الأخبار
17 شهيداً في مجزرتين بحق قوات الشرطة شرق مدينة غزةمدير مستشفى كمال عدوان يحذر من مجاعة واسعة بشمال غزة"الإعلامي الحكومي" ينشر تحديثًا لإحصائيات حرب الإبادة الإسرائيلية على غزةغالانت يتلقى عبارات قاسية في واشنطن تجاه إسرائيلإعلام الاحتلال: خلافات حادة بين الجيش والموساد حول صفقة الأسرىالإمارات تواصل دعمها الإنساني للشعب الفلسطيني وتستقبل الدفعة الـ14 من الأطفال الجرحى ومرضى السرطانسرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

سلطة الفقهاء وأثرها على الشعوب -21 بقلم الشيخ عبد الغني العمري الحسني

تاريخ النشر : 2016-06-27
سلطة الفقهاء وأثرها على الشعوب -21 بقلم الشيخ عبد الغني العمري الحسني
سلطة الفقهاء وأثرها على الشعوب -21-

الفصل العشرون - تغيير ما بالأنفس

       إن الشعوب العربية، اعتادت أن تُلقي بأحمالها، على الحكام وعلى الفقهاء؛ وكان هذا يُجدي قليلا (دنيويا)، في أزمنة مضت؛ أما الآن، فإن الأمر قد اختلف. فلا كل الحكام قادرون على تبيّن موطئ أقدامهم دائما، ولا الفقهاء علمهم ينفع في إنارة الطريق.. فعادت مسؤولية إيجاد المخرج إلى الشعوب نفسها، وهي لم تستعدّ لهذا بما يلزم. إن شعوبنا متخلفة، مع كونها على الدين الحق؛ وهذه مصيبة، لا يعلم مداها، إلا من عرف ما يُمكن أن يقدمه الدين للناس؛ في الدنيا قبل الآخرة. نقول هذا، لأن دين الفقهاء، لا يكون إلا مؤجّل الدفع (في الآخرة)؛ إن سلِم. هكذا، يرونه هم؛ وهكذا يدلون الناس عليه!..

       وإن الشعوب العربية -من كونها قلب الأمة- بها من الآفات اليوم، ما لن تُفلح معه، ما دام فيها. وسنذكر بعضا من هذه السمات، لندل على مواطن الخلل في الأنفس؛ لعل قومنا يهبّون إلى مداواتها؛ ومنها:

1. عدم اتخاذ العقل مرجعية، فيما هو من مجاله. وهذا، يفتح الاحتمالات بصفة لا نهائية؛ وكأن الحلول بهذا، للمشكل الواحد، تكون لا نهائية. وفي النهاية، يعيش الناس في دوامة، لا مخرج منها. وهذا الأمر، من الأسباب المباشرة لجعل المخدرات والمسكرات، تتفشى في مجتمعات "دينية"!..

2. جعل الدين، مخرجا، فيما حَكَم العقل فيه أن لا مخرج؛ من غير اعتبار لطبيعة الدين، ولا عملٍ دائم بمنطقه. فكأنما هو هروب من العقل إلى الدين، ومن الدين إلى العقل، بحسب الغرض.

3. التواطؤ على ما لا يقبله عقل ولا دين، إن كان يُرضي ذا جاه أو سلطان. وهذا، يُفقد الناس شخصياتهم مع التكرار؛ حتى يعودوا كالأشباح في الاعتبار.

4. عدم قبول النقد من الداخل، مع قبول الإذلال من الخارج؛ وهذا يجعل الشعوب عدوةً لنفسها؛ ويجعل الأفراد لا يشعرون بالانتماء المشترك. فهم في النهاية مجموعة أفراد، لا جماعة (أمة). وهذا يسهّل كثيرا غزوهم عسكريا، وفكريا، واقتصاديا.

5. قبول العمل بالنفاق المتبادل، بدل الصراحة الناجعة؛ مع علم الأطراف المتعاملة، بحقيقة ما هو الأمر عليه. وهذا في المثَل، كمن يفقأ عينيه عمدا، حتى لا يرى الحقيقة؛ وهو قد رآها. وهذا، من أشد أصناف الجُبن.

6. عدم القدرة على العمل بالرأي الفردي؛ لأن الفرد مهضوم في مجتمعاتنا؛ ولا وجود إلا لكيانات جماعية. والمتصرف برأيه، يُعامَل من مجتمعه كأنه دخيل؛ وقد يُحارَب حربا شديدة، وإن لم يثبُت خطؤه. سمعت مرة أحد اليهود (كاتب فرنسي: ي. كوهن)، من أصل مغربي، يصف المغاربة؛ فقال: "إن المغاربة كلهم، يولدون بشخصيتين (مبالغة!). ولن تجد مغربيا واحدا له رأي شخصي في مسألة ما". وإن هذه الصفات، حقيقية؛ مع كونها لا تخص المغاربة وحدهم من بين العرب؛ على تفاوت ضئيل، بين الشعوب.

7. إذا وجدت جماعةً من الناس مجتمعين على أمر بينهم، فإنك ستجدهم صورا منسوخة، يشبه بعضها بعضا. وهذا يؤدي عن قريب، إلى موت الجماعة معنويا، وإن بقيت موجودة شكلاً.

8. الرضى بحُكم المعوقين ذهنيا أو جسديا، من دون شعوب العالم؛ بل والدفاع عن إعاقة الحاكم، إذا تجرأ أحد على انتقاده؛ وجعل ذلك من الاعتزاز بالوطنية والقومية!.. (الجزائر نموذجا).

9. الازدواجية في المعايير؛ فتجد المرء من أشد الناس رفضا للظلم، إن هو وقع عليه؛ وتجده من أكبر الظالمين لغيره؛ من دون أن يُحس من نفسه بالتناقض...

10. الكِبر المقنع؛ فتجد المرء يظهر الإشفاق والرحمة على غيره من أهل البلاء (التضامن)، بشرط أن يكون هذا الغير، أقل منه رتبة اجتماعيا، أو أسوأ حالا. ولا يفعل ذلك مع من هو أعلى منه رتبة أو أحسن حالا، وإن كان بلاؤه أشد من الأول.

11. تغيير الرأي من النقيض إلى النقيض، بين زمانين، أو بين مكانين مُختلفيْن من غير إحساس بالتناقض؛ لسبب من الأسباب. وهذا مع التكرار، يُفقد المرء المعالم العقلية. نعني أنه يُصبح غيرَ موثوق بحكمه، عند نفسه؛ وعند غيره.

12. الرياء في التدين (وهو فرع من الشرك)؛ فتجد الناس يتظاهرون بالدين أمام أعين الناس؛ ويعيشون خارج الدين على التمام، في مجموعاتهم الخاصة، أو في أعمالهم.

13. قبول العمل بما هو معلومٌ من المنكر، من رؤساء العمل؛ وكأنه شريعة ناسخة. من دون أن يحس المرء أن الخلل في نفسه أكبر من الخلل في رئيسه.

14. اتخاذ عبارات المجاملة، وقاية اجتماعية، في معاملة الناس، من غير قصدٍ لمعانيها ومدلولاتها اللفظية؛ فيدخل المرء في الكذب المتكرر، إلى أن يُكتب عند الله كذّابا.

15. اعتقاد الدونية فيما هو من صميم الدين، أمام من يعلم المرء أن لهم مرجعية غير دينية. وهو ما يدل على ضعف شديد في الإيمان، إن لم يتداركه العبد من نفسه، دخل عن قريب في النفاق.

16. التسليم لذوي السُّلطة، فيما يُعلم خلافه يقينا من الدين. وهذا يجعل المرء يدخل في الشرك من أوسع أبوابه. والخوف من فقد المصالح العاجلة، لا ينبغي أن يتقدم على الخوف من فقد الآخرة، إن كان العبد مؤمنا بها.

17. العمل بالتقاليد والأعراف الدجالية، التي ينشرها الدجاليون في العالم عبر وسائل الإعلام والشخصيات المشهورة؛ واستبدالها بما هو معلوم من السُّنّة والأخلاق الحميدة.

18. دلالة المرء لأبنائه ومَن تحت سلطته على الدنيا، دون الآخرة؛ زعما أن الدين من الشؤون الخاصة، في المعاملات. في حين أن العمل الديني هو توجه مخالف للتوجه الدنيوي في جلّ الأمور.

19. احتقار صغيرِ الأعمال، من الخير ومن الشر؛ وهذا، يسهل الانزلاق في طريق الشر من غير شعور في البداية.

20. التشدد في محاسبة الآخرين، والتساهل مع النفس؛ بعكس ما هو المطلوب.

21. ذكر الله والآخرة، في المناسبات المخصوصة، دون باقي الأيام؛ وهذا يجعل الدين طقوسيا أجوف، لا يغيّر ما بالنفس.

22. هجر الصالحين، مع زعم توقيرهم في الباطن؛ وهذا من النفاق؛ لأن من اعتقد صلاح شخص حقيقة، وجب عليه مناصرته بما يستطيع. كل هذا، للتعاون على ما فيه الصلاح العام.

23. التجسس على الآخرين، وإشاعة أخبارهم من غير ضرورة. وهذا مرض اجتماعي، يفكك الجماعات، ويبدد الطاقات.

24. عدم اعتبار الزمن اعتبارا حقيقيا؛ وكأن المرء خالد في الدنيا. وهذا يُضر بعمل الدنيا والآخرة. ومن علامات هذه الآفة، عدم احترام المواعيد، وعدم الدقة فيها.

25. ملء أوقات الفراغ، بالفراغ؛ وهذا من عدم الشعور بجدوى الحياة، والعيش كعيش البهائم.

26. الفرح لأمور الدنيا، من غير اعتبار للحال مع الدين؛ وهذا يجعل العبد من المؤثرين للدنيا على الآخرة. ومن علامات هذه الآفة، قياس النجاحات بالأمور الدنيوية وحدها (دراسة، عمل، ...).

27. قبول التفريق بين ما هو دنيوي، وما هو أخروي؛ فيعيش المرء بهذا وكأنه شخصان، لا شخص واحد. والواجب، هو جعل الدنيا، مقدِّمة للآخرة.

28. تغليب الرجاء على الخوف، من دون عمل صالح؛ وهذا تحايل على النفس، وغش لها. وهو أسوأ ممن يغش الآخرين ويحتال عليهم؛ مع ما فيه من دلالات الغباء.

29. جعل التقرب من الله تعالى، تقربا عقليا؛ وعلامته الإكثار من جمع المعلومات الدينية، دون العمل بها في الشؤون اليومية. وهذا شائع في بلداننا، بتوجيه من الوُعّاظ وشيوخ الإعلام.

30. جعل التوحيد عقليا، كما تدل عليه الوهابية وأشباههم؛ وهو في الحقيقة ينبغي أن يكون شرعيا، يخالف المنطق العقلي الرياضي العام. ومن لم يَحُزْه، فليسلك سبيله؛ أو ليصمت عن الخوض فيه.

       هذا بعضٌ، مما في شعوبنا من آفات، ينبغي التصدي لها بالمحاسبة للنفس، وباعتماد التربية الشرعية المباشرة للقلوب؛ حتى تكون مُجدية. ومن توهم أن أحوال شعوبنا ستتحسن مع بقاء ما ذكرناه فيها، فإنه يكون مخلا بالمعايير العقلية والدينية جميعا. واستمرار الحال على ما هو عليه، لن يكون معناه، إلا أن الشعوب قد آثرت الانتحار الجماعي، على الحياة الكريمة!..
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف