الأخبار
سرايا القدس تستهدف تجمعاً لجنود الاحتلال بمحيط مستشفى الشفاءقرار تجنيد يهود (الحريديم) يشعل أزمة بإسرائيلطالع التشكيل الوزاري الجديد لحكومة محمد مصطفىمحمد مصطفى يقدم برنامج عمل حكومته للرئيس عباسماذا قال نتنياهو عن مصير قيادة حماس بغزة؟"قطاع غزة على شفا مجاعة من صنع الإنسان" مؤسسة بريطانية تطالب بإنقاذ غزةأخر تطورات العملية العسكرية بمستشفى الشفاء .. الاحتلال ينفذ إعدامات ميدانية لـ 200 فلسطينيما هي الخطة التي تعمل عليها حكومة الاحتلال لاجتياح رفح؟علماء فلك يحددون موعد عيد الفطر لعام 2024برلمانيون بريطانيون يطالبون بوقف توريد الأسلحة إلى إسرائيلالصحة تناشد الفلسطينيين بعدم التواجد عند دوار الكويتي والنابلسيالمنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط: لا غنى عن (أونروا) للوصل للاستقرار الإقليميمقررة الأمم المتحدة تتعرضت للتهديد خلال إعدادها تقرير يثبت أن إسرائيل ترتكبت جرائم حربجيش الاحتلال يشن حملة اعتقالات بمدن الضفةتركيا تكشف حقيقة توفيرها عتاد عسكري لإسرائيل
2024/3/29
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

القدر حياة تتجدد و أسرار تتوحد بقلم:عزيز الخزرجي

تاريخ النشر : 2016-06-24
القدر حياة تتجدد و أسرار تتوحد بقلم:عزيز الخزرجي
(ألقدرُ)؛ حياةٌ تَتَجدّدُ و أسرارٌ تتوحّدُ
لو تحقّقَ للصّائمِ حقيقةُ الأيمانِ بآللهِ أولاً ثمّ حقيقةُ الصّوم في وجوده ثانياً(1)؛ فأنّهُ بلا شكّ سيدركُ بركات و فضل وعظمة شهر رمضان و سيحصل على أفضل و أحسن الأقدار في ليلة (القدر) بإذن الله تعالى ..

في كلّ خطّة؛ منهجٍ؛ مشروعٍ؛ عملٍ؛ خطبةٍ؛ همسةٍ؛ بل و حركةٍ .. لا و الله حتى في مجرّد "نظرةٍ"؛ أقدار و تبعات و عواقب نجهلها, و الله وحده يعلم أبعادها و غاياتها و مستقرها و نتائجها, أمّا نحن الجّهلاء في هذا الوسط الرهيب المخيف المتلاطم .. ليس أمامنا سوى العمل بما أوصانا به القرآن و منهج أهل البيت(ع).

لكننا حتى أمام (الثقلين) كتاب الله و أهل البيت(ع)؛ بتنا حيارى و مساكين لا ندري معالم ذلك الطريق الصحيح بدقة, بسبب كثرة المراجع و الأجتهادات و التأويلاوت التي بعضها مجحفة حقاً حتى بحقّ القرآن و نهج أهل البيت(ع) .. فكلّ مرجع و مذهب و جهة  يُفسّر كتاب الله و نصوص أهل البيت بحسب مقاساته و مصالحه و ربحه رغم إن الأمام الحجة(ع) قد بيّن بوضوح معالم ذلك النهج, يضاف لذلك أن الدولة الأسلامية المعاصرة قد طبقت عملياً ذلك النهج القويم في بلاد سلمان المحمدي(رض)!

و من هنا بدأت المأساة منذ وفاة الرسول(ص) و إستمرت بل و كبرت يوماً بعد آخر حتى وصل للذبح و التكفير إلى يومنا هذا .. لولا نجاح الثورة الأسلامية المباركة و تأسيس أوّل دولة عادلة على نهج آل البيت(ع) ليعيد الأمل للمسلمين بعد ما ماتت الأمال في القلوب, و الذي نأسف له هو معاداة بعض المذاهب و الأقزام المدّعين للمرجعية لتلك الدولة التي هزّت الشرق و الغرب لأظهار أنفسهم من باب؛
(خالف تُعرف)!

المهم ليست كلّ العناوين التي قدّمناها أعلاه هي موضوع بحثنا .. فكل واحدة منها تحتاج إلى بحث أو مقال على الأقل؛ لكن الذي نريد الحديث عنه, هو ليلة (القدر) بشكل خاص, لما له من أهمية كبيرة في حياة و مصير الأنسان خصوصا المؤمن.

بدايةًً ..
يُخطئ مَنْ يتصوّر بأنّ الأقدار تتحدّد في ليلة القدر وحدها و بآلذات في ساعات السّحر حتى الصباح!

لأن هذا الكون و ما فيه يسير طبق أنظمة معقّدة للغاية لا يستطيع العلم معرفة سوى بعض ظواهرها العلمية التي قد تصل في أفضل الحالات إلى درجة الدكتوراه أو ألـ(بوست دكتورين) و هو بدء معرفة ظاهر قضية من كمّ غير محدّد من القضايا الوجودية ..

أمّا الأنسان الذي هو الآخر و لوحده يُمثل سرٌ عجيب؛ قد خلق الله تعالى لأجله كلّ هذا الكون لمكانتة و كرامتة الخاصة و آلعظيمة عندهُ تعالى, لذلك من الجّهل المطبق أنْ نتصور بأنّ الله تعالى يُحدّد مصيره في ليلة و احدة أو ساعة واحدة لمجرد أدائه بعض الصّلوات و العبادات و الأدعية رغم أهميتها و دورها الذي سنبيّنه خصوصا في هذه الليلة!

كما أن (الأسلام محفوف بآلمسلمين) بحسب الحديث الشريف .. فأنّ الأقدار التي تشكلها الأعمال هي الأخرى محفوفة و مرهونة بعمل و أداء المسلمين و هي على مستويين:
ألاول : إجتماعيّ يشمل مصير المجتمع ككل ..
الثاني: فرديٌّ يشمل مصير الأنسان لوحده ..
و آلأثنان يرتبطان ببعضهما.
و الأمْرُ و (المُلكُ كلّهُ يومئذ لله يحكم بينهم, فآلذين آمنوا و عملو الصالحات في جنات النعيم, و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا فأؤلئك لهم عذابٌ مهين)(2).

بكلامٍ وجيزٍ ؛ إنها عدالة الله تعالى التى وحدها تحكم, و ليست محاكم الأستئناف الوضعية أو المحاكم العليا أو الصغرى أو الكبرى, التي قد تخطئ و قد تصيب و بإعتقادي أكثرها خاطئة في أحكامها .. على كل حال, لأنّها لا تحكم و لا تُقدر أثناء (الحكم النهائي) سوى جانبٍ أو جانبين أو ثلاثة جوانب و ربما اكثر لتحديد حجم و مسار القضية المطروحة في قاعة المحكمة, بينما حكم الله شامل كامل يجعل بآلحسبان كلّ الأحتمالات و المقدمات و الجذور و التطورات و الاحداث التي رافقت أو قد ترافق قضية من القضايا و هي لا تُعدّ و لا تُحصى, و حتى لو علمنا بصحة حكم محكمة وضعية بشأن قضية من القضايا ؛ لكنها يستحيل أن تعرف عواقب ذلك الحكم لأنها تقع ضمن الغيب!

فعدالته و أحكامه تعالى التي لا يعرفها على حقيقتها إلا هو و لا يستطيع إجرائها إلا هو .. لأنّها تكون نتيجة تداخلات مُعقدة لأبعد الحدود بقدر تعقيدات هذا الوجود الذي لا نعرف حتى بدايته أو نهايته سوى بآلتقديرات الكمية الأولية المبهمة التي تقدّر بمليارات السنين الضوئية, و إن أحدث نظرية في ذلك هي نظرية (البك بنك).

فكلّ عمل و منهج و خطبة و كلام و قضية فيها شؤون كثيرة و متجذرة و متداخلة بعضها مع بعضها بحيث يصعب معرفة حتى واحدة منها من قبل أكبر العقول, لذلك من الصّعب تحديد الأمور ببساطة لمعرفة أسباب وقوعها أو حدوثها بشكل صحيح و التي بعضها تخالف الظواهر و الأصول التي إعتدناها في حياتنا و حتى شرعنا.

من طبيعة إنسان العصر هو ترجيع الأمور لأسبابها, لمعرفة حيثياتها و كشف مضامينها, و هذا ما تعلمناه أثناء البحث العلمي .. و هو المتبع في كل القضايا و البحوث العلمية – الأكاديمية, و هذا بآلأساس هو نهج القرآن الذي علّمنا طريقة البحث و التعقل و التدبر للوصول إلى المعارف لتحقيق حياة أفضل و الفوز بآلآخرة في نهاية المطاف!

و هكذا أعمال الأنسان من قيامه و قعوده و حركاته و أفعاله و نظراته و مواقفه و إخلاصه و نياته التي يبديها خلال سنة كاملة ليُحدّد الله تعالى له من خلالها في ليلة القدر ألمسارات و آلطرق ألرّئيسية .. و التي كلّ منها تؤدّي إلى هدفٍ .. فآلذي كانت مقدمات و أعمال سنته منذ (ليلة القدر) السّابقة إلى (ليلة القدر) اللاحقة مطابقة للمواصفات الألهية (الذّرية) – التي هي الأخرى غير بيّنة و واضحة كما أشرنا بدقّة – فأنّ أقداره ستكون بإذن الله و عدالته حسنة و سيُحقّق الفرد الناجح من خلالها أفضل الدّرجات و آلنتائج و يحصل على أعظم الثواب من ورائها!

و إن كانت أعماله و سلوكه و أخلاقه و سعيه لا سامح الله قبيحة و ظالمة بسبب تكبره على النّاس و تعامله بآلسّوء مع نفسه و مع أهله و أبنائه و أبناء مجتمعه, فأنّ أقداره ستكون شبيهة بأعماله و من جنسها, و لا يُمكن الطالب الساعي بدون الشروط الواجبة أن يُحقق الكثير من العمل الصّالح في سنته الجديدة أيضا, لأنّ أقداره تتحدّد بحسب (الأسرار التي تتوحد جميعها بحسب تكوينها و جنسها و آلسنن التي تتبعها لتعطي النتيجة المطلوبة في ليلة القدر)!

و لكن هناك مسألة أخرى في غاية الأهميّة .. قد تشكل صلب مقالنا هذا أيضا, و هي مسألة و دور الدُّعاء و التّوبة قبلها و أثرها في تقدير الأقدار الحسنة!

فهل (التوبة) و (الدّعاء) وحده يُحدّد الأقدار و العواقب الحسنة بحسب الأسرار المكنونة فيها والسُّنن التي تتبعها!
أم إن الله تعالى حدّد لكلّ شيئ معادلة و قانون يسير عليه لأنه تعالى (أبى أن يُسيّر الأمور إلا بأسبابها)!؟
أم إنّ القضية أمرٌ بين الأمرين!؟
أم لا هذا و لا ذاك .. لأنّ المسألة أعقد و أكبر بكثير من معايير عقولنا و تفكيرنا و شرعنا المحدود الذي لا يعرف حتى أهله للآن بداية شهر رمضان من نهايته بآلضبط, و هي من أبسط الأمور و أسهلها!؟

بصراحتة أيها الأخوة  المثقفين ؛ لا أعلم الجّواب بآلضبط .. و لذلك أقول:
(و إبتغ فيما آتاكَ الله الدّار الآخرة و لا تنس نصيبك من الدُّنيا و أحسن كما أحسن الله إليك و لا تبغ الفساد في الأرض, إن الله لا يُحب المفسدين)(3).

ففي هذا الشهر المبارك و بآلأخص في ليلة القدر, هناك بعض الناس و لأسبابٍ نجهل حقيقتها, قد يغفر الله تعالى لهم رغم أعمالهم الظاهريّة السّيئة و الحسنة كما أيّ إنسان مؤمن, لعدم معرفتنا بحجم و مقادير و ثواب و نتائج كلّ عمل ظهر منه أو بطن(4), بآلأضافة إلى أنّ (التوبة النصوحة) بشرطها و شروطها ثمّ (الدّعاء) بإخلاص خصوصا قراءة دعاء (الجوشن الكبير) له أثر عظيم في تحسين وجهة الأقدار التي تحدثنا عنها و عن كيفية تكوينها, بشرط أن تتحقق شروط التوبة في توبته و شروط الدعاء في جوف و ضمير قارئه!

لأنّ لقلقة اللسّان و آلقراءة المجرّدة و حتى ختم القرآن و إنْ كانَ لهُ بعض الأجر .. لكنها لا تُحقّق فلسفة ذلك (الدُّعاء العظيم) المختص بهذه الليلة .. و الذي و حقّ الله لو قرأهُ إنسان كافر مجرم أمام سلطان جائر فأنّه ليس فقط سيغفر له؛ بل سيجزيه أحسن الجزاء, لانّ قارئه على الأقل ينعته بألف صفة و إسم عظيم!

فكيف و أنت تقرأ ذلك الدّعاء العظيم(الجوشن الكبير) أمام ربّ رؤوف رحيم عالم حكيم رحمن رحيم وصف نفسه بكونه أقرب إلينا من حبل الوريد!؟
 
 و العرفاء وحدهم قد يتوصّلوا لِكُنْهِ و معرفة رموز (الأقدار) و الأحداث و العواقب التي أشرنا لها بشكلِ عامّ و ليس تفصيلاً, و لكن المشكلة هي :
(كم عارفاً نعرفهُ في هذا العصر حتى من بين مراجع الدِّين الذين يدّعون معرفة أسرار الشريعة الظاهرية, لكونهم في أفضل الأحوال يعرفون ظاهراً من شرع الله و الحياة الدُّنيا .. لكنهم ليسوا بعرفاء, لأن آلزمن لا يجود بهم إلا قليلاً)!؟

و في كلّ الأحوال و الظروف و لأنّنا نعتقد بكون الله غفورٌ رحيم و عادل حكيم و رحمن رحيم؛ لذلك فإنّ ليلة (القدر)؛[حياةٌ تَـَجدّد و أسرارٌ تتوحّد] بمشيئة الله تعالى الذي نسأله أن يجعلنا من المغفورين لهم في هذا الشّهر و أن يكتب لنا فيه من العواقب أحسنها .. و ان يلهمنا ببركته بعض المعرفة الحقيقية, إن لم يكن كلها لنحدد لأنفسنا أقداراً و عواقب حسنة, لأنّ المعارف بذاتها تحتاج إلى قلوب كبيرة .. و كبيرة جداً بحجم هذا الوجود كي تتحمّلها, و الله هو المعين .. إنه نعم المولى و نعم النصير ..

(ربّنا إغفر لنا و لأخواننا الذين سبقونا بآلأيمان و لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا , ربنا إنك رؤوف رحيم)(5), صدق الله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف