنحن أصدقاؤه وأحباؤه، وقد حضرت كلمة لأقولها بهذه المناسبة أمام جموع المشيعين" ص29، لا يقتل القتيل ويمشي في جنازته وحسب، بل يريد أن يرفع مكانته بقتل صديقه، يريد أن يتاجر بالوطنية رغم أنه القاتل الحقيقي لصديقه.
هناك حالة من مكاشفة الذات تجري بين "سمير" ومساعده "فتحي" بعد عملية الوشاية والمشاركة في مسرحية الصداقة للشهيد، وهذه المكاشفة تؤكد انغماس "عزيز" اكثر في الشر، "نعم، أعترف مات ضميري، ..منذ أن مات سمير وأنا أتخيل نفسي أحادثه وأبرر وأشرح له لماذا فعلت ذلك؟ ...عيناه ونظراته تحاصراني كأني أراهما أمامي تعاتباني وكأني أسمعه يقول لي لماذا، لماذا؟ ماذا أخطأت ما الجرم الذي ارتكبته بحقك." ص36، ليت هذا الحديث استمر في نفس "عزيز" كان يكمن له أن يتوقف عند عملية القتل، لكننا أمام شخصية تعتمد في تغذيتها على الشر، على الخيانة والخداع، من هنا نجده يقدم على هذه الخطورة الجديدة في مستنقع الشر والخداع، "تزوجنا بطريقة بسيطة جدا، كانت هذه رغبتي، فقد فرضت شروطي على أبيها، كذبة بسيطة مني والساذج صدق الحكاية. عندما أخبرته خفق قلبي بشدة، اعتقدت أنه سينفجر في وجهي، وقد يمسك بتلابيب قميصي، أو يقبض على عنقي بكلتا راحتيه ويخنقني، إلا أنه لم يفعل، بل صمت طويلا ثم رقرق الدمع في عينيه وقال جملة واحدة:
ـ فيك الخير يا بني" ص 92و93، شخصية تتغذى على الكذب والخداع وممارسة الشر، تسعى للنيل/للانتقام/لتدمير الآخرين، فدوافع الشر هي المحرك لكل ما تقوم به، لا يوجد فيها أو عندها أي موانع.
بعد أن يستأثر "عزيز" "بسلمى" يبدأ معها فصل جديد من فصول الاذى والتدمير من خلال منعها من اكمال دراستها، ضربها، مصارحتها بغيرته من الشهيد "سمير" باعترافه بأنه من أقدم على الوشاية به، كل هذا يزيد من معاناتها وألمها وقهرها، فتبدوا وكأنها خسرت كل شيء، حبيبها، وأهلها، ونفسها، وأن "عزيز" حقق كل ما يريد، ودمر كل عناصر الفرح والسعادة في حياتها.
"ـ لا أدري ما الذي يعجبك فيه؟
ـ نعم عكسك أنت فلا شيء فيك يعجبني
..اختطف السكين من يدي ووضعه على عنقي... يغرز السكين في عنقي، كمن يريد أن يقتلني" ص82و83، رجل يستفز زوجته أولا، ثم يعمل على ارهابها بوضع السكين على عنقها. فهل يكتفي بهذا الأمر أم يغوص أكثر في شذوذه؟،
"ـ ربما كان عليك أن ترة صورته وهو يشارف على الموت، وهو ينزف وحده في مكان منيف دون صديق أو مفر، ما زلت أذكر نظراته، نظرة المصدومين، بدا فظيعا وهو فاغر فاه، أتعرفين. لقد أشفقت عليه وقتها، فعلا مسكين، كأنه فأر تم الامساك به وكل أولئك الجنود حوله" ص97و98، يزيد من وجع زوجته سلمى من خلال حديثه بتفاصيل عملية القتل، فهو يستثير ويهيج عاطفتها، يجعلها تتألم أكثر من خلال خسرانها لذلك الحبيب، وثانيا من خلال زواجها ممن تبغضه، وثالثا المساهمة والمشاركة في عملية القتل، ورابعا الحديث عن هيئة "سمير" قبيل الموت، فكان تشبيه بالفأر يعد شتيمة وتقليل لمكانته، وأيضا تشويه لصورته.
بعد كل هذا الاعمال الشريرة نجده يرتقي وترتفع مكانته في التنظيم، الذي كان يجهل حقيقته، فكما خدع أبو "سمير" وأبو "سلمى" وأستطاع أن يخدم التنظيم، فيرتقي تنظيما ليصبح "أمين السر" ولكي يقترب أكثر من مراكز المعلومات، ومن ثم ترتفع مكانته عند المحتل ويرتفع رصيده المالي من خلال المعلومات التي ستكون أكثر كما وأجود نوعا، "...إذ لا يمكنني أن أتراجع الآن، فأنا في وضع أحسد عليه، ومركز يمكنني من الحصول على معلومات كثيرة، وبالتالي أموال وفيرة" ص139.، بعد أن وصل "عزيز" إلى الذروة، وأصبح في مكانة تمكنه من أن يكون متنفذ أكثر، وقادر على تدمير الآخرين أكثر، من خلال المعلومات التي يقدمها للمحتل، يتم كشف أمره من قبل، "سلمى" التي تصارح أبو سمير بما جرى معه ومعها، ومن ثم يتم تبليغ مسؤول التنظيم بخيانته من خلال التسجيل التي كانت "سلمى" قد سجلته بواسطة جهاز الخلوي الخاص بها، فيتم توقيعه على بيع قطعة الأرض التي كان قد اشتراها من أبو سمير، ثم يتم تقيده ووضعه في نفس الكهف الذي عاش فيه "سمير متخفيا عن جنود الاحتلال، ونفس لمكان الذي استشهد فيه.
"سلمى"
المرأة العربية تدفع ثمن الهزايمة مضاعف، رغم عدم تسببها بتلك الهزيمة، لكن المجتمع الابوي الذكوري لا يرحم، وهذا ما يجعلها تقع بين نارين، نار تخلف المجتمع وأفكاره، ونار الظلم والقهر التي يقع عليها، "سلمى" تعرضت للقهر من قبل المجتمع والأسرة التي أجبرتها على الزواج من "عزيز" واستكمال هذا القهر بممارسة "عزيز" الشريرة.
"لقد تزوجني غدرا ونفاقا، حتى أني كرهت والدي الذي وثق بعزيز أكثر مما وثق بي، ..وأحسست بالغضب من أمي التي وقفت تشاهدني أزف إلى عزيز وهي تعلم كم كنت أبغضه، لقد سمعت نحيبي طوال ليال، ..كرهت كل الناس من حولي إلا ابني فريد فرغم أنه مرتبط بعزيز ويحمل اسمع إلا أنه مختلف" ص81، الألم الذي تتعرض له "سلمى" متعدد الأوجه، الزوج البغيض، الأب المخدوع، الأم التي تعلم بواقع ابنتها ولا تحرك ساكن، الابن "فريد" ثمرة زواج الغدر، كل هذا على المرأة أن تتحمله وتتقبله دون ابداء أي امتعاض أو تشكي.
لكنها ترفض هذا الواقع وتعمل جاهدة لتجاوزه، فتتمرد على بطش وسطوة الزوج "عزيز" من خلال محاولتها الهرب، ثم من خلال عودتها إلى منزل عائلتها، والعمل لتكون مكتفية اقتصاديا وليس عالة على أحد، ثم مكاشفة الأهل بحقيقة "عزيز" الشريرة، "ـ سأعمل، لن أكون عالة عليكم، ولن أعود إلى عزيز، ولن أترك ابني، لقد اتخذت قراري،.. وإذا كنتم تضيقون ذرعا بمكوثي هنا، فليس لدي مانع أن أرحل" ص115، وهذا الكلام يتماثل مع ما جاء في مسرحية "بيت الدمية" لهنرك إبسن ومسرحية "المدعوة" لفرانسوا دو كوريل اللتان قدمتا لنا المرأة التي تستطيع أن تتجاوز واقعها وتتمرد على مجتمعها، وهذا أهم طرح جاء في الرواية، ضرورة التمرد على الواقع، على الظلم، على الأسرة والزوج والعائلة، إن كانوا غير اسوياء.
التأثر بالقرآن الكريم
هناك تأثر بالقرآن الكريم والفكر الديني في أكثر من موضع، حتى أن هذا الأمر وجدناه في أكثر من شخصية، فالعديد من الشخصيات كانت تتحدث بالمفهوم الديني، فهي شخصيات مؤمنة، فأبو سمير يقول اثناء ولادة زوجته بعد زواج عقيم استمر لسنوت: "رب إني وضعتها أقنى وليس الذكر كالأنثى" ص8.
ونجد المخادع "عزيز" يتحدث بكلمته اثناء تشيع جنازه "سمير" قائلا: " وكان حقا علينا نصر المؤمنين" ص32، كتأكيد على ميول المجتمع الدينية.
وعندما تواجه أم "سلمى" حاجز لجنود الاحتلال وهي لم تكن تحمل بطاقة الهويةـ تقرر أن تتجاوزهم بهذا الشكل: "ـ سأقرأ في نفسي الآية "وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يصرون" ص66.
وعندما تقرر "سلمى" الهروب من بيت زوجها تقول: " أريد أن أهرب أريد أن أخرج من هذ1ه القرية الظالم أهليها" ص103.
كل هذا يشير إلى الثقافة والميول الدينية عند الراوية. من هنا وجدنا العديد من هذا النص القرآني حاضرا في لغة الشخوص.
الرواة
الرواية يتحدث فيها أكثر من راوي، من أبو سمير إلى سمير إلى عزيز وفتحي، وعائشة وسلمى، وهذا التنوع يثري النص ويجعل الراوي/ة الرئيسة تتحرر من الوقوع في الأسر والتقوقع ضمن لغة واحد وصوت واحد، وهذا التعدد احد العناصر الابداعية في الرواية.
لكن أعتقد بأن اعطاء "سمير" فصل يروي فيه، ثم موته، أضعف النص، فليس من المستصاغ أن يتم قتل/انهاء دور شخصية ساردة في بداية العمل الأدبي، ولو أن سرد سمير انتقل إلى أحد الرواة الآخرين لكن ذلك أدق وأجمل، فلا يشعر المتلقي بأن هناك خلل في بينة الرواة.
كما أن اعطاء فصل واحد "لفتحي" ثم تجاهله لم يكن مقنعا للمتلقي، فكان يمكن أن يأخذ دورا/فصلا آخر كما هو الحال مع بقية الرواة، علما بأنه لم ينتهي دوره، خاصة بعد أن تم اعتقاله.
لغة الرواية
اللغة المستخدم متواضعة، بحيث لم نجد تصوير أدبي إلا في موضع أو موضعين، وكأن الساردة للنص وقعت في مصيدة الأحداث الروائية مما جعلها تفتقد الاهتمام بالتصوير الفنية وللغة الأدبية.
الجغرافيا
هناك ذكر للعديد من المدن الفلسطينية من الخليل إلى رام الله إلى نابلس والقدس، التي تناولتها الراوية بتفاصيل أكثر من غيرها، وهذا الجغرافي توكد مكانة الحدث وأهمية المكان.
الغلاف والعنوان
الحدث الروائي الأبرز استشهاد "سمير" الذي بالتأكد سيكون سفره إلى الجنة، والسفر الثاني كان "لسلمى"، التي استطاعت أن تخرج من الجحيم الذي شكله "عزيز" فتجاوزت سطوة الزوج، وسلطة الأب، وهيمنة فكر المجتمع، وقررت هجر/ترك زوجها وبيت الزوج، فانتقلت من الجحيم إلى الجنة.
أما صورة الغلاف، فنجد الشجرة خضراء من جهة اليسار، وهذا يرمزا للمعارضة، واليباس على جهة اليمن، والذي يرمز إلى الطاعة والقبول. ونجد الطريق السلس الذي يعقبه انحدار ثم طريق بميل بسيط نحو الجهة اليابسة/الخريفية من الشجرة، وهذا يرمز إلى أن الطريق نحو الهاوية تبدأ بخطوات قليلة، لكن يتعبها طريق أطوال سيؤدي إلى الموت/اليباس/الجذب.
نذكر بأن الرواية من منشورات الرقيمة، القدس، فلسطين. الطبعة الأولى 2016
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف