الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/26
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مجرد قضمة !! بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )

تاريخ النشر : 2016-06-22
مجرد قضمة !!   بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )
( مجرد قضمة !! )
قصة قصيرة
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
+++++++++++++++++
" آخر ما جادت به قريحة الكاتب ... ولم يسبق نشر النص من قبل " ..
تنويه :
أحداث وشخوص النص حدثت على أرض الواقع ؛ وليس من فضل للكاتب على النص اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
" الكاتب "
---------------------
مقدمة لا بد منها :
بطل النص .. قد يكون من مصر .. سوريا .. الأردن .. فلسطين .. العراق .. ليبيا .. أو السودان .
أحداث النص .. قد تكون حدثت في تركيا .. باكستان .. ماليزيا .. أفغانستان .
" الكاتب "
--------------------------------
" مجرد قضمة " !!
استبد به الجوع ؛ واستولى على جسده ونفسه وكيانه ، وأنشب أظافره بين ضلوعه ، تحامل على نفسه كثيراً .. وحاول أن يطرد عن نفسه شبح غول الجوع المخيف ، راح يحاول التركيز على المذاكرة بشكل مكثف أكثر .. حاول أن يزيد التعبد والخشوع في السجود والركوع .. الابتهال والتضرع .. سأل الله العلي القدير أن يهبه الرزق الحلال ليسد رمق الجوع الذي استولى عليه .. وهو الشاب الجامعي التقي الورع .. الملتزم خلقياً وأدبيا والمتمسك بأهداب الدين ..
لقد تقطعت به الوسائل والسبل بعد انقطاع كل وسائل الاتصال بينه وبين والديه وذويه في المدينة البعيدة ومنذ عدة شهور .. إذ يبدو بأنه قد أصابهم مصاب جلل ؛ أو حل بهم خطب رهيب في ظل تلك الأحداث الجارية في بلاده .. وانسحب الأمر بالتالي على ذلك العون المادي الذي كان يرسله له الأهل للتكفل بمصاريف وتكاليف الحياة والمعيشة والجامعية .. ولم يتبق لديه من مال على الإطلاق لشراء أي طعام ..
أصابه الضنك والحزن والهم .. واستبد به الجوع والحرمان .
فكر في الأمر ملياً .. وقلب الأمور على الكثير من الوجوه .. بعد أن أوصدت في وجهه كل سبل الحصول على الرزق الحلال لعدم قدرته على التوفيق بين العمل والدراسة الجامعية المرهقة .. وبعد أن منعه الحياء والخجل من الطلب من أصدقائه مد العون والمساعدة له .. فوصل بتفكيره إلى اللجوء إلى السرقة ..!! .. ليست السرقة بمفهومها الموسع ... بل سرقة بعض الطعام لكي يسد به رمقه .. ويقيم أوده ..
كانت وجهته هي ذلك الحيّ الراقي في المدينة .. عله يحصل على شيء من الطعام يسد به رمقه ويهدئ من غول الجوع الي استبد به ..
لم يلبث أن تسور صور إحدى البنايات الضخمة .. ولما وصل باحة البناية الفخمة تلك .. تناهى إلى مسامعه صوت نسائي لفتيات وسيدات وهن يقمن بالاستحمام في " بركة السباحة " .. قتله الخجل واستولى عليه الحياء .. وراح يقرع نفسه ويعنفها أن فعل ذلك الأمر المشين وإن استمر فيه .. فتراجع عن دخول المنزل .. وفر من المكان هارباً إلى الخارج .
أعاد التفكير مرة أخرى .. فقرر أن يقوم بمحاولة أخرى وقد استبد به الجوع بشكل مخيف .
تسور صور ذلك المنزل الفخم الذي كان أشبه ما يكون بالقصر .. ولم يلبث أن أصبح في فناء ذلك القصر المنيف .
اشتم رائحة الطعام الشهي اللذيذ تنبعث من " حجرة الطعام " ؛ فراح يتحسس الطريق يقصد مكان انبعاث الرائحة النفاذة للطعام الشهي .. وهو يتلفت حواليه يمنة ويسرة بين الفينة والأخرى خشية أن يكون أحد ما يتابعه أو يراقبه .
عندما اطمأن للأمر ووصل إلى " حجرة الطعام " .. كانت رائحة الطعام النفاذة تغزو أنفه وخياشيمه .. فتدغدغ حواسه وتفتح شهيته .. فوقع بصره على الإناء الذي كانت تنبعث منه الرائحة .. فتوجه نحوه بهمة ونشاط .. ورفع الغطاء عنه .. فزادت الرائحة النفاذة قوة وتأثيرا وانبعاثا .
مد يده وتناول إحدى حبات ذلك الطعام الشهي " محشي الباذنجان " وقربها من فمه بسعادة ؛ ووضعها في فمه بين أسنانه يريد أن يقضم منها شيئاً .
سرعان ما كان يعيد ما في يده إلى الإناء .. ولم يتذوق منه شيئاً .. ويفر من المكان مولياً الأدبار لا يلوي على شيء !! .
راح يعدو بأقصى سرعة مبتعداً عن المكان .. وقد تلاشى كل ما لديه من شعور بالجوع .. واستبدت به نشوة غريبة أنسته الجوع والحرمان .
كانت وجهته هي ذلك المكان الذي كان يصدر عنه ذلك الصوت الذي كان يتردد بين جنبات الأرض وآفاق السماء مدوياً هادراً ..
" الله أكبر " .... " الله أكبر " ..
دخل المسجد على عجالة .. فتوضأ وأحسن الوضوء .. ثم وقف في صفوف المصلين خلف " الإمام " خاشعاً مطمئناً .. وهو يبكي تأثرا وخشية من الله ..
عندما انتهى الإمام والمأمومين من تأدية فريضة الصلاة ؛ التفت حول " الإمام " مجموعة من الرجال والشباب والغلمان يستمعون لحديث " الشيخ الإمام " ومواعظه ..فكان الشاب على رأس المتحلقين من حوله يصغي لما يقوله باهتمام شديد .
ما هي سوى لحظات يسيرة حتى كانت تقف بباب المسجد سيدة متسربلة بالثياب .. تطلب من أحد المصلين استدعاء " الإمام " لأمر هام تود التحدث به إليه .
استأذن " الإمام " من المتواجدين ؛ وتوجه ناحية المرأة .. ألقى عليها بالسلام .. ولم يلبث أن دار الحديث بينهما بصوت منخفض أقرب ما يكون إلى الهمس .
لم تلبث السيدة أن قامت بإخراج " لفافة صغيرة " من بين طيات ملابسها ناولتها للإمام .. ثم انزوت في ركن قصي من جانب باب المسجد ...عاد " الإمام " أدراجه حيث الرجال والشباب والغلمان المتحلقين في الحلقة .. ألقى عليهم بالسلام .. ثم جلس وسط الحلقة من جديد .
تنحنح " الإمام " ... جال ببصره في وجوه الحاضرين واحداً تلو الآخر .. ولم يلبث أن بدأ الحديث بصوت متهدج خافت :
- من الذي قام بتسور صور بيت وحاول أن يستولي على الطعام !!.
.. لم يتفوه أحد من المتواجدين بحرف .. فوجئ الشاب بالسؤال المباغت .. ولم ينبس ببنت شفة ..
أعاد " الإمام " السؤال على مسامع الجميع بصوت مرتفع لأكثر من مرة .. فلم يتفوه أحد بحرف .
هتف " ألإمام " بشدة وحزم ؛ وهو يخرج " اللفافة الصغيرة " من أحد جيوبه وراح يستعرض محتوياتها أمام الحاضرين :
- من الذي حاول ان يقضم هذا الطعام !!
أسقط في يد الشاب ... فأصابته رجفة غريبة .. وكاد أن يصرخ بلا وعي :
- إنه أنا يا سيدي ..
ولكنه تمالك نفسه وحاول جاهداً أن يستعيد شيئاً من رباطة جأشه .. وقد أحس بأن الدماء قد تجمدت في عروقه .
هتف " الإمام " بصوت رخيم ودود :
- على من فعل ذلك الأمر المثول أمامي الآن والاعتراف بالأمر .
.. نهض الشاب بتثاقل من بين المتحلقين مرتجفاً مضطرباً متلعثماً هاتفاً بصوت مختنق :
- إنه .. أنا .. يا سيدي ..
أشار " الإمام " للشاب بالاقتراب منه .. وأشار لبقية المتحلقين بالمغادرة ..
مثل الشاب بين يدي " الإمام " مأخوذا جزعاً ؛ وقد أصابته رعشة اضطراب وخوف .
.. لم يلبث " الإمام " أن مد يده ناحية الشاب وراح يمسح على رأسه ووجهه وهو يبتسم ابتسامة عريضة محاولاً أن يهدئ من روع الشاب هاتفاً :
- لا بأس يا ولدي .. لا داعي للجزع والخوف .. أنت شاب طيب وملتزم وذو خلق وأدب جم .. ولو أنك لم تقل بأنك من فعل ذلك من تلقاء نفسك .. لأتت تلك السيدة التي تقف بالباب وتعرفت عليك ..
- سأوضح لك الأمر يا ولدي .. فإن تلك السيدة التي قمت من جانبك بتسور صور منزلها .. كانت تراقبك منذ أول لحظة كنت تقتحم البيت فيها .. وحتى وصولك إلى " غرفة الطعام " .. وتناولك قطعة الطعام ومحاولة قضمها .. وحتى لحظة تراجعك عن فعلتك وعدم إتمامها عند سماعك صوت المؤذن يرتفع بالنداء للصلاة ؛ وهرولتك مغادراً المكان وحتى الوصول للمسجد .. وها هي قد حضرت إلى هنا وأحضرت معها قطعة الطعام التي حاولت قضمها والتهامها .. وها هي آثار أسنانك ما زالت واضحة جلية عليها .. شاهدة على الأمر .. لقد أعلمتني تلك السيدة التي ما زالت تقف بالباب كل هذا ..
- ليس هذا فحسب .. فهي قد أعلمتني بأنها لم تتزوج قط حتى الآن ... فهي آنسة بكر .. في ريعان صباها .. ملتزمة دينياً وخلقياً .. وهي ثرية جداً .. ولا أحد ينازعها ذلك القصر المنيف الذي قمت بدخوله من جانبك .. فهي الابنة الوحيدة لوالدها الملياردير الذي كان قد انتقل إلى رحمة الله قبل عدة سنوات وترك لها ثروة هائلة.. ولا يشاركها السكنى في القصر .. سوى جدتها العجوز فحسب ..
- ليس هذا فحسب ... بل إنها طلبت مني أمراً آخر ؛ ها أنا أعرضه عليك بدوري .. فقد طلبت مني أن أعرض على الشاب الذي فعل ذلك .. أمر أن يتزوج منها !!!
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف