الأخبار
بعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكريا بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيينمسؤولون أميركيون:إسرائيل لم تضع خطة لإجلاء المدنيين من رفح..وحماس ستظلّ قوة بغزة بعد الحربنتنياهو: سنزيد الضغط العسكري والسياسي على حماس خلال الأيام المقبلة
2024/4/23
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

في اليوم العالمي لمسانده ضحاياه كيف نواجه التعذيب بقلم:بهجت الحلو

تاريخ النشر : 2016-06-26
في اليوم العالمي لمسانده ضحاياه كيف نواجه التعذيب بقلم:بهجت الحلو
في اليوم العالمي لمسانده ضحاياه

كيف نواجه التعذيب 

بهجت الحلو

يصادف يوم 26 حزيران من كل عام اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب بهدف القضاء التام على التعذيب وتحقيقاً لفعالية أداء اتفاقية مناهضة التعذيب، وللتذكير بأن كل عضو من أعضاء المجتمع الدولي يلتزم بالعمل على مكافحة التعذيب سواء أكانت الدولة قد صادقت على المعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب صراحة أو لم تصادق عليها.

ويشهد العالم تقدماً في استحداث المعايير الاتفاقيات والصكوك القانونية الهادفة إلى إنفاذ حظر التعذيب، حيث تضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948 رفضاً لكل أشكال التعذيب، وأنشأت الأمم المتحدة في العام 1981 صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب من اجل تمويل المنظمات التي تقدم مساعدة لضحايا التعذيب وأسرهم، ثم وقعت الدول على اتفاقية مناهضة التعذيب في العام 1984، فيما يرصد احترام ومراقبة مدى إنفاذ الدول لهذه الاتفاقية لجنة من خبراء مستقلين تسمى لجنة مناهضة التعذيب. وفي العام 1985  عينت لجنة حقوق الإنسان أول مقرر خاص معني بمسألة التعذيب وهو خبير مستقل يتولى ولاية الإبلاغ عن حالة حقوق الإنسان في العالم، ثم برز الدور الهام لموظفي الصحة والأطباء في حماية السجناء والمحتجزين من التعذيب، ووضعت مبادئ عامة في معاملة المحتجزين، وتطبيقا للدور الهام الذي تقوم به منظمات المجتمع المدني في مكافحة التعذيب، أصبح للتقارير التي تصدرها هذه المنظمات أهمية كبيره لدى المقرر الخاص المعني بالتعذيب، والمقررة الخاصة بالعنف الموجه ضد المرأة ولدى هيئات رصد المعاهدات ولجنة مناهضة التعذيب، حيث تعتمد هذه الجهات بشكل كبير على المعلومات التي توثقها منظمات المجتمع المدني.

إن التعذيب جريمة خطيرة تمس بشخصية الضحية وتجسد إنكاراً للكرامة الكامنة في الإنسان، وهو جريمة بموجب القانون الدولي، وتحظره التشريعات، ولا يمكن قبوله أو تبريره في أي ظرف.

مناهضة التعذيب في الصكوك الدولية والتشريعات الوطنية

عرفت المادة الأولى من اتفاقية "مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" لعام 1984 التعذيب بأنه:

"أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديًّا كان أم عقليًّا، يلحق عمدًا بشخص ما، بقصد الحصول منه، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه، أو يشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه، هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يُلحِقُ مثلَ هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب، يقوم على التمييز، أيًّا كان نوعه، أو يحرض عليه، أو يوافق عليه، أو يسكت عنه، موظفٌ رسميٌّ، أو أيُّ شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية، أو الملازم لهذه العقوبة، أو الذي يكون نتيجة عرضية لها".

 

يضم مصطلح "تعذيب" مجموعة متنوعة من صنوف العنف مثل الضرب بالعصا، والصدمات الكهربائية، العنف الجنسي، والعزل لفترات طويلة، والأعمال الشاقّة، وممارسة الإغراق والخنق، وقطع الأعضاء والحرق،  والصّلب لفترات طويلة، والشبح، والتعرض المتواصل لأضواء ساطعة، أو عصب العينين، والتعريض بصفة مستمرة للضجيج العالي، والحرمان من النوم أو الأكل أو الشرب، والإكراه على المكوث واقفًا أو منحنيًا، أو الهزّ العنيف. كما لا يقتصر التعذيب على الأذى الجسدي فقط، بل يتعدى ذلك ليشمل الممارسات التي تسبب أذىً نفسياً مثل تهديد عائلة الضحية أو أقاربه.

وتعد كافة أشكال التعذيب أو أشكال سوء المعاملة التي تطال السلامة الجسدية للإنسان- التي قد يرتكبها مكلفون بإنفاذ القانون- أعمالاً محظورة يجب ملاحقة مرتكبيها ومعاقبتهم، باعتبارها أعمالاً مجرَمة، ولا تسقط بالتقادم، بل وملاحقة مرتكبيها حتى بعد تركهم لوظائفهم الرسمية.

ولقد كفلت المواثيق الدولية لحقوق الإنسان الحق في السلامة الجسدية بكافة أشكاله الجسدية والمعنوية، باعتباره من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان، ولا يوجد مطلقًا تحت أي ظرف من الظروف أي مبرر للجوء إليه، التزاماً بحق الإنسان في سلامة جسده والمعاملة اللائقة التي تحترم الكرامة الإنسانية المتأصلة فيه.

1-  حيث نصت المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على انه: " لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة"، كما نصت المادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه: "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة..."

2-  وفي العام 1984، وضعت الأمم المتحدة من اجل ذلك اتفاقية دولية خاصة بالتعذيب هدفت إلى  زيادة فعالية النضال ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية في العالم قاطبة، و جرمت سلوك المكلفين بإنفاذ القانون الذي يستهدفون به الضغط على الجسد البشري بالتعذيب أو بالإيذاء أو بالضغوط النفسية من اجل الحصول على اعتراف بارتكاب جريمة ما أو لغاية تمييزية.

3-  وتبع هذه الاتفاقية بروتوكول اختياري في العام 2002 هدف إلى وضع أساس قانوني لآلية مستقلة دولية وأخرى وطنية لحماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بوسائل غير قضائية ذات طابع وقائي تقوم على أساس القيام بزيارات منتظمة لأماكن الاحتجاز.

4-  أما على صعيد التشريعات الوطنية الفلسطينية، فقد نصت المادة 13 من القانون الأساسي لعام 2003 على أنه "لا يجوز إخضاع أحد لأي إكراه أو تعذيب، ويعامل المتهمون وسائر المحرومين من حرياتهم معاملة لائقة، ويقع باطلاً كل قول أو اعتراف صدر بالمخالفة لأحكام الفقرة الأولى من هذه المادة". كذلك نصت المادة 32 من ذات القانون على أن " كل اعتداء على أي من الحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للإنسان وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها القانون الأساسي أو القانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتضمن السلطة الوطنية  تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الضرر." 

5-   وعلى صعيد قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 ، فقد نصت المادة 214 على أنه " يشترط لصحة الاعتراف أن يصدر طواعية واختياراً، ودون ضغط أو إكراه مادي أو معنوي، أو وعد، أو وعيد...". كذلك وفي إطار اللإجراءات الوقائية لمنع احتمالية وقوع التعذيب وإساءة المعاملة نصت المادة 37 من قانون مراكز الإصلاح والتأهيل لعام 1998 على أنه يمنع تعذيب النزيل أو استعمال الشدة معه، ويمنع مخاطبة النزيل ببذاءة أو بألقاب محقرة ". كما نصت المادة (108) من قانون العقوبات لعام 1936 النافذ المفعول في قطاع غزة على أن " كل موظف في الخدمة العامة عرض شخصاً آخر لاستعمال القوة أو العنف معه أو أمر باستعمال القوة والعنف معه لكي ينتزع منه أو من أي فرد من أفراد عائلته اعترافاً بجرم أو معلومات تتعلق بجرم، يعتبر أنه ارتكب جنحة".

6-  وقد صادقت دولة فلسطين بتاريخ 2/4/2014 على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وصادقت على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب لعام. ويتضمن البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب اليه هامة لمناهضة التعذيب، حيث انه  يركز بشكل أساسي على ضرورة أن يكون هناك آلية وطنية يكون من مهماتها الأساسية زيارة السجون وأماكن التوقيف. وقد أشار هذا البروتوكول إلى إمكانية تفويض الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بأداء مهمة الآلية الوطنية سالفة الذكر، ولاسيما مهمة زيارات السجون وأماكن التوقيف، وعملياً تقوم الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومنذ العام 1994 بدور الآلية الوطنية لمناهضة التعذيب من خلال مراقبتها المستمرة والمنظمة لحقوق الإنسان داخل مراكز الإصلاح والتأهيل ( السجون) وكذلك مراكز الاحتجاز والنظارات.

موقف الأديان السماوية من ممارسة التعذيب

اعتبرت الأديان السماوية ممارسة التعذيب عملاً يمس جوهر الإنسان: يمس كرامته وسلامته البدنية والنفسية والروحية وهذا ما أكدت علية الشرائع السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام.

الديانة اليهودية لم تذكر التعذيب صراحةً فيها، ألا أن أسفارها نعت ممارسة التعذيب الذي تعرض له أتباعها عبر التاريخ. ويؤكد الربانيون من أتباع هذا الدين بان التعذيب يتنافى مع كرامة الإنسان.

واستمدت الديانة المسيحية معاني الرأفة والرحمة تجاه الإنسان، من نبع الرأفة والرحمة التي حملها السيد المسيح (علية السلام) الذي واجه صنوف العذاب النفسي والجسدي من طغاة عصره. وتمثل ذلك في قصة تبوأت مكانة في قلب التاريخ، وذلك عندما استشاط المسيح غضباً من أولئك الناس الذين هموا (بتعذيب) امرأة رموها بالخطيئة واستعدوا لرجمها بالحجارة، فقال كلمته الشهيرة: " من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر" !!

ولعل الرحمة والمودة الإنسانية في قلوب القساوسة والرهبان التي عبر عنها القران في قوله تعالى " ولتجدن أقربهم مودةً للذين امنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبناً وأنهم لا يستكبرون " هي التي دفعت قساوسة الكنيسة إلى رفض ممارسة الحكام للتعذيب ضد خصومهم، واعتبارها أعمالاً مهينة، وطالبوا بإلغائها، بل كان يصلُون من اجل الضحايا وجلاديهم.

ولقد بينت الديانة الإسلامية حرصاً على كرامة الإنسان، التي يشكل التعذيب مساساً بها، في قوله تعالى" ولقد كرمنا بني ادم" وقول الرسول محمد (ص) بعد أن بلغه أن أناساً كانوا يتعرضون للتعذيب من خلال دهنهم بالزيت وتعريضهم لشمس الصحراء الحارقة فقال " إن الله يعذب يوم القيامة أولئك الذين كانوا يعذبون الناس في الدنيا"

وخطب الخليفة عمر بن الخطاب في إحدى خطبه فقال" : إني لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم وليأخذوا أموالكم، من فعل به ذلك فليرفعه إلي أقصه منه، فقال عمرو بن العاص: لو أن رجلاً أدَب بعض رعيته أتقص منه؟ قال: إي والذي نفسي بيده"

وفي سياق آخر يكشف جرأة المواطنين الذين يتعرضون لمعاملة مهينة وحاطه بكرامتهم فليجأون إلى الحاكم العادل ليقتص لهم من معذبيهم، فقد جاء رجل من الكوفة إلى الخليفة بن الخطاب، وقد وضع شعره المحلوق في قطعة قماش مربوطة، ثم ألقاها في صدر الخليفة وقال له: انظر ماذا يفعل بنا ولاتك؟ في إشارة إلى عامل الكوفة ابو موسى الأشعري الذي قام بحلق شعر هذا المواطن تعسفاً ، وأرسل للعامل وقام بالتحقيق معه ثم أمر للمواطن بتعويض، وقام بعزل أبو موسى الأشعري ونصب عاملا آخر مكانه على الكوفة.

وفي إشارة إلى تشنيع الإسلام لممارسة التعذيب، فقد بعث عامل البصرة برسالة إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز يستأذنه بتعذيب أشخاص من رجالات سلطة سابقة، قبض عليهم هذا الوالي بتهمة ممارسة الفساد بمصالح الرعية في مرحلة سبقت تولي عمر بن عبد العزيز للسلطة، فاستشاط الخليفة غضباً ورد علية برسالة تتضمن تساؤلات كأنها طلقات رصاص: أتستأذنني في تعذيب القوم؟ وهل أنا لك شفيع عند ربك؟ وهل انك لك جنة ( أي وقاية) يوم القيامة... ويحك... إياك ان تمسهم بسوء، بل خذهم بأمرين بالإقرار أو البينة، فوالله لئن يلقوا الله بخياناتهم أحب إلى من أن ألقى الله بدمائهم!!

كيف نناهض التعذيب

هنالك عدد من الوسائل  للحد من التعذيب ومنها أولاً:  الإجراءات الرسمية المتمثلة في تنظيم  الزيارات الدورية وغير الدورية لمراكز الاحتجاز التي يجب أن يقوم بها القضاء والنيابة العامة والنواب والمؤسسات الحقوقية والرقابية، وضرورة توافر شروط ومؤهلات وخبرات وسمات ومهارات لدى الأشخاص الأشخاص الذين يتم اختيارهم للعمل مع المحتجزين، ومن الأهمية بمكان قيام السلطات بالإعلان عن أماكن الاحتجاز، وتمكين المحتجزين من تقديم الشكاوى.

 

وثانياً الإجراءات العلاجية للتعذيب والمتمثلة في العقوبات الجزائية والمدنية الناجمة عن فعل التعذيب، وفرض عقوبات جزائية على المكلفين بانفاذ القانون وعلى الأطباء الذين يساعدونهم، وفي عدم صحة الاعتراف الذي يؤخذ من المحتجز بعد ممارسة التعذيب بحقه، والإجراءات الإدارية والتأديبية لمحاسبة المكلفين بإنفاذ القانون الذين يقترفون التعذيب مثل خفض الرتبة او الراتب، والحرمان من الترقية، ومن الإجراءات الهامة قيام الدولة بتعويض ضحايا التعذيب أو المعاملة إلا إنسانية والعمل على إعادة تأهيل ضحايا التعذيب من النواحي المختلفة كالتأهيل الجسدي والنفسي، والعمل على تعويضهم " وتضمن السلطة تعويضاً لمن وقع عليه الضرر" كما ورد في القانون الأساسي الفلسطيني.

 ويعتبر تأهيل ضحايا التعذيب، وتعويضهم، ومساءلة منتهكي حقوقهم، أموراً أساسية لمساندة ضحايا التعذيب

 

وعلى الصعيد الدولي من الأهمية بمكان تمكين المقرر الخاص للتعذيب من زيارة أماكن الاحتجاز في الدولة الطرف، وتقديم الدولة تقريرها الدورية للحنة المعني بمناهضة التعذيب والذي تفصح فيه عن تدابيرها التشريعية والقضائية والسياساتية والإجرائية للوقاية من التعذيب، وتمكين منظمات المجتمع المدني من تقديم تقارير الظل التي تشتبك مع التقرير الحكومي في مجلس حقوق الإنسان، وكذلك من خلال تعزيز الإجراءات القانونية المتعلقة بمنح الاختصاص العالمي للمحاكم في قضايا التعذيب بحيث تتمكن أي دولة من مساءلة أي مقترف للتعذيب ضد أي إنسان، وكذلك العمل على تعزيز التعاون القضائي وتسليم المجرمين في قضايا التعذيب.

الآليات الدولية والوطنية  لمكافحة التعذيب

أولاً/ الآليات الدولية

1-      القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء 1955 والتي تضمنت خير المبادئ  والقواعد العملية في معاملة المسجونين وإدارة السجون وتنطبق على جميع فئات المسجونين بمن فيهم المدانون والخاضعون للاحتجاز الإداري.

2-      إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية   أو الاانسانية أو المهينة 1975 والذي شدد على انه لا يسمح باتخاذ الظروف الاستثنائية مثل الحرب وعدم الاستقرار السياسي ذريعة لتبرير التعذيب.

3-      مدونة قواعد السلوك للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين 1979 والتي تشمل مبادئ توجيهية لاستخدام القوة بما فيها الأسلحة النارية، وتوفير العناية الطبية للأشخاص المحتجزين.

4-      مبادئ أساسية بشان استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين 1990 حيث تتناول هذه المدونة الاستخدام المشروع للقوة والأسلحة النارية لحفظ الأمن والنظام في التجمعات غير المشروعة، وعلى أن تكفل الحكومات بان استخدام القوة في غير محلها وبطريقة غير قانونية يعتبر جريمة جنائية بمقتضى قوانينها.

5-      مبادئ مهنة الطب المتعلقة بدور الموظفين الصحيين وخاصة الأطباء في حماية المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من الضروب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او الانسانية او المهينة 1982  والتي جاءت لتغل أيدي الأطباء العاملين في السجون عن ممارسة أفعال يصعب موائمتها مع آداب مهنة الطب، والتي أوجبت عليهم القيام بواجباتهم بتقديم العلاج والرعاية الصحية للمحتجزين بذات النوعية والقدر التي يتلقاها غير المحتجزين.

6-      اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او الاانسانية او المهينة1984 والتي حثت الدول الأطراف على أن تدرج جريمة التعذيب في تشريعاتها الوطنية وان تعاقب على أعمال التعذيب بعقوبات مناسبة، وان تجري تحقيقات فورية ونزيهة في أي ادعاء يتعلق بالتعذيب، وعدم الاستشهاد بأي اعتراف نجم عن تعذيب، ودحضه، وان لا تسلم إنسان الى دولة أخرى قد تعرضه للتعذيب.

7-      مجموعة المبادئ المتعلقة لحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لاي شكل من اشكال الاحتجاز او السجن ( 1988) والتي كفلت لمن يلقى القبض عليه الحصول على المساعدة القانونية، والرعاية الصحية والطبية والاطلاع على السجلات الخاصة باحتجازهم.

8-      المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء 1990 والتي تتعلق بما يلزم القيام به في التعامل مع السجناء لحماية الكرامة المتأصلة في الإنسان 

9-      نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 الذي اعتبر بان ممارسة التعذيب بشكل منهجي وواسع النطاق جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

11- بروتوكول اسطنبول 1999 وهو الدليل المتعلق بالتقصي والتوثيق الفاعلين بشأن التعذيب غيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللإنسانية او المهينة والذي قام بإعداده خبراء يمثلون 40 مؤسسة على الصعيد الدولي، وهو برتوكول يصف بشكل تفصيلي الخطوات التي يجب اتخاذها من جانب الدول والمحققين والخبراء الطبيين لكفالة التقصي والتوثيق السريعين والمحايدين للشكاوى ضد ممارسة التعذيب والتقارير المتعلقة بها.

12- أجهزة رصد المعاهدات وتضم لجنة مناهضة التعذيب التي  النظر في تقارير الدول الأطراف، واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، واللجنة المعنية بالتمييز ضد المرأة، ولجنة حقوق الطفل، ولجنة القضاء على التمييز العنصري، والإجراءات الخاصة ومنها المقررون الخاصون ، النداءات العاجلة، بعثات تقصي الحقائق

 14-صندوق الأمم المتحدة للتبرعات لضحايا التعذيب الذي يهدف إلى إزالة آثار التعذيب والشفاء من تبعاته، ولمساعدة اسر الضحايا الذين أقعدهم التعذيب.

ثانيا / الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب

1-القواعد الدستورية والقانونية المتعلقة بالتعذيب التي ينبغي ان تتضمن نصوصاً تتعلق بحماية حقوق الإنسان من أي اعتداء عليه، وان جميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بما فيها الحق في السلامة الشخصية ملزمة وواجبة الاحترام.

2- التشريعات المتعلقة بتجريم أفعال التعذيب، والتي يجب أن تتبنى تعريف واضح للتعذيب، وتنسجم مع اتفاقية مناهضة التعذيب، وتصون قرينة البراءة، وتؤكد على بطلان الاعتراف الناجم عن تعذيب.

3- الرقابة أماكن الاحتجاز، تعتبر احد الآليات الوطنية لمكافحة التعذيب،  وعلى الرغم من عدم وجود نص قانوني واضح في النظام القانوني الفلسطيني ينص على آلية وطنية واضحة يناط بها صلاحية الزيارات الدورية والفجائية لاماكن الاحتجاز إلا أن الهيئة المستقلة تقوم عملياً بهذا الدور بهدف الوقاية من التعذيب.

4- توافر شروط خاصة في الموظفين الذين يتم اختيارهم للعمل مع المحتجزين، لا سيما توافرها لدى أفراد الضبطية القضائية والمكلفين بإنفاذ القانون الذين يتعاملون مع المحتجزين، وفي مقدمة هذه الشروط الخبرة والكفاءة والاختصاص والنزاهة والأخلاق، والقدرات والمواهب الجسدية والعقلية والنفسية، والتحلي بالمواهب والمناقب الكفؤة والحميدة.

5- الإعلان عن أماكن الاحتجاز، وتنظيم هذا الأمر من خلال قانون الإصلاح والتأهيل الذي يتضمن مراكز الاحتجاز المعترف بها قانوناً، والتي يجوز التوقيف فيها وذلك لمواجهة إنشاء مراكز احتجاز استثنائية أو مؤقتة يتم فيها ممارسة التعذيب بعيداً عن أعين الرقابة.

6- حق المحتجزين في تقديم الشكاوى للإبلاغ عن احتجازهم غير القانوني او تم وفق إجراءات غير سليمة، أو عند حرمانهم من حقوقهم الأساسية، او تعذيبهم واساءة معاملتهم.

7- المسائلة  التأديبية عن أفعال التعذيب من خلال فرض العقوبات على من يثبت تورطهم في اقتراف جرائم التعذيب وايقاع العقوبات المناسبة بحقهم وخصوصا بحق الموظفين الرسميين بموجب قانون الخدمة في قوى الامن لعام 2005.

8-تعويض المتضررين من أفعال التعذيب وخصوصاً أن القانون الأساسي الفلسطيني تضمن نصحاً واضحاً لضرورة حصول الضحايا على تعويض، وإعمال واجب الدولة في إعادة تأهيل ضحايا التعذيب.

9-تقديم المساعدة  للأجسام الدولية الخاصة بمناهضة التعذيب، وتفعيل الاختصاص العالمي للمحاكم الوطنية في قضايا التعذيب بحيث تتمكن المحاكم الوطنية الفلسطينية من محاكمة مقترفي جرائم التعذيب خارج فلسطين، أمام القضاء الوطني، وكذلك القيام بتسليم المجرمين في قضايا التعذيب ليتم مثولهم امام قضاء ومحاكمة عادلة.

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ومناهضة التعذيب.

وتزامنا مع اليوم العالمي فقد رصدت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ( بصفتها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في فلسطين تتمتع بولاية الرقابة على مراكز الاحتجاز، وتتلقي الشكاوى، وتتمتع بصلاحيات شبه قضائية تمكنها من التحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان)  170 انتهاكاً يتعلق بالتعذيب في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ مطلع العام 2016 وحتى نهاية شهر مايو.

حيث تتلقى الهيئة المستقلة شكاوى التعذيب الفردية من مواطنين يدعون تعرضهم للاحتجاز أو سوء المعاملة أثناء توقيفهم، كما توثق الهيئة هذا الانتهاك أثناء زيارة محامي وباحثي الهيئة لمراكز الاحتجاز، أو من خلال إفادة قريب للضحية. ولا تأخذ الهيئة هذه الادعاءات كمسلَمات بل تقوم بالتحقق منها، ومخاطبة الجهة المشتكى عليها لتقديم ردودها إزاء شكوى المواطن وتبدأ بمخاطبة قيادة الإدارة المسئولة،  وتتضمن مراسلات الهيئة الوصف الدقيق لواقعة التعذيب وتدعم ذلك بالأسانيد القانونية، وتطالب الهيئة الجهة المشتكى عليها بإجراء تحقيق ومعاقبة من يثبت تورطه.

وفي حال عدم الرد على الرسالة الأصلية  يتم إرسال رسالة تذكيرية بعد وقت مناسب للتأكيد على المطالبات الواردة في الرسالة الأولى.

وفي حال عدم الرد تقوم الهيئة بمخاطبة جهة أعلى من خلال مذكرة قانونية تشير إلى وقوع التعذيب وعدم تعاطي الأجهزة الأمنية مع مخاطبات الهيئة، وتطالب فيها بإصدار التعليمات الواضحة للأجهزة الأمنية للتوقف عن ذلك الانتهاك تحت طائلة المسؤولية. وإجراء التحقيق الفوري.

وتصدر الهيئة تقريراً شهرياً يوثق انتهاكات التعذيب، وتقارير قانونية لها علاقة بأحكام التعذيب في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، وتقوم بإعداد تقارير تقصي حقائق حول حالات فردية  تتعلق بانتهاك فج للحق في السلامة الجسدية، وتصدر تقريراً سنوياً للشكاوى يظهر بشكل تحليلي أنماط التعذيب، ومعالجاتها، وتحليل الردود عليها وجملة من التوصيات. وكذلك تقريراً سنوياً عن حالة حقوق الإنسان في فلسطين يقدم لرئيس الدولة ولرئيس المجلس التشريعي.

وتنظم الهيئة حملات مناهضة التعذيب، وتعقد ائتلافات وتحالفات مع منظمات المجتمع المدني لبناء قدراتهم في إعداد حملات ومبادرات للحد من التعذيب.

وفي الإطار التمكيني بموجب اختصاصاتها ودورها ومهامها،  تقوم الهيئة بتدريب وتطوير قدرات المكلفين إنفاذ القانون، ورجال الشرطة والأمن والمحققين حول مبادئ حقوق الإنسان.

وعلى صعيد الإجراءات الوقائية لمنع التعذيب، أو للكشف عنها عند وقوعها، تقوم الهيئة بزيارة السجون ومراكز التوقيف والاحتجاز بشكل دوري وغير دوري، وتقوم الهيئة بتنظيم زيارات طارئة في حالات محدده مثلاً عند إعلان احد المحتجزين إضراباً عن الطعام، أو ورود معلومات حول تعرضه للتعذيب، أو وقوع حالة وفاه داخل مركز الاحتجاز، أو لظروف طارئة أخرى.

في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، تتجدد الارداة للمضي قدماً للقيام بالإجراءات الاستجابية والعلاجية والبنائية لتقديم معالجات جوهرية وفاعلة من شانها الحد من جريمة ممارسة التعذيب عبر المساءلة والمحاسبة، والتمكين والتأهيل وجبر الضرر.

[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف