الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/19
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

اختبار الانتخابات المحلية بقلم: رائد محمد الدبعي

تاريخ النشر : 2016-06-25
اختبار الانتخابات المحلية بقلم: رائد محمد الدبعي
اختبار الانتخابات المحلية
بقلم: رائد محمد الدبعي

     يشكل قرار الحكومة الفلسطينية تنظيم الانتخابات المحلية في موعدها القانوني اختبارا مبكرا   للعديد من الأطراف، ولقدرتها على ترتيب الأولويات داخل بيتها، واتخاذ الخيار المناسب، والأكثر فعالية، وقربا من مصالح الجماهير، وهو الأمر الذي يتطلب من مختلف القوى المجتمعية الفاعلة – ولا سيما الأحزاب السياسية- التعاطي معه بحكمة وعقلانية، وفقا لمبادئ علم تحليل السياسات، كونه يأتي في ظل استمرار الانقسام، والإحباط الشعبي العام من نتائج لقاءات المصالحة، وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع، قراءة نبض الشارع بشكل دقيق، وصياغة القرار العقلاني، الذي يستند إلى قراءة الواقع، وصياغة البدائل، ودراسة تكاليف الفرص البديلة، والخيارات المتعددة، وتحليل التكلفة- المقصود هنا التكلفة السياسية والوطنية-، والفائدة، والفعالية، والعائد السياسي، والوطني، لمختلف الخيارات، إذ أن المواطن الفلسطيني لم يعد يحتمل المزيد من الارتهان في حياته اليومية، وممارسة حقوقه المدنية لمدى تطور لقاءات المصالحة.  

     فعلى صعيد حركة فتح، يشكل قرار الحكومة اختبارا حقيقيا لمدى استعدادها لخوض غمار أي معركة انتخابية، إذ على الحركة أن تقيّم تجربتها في الانتخابات المحلية السابقة، وأن تستقي العبر من الإخفاقات التي حدثت في مواقع رئيسية، وهو الأمر الذي يتطلب مشاركة واسعة لمختلف مؤسسات الحركة في عملية التقييم، كما يتطلب ذلك تصليبا للبيت الفتحاوي، ووضع منهجية واضحة، ومفهومة من قبل الجماهير في اختيار مرشحي الحركة للمجالس المحلية،  بما يتوافق مع طبيعة الانتخابات التي تتطلب بالإضافة إلى البعد الوطني، والانتماء الصادق للوطن، قدرات مهنية، وتخصصية، تتلائم مع طبيعة العمل في البلديات والمجالس المحلية،  ومحاربة كل أشكال المحاصصة الخاضعة لموازين القوى الداخلية في اختيار المرشحين، لأن ذلك سيكلف الحركة  ثمنا باهظا في صناديق الاقتراع، كما أن تبني برامج  خدماتية تلامس احتياجات المواطنين، وتساهم في تحسين حياتهم، وتحارب التوسع الاستيطاني، ولا سيما بالريف، وإشراك الحركة  للشباب، والمرأة في قوائمها بشكل فاعل، وتشكيل ائتلاف وطني تقدمي، ديمقراطي عريض، من خلال بناء جسور مع مختلف القوى والشخصيات والكفاءات، سيصب حتما في مصلحة الحركة.

    فيما يبقى الاختبار الآخر الذي يواجه حركة فتح، هو موقفها في حال رفض حركة حماس تنظيم الانتخابات المحلية في قطاع غزة، إذ أن موقف الحركة في هذا الإطار لا زال ضبابيا، ففي حين ثمنت الحركة موقف الحكومة تنظيم الانتخابات، فقد أكدت مطالبتها تنظيمها في جناحي الوطن، دون توضيح موقفها في حين منعتها حماس في القطاع.

  من الهام للغاية لحركة فتح، التيقظ لضرورة الحفاظ على النموذج الذي صنعته  في الضفة الغربية، والقائم على  الحرص على دورية الانتخابات، وتنظيمها في الجامعات والنقابات، والمجالس المحلية، وهو الأمر الذي جعلها تتمايز عن حركة حماس، في حين أن ربطها تنظيم الانتخابات المحلية بموقف الأخيرة، سيفقدها هذا التمايز، ولعله من الهام الاستلهام من موقف شبيبة فتح من تنظيم الانتخابات الطلابية قبل أشهر، حينما نادت بضرورة تنظيمها في جناحي الوطن، دون ربط مشاركتها بموقف حركة حماس في قطاع غزة، وهو الأمر الذي قوبل بثناء كبير من العديد من المحللين والمراقبين المستقلين.

      أما على  صعيد حركة حماس، فيشكل القرار تحديا مركبا لها، إذ انتهجت الحركة منذ انقلابها العسكري  في قطاع غزة، سياسة تقوم على إلغاء كل أشكال الحرية، ومنع تنظيم الانتخابات المحلية، والنقابية، بما في ذلك انتخابات مجالس اتحاد الطلبة في الجامعات، والكليات والمعاهد، وذلك انطلاقا من أولويات  حماس القائمة على السيطرة، والتمكين، إذ ظنت  الحركة  بعد تحليل مختلف البدائل أن إدامة حكمها القسري  للقطاع، هو الخيار الأقل تكلفة، والأجدى لمصالحها، من حيث الفاعلية، والعوائد المتحققة، في حين تجاهلت الحركة التكاليف المجتمعية والسياسية لانتهاج تلك السياسات، إلا أن الجديد هذه المرة، هو توقيت إعلان الحكومة تنظيم الانتخابات، وطبيعتها، والمزاج الشعبي العام، الذي ضاق ذرعا بالانقسام، ولم يعد يحتمل سماع المزيد من المبررات، إذ أن قرار تنظيم الانتخابات المحلية بعد فشل لقاء الدوحة الأخير، وعدم تعويل المواطنين على أي أمل في الأفق، تضع حركة حماس في حال رفضها تنظيم الانتخابات المحلية في مواجهة مع المجتمع، إذ أنها ستصنف نفسها في معسكر العداء للحرية، والتعددية، وحق المواطنين باختيار ممثليهم، كما أن طبيعة الانتخابات المحلية، التي تتميز بالخدماتية، وعدم وجود ما يمنع تنظيمها بشكل عملي، يجعل حماس أمام تحدي حقيقي، ومواجهة مباشرة مع الجماهير، في حين أن موافقتها على تنظيم الانتخابات في قطاع غزة، تحت احتمالية تعرضها لخسارة حقيقية، سيعتبر نقطة فارقة في سياسات الحركة خلال العقد الأخير، وهو الثمن الذي لا أرى أن الحركة على استعداد لتقديمه خلال الفترة الحالية، وهي على أبواب انتخاب مكتب سياسي جديد، بالإضافة إلى أن منع الحركة لتنظيم الانتخابات في قطاع غزة، سيجعلها في مأزق حقيقي في الضفة الغربية، إذ أنه من المتوقع أن تمنع  حركة حماس الانتخابات في قطاع غزة،  تحت يافطة عدم إعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية، واستحداث محكمة خاصة بالانتخابات، وفقا لتفاهمات القاهرة، أو من خلال ربط تنظيمها بالانتخابات التشريعية والرئاسية، علما بأن المبررين سيضعان الحركة في موقف أكثر إحراجا، كون لجنة الانتخابات المركزية، قد أشرفت على الانتخابات التشريعية التي أعلنت فوز حركة حماس عام 2006، وهي ذاتها التي أشرفت على الانتخابات المحلية عام 2012، والتي تقدمت بها العديد من القوائم المستقلة على قوائم حركة فتح الرسمية، وبالتالي فإن أي محاولة – لفظا أو همسا – حول شفافية اللجنة، وموضوعيتها، ومهنيتها، سترتد حتما على حركة حماس، في حين أن منعها تنظيم الانتخابات في غزة، تحت مبررات محددة، ومشاركتها بها في الضفة، سيؤدي إلى إظهار الحركة بمشهد اللاهث خلف السلطة تحت كل الظروف، فيما يظل السيناريو الأكثر احتمالا، إما المقاطعة الشاملة، أو دعم قوائم  مستقلة في الضفة الغربية، سواء كانت قريبة من حماس، أو منافسة لحركة فتح، لكي تتجنب الوقوع في فخ التناقض من جهة، وتوجيه ضربة لخصمها السياسي – حركة فتح- من جهة أخرى.

    أما الاختبار الثالث، فهو للقوى والفصائل على الساحة الفلسطينية، إذ أن تنظيم الانتخابات المحلية، ستشي بقدرتها على النفوذ في أوساط المواطنين، لا سيما القوى التقدمية، واليسارية، التي تضع قضايا العدالة الاجتماعية، والمساواة، والحريات، والدفاع عن الطبقات الأكثر فقرا في المجتمع في مقدمة خطابها، إذ ستشكل نتائج الانتخابات اختبارا حقيقيا لقدرتها على التغلغل، والتأثير، في المجتمع، ومدى انسجامها مع الجماهير بشكل عملي، خارج إطار الندوات، والمحاضرات النخبوية، والتنظيرات الحزبية، ومدى تناغم خطابها مع برامجها العملية، إذ أن نجاح تلك القوى في حجز مواقع لها ضمن مقاعد المجالس المحلية، سيشكل إضافة نوعية للعمل، وسيثري تلك المجالس بتجارب متنوعة، ويرفدها بأفكار مستنيرة، وهو الأمر الذي يتطلب منها في ذات الإطار، مراجعة حقيقية لنتائجها الماضية في العديد من المواقع الرئيسية، وأسباب انحصار تقدمها في المواقع التقليدية لها منذ فترة الاتحاد السوفييتي، دون قدرتها على تحقيق اختراقات حقيقية في مواقع جديدة .

  وأخيرا فإن الاختبار الأكبر، هو ذاك الذي ينتظر مؤسسات المجتمع المدني في جناحي الوطن، والمؤسسات الحقوقية، والمثقفين، وصناع الرأي العام، التي نظمت آلاف المشاريع، والمؤتمرات، واللقاءات، وورش العمل خلال السنوات العشر الماضية، حول الديمقراطية، والحرية، والمساواة، وحق المرأة بالمشاركة، والمواطنين باختيار ممثليهم، إذ أن تعاطيها مع مواقف الفصائل، والقوى، وقدرتها على الضغط والحشد والتأثير، سيشي بمدى فعالية تلك البرامج، وحدود تأثير عشرات الملايين التي جندت في مشاريع تحمل عناوين عريضة " كالديمقراطية، والحرية، والتمكين، كما أنه سيكشف قدرة تلك المؤسسات على تحريك الرأي العام، وتوعيته بحقوقه من جهة، وبثقة المواطنين بتلك المؤسسات والنخب .

   بكل الأحوال أرى أن قرار الحكومة تنظيم الانتخابات المحلية في موعدها القانوني يستحق الدعم والإشادة، فالمجالس البلدية والقروية هي مؤسسات أهلية تمثل إرادة الجماهير، وتعبر عن مصالحهم، بشكل منفصل تماما عن تعقيدات تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية،  وليس هناك من  مبرر لعدم عقدها بأي حال من الأحوال، بينما أرى أن تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية هي قصة أخرى، لها محدداتها ومتطلباتها المختلفة، والتي تتطلب التوافق أولا على برنامج وطني جامع، وإستراتيجية وطنية موحدة، حتى لا تكون الانتخابات عبئا جديدا على الوطن، وسببا جديدا لإحباط المواطنين.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف