الأخبار
بلومبرغ: إسرائيل تطلب المزيد من المركبات القتالية وقذائف الدبابات من الولايات المتحدةانفجارات ضخمة جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب بغدادالإمارات تطلق عملية إغاثة واسعة في ثاني أكبر مدن قطاع غزةوفاة الفنان صلاح السعدني عمدة الدراما المصريةشهداء في عدوان إسرائيلي مستمر على مخيم نور شمس بطولكرمجمهورية بربادوس تعترف رسمياً بدولة فلسطينإسرائيل تبحث عن طوق نجاة لنتنياهو من تهمة ارتكاب جرائم حرب بغزةصحيفة أمريكية: حماس تبحث نقل قيادتها السياسية إلى خارج قطرعشرة شهداء بينهم أطفال في عدة استهدافات بمدينة رفح"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيران
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

انها الديمقراطية يا سيد كاميرون بقلم:رضي الموسوي

تاريخ النشر : 2016-06-26
في البدء، لابد من توجيه التحية لرئيس الوزراء البريطاني على رباطة جأشه وتعاطيه مع واحد من اهم المفاصل التاريخية التي تمر بها بريطانيا، عندما حيا شعبه الذي قال له: لا للاستمرار في الاتحاد الاوروبي "ودبر" رأسك مع شركائك الذين لم يعودوا شركاء: هولاند وميركل واقرنهما من دول الاتحاد. كاد ان يبكي امام 10 داونينغ ستريت، الذي دخله في 2010، وهو يتحدث لجمهور من الصحافيين الذين ارادوا نقل انطباعاته وردة فعله الاولى على نتائج الاستفتاء المفاجأة، وليس لفبركة اخبار كما يفعل الكثير من صحافيي عالمنا الثالث. كاد يبكي وهو يعلن استقالته، لكنه اطلق قولته الشهيرة: انها الديمقراطية. لم يزور الاستفتاء أو يجيرها، ولم يتهم شعبه بتدمير بلادهم بقرار الانفصال رغم علمه بتبعات الخروج من الاتحاد الاوروبي. لم يرسل للناخبين من يهددهم او يحرضهم على بعضهم البعض. كان حريصا على احترام الصوت الذي اوصله الى سدة الحكم ورئاسة مجلس الوزراء. وضع كاميرون مستقبله السياسي على كفه ومارس قناعاته في الدعوة للبقاء في الاتحاد الاوروبي. فهذا الرجل الذي اصبح اصغر رئيس وزراء في بريطانيا منذ روبرت بانكس جينكينسونفي 1812، يعتبر البقاء في الاتحاد مسألة "وجود"، لذلك لم يعبأ بمستقبله الشخصي وراح يدافع عما يراه صائبا، ودفع الثمن غاليا، دون ان يحمل الغير مسئولية قناعاته التي لم يتفق معه فيها الناخب البريطاني، فقد تحمل المسئولية كرجل تنفيذي أول ازاء نتائج الاستفتاء، وقد تتحقق نبوءته بأن يكون مصلحا اجتماعيا بعد مغادرته الحكومة. لكن يسجل له انه تمكن من تخفيض نسبة البطالة اثناء رئاسته الحكومة من 8.4 بالمئة في 2012 أي من 2.69 مليون عاطل عن العمل، الى 5 بالمئة 2016، أي 1.67 مليون عاطل عن العمل في الربع الاول من العام الجاري 2016. ***

لقد تزلزلت الارض يوم الخميس الفائت (23 يونيو 2016) وأخرجت اثقالها، بعد أن صوت البريطانيون على خروجهم من الاتحاد الأوروبي وكأن القيامة قد حان موعدهامع اعلان نتائج الاستفتاء التاريخي. كان أول الزلزال اعلان رئيس الوزراء البريطاني كاميرون قراره التنحي من منصبه، حيث وصف بقاءه بعد فشله في اقناع شعبه البقاء في الاتحاد الاوروبي بأنه "لا معنى له"..ولابد ان يشغر المنصب أحد آخر غيره، وهو الامر الذي سيزيد التكهنات حول خليفته في حزب المحافظين وكيف سيتصرف حزب العمال مع المعطيات الجديدة، خصوصا زعامة الحزب حيث بدأت اصوات تطالب جيمي كوربن بالتنحي بعد ان فشل هو الاخر في اقناع الناخبين البريطانيين بالتصويت مع البقاء في النادي الاوروبي.

قد تكون المعركة السياسية داخل اكبر حزبين بريطانيين مؤجلة حتى تفيق لندن من الصدمة، لكن الزلزال الاقتصادي والمالي بلغ أوجه من اللحظات الاولى لإعلان نتيجة الخروج من الاتحاد الاوروبي بنسبة تقترب من 52 بالمئة. فقد شهدت اسواق المال اضطرابات نقلتها وكالات الانباء وأشارت الى ان حجم خسائر اسواق المال حول العالم بلغت نحو تريليوني دولار في أقل من 24 ساعة من اعلان النتيجة. وأفادت الوكالات يوم امس الجمعة ( 24 يونيو 2016) أن اسواق المال لم تتوقع نتيجة الاستفتاء، وقدرت وكالتي بلومبيرغ ورويتر حجم الخسائر بنحو تريليوني دولار، وتراجعت العملة البريطانية (الجنيه الاسترليني) الى ادنى مستوى منذ العام 1985، وخسر 10 بالمئة من قيمته امام الدولار الأمريكي، ما حدى بالبنك المركزي البريطاني استعداده لضخ 250 مليار جنيه استرليني، وكذلك فعلت اليابان بعد ان فقدت اكبر شكتي سيارات فيها تويوتا ونيسان قرابة 8 بالمئة من قيمتهما، بينما تواصل المصارف الالمانيةوالفرنسية حصد خسائرها، في وقت لايزال مؤيدي البقاء في الاتحاد التحذير من النتائج الكارثية على بريطانيا وخصوصا تضاعف البطالة، كما قادوا حملة تواقيع لإعادة الاستفتاء وتمكنوا من الحصول حتى كتابة هذه الزاوية اكثر من 1.3 مليون توقيعا، رغم ان نسبة الذين شاركوا في الاستفتاء تجاوزوا 72 بالمئة، ما يعتبر مشاركة تاريخية. الداعون للبقاء قلقين على الصادرات التي يذهب نحو 45 بالمئة منها الى دول الاتحاد الاوروبي.

وبالمقابل، يجد الداعون للخروج من الاتحاد الاوروبي ان بريطانيا ستكون افضل من وجودها داخله، معززين وجهة نظرهم بأن الخروج سيعزز الصادرات البريطانية، وسيحد من الهجرة التي تسبب ضغوطات على الخدمات العامة، وسيوفر نحو 20 مليار دولار امريكي كلفة عضويتها في الاتحاد، وعودة السيادة البريطانية كاملة بعد ان تنازلت عن جزء منها لصالح الاتحاد، وستتمكن من السيطرة على حدودها اكثر.

ضربة نتائج الاستفتاء لم تؤثر، فقط، على الاتحاد الاوروبي والتي وصفتها المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بأنها "ضربة موجهة لأوروبا"، بل ان مصير المملكة المتحدة تسوده الشوك، بعد ان اعلنت رئيسة الحكومة المحلية الاسكتلندية نيكولا سترجن عن استعدادها لتنظيم استفتاء على بقاء بلادها ضمن التاج البريطاني خلال أشهر حيث صوت الاسكتلنديون مع بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي بعكس انجلترا التي حسم ناخبوها نتيجة الاستفتاء السلبية. والأمر لايختلف كثيرا مع المقاطعات في ايرلندا الشمالية التي ارتفعت فيها اصوات للعودة الى الجزيرة الام والانفصال عن بريطانيا.

***

أوروبا المصدومة من الخروج البريطاني الكبير، تريد من لندن تسريع اجراءات الخروج حفاظا على استقرار الاتحاد الأوروبي، لكن بريطانيا تتحرك على طريقتها المتأنية. فحتى استقالة رئيس الوزراء لن تجد طريقها للتنفيذ إلا بعد مؤتمر حزب المحافظين في اكتوبر المقبل، وهذا سيسهم في عدم استقرار الاوضاع المالية والاقتصادية.

الاهم في الموضوع ان الحكومة البريطانية احترمت قرار الناخب البريطاني وانصاعتله، بدءا من رئيس الوزراء ديفيد كامرون الذي تعهد "بالدفاع عن مصالح الشعب البريطاني العظيم"، وابدى احترامه لخياراته فتقدم باستقالته رغم ان احدا لم يطالبه بها، وصولا الى الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي طمئن بأن العلاقات الامريكية البريطانية لن تتأثر بنتائج الاستفتاء. فلم يشكك كاميرون بنتيجة الاستفتاء ولم يلغي أصل الفعل ولم يعلن حالة الطوارئ ولم يشن حملة اعتقالات لدعاة الانفصال عن الاتحاد الاوروبي، بل حسم امرا كان مثار نقاش وجدل بين البريطانيين منذ سنوات طويلة، فقرر اتخاذ القرار الذي يسجل له ، وقال انها الديمقراطية التي يجب على الجميع احترامها واحترام نتائجها..هكذا يحترمون مواطنيهم ويبنون اوطانهم.

في الخلاصة، لقد انتصرت الديمقراطية في بريطانيا بعد ان نصت قادتها الى مطالب شعبهم. فالقيامة مؤقتة ولن يستمر زلزال اسواق المال، ولن يستمر تدهور سعر صرف الجنيه الاسترليني، وفقدان ما بين 500 ألف الى 900 ألف وظيفة ليست نهاية المطاف لبلد لم يكن بالكامل عضوا في الاتحاد الأوروبي، ذلك أن بريطانيا لديها عملتها الخاصة غير اليورو، ولم توقع على اتفاقية تأشيرة (تشنغن) الموحدة بين دول الاتحاد، ويعتبر اقتصادها خامس أكبر اقتصاد على المستوى العالمي، وقد بدأت تستوعب صدمة الخروج من الاتحاد الاوروبي رغم الخسائر التي ستمنى بها. 
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف