الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

"ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة "... بقلم:الشيخ الدكتور تيسير التميمي

تاريخ النشر : 2016-06-25
"ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة "... بقلم:الشيخ الدكتور تيسير التميمي
هذا هو الإسلام
((( ... ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة ... )))
الشيخ الدكتور تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين/رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي سابقاً أمين سر الهيئة الإسلامية العليا بالقدس
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لو يعلم العباد ما فى رمضان لتمنت أمتى أن يكون رمضان السنة كلها } رواه البيهقي ، فمعرفة المؤمن فضائل هذا الشهر العظيم تحضه على الاستزادة فيه من الطاعات ، ومعرفة آثاره الإيمانية على قلبه وروحه تدعوه إلى الإقبال فيه على العبادات ، فقد جعل الله تعالى هذا الشهر مكفراً لما قبله إذا اجتنبت الكبائر ، ففيه تُقيَّد الشياطين ، وتُفتح للتائبين والسائلين أبواب السماء ، ويستجاب لهم فيه الدعاء ، وتقبل التوبة من الذنوب والآثام ، فالله جل جلاله يحب توبة عباده ويفرح بها ، فأنين التائبين أحب إليه من تسبيح العابدين .
وقد خص الله سبحانه هذا الشهر المبارك بفضائل وصفات تميزه عن غيره من الشهور ، منها :
1- فيه نزل القرآن الكريم جملة واحدة من اللوح المحفوظ ، قال تعالى { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } القدر 1 ، وليلة القدر واحدة من ليالي شهر رمضان . ثم نزل فيما بعد على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منجماً ومفرقاً حسب الوقائع والأحداث التي مرت بالدعوة الإسلامية على مدى ثلاث وعشرين سنة هي مدة البعثة النبوية .
فتلاوة القرآن الكريم فيه قربة عظيمة ، قال صلى الله عليه وسلم { من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف } رواه البخاري ، فلْنلتزم القرآن منهجاً في حياتنا ومقوِّماً لسلوكنا ، ولندعو الله أن يجعله ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا ورحمة وشفاء لنفوسنا ، قال تعالى { وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً } الإسراء 82 .
2- وجوب صيامه , لقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } البقرة 183 ، فصيامه ركن من أركان الخمسة التي يوم عليها الإسلام ، قال صلى الله عليه وسلم { بني الإسلام على خمس إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت } رواه البخاري .
ويحرم الفطر في رمضان إلا لعذر مشروع ، قال صلى الله عليه وسلم { من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخَّصَها الله لم يقض عنه صيام الدهر كله وإن صامه } رواه أبو داود ، فلْنحرص على صيام هذا الشهر المبارك تقرباً إلى الله عز وجل وطاعة لأمره .
وهذه العبادة لها ركنان هما الإمساك بالامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطّرات من طلوع الفجر الصادق حتى غروب الشمس ، والنية وهي العزم على أداء هذه العبادة وتوجيه القلب إليها تقرباً إلى الله عز وجل وطاعة لأمره .
3- ورمضان شهر الرحمات وموسم الصدقات ، شهر يدفع بالقلب إلى ميدان المحبة ، شهر التزاور والمواساة ، يتكافل فيه المسلمون ويتكاتفون فيما بينهم ، ويسعون في سد احتياجاتهم تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي { كان أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فَلَرَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المرسلة } رواه البخاري ، فأجر الصدقة فيه أفضل من غيره من الشهور ، سئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الصدقات فقال { صدقة في رمضان } رواه الترمذي ، فالحسنات تضاعف فيه أضعافاً كثيرة ، لأن الفقراء يضعفون ويعجزون عن الكسب فيه بسبب الصيام ؛ فالصدقة تعينهم على أداء هذه الفريضة .
وما نراه اليوم من إقبال أبناء على شعبنا التكافل فيما بينهم ؛ ومسارعتهم في تخفيف المعاناة اليومية التي يعيشها أهلنا في كل مكان هو تجسيد لهذه المعاني ؛ واستجابة للتوجيهات النبوية وترجمة صادقة لها . وهم يضربون بذلك أروع الأمثلة على التماسك والتشارك في حمل المسؤولية والتقاسم في لقمة العيش . لذا نهيب بالمسلمين أن يبادروا فيه بدفع صدقات أموالهم لمستحقيها ؛ فإن { الصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار } رواه الترمذي ، والصدقات الخفية فيه من أعظم أبواب الخير ومكفرات الذنوب ومطفئة نار الخطايا ، قال صلى الله عليه وسلم { سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه } رواه البخاري .
4- أجمع المسلمون على سنية قيام ليالي رمضان , والمراد بقيام رمضان صلاة التراويح . فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغِّب أصحابه رضي الله عنهم بقيام رمضان من غير أن يأمرهم فيه بعزيمة فيقول { من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } رواه مسلم ، وقيام ليالي رمضان بالتراويح من أعلام الدين الظاهرة ومن شعائر الإسلام التي تحافظ عليها الأمة من لدن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا ، فلنكن ممن يقوم رمضان .
5- ذهب الفقهاء إلى أن الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان سنة نبوية مؤكدة , لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليه , قالت عائشة رضي الله عنها { كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده } رواه البخاري ، وفي الحديث النبوي أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم { ... كان يعتكف كل عام عشراً فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه } رواه البخاري ، فعلينا اغتنام هذا الشهر ولياليه بالاعتكاف فيها .
6- مدارسة القرآن الكريم , وتكون مدارسته بأن يقرأه المؤمن على غيره ويقرأه غيره عليه , وقراءة القرآن مستحبة مطلقاً وفي كل وقت , ولكنها في رمضان آكد وأكثر استحباباً ، فقد { كان جبريل يلقى النبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن } رواه البخاري ، وجاء في الحديث النبوي أنه { كان يُعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه ... } رواه البخاري ، فلْنلجأْ إلى كتاب الله تلاوة ومدارسة
7- تفطير الصائمين ، قال صلى الله عليه وسلم { من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً } رواه الترمذي ، يسارع المسلمون في هذه السنة الحميدة استجابة للتوجيهات الربانية والنبوية ، وتعميقاً للتكافل والتعاطف الذي يعتبر علامة مميزة للمجتمع المسلم ، لذا ينبغي أن تقترن بالتزاور وصلة الرحم وصفاء القلوب وصدق المشاعر ، وبتجنب الإسراف والهجران والقطيعة بين الإخوة ، ولذلك كان الإنفاق على أفراد الأسرة وأهل البيت في رمضان من أعظم النفقات والصدقات فهم صائمون وهم الأقربون .
8- العمرة في رمضان أفضل من غيره من الشهور ، فشد الرحال إلى المسجد الحرام لأداء العمرة فيه عبادة عليها عظيم الأجر لقوله صلى الله عليه وسلم { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومسجد الأقصى } رواه البخاري ، ولقوله أيضاً { عمرة في رمضان حجة معي } رواه البخاري . وفيه يتأكد شد الرحال إلى المسجد الثالث في بيت المقدس .
وبالمقابل يجدر بالصائم أن يتجنب الإسراف في الأكل قدر ما استطاع ؛ فما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه ، قال صلى الله عليه وسلم { حسب الآدمي لقيمات يقمن صلبه فإن غلبت على الآدمي نفسه فثلث للطعام وثلث للشراب وثلث للنفس } رواه ابن ماجه ، وبالأخص إذا رافقه إهدار الطعام الزائد وإلقاؤه مع النفايات .
إن الموائد المليئة بأصناف الطعام المتعددة تحول بيننا وبين تحقيق الحكمة من الصيام ؛ وتجعل هذا الشهر الكريم سبباً في اختلال الإنفاق وارتفاع ميزانيته بغير طائل ؛ مما يدفع كثيراً من التجار وأصحاب المحالّ التجارية إلى استغلال هذا الشهر برفع الأسعار وتحويله موسماً تجارياً لزيادة الأرباح الطائلة . إن التخفيف عن المسلمين في هذه الظروف التي يمر بها أبناء شعبنا الصابر المصابر المرابط حيث يحاربهم الأعداء في لقمة العيش هو تقرب إلى الله تعالى ؛ فإن من خفف عن مسلم خفف الله عنه يوم القيامة .
وحري بالصائم الابتعاد عن الغضب بحجة الصيام ورفع الصوت على الآخرين وتجنب الغيبة والسخرية منهم أو السعي بينهم بالنميمة ؛ وألاَّ ينظر أو يستمع إلى حرام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الصيام جُنّة فلا يَرْفَثْ ولا يَجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم } رواه البخاري .
ولنعلم أن رمضان يضاعف القدرات ويبعث في النفس النشاط والحياة ، وأن مشقة الصوم يجب ألاَّ تقعد الصائم عن ممارسة أعماله ومسؤولياته ؛ بل تدفعه إلى الاستزادة منها والمسارعة إليها والتنافس فيها ، فهو ليس مدعاة إلى الكسل أو النوم ، ولا إلى السلبية والخمول ، والسبيل إلى ذلك الإحساس بالإسلام والإحساس بمبادئه الإلهية وتعاليمه المحمدية النبوية ، الإحساس بالقيم الرفيعة المستقرة في وجدان المسلم ، الإحساس بأن المشقة هي زاد روحي أغلى من متاع الدنيا ؛ وأن الصبر عليها في سبيل رضا الله هو السعادة الحقيقية ، ولْنتذكر أنه شهر الجهاد والفتوحات والانتصارات التي كان أولها انتصار بدر في السابع عشر من رمضان ، فقد انتصرت القلة القليلة المؤمنة على الكثرة الكثيرة المشركة على الرغم من قلة عُدَّتها وعتادها ، قال تعالى { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } البقرة 123 .
وختاماً
من هذه الأرض المقدسة المباركة أرض الرباط والجهاد ، من أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن خلف أسواره الحزينة ؛ نتوجه إلى أمة الإسلام نستصرخ في أبنائها رابطة العقيدة وأخوّة الإيمان أن يهبوا لإنقاذ مدينة القدس المحتلة ، المدينة التي تتعرض لمؤامرة تهويدها ، ولمخططات تغيير معالمها الحضارية وطمس هويتها العربية والإسلامية ، المدينة التي تواجه العدوان على أحيائها وأمواتها ، على بيوتها ومقابرها ؛ على آثارها ومقدساتها ، المدينة التي تعيش الحصار المشدد الخانق على أهلها لتهجيرهم منها قسراً ؛ فإن قضيتها وقضية المسجد الأقصى المبارك قضية إيمانية تمس عقيدة المسلمين جميعاً أينما كانوا .
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف