الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/25
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

ما المطلوب من تركيا؟ بقلم: د. سامي محمد الأخرس

تاريخ النشر : 2016-06-24
ما المطلوب من تركيا؟ بقلم: د. سامي محمد الأخرس
ما المطلوب من تركيا؟!
تستعد أنقرة وتل أبيب في اليام القادمة لتوقيع بروتوكول إعادة تنشيط العلاقات السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والثقافية التي تجمدت أو سُكِنت منذ الإعتداء الإسرائيلي على السفينة التركية(مافي مرمرة) قبالة ساحل غزة والتي راح ضحيتها ثمانية مواطنين أتراك، اصرت بعدها تركيا على عدة شروط لإعادة العلاقات التحالفية مع الكيان لما هي عليه سابقًا- قبل الإعتداء-.
لا يمكن بأيّ حال من الأحوال عزل هذه الأحداث عن متغيرات السياسة التركية منذ فوز حزب لعدالة والتنمية التركي بالانتخابات التركية عام 2002، وسياسة (صفر مشاكل) التي تبناها الأتراك، والتي على أثرها أصبح جزء من السياسة التركية موجه نحو الشرق الأوسط كمنظومة كاملة وليس الكيان فحسب كما كانت عليه سابقًا، وفق منظومة ورؤية تركية لمصالحها السياسية، والاقتصادية في المنطقة وإدراكها لحيوية وأهمية دورها كلاعب اقليمي قوي يسد الفراغ الذي تركه العراق بعد احتلاله عام 2003، وسياسة الانعزال التي كان عليها النظامين المصري الذي اتبع السياسة الأمنية في حقبة حسني مبارك، والنظام السعودي المتقوقع في أتون غلافه العقائدي، وعليه وجدت تركيا ضرورة عدم ترك الساحة لإيران كقوة اقليمية وحيدة تستفرد بالمنطقة، وضرورة إعادة إنتاج وجودها الاقليمي في المنطقة، مستغلة استراتيجيتها (صفر مشاكل)، وبدأت تؤهل نفسها لأحتلال موقع اقليمي يمنحها دور القوة والتأثير في إحداثيات المنطقة السياسية، ساعدها على ذلك اشتعال حرّاكات الشعوب العربية أواخر عام 2010 من تونس، وتساقط بعض الأنظمة الرسمية، وصعود قوى ألإسلام السياسي للمشهد بقوة، فوجدت تركيا بجملة هذه الأحداث فرصة سانحة لها للقفز على ظهر السلحفاء العربية الرسمية، والتأثير في السياسات ورسمها بدور أشبه وأقرب لإعادة (عثمنة تركيا) دون أن تحرك قواعدها وترسانتها، واساطيلها العسكرية، فتلاقت تحركات وسياسات تركيا مع أطماع وطموحات قوى الإسلام السياسي الصاعدة، خاصة وأن حزب العدالة والتنمية ذو خلفيات إسلامية، فظهرت تركيا بثوب الحارس الأمين لقضايا الشعوب العربية، والحريات العربية، وخاصة القضية الفلسطينية التي شهدت عام 2006 حرّاك هام عبر صناديق الإقتراع الانتخابية بصعود حركة حماس لسدة النظام السياسي الفلسطيني، وعليه ووفق هذه المحدثات والمتغيرات تخلت تركيا عن استراتيجية(صفر مشاكل) واصبحت تنحاز بشكل علني لقوى ألإسلام السياسي خاصة في مصر، وليبيا، وفلسطين، وسوريا، وتونس كما قدمت نفسها القوة القادرة على مواجهة صلف وعنجهية الكيان الصهيوي، والقادرة على لجمه من خلال استعراض قوة ردعها السياسة في أعقاب حادثة السفينة(مافي مرمرة)، مع إدراكها بنفس الأمر لأهمية التحالفات والمواثيق والاتفاقيات مع الكيان الصهيوني، والعلاقة الاستراتيجية التركية- الإسرائيلية، وهو أيضًا ما يدركه الكيان الصهيوني ويدرك أهمية وقدرة تركيا بوجهها الجديد على لجم القوى الراديكالية في المنطقة وخاصة إيران، وقدرتها على تطويع قوى الإسلام السياسي وخاصة حماس، وكذلك قدرة تركيا على لعب دور هام في ترسيم قواعد التطبيع معها في المنطقة، ولكن لم يدركه العرب أو قوى الإسلام السياسي.
هذا يؤكد أن تركيا هي في المصاغ النهائي حليف استراتيجي للكيان الصهيوني، وأن سياساتها منذ عام 1949 لم تتغير أو تتأثر بمؤثرات داخلية أو خارجية، وإنما ترتبط بتحالفات، وتعاقدات، ومعاهدات استراتيجية لها أهميتها وحيويتها لدى الطرفين التركي والإسرائيلي، لا يمكن لأيّ منهما غض البصر عنه أو تجاهله أو حتى التنكر له أو خلق حالة لا توافقية طويلة الأمد بينهما، بل أنّ كلّ ما يحدث مجرد اهتزازات سياسية تشكل كرة ثلج سرعان ما تذيبها مصالح البلدين وتعود المياة للتدفق في مجرى النهر بينهما.
إنّ السياسة التركية التي انتهجها حزب العدالة والتنمية، والشخصية الكاريزمية لرئيس الحزب طيب رجب أردوغان ساهمت في رفع سقف التفاؤل، والأماني لدى الشعوب العربية، وبعض القوى السياسية العربية، وعلى وجه التحديد قوى ألإسلام السياسي، وساهم في ذلك ايضًا الخلفية الدينية والعقائدية لحزب العدالة والتنمية، ووحدة المذهب الديني( السني) التي تلاقت به هذه القوى مع تركيا، فبالغت في التعامل مع الحزب وتركيا كحليف ومرجعية، وجزء أساسي من مكونها، ومكون قراراتها، وهو نتيجة طبيعية لغياب منهجية ومفاهيم التخطيط الوطني السياسي الإستراتيجي للمنظومة العقلية العربية، والإعتماد على التبعية، غياب الفهم الوطني الشمولي، وحضور الفهم الحزبي وفهم الجماعة أو القبيلة، وصعوده على حساب مصالح الأوطان، مقابل الغاية تبرر الوسيلة اي القفز للحصول على السلطة فقط، كما استغاثت هذه القوى بتركيا نتيجة حالة الصراع الشديد والعنيف داخليًا بين القوى العربية نفسها، وبين مصالح وأطماع كل فئة وكلّ حزب، أيّ أنّ الهدف كان السيطرة على مقاليد الحكم أكثر منه الصالح الوطني، عكس السياسة التركية التي وامنت في سياساتها من أجل مصالحها ومصالح شعبها، فاستطاع حزب العدالة والتنمية الإستفادة من مدخلات سياساته بحصد مخرجات صبت كلها في صالح تركيا الوطن، والشعب التركي سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو عسكريًا أو حتى ثقافيًا أولًا وأخيرًا.
إذن في ظلّ هذا المشهد السياسي وهذه الخريطة السياسية التي تمتملئ بطلاسم سياسية معقدة ما هو المطلوب من تركيا؟! سبق وأنّ تناولت أنّ السياسات التركية الظاهرية وشخصية وكاريزما اردوغان رفعت سقف التفاؤل لدى الشعوب أو بعض الشعوب العربية، وقوى ألإسلام السياسي التي وجدت لها مرجعية وهي التجربة التركية، وتجربة حزب العدالة والتنمية، فسعت لاستنساخ هذه التجربة بكل حيثياتها وظروفها، دون التعمق في كلِّ تفاصيلها، وبيئتها السياسية، والمجتمعية واستراتيجياتها، وأهدافها بل فتحت كل مخازن العقل للنهل من أسطنبول وساسة اسطنبول، كما فعلت الأحزاب اليسارية العربية في حقبة السبعينات عندما تهافتت على الإتحاد السوفيتي تنقل التجربة السوفيتية دون مطابقة المواصفات والاختلافات بين المجتمعات والظروف المجتمعية، والسياسية، بل نقلت التجربة كما نصت عليها نظريات ماركس ولينين بواقع سوفياتي، ووجدت لها راعي ومرشد وسيد، وموجه يأمر فتطيع، كما هي تجربة قوى الإسلام السياسي اليوم مع تجربة حزب العدالة والتنمية التركي، وهي جينات عربية تحتاج لتغيير جذري، فكانت النتيجة الحتمية سقوط قوى اليسار العربي مع سقوط الكتلة الاشتراكية، كما وسقطت العديد من قوى الإسلام السياسي مع انتهاء سياسة (صفر مشاكل) التركية، وتأزمت أوضاع قوى أخرى مع تراجع بعض المواقف التركية السياسية، وحماس خير مثال فقد تأزم موقفها التابع من سوريا، والتي حاولت أنّ تطابقه مع الموقف التركي، فتأزمت علاقات حماس ومواقفها أمام إيران حليفها السابق، ومع النّظام السوري حليفها القوي، ومع حزب الله اللبناني، ومع النّظام المصري الجديد، وهذا نتيجة التبعية في المواقف كليًا واعتبار الموقف التركي مرجعية مطلقة، كما سقط نظام الرئيس محمد مرسي المصري، ونظام حزب النهضة التونسي، سقط الأحزاب ولم تسقط تركيا.
في خضم هذا الواقع لم نتناول بدقة طبيعة العلاقات التركية -الإسرائيلية وذهب البعض لتوقع أنّ تركيا ممكن أن تحرك أسطولها الجوي والبحري لضرب تل أبيب، فقفزنا عن الواقعية السياسية، ولم نعِ أو نفهم لغة المصالح للدول، وحاجة الطرفين لبعضهما البعض، وتغاضينا عن التاريخ والتعاون والتحالف التركي - الإسرائيلي ووقنا نشرح وعظم موقف أردوغان في دافس فقط وننظر له من زاوية واحدة فقط، فبمراجعة سريعة نجد أن هناك شيء مشترك بين تركيا وحلفاء الكيان الصهيوني ممثلًا بعضوية تركيا بحلف الناتو، وأنّ هناك عشرات الاتفاقيات العسكرية، والتجارية، والثقافية بين الدولتين لا يمكن تجاوزهما أو اهمالهما، وهناك مسيرة حبلى بالتعاون بين تركيا والكيان أمنيًا، وتجاهلنا حنكة تركيا في التعامل مع أزمتها على خلفية اسقاط الطائرة الروسية في سوريا، والتراجع في المواقف التركية من بعض الحرّاكات العربية وخاصة في مصر، وتونس، وليبيا وكذلك سوريا وابتعادها عن الأزمة اليمنية نوعًا ما لأنّها ليس في نطاق جغرافيا مصالحها المباشرة.
رغم كلّ ذلك فإنّ ما وضعته وفرضته تركيا من اشتراطات على الكيان الصهيوني لإعادة تفعيل وتنشيط العلاقات التركية- الإسراييلية يأتي في السياق الطبيعي للسياسات التركية، وسياسة التوازنات في بعض القضايا الرئيسية، خاصة القضية الفلسطيية التي تضعها تركيا على سلم سياساتها في الشرق الأوسط عامة، وفي ظلّ سياستها التاريخية التي تؤكد على الحق الفلسطيني في نيل حقوقه، فلم تتنكر تركيا في أيّ حقبة تاريخية منذ عام 1922 للحقوق الفلسطينية، بل ناصرتها وأيدتها، ووقفت معها، ولكن يحسب لحزب العدالة والتنمية أنه أعاد القضية الفلسطينية للواجهة الشعبية التركية، وعمق من روح التضامن والإحساس لدى الشعب التركي بأنّ القضية الفلسطينية جزء من مكوناته السياسية، ورفع صوت القضية الفلسطينية في العديد من المحافل الدولية، بل وأنّ تركيا كان لها ولا زال مواقف متقدمة كثيرًا عن بعض الدول العربية بخصوص القضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي تطرح فيه تركيا وتشترط ضرورة رفع الحصار عن غزة، هناك قوى عربية فتحت عواصمها للكيان الصهيوني للتطبيع بدون أيّ اشتراطات أو شروط، بل لم تأتِ على ذكر القضية الفلسطينية أساسًا، كما أكدت تركيا وتؤكد على ضرورة حل بعض الإشكاليات الاجتماعية المعيشية كمشكلة الكهرباء في غزة وتحاول أن توثقها لكي لا يتهرب منها الكيان مستقبلًا، مع غياب أي تحرك عربي في المقابل.
إذن فخلاصة الأمر ما هو المطلوب من دولة مثل تركيا ترتبط بطبيعة علاقات مميزة مع دولة الكيان في هذا الواقع المرير الذي عليه القوى والدول العربية، والفلسطينية، وفي ظلّ غياب القضية الفلسطينية عن الذهنية العربية، وغياب كلي للدور الرسمي العربي، بل ذهب هذا النظام الرسمي للفعل المضاد لزيادة الفرقة بين الأطراف الفلسطينية، فمصر تحتضن الرئاسة وتدافع عنها، وقطر تحشد من أجل حماس وتصلب من مواقفها، والإمارات تحتضن التيار الثالث محمد دحلان وتمنحه قوة واسناد. فما تمارسة تركيا حاليًا، وما تطالب به الكيان أقصى ما يمكن أن نتوقعه منها، بل يتأتى في ظلّ ظروف ليس مطلوب منها سوى الدعم السياسي والإغاثي لشعب مظلوم ومضطهد في ظلّ قراءة الحالتين العربية والإسلامية بعيدًا عن التوقعات والتخيلات الديموغاجية.
د. سامي محمد الأخرس
13 يونيو (حزيران) 2016
[email protected]
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف