الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

حول مجموعة قناع الموت الأحمر من ترجمات عودة القضاة بقلم: د. محمد عبدالله القواسمة

تاريخ النشر : 2016-06-26
حول مجموعة قناع الموت الأحمر
من ترجمات عودة القضاة
د. محمد عبدالله القواسمة
هذه مجموعة من القصص القصيرة، وعددها عشر قصص، ترجمها الصديق الأديب والمترجم عودة القضاة من اللغة الإنجليزية لأشهر الأدباء والقاصين في الأدب الغربي.
ليس هذا العمل الأول الذي ترجمه القضاة، فقد سبق أن ترجم أعمالًا أخرى متنوعة: ففي حقل القصة القصيرة صدرت له ثلاث مجموعات، هي: الطارة 2005، والرعديد 2013، وقصص من الأدب العالمي للأطفال 2013 ، وفي حقل المسرح ترجم رائعتين من مسرحيات شكسبير، هما: ماكبث 2008، وتاجر البندقية 2015 كما ترجم إلى الإنجليزية قصائد من الشعر الأردني تحت عنوان انطولوجيا الشعر الحديث في الأردن 2002 An Anthology of Modern Jordanian verse وكتاب عمان عبر العصور 2008 Amman Through Ages الذي أعدته الدكتورة هند أبو الشعر .
استنادًا إلى هذه الترجمات التي نهض بها القضاة فإن ترجمة هذه المجموعة (قناع الموت الأحمر) لم تكن طارئة أو مصادفة بل كانت اختيارًا حرًا تقصّده تجاوبًا مع اهتمامه الكبير بالأدب من ناحية عامة، وبالقصة القصيرة من ناحية خاصة.
لعل هذا الاهتمام ترعرع عند صاحبنا منذ التحق بجامعة المنيا بمصر عام 1980، وبلغ أوجه وآتى أكله، بتوالي صدور أعماله المترجمة، عندما عمل في الدائرة الثقافية لأمانة عمان الكبرى في المدة من عام 1997 الى عام 2009 إذ رأس قسم الدراسات والنشر ، وتولى ما بين أعوام 2006- 2009عضوًا في هيئة تحرير مجلة براعم عمان، ثم مديرًا ورئيسًا للتحرير. ومازالت أعماله المترجمة تتوالى حتى بعد مغادرته العمل في الدائرة الثقافية لأمانة عمان الكبرى.
أما عن هذه المجموعة فما ما يلفت الانتباه أن الكتاب الذي يضمها يحمل عنوان "قناع الموت الأحمر" وهو نفسه العنوان الذي تحمله قصة إدجار ألن بو التي تتقدم قصص المجموعة. كما أنه جاء عنوان لكتاب لإدجار بو نفسه ترجمه الدكتور رحاب عكاوي، وصدر عن دار الحرف العربي في بيروت عام 2009. ولعل القارئ يتساءل عن سر اهتمام المترجم بهذه القصة ليكون عنوانها عنوان كتابه فضلًا عن تقديمها على سائر قصص المجموعة.
لعل سر اهتمام المترجم بهذه القصة يعود (كما أرى) إلى تكاملها الفني، وأن مؤلفها ادجار ألن بو، وملاءمتها لواقع الحال العربي: فهي تقوم على حدث مهم هو اكتساح الموت الأحمر لتلك البلاد التي يرأسها الأمير بروسبيرو. هذا الأمير الذي يحاول أن ينجو بنفسه وحاشيته الذين لم يصابوا بالوباء باللجوء الى دير محصن بسور عال وبوابات حديدية حتى لا ينفذ منها أي مصاب بالوباء. وفي الحفلة التنكرية التي يقيمها الأمير للترفيه عن حاشيته، تظهر شخصية الرجل المقنع الذي كان ملفعًا بكفن أبيض ملطخ ببقع من الدماء. وما هذه الشخصية إلا الموت الأحمر، الوباء الذي هرب منه بروسبيرو ورجاله.
نلاحظ أن القصة أجادت تصوير الرعب الذي سيطر على الأمير ومن حوله من هذا الوباء الذي ألم ببلاده. وهذا العالم عالم الرعب صوره ببراعة إدجار ألن بو في قصصه كلها.
أما المؤلف الذي جعل القصة جديرة بالاهتمام هو أن مبدعها إدجار ألن بو. وهو الناقد والشاعر والقاص الأمريكي الذي يعده كثير من النقاد المعلم الأول للكتابة الفانتازية، ومخترع القصة البوليسية، والمجدد للقصة الشعبية، وأحد مؤسسي الحركة الرومانسية الأدبية في أمريكا، ويعده الشاعر الفرنسي بودلير الأب الروحي له .
وأما بالنسبة لملاءمة القصة للواقع العربي، فمن الواضح أن الموت الأحمر يخيم على كثير من بلادنا العربية، ويكتسحها كالوباء الذي حل ببلاد الأمير بروسبيرو.
هذه الخصيصة لا تنطبق على هذه القصة فقط بل على قصص أخرى من المجموعة أيضًا. هذا ما نلحظه في قصتي: "القتلة" لإرنست همنغواي و"الأموات فقط يعرفون يروكلين" لثوماس وولف. ففي قصة "القتلة" يظهر لنا مطعم هنري الصغير، الذي لا نعرف البلد أو المدينة التي يقع فيها كأنه يرمز إلى هذي البلاد العربية التي يدور فيها الحديث عن القتل، وأما القاتلان اللذان يبحثان عن أُول أندرسون فما هما إلا هؤلاء القتلة الذين يبحثون عن ضحاياهم في بعض بلادنا العربية.
أما قصة "الأموات فقط يعرفون يروكلين" ففيها تتمثل تلك الفكرة التي جاءت على لسان أفلاطون:" الأموات فقط هم الذين شهدوا نهاية الحروب" وهي تتمثل هنا أيضًا ففي بعض بلادنا العربية الأموات هم الذين استراحوا بنهاية حياتهم أما الأحياء فهم إما من الذين يعانون من ويلات الحروب، وإما من الذين يستفيدون منها من أمثال التجار، ومصدري الأسلحة، وأصحاب الاستراتيجيات المستقبلية لتدمير المنطقة.
لا شك في أن هذا الاختيار اختيار موفق انقاد إليه المترجم بوعي أو من غير وعي؛ ليتطابق مع هذه الحالة الواقعية الفانتازية التي تحيط بنا، والتي لا يتجاوب معها غير أمثال هذه القصص التي تصور البؤس والرعب والخوف والكآبة، وما يكابده العالم العربي جراء ذلك من موت ودمار وضياع. ومن غرابة المصادفة أن قصص المجموعة في الغالب نابعة من البيئة الرأسمالية، التي يتطاير في فضائها طيور الشؤم والخراب، ويتبارى على أرضها أشباح الموت والدمار.
لقد جاءت ترجمة القضاة لهذه المجموعة نابضة بالوفاء للنصين الإنجليزي المترجم منه وللنص العربي المترجم إليه. ومن مظاهر هذا الوفاء نقل المعنى بدقة وأمانة وبلغة عربية واضحة ومألوفة، وفي أحيان قوية وجزلة تخرج من واقع النص وواقع الحياة في تعابير وكلمات قليلة، نحو: على رسلك، رفع عقيرته ،الجادة، مالكا لزمام نفسه...
ويتجاور نبض الوفاء هذا مع نبض آخر، هو نبض الحياة؛ ففي القصص كلها نلاحظ تجليات الحياة متجسدة في الزمن والمكان اللذين يقدمان بما فيهما حركات وأصوات وألوان، وفي الشخوص الذين يتصفون بالتركيب والتعقيد، وفي مشاهد الحوار والوصف اللذين يتلاءمان وخصائص القصة القصيرة .
لقد استطاع عودة القضاة من خلال ترجمته الموفقة لهذه القصص الوصول إلى القارئ؛ ليثير فيه مشاعر ازدراء كل ما هو قبيح في الحياة وبخاصة العنف والقتل والتكبر، ويثري عقله في طرح أسئلة الوجود والارتقاء بذائقته الجمالية؛ ليتذوق جمال اللغة، واكتمال البناء، وليتعرف تقنيات القصة القصيرة التي ما زالت تؤثر في الأجناس الإبداعية الأخرى وبخاصة أن بعض من ترجمت قصصهم في هذا الكتاب يكتبون الرواية إلى جانب إبداعهم القصة القصيرة، أمثال: إدجار ألن بو، وإرنست همنغواي، وفرجينيا وولف، وجون كولر ..
من هنا نرحب بهذا العمل الذي ندب عودة القضاة نفسه للقيام به، ونعده منجزًا ثقافيًا مهما، يدل بوضوح على استمرار عودة القضاة في تزويد القارئ العربي بما هو عميق، وجدير بالاطلاع من القصص الغربي الذي ظهر باللغة الانجليزية التي يتقنها القضاة اتقانًا كبيرًا.

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف