الأخبار
إعلام إسرائيلي: إسرائيل تستعد لاجتياح رفح "قريباً جداً" وبتنسيق مع واشنطنأبو عبيدة: الاحتلال عالق في غزة ويحاول إيهام العالم بأنه قضى على فصائل المقاومةبعد جنازة السعدني.. نائب مصري يتقدم بتعديل تشريعي لتنظيم تصوير الجنازاتبايدن يعلن استثمار سبعة مليارات دولار في الطاقة الشمسيةوفاة العلامة اليمني الشيخ عبد المجيد الزنداني في تركيامنح الخليجيين تأشيرات شنغن لـ 5 أعوام عند التقديم للمرة الأولىتقرير: إسرائيل تفشل عسكرياً بغزة وتتجه نحو طريق مسدودالخارجية الأمريكية: لا سبيل للقيام بعملية برفح لا تضر بالمدنييننيويورك تايمز: إسرائيل أخفقت وكتائب حماس تحت الأرض وفوقهاحماس تدين تصريحات بلينكن وترفض تحميلها مسؤولية تعطيل الاتفاقمصر تطالب بتحقيق دولي بالمجازر والمقابر الجماعية في قطاع غزةالمراجعة المستقلة للأونروا تخلص إلى أن الوكالة تتبع نهجا حياديا قويامسؤول أممي يدعو للتحقيق باكتشاف مقبرة جماعية في مجمع ناصر الطبي بخانيونسإطلاق مجموعة تنسيق قطاع الإعلام الفلسطينياتفاق على تشكيل هيئة تأسيسية لجمعية الناشرين الفلسطينيين
2024/4/24
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

الصدر و دعاة اليوم(8) بقلم:عزيز الخزرجي

تاريخ النشر : 2016-05-31
الصدر و دعاة اليوم(8) بقلم:عزيز الخزرجي
ألصّدر و دُعاة آليوم(8)
في الحلقة السابقة قلنا بأن سوء ظن الشعب بل و معاداتهم لـ "دعاة اليوم" لم تكن قضية عفوية لموقف فاسد أو موقفين منهم؛ بل تيقّن الشعب من ذلك بعد تجربة مريرة و قاسية عانوا خلالها الأمرين من الفساد و الأرهاب و كأنه كان إستمراراً لنهج النظام السابق بغطاء الديمقراطية و على مدى أكثر من عقد حتى إنسحب ذلك الفساد على مؤسس الحزب الفيلسوف الفقيه الشهيد محمد باقر الصدر (قدس), لتصل الأمور معها إلى طريق مسدود إعترف بها بعض ممثليهم في آلحكومة و المجلس النيابي(1) كإعتراف صريح و وقح بفسادهم الذي سيكلفهم خسارة آلشعب الذي صمّمَ على طردهم و محاكمتهم و كنسهم نهائياً!

إن هذه النهائية المؤسفة لم تكن وليدة ليلة و ضحاها, بل جاءت كنتيجة طبيعة لمعاصي صغيرة تراكمت شيئا فشيئاً حتى كبرت و وصلت إلى (التعرب بعد الهجرة), فحين تخلوا أوساط "دهاة اليوم" و مجالسهم من التقوى و الحياء و الفكر و العلم و الأدب و الأخلاق بسبب فقدان مصادر و أعمدة الفكر و الثقافة التي كانت متمثلة بآلفقهاء و المفكرين العظام الذي تمّ حذفهم و إبعادهم بشكل مؤسف ليخل الجّو لهم كما يشاؤون, و بآلتالي ليواجهوا هذا المصير المؤسف الذي نتج عنه خسارة كبيرة جداً تمثلت بفقدان الثقة بينهم و بين الشعب الذي إنتخبهم بعد ما عرّض نفسه للمخاطر الكبيرة للأدلاء بصوتها!
 
فقرار حذف (فقيه الدّعوة) آية الله السّيد (كاظم الحائري الحُسيني) دام ظله الذي كان خلفاً للصّدر الأول للأشراف على التنظيم؛ ثمّ حذف المجلس الفقهي الذي كان يُمثّل جوهر النظام القياديّ الشرعيّ التنظيميّ للحزب, مسألة إعتباطيّة أو عفوية .. أُريد من ورائها التقرب لله و طلب الثواب منه .. 

كما إنّ رفض و نبذ و عدم إحترام و تنفيذ قرارات (الوليّ الفقيه) ألذي تصدى لزعامة المسلمين و الأنسانية في العالم بعد نجاح الثورة الأسلاميّة التي أكد على وجوب إتّباعها و الذوبان فيها مؤسس الحزب؛ لم تكن مجرّد مسألة أجتهادية أو موقف سياسيّ عابر من "دعاة اليوم"!

هذا .. بجانب رفض آراء و مواقف العلماء ألمجتهدين الدُّعاة الكبار أنفسهم الذين تركوا الحزب بعد نبذهم و عدم إحترامهم بسبب حذف المجلس الفقهي, كآية الله الكوراني و آية الله الآصفي و قبلهم المفكر السُّبيتي و أمثالهم من الذين كانوا يُشكلون عماد الحركة الفقهيّة و الفكريّة و الثقافيّة في مسار الدّعوة الأصليّة!

لم يكن كلّ ذلك .. مجرّد إجتهادات جانبيّة أو عرضيّة أو شكليّة أو مواقف عابرة أو متطلبات فرضتها مرحلة معينة ثمّ نظّرَ لها "دعاة اليوم" .. ألّذين حذفوا من قاموسهم ألحياء و التّقوى و آلخوف من الله و المصير لتلاعبهم بوصايا و دماء الشّهداء العظام و حقوق إخوانهم الأحياء من السّجناء السّياسيين الذين لا يتجاوز عددهم اليوم 5000 مجاهد, و أكثرهم مصابين بعاهات و أمراض بدنيّة و روحية و نفسية بسبب وحشية التعذيب الذي لاقوه في سجون البعث, و لم يتمّ حتى علاجهم .. بل لم يُحْسَب لهم أيّ حسابٍ بجانب عشرات الدُّعاة العصاميين القدماء ألذين خرجوا من الدّعوة إحتجاجاً على تلك الترتيبات المغرضة و القرارات الخطيرة المجحفة بحقّ قيادة و هيكلية و فكر و ثقافة الدّعوة و الدُّعاة ..

بل الهدف المبطن من وراء كل ذلك و كما توضّح جليّاً بعد إستلام "دعاة اليوم" للحكومة في العراق؛ هو سرقة الناس و ظلمهم بعيدأً عن أيّ رقيب أو حسيب ينهاهم عن ذلك, أو يُذكرهم على الأقل بعقاب الله الذي لا يحقّ حتى له جلّ جلاله من العفو عنهم لأنها تدخل ضمن حقوق الناس!

بل و فوق ذلك لم يَحسبوا أهمّية لموقع و أوامر (الولي الفقيه) الذي تربى على سفرته كلّ اللاجئين العراقيين,  حتى رفض – أيّ الولي الفقيه - من تعيين ممثّلٍ عنه في قيادة أيّ حزب أو منظمة عراقية سرية, هذا على الرّغم من وجود العلماء ألدّعاة و المجتهدين الكبار الذين كانوا ما يزال بداخل تلك التنظيمات قبل خروجهم أو عزلهم, رغم توسلهم بمسؤولي الدّولة الأسلامية, ممّا أعدّهُ الدُّعاة الحقيقيين بمثابة إنذار خطير و كبير يشبه رفض وجود آلحزب و إستنكار لشرعية عمل التنظيمات السّرية جملةً و تفصيلاً من قبل الدّولة الأسلامية التي أعلنت بطلان الأحزاب السّياسية و الخلايا السّرية - الأسلامية و غير الأسلامية – خارج هيكلية الدّولة الأسلامية و من دون وجود ممثل مباشر من قبل الولي الفقيه فيه!

و لم تفلح محاولات بعض "دعاة اليوم" لإيجاد مخرج من تلك "المحنة" الكبيرة و الأزمة العقائدية التي هزّت السّاحة العراقية المعارضة وقتها و للآن, حيث كشفتْ منذ ذلك الحين جوانب من مخططاتهم و نواياهم و غايتهم من وراء فلسفة التنظيم و وجود الأحزاب الأسلامية, فإضطروا بسبب تعصبهم و أطماعهم في الرئاسة بآلبحث عن حلّ وسط لعبور و تلافي تلك الإشكالية العقائدية الكبيرة التي عرّضَتْ تأريخ و مبادئ الحزب للمساءَلة و لأمتحان كبيرٍ و عسيرٍ أمام نظام الدّولة الأسلامية المعاصرة!

و للأسف لم ينجح في ذلك الأمتحان معظم "دعاة اليوم" للأسف .. إلاّ الدُّعاة الحقيقيين الراسخين منهم في ولاية الصّدر الأوّل المظلوم الذي أوصى بوجوب نصرة الدّولة الأسلاميّة و الذّوبان في (الولي الفقيه) بعد شهادته المظلومة .. لكونه – أيّ الولي الفقيه (قد حقّق حُلم جميع الأنبياء و المرسلين) و يُمثل كلّ الأسلام الأصيل الذي (جاء غريباً و سيعود غريباً فطوبى للغرباء)!

لقد إنكشفت النوايا و معدن "الدُّعاة الحقيقيون" و  "دُعاة اليوم" من وراء تلك المواقف بعد فشلهم في إجتياز ذلك الأمتحان الكبير بجانب القرارات العديدة الأخرى؛ بسبب الجّهل و حب الدُّنيا و السلطة و المال و الشهوة التي سيطرت عليهم للأسف, حتى باتوا و كما شهدنا اليوم؛ يأكلون حقوق الفقراء بآلعلن على حساب الشهداء و إسم (الدّعوة) الذي حملوه كلافتة للتغطية على فسادهم للفوز في الأنتخابات!!

و ليس هذا فقط .. بل لسوء حظّهم و لقصر تفكيرهم و تسطح ثقافتهم؛ لم يتعاونوا بشكلٍ جدّي حتى مع أطروحة (المجلس الأعلى العراقي) التي عدّها العلماء و الخبراء السياسيون من أفضل الأطروحات في السّاحة العراقيّة المعارضة(2) الذي عيّن فيه (الوليّ الفقيه) ممثلاً شرعيّاًّ مباشراً عنه في (اللجنة المركزية) للأشراف الشرعي عليه و لخلق قيادة عراقية واعية متوازنة و متكاملة منتخبة من أهمّ الكيانات الأسلامية العراقية ألرئيسيّة المعارضة للنظام, و لكن هذا المجلس بدل أنْ يكون مركزاً و منطلقاً للجهاد والتوحد ضدّ الأعداء؛ نراه قدْ إتُّخذَ  كوسيلة لتقوية مراكزهم و مواقعهم الشخصية لفرض وجودهم على حساب العمل و الثورة ضد النظام, بعيدأً عن أهداف ذلك المجلس الألهي الذي تأسس لجمع شمل الساحة العراقية و توحيد صفوفها التي كانت مهددة بآلأنشقاقات و آلتمرد الذي أصاب جميع الأحزاب و المنظمات العراقية و حتى المجلس الأعلى نفسه فيما بعد, حين إنقسم لعدة إتجاهات خصوصا في الجانب العسكري الذي كان يتمثل بآلتعبئة العسكرية, حيث إنشق إلى قسمين رئيسين هما:

-- جناح قوات بدر الذي إنضم لحرس الثورة الأسلامية, بقيادة الأخ المجاهد (هادي العامري).
-- جناح قوات المجلس الأعلى بقيادة السيد الحكيم الذي إدّعى شرعية عمله بوجود ممثل عن الولي الفقيه. 

و لذلك حاول كلّ طرف جاهداً – و منهم "دعاة اليوم" إبداع نهج جديد تُمكّنهم من غلق باب الأنقسامات التي تعدّدت و الشروخ الكبيرة التي بددت مسيرة الجهاد, بآلأخص محاولات مركزة لإيجاد بديل عن الولاية التي أحدثت ثغرة فتحت عليهم نار التّمرد و الأنقسام و آلأنحراف من قبل المجاهدين و الدُّعاة أنفسهم, خصوصاً بعد تأسيس المجلس الذي أرادت الدولة من خلالها تذويب تلك الكيانات التي ضاقت حتى على نفسها بعد ما أعلنت الدّولة الأسلامية حُرمة العمل الحزبي و التنظيمات بما فيهم (الحزب الجمهوري الأسلامي) و كلّ  تنظيم حزبي لا يعمل تحت الإشراف المباشر للدّولة الأسلامية(الولي الفقيه) كشرط لشرعيّة عمله ..

فكانت النتيجة هي الخطيئة الكبرى التي أقرّها"دعاة اليوم" بعد مؤتمر عام هزيل عام 1982م: هي :

[هي عزل فقيه الدّعوة و حلّ المجلس الفقهي لعدم حاجة الدّعوة إلى التشريع الأسلامي بإعتقادهم , لأن كلّ داعية يرجع بتقليده في "المسائل الشرعيّة" لأحد المراجع التقليديين المعروفين (3)؛ و لذلك فأنّ عملهُ من الناحية الشرعيّة مجزئ و مبرئ للذمة و لا يشترط إذن (الوليّ الفقيه) الذي لا يتعدّى كونه .. مجتهداً و مرجعاً من بين عشرات المراجع الأحياء الذين لهم الحصانة في الفتوى و تقرير المصير, و للدّاعية الحقّ في رفض أو قبول أيّ قرار من قرارات (القيادة العامة للدّعوة) في حال تضاربه مع رأي الفقيه الذي يُقلّده شخصيّاً]!

و هذا الموقف لعمري يُمثل قمّة التحايل و التناقض و الأزدواجية و الفساد العقائدي و الدّيني و آلتشتت الفكري و حتى التنظيم الحزبي السليم الذي يتضارب مع أصول العمل الأسلاميّ الشّرعي المتجانس بكلّ أبعاده و معانيه مع أصل الولاية لتحقيق اهدافه بشكل واضح عن طريق خدمة الجماهير لا سرقتهم!

لكن المسألة لم تكن بهذه البساطة .. لو تأملنا تأثيرات و أبعاد و إفرازات قرار الحذف الذي إنعكست آثاره  بقوة على تصرفات "دعاة اليوم" وتورطهم في آلفساد و هدر حقوق الفقراء مع الأئتلافات الظالمة الأخرى في الحكومة العراقية و المجلس النيابي و القضاء الأعلى كتحصيل حاصل لتلك المُقدمات آلأنحرافيّة الخطيرة التي عرضناها خلال هذه الحلقات!!

و إلّا .. كيف يُمكن لداعية الجّمع بين نهجين متناقضين أو أكثر بإتجاه تحقيق الأهداف المركزية العليا التي تتلخص بخدمة الناس و رفاههم؟

بمعنى كيف يُمكن أنْ يكون الداعية مُنتجاً حقيقياً و هو يُقلّد في عباداته الشّخصيّة مرجعاً تقليدياً عرفيّاً, و في أعماله الجّهادية و العقائدية مرجعاً آخر, و في أعماله الأقتصاديّة و السّياسية و الحقوقية المرتبطة بآلدماء و آلاموال يُقلّد مجموعة من "دعاة اليوم" الذين نصبوا أنفسهم "قادة فقهاء" و "مجتهدين" بل و أعلى من ذلك في أوساط و رئاسة الحزب!؟

بينما في الوقاع .. يجهلون أبسط القواعد العقائدية و الأخلاقية  و الفكريّة و آلفلسفية و مباني الأدارة العلمية الحديثة, و حتى فلسفة و معنى الوجود و أسباب الخلق!؟

بل أكثرهم .. لا يعرفون الشرق من الغرب ناهيك عن أصول الأجتهاد حتى في الأحكام الحقوقية الشخصية و ما أشرنا له آنفاً؟

ثمّ ما هو ـ الأهمّ ـ في حياة و تقرير مصير الأنسان العامل المؤمن, الذي يستوجب تقليد (الأعلم) فيه .. في زمن الغيبة الكبرى لضمان المسيرة و للتقرب إلى الله تعالى أكثر؛ 

-- هل مجموعة (الطقوس ألدّينيّة ألعبادية ألشّخصيّة) المعلومة المحدودة و الواضحة في نفس آلوقت و التي تدخل ضمن (الحوادث الثابثة) التي تمّ بيانها تفصيلاً قبل أكثر من ألف عام .. من خلال آيات القرآن و سيرة و نهج الرّسول و أحاديث الأئمة عليهم السلام و من بعدهم النواب الأربعة لصاحب الزمان(ع) و أعلام المسلمين الكبار, و التي جميعها – أيّ الأحكام العباديّة والمعاملات الشخصيّة - لا تحتاج بذاتها إلى إجتهاد أو فكر أو إعمال العقل أو الأجماع أو القياس لبيانها .. لكونها مسائل ثابتة تمّ بيانها سابقاً بقرون, بحسب ما قاله الفقيه المؤسس في بداية رسالته العملية المعروفة بـ(الفتاوى الواضحة)؟

تلك (الطقوس الدّينية العبادية الشخصية) التي إعتبرها أكثر شيعة العراق و منهم "دعاة اليوم" منذ عدّة قرون لجهلهم بحقيقة الأسلام للأسف؛ بكونها آلأساس و المعيار في تشخيص (الأعلمية) الذي يستوجب التقليد لبراءة الذمة و تحصيل الثواب, و لعل هذا التعاطي الخاطئ و المزدوج في فهم إسلام اهل البيت(ع) و من قبل (الدّعوجية) هو السّبب في تخلّف و إستعمار أهل العراق على طول الخط و منذ الغيبة الكبرى و لحدّ هذه اللحظة التي يحكم فيها "دعاة اليوم" لأجل أهداف محدودة دمروا بسببها الأسلام في العراق للأبد, بعد ما قلبوا الحقائق رأسا على عقب و والوا بدل الله و أهل الولاية الأمريكان و اليهود في تعاملهم مع حقوق الناس !

-- أم القضية آلأهمّ في حياة الأنسان و عاقبته و التي تحتاج حقّاً إلى إعمال نظر الفقيه الأعلم؛ تتمثل في (مجموعة الأعمال التي تمسّ حياة و كرامة الأنسان و مستقبله بآلصّميم) من خلال آلأيثار و القضايا الجهاديّة و الفكريّة و العقائديّة و الحقوقيّة و الأداريّة والماليّة و آلأقتصاديّة و السّياسيّة و التربويّة و العسكريّة و التكنولوجيّة ألمُسْتَجدّة التي تدخل ضمن (الحوادث الواقعة) و التي تعقدت في هذا الزمن بسبب تداخل المصالح و القوى(4) التي في نفس الوقت تُحدّد مستقبل و مصير الأنسان في الدّنيا و الآخرة, و التي تفرض على الدّاعية و على كلّ مسلم بالغٍ واعٍ ألرّجوع فيها إلى مَنْ حصل حقاً على درجة الأجتهاد الحقيقيّة و ليست الشكلية التقليدية الشخصية, و آلتي من شروطها الأساسية؛

ألعلم بآلزّمان و المكان و العلوم الأقتصاديّة و الادرايّة الحديثة (5) بجانب إمتلاك أجهزة و مؤسسات و وسائل لدعم و تحقيق ذلك!؟

لكننا نرى أنّ القيادة العامّة لـ "دعاة اليوم" و رغم أهميّة دور و موقع (الفقيه الأعلم) المتصدي لأمور المسلمين و الأنسانية؛ نراهم قد شطبوا هذا الأصل من منهجهم, و أجازوا بدل ذلك ألرّجوع في (المسائل المصيرية) إلى مقرّرات الحزب الذي يقوده "دعاة اليوم" الذين يخضعون عملياً لإرادة القوى الأستكبارية العالمية, بسبب فساد عقيدتهم و إنقطاع ولايتهم و جهل المتصدين فيهم لحقيقة الأسلام الذي لم يتذوقوا منه حتى طعم الفقه أو الأصول بجانب فلسفة الوجود, أو حتى الأطلاع على حاشية (العروة الوثقى) التي يدرسها طلاب الفقه في الحوزة, و بآلتالي جهلهم المطلق بمعنى (الحوادث الواقعة) و فرقها عن (الحوادث الثابثة) مع كيفية التعامل معها و التأثير فيها!؟

و لذلك كانت تلك الخطوات القيصريّة التي عزلت "دعاة اليوم" عن الفقيه الأعلم؛ سبباً رئيسياً للأنحراف الذي  إختُتم بـ (آلتّعرب بعد الهجرة) قبل سقوط النظام في 2003م؛ و كذلك كانت تمهيدات و مقدّمات لتحويل الحزب كليّاً من (حزب إسلاميّ) إلى (حزب علمانيّ) بسهولة و يسر, بحيث لم يعد يختلف بطبيعته و مواقفه و ولاآته و إئتلافاته عن أيّ حزب علمانيّ أو إشتراكي أو ديمقراطي آخر لسرقة حقوق الناس الفقراء و كما حصل خلال  السنوات العشر العجاف الاتي مرّت على  العراق!

و لا أدري بآلضّبط كيف تمّ التخطيط ثم تنفيذ هكذا وضع .. و في داخل حزبٍ كُنّا نشكو من صعوبة المواصفات الدقيقة المفروضة التي كانت تعيق مسألة كسب آلأعضاء الجدد في تنظيمات الدعوة أيام المحنة و الحصار الصدامي الظالم!؟

إنها مفارقات يشيب لها الرأس و الله العظيم.

كما أجهل الأصابع الخفيّة من وراء ذلك و التي خطّطت و لعبتْ دوراً كبيراً لتقرير و رسم هذا المصير ألمأساويّ الأنحرافي لهذا الحزب العتيد الأصيل المجاهد و تغيير مساره الديني كلياً لصالح الشياطين, بينما كان يُمكن أنْ يلعب دوراً تغيّريّاً كبيرأً و قوياً  لرسم مستقبل الأسلام في العراق الجديد بعد سقوط صنم العربان البدو عام 2003م من خلال نصرة الشعب و آلعمل لأجله, بحسب ما أراده مؤسس حزب الدّعوة الأمام الفيلسوف محمد باقر الصدر(قدس) و بآلتالي التعجيل في ظهور صاحب الزمان (ع), بدلاً من ظهور الأمريكان و ثباتهم في العراق على أيديهم, بعد ما تحوّل – حزب الدّعوة بسبب فقدانه للولاية - إلى حزب علمانيّ وضعي يُنفّذْ أوامر الأستكبار العالمي بدقة و إخلاص على حساب حقوق الفقراء عن طريق الحاكم الأمريكي و سيّدهم في البيت الأبيض .. ألرئيس (باراك أوباما) الذي صرّح بآلقول؛

[إن السيد العبادي (رئيس وزراء العراق) هو أفضل صديق و شخصيّة سياسيّة للعراق, و علينا دعمه بكلّ ما يحتاج من وسائل البقاء]!

و هكذا تحوّل "دعاة اليوم" إلى أدوات بيد المستكبرين الذين أنفسهم مَنْ  أمَرَ النّظام الصّدامي بقتل و إبادة الدُّعاة الحقيقيين و مؤسس حزبهم الأمام الفيلسوف محمد باقر الصدر(قدس)!

فبدل الأعتماد على الشعب الذي كان من الممكن أن يكون ظهيرأً لهم و سنداً لفوزهم في الأنتخابات القادمة التي ستشهد تقلبات كبيرة غير متوقعة للأسف؛ نراهم عملوا لأنفسهم و لتحقيق مطامح شخصية و جمع بضع ملايين من الدولارات لوضعها أيضا في نهاية المطاف في بنوك سويسرا و لندن!

هذا المصير المؤلم و آلخطير ما كان ليكون؛ لولا أنّ "دعاة اليوم"؛ كانوا يُخططون عن سبق إصرار منذ بداية إنتصار الثورة الأسلامية؛ للتّخلص من أؤلئك العلماء الأفذاذ و المثقفين الدُّعاة المخلصين ألّذين كانوا يُشكّلون الثقل الفكريّ و الأيمانيّ في (حزب الشهداء) .. خصوصا أؤلئك الدُّعاة المؤمنين ألذين أعلنوا عن إيمانهم بولاية الفقيه كعز الدّين سليم و السيد هاشم الموسوي و أبو محمد العامري و أبو محمد البغدادي و آلمهندس شهاب و آلسيد أبو بهاء الكاظمي و أبو إبراهيم العسكري و غيرهم كثير من أبناء الحركة الأسلامية كهادي العامري و البصري و أبو إسراء الحكيم و أبو هاشم و غيرهم من الذين كانوا يمثلون عصب الفكر و الثقافة في الساحة العراقية!

و من أهمّ و أكبر الأسباب الأخرى ألّتي أدّتْ إلى إنحراف الحكومة العراقيّة الحالية عن قيم العدالة السّماوية و ظلم الناس على أيدي "دعاة اليوم" و من تحالف معهم .. بآلأضافة للأسباب و الجذور الفاسدة التي عرضناها آنفاً, هي؛

تحالفهم مع التيارات و الأئتلافات الصّدامية و القومية الأخرى التي أجرمت بحقّ و حقوق الشعب العراقي لأجل تقسيم الأموال فيما بينهم , بعد ما صفت الأجواء لهم و خُليَ الحزب من الدُّعاة الحقيقين و المثقفين و العلماء و المجتهدين الذين كانوا يُشكلون العمود الفقري للتنظيم, و كذلك إبتعادهم و حتى عدم إيمانهم بأوامر المرجعيّة الدّينية و نكرانهم لولاية الفقيه التي تعتبر العمق الأستراتيجي للحركة الأسلامية .. و كأن الطلاق قد حصل بين الطرفين للأبد!

و لذلك إنتشر الفساد و الأرهاب و الظلم في أوساط العراقيين بسبب فساد "دعاة اليوم" الذي عمّقَ الفوارق الحقوقيّة و الطبقيّة و القانونيّة التي زرع بذورها الحاكم الأمريكي منذ لحظة سقوط النظام و تأسيس (مجلس الحكم الأنتقالي) في 2003م ثمّ سار عليها و أكّدتها رؤوساء الأحزاب و الأئتلافات الظالمة و أعضاء (البرلمان العراقي) و شرّعها (مجلس القضاء) و نفّذتها (الحكومة العراقية) بدقّة و بطيب خاطر و إرتياح كبير مُعتبرين ذلك نصراً حقيقيّاً و غنيمة لجهادهم و إزاحتهم للنظام البعثي, و كأنّهم هُم مَنْ أزاح النّظام و ليستْ القوات المتحالفة بقيادة الأمريكان الذين فتحوا أمامهم آفاق الفساد و الظلم للأسف!

هذا على الرّغم منْ أنّ (الفكر الأسلاميّ المعاصر) ألّذي نظّرنا له من خلال مجموعة من البحوث و المقالات .. قد بيّنَ تفاصيل و أسس نظام الحكم الأسلاميّ العادل من خلال (النظرية التكنوقراطيّة الأسلاميّة) التي طُبّقتها الجّمهورية الأسلاميّة و آلتي ضمنت بشكل عمليّ ألمساواة و آلعدالة في آلحقوق و تقسيم الرّواتب و الثروات بين جميع العاملين و المواطنين الأيرانيين من خلال (بنك لا ربوي) كتب ملامحه الصدر الأول و يشرف عليه إخصائيون مجتهدون في الأقتصاد و الأستثمار و إدارة الأعمال الشرعية, و بشكل أفضل من (التكنوقراطية الغربية) التي أوجدت ألفوارق الطبقيّة و الحقوقيّة و آلضّريبية بأبشع صورها, لأنّها – أي التكنوقراطية الغربية - لا تُعير أهمّية أساسيّة للجوانب الأخلاقية و الفكريّة و العقائديّة و الحقوقية التي ترعاها عادة الدّين بدقة .. لِمَا لِلعامل الغيبي من أثرٍ إيجابيّ في سير و دفع العاملين لتطبيق النّظام الألهي الذي يأمر بتحقيق المساواة و العدل بين آلجميع؛ بين الرّئيس و المرؤس؛ بين العامل و رئيس العمل؛ بين القائد و الجندي و بآلتالي تقليل الفوارق و الفجوات الحقوقية ما أمكن من ناحية مقدار الرواتب و الحقوق و المخصّصات في المجتمع.

و من هنا يُمكننا معرفة السبب الحقيقي لتأكيد  (السّياسيين الأسلاميين) من "دعاة اليوم" و معهم "العلمانييون" طبعاً على مسألة (إنفصال الدّين عن السّياسة) و آلتأكيد على (الدّولة المدنيّة) بدل (الدولة الدينية) و التي فشلت بسبب الأسلاميين؛ و إشاعة المقولة الغائمة و المغرضة بكون (الدِّين لله و الوطن للجميع) أو (ما لله لله و ما لقيصر لقيصر), و غيرها من المقولات التي تهدف جميعها لغاية واحدة أساسيّة هي حصر الأموال و الحقوق بيد أصحاب الشركات الكبرى التي تتحكم بدورها بمصير و إدارة حكومات العالم عبر الأحزاب السّياسية و النّظام – التكنوقراطي – بغطاء الديمقراطية ليتلاعبوا كما يشاؤون بأموال الضرائب التي تجبى من الشعب المهضوم حقه, بعيدأً عن سلطة "الفقيه العادل الكفوء"(6) ليكونوا – أيّ السياسيون - أحراراً و مبسوطي اليد بلا رقيب أو محاسب بعيداً عن سلطة الغيب للتنعم بآلأموال و آلتلاعب بالحقوق التي تجمعها وزارة الضرائب و المالية من كدّ الشعب و خيراته, مقابل الحفاظ على المصالح الستراتيجية عند سن القوانين لصالح (المنظمة الأقتصادية العالمية) التي تسيطر على منابع العالم و التي تراعي و تدعم بدورها فوز الأحزاب الموالية التي تراها مناسبة لمخططاتهم و مصالحهم و أهوائهم .. بعيدأً عن الوجدان و الرحمة و الرّقابة الألهية التي تحتم عليهم اجراء العدالة في تقسيم الثروات, و التي لا يعلم حتى تفاصيلها و طرق إجرائها و تنفيذها بما يرضي الله؛ إلا أهل الدِّين الذين وحدهم يؤمنون بالغيب و يقيمون الصلاة و مما رزقهم الله ينفقون, بل و (يؤثرون على أنفسهم)!

و آلجّدير بآلذّكر .. أننا حين طرحنا نظريتنا الأنسانية العادلة على البرلمانيين المنتفضين وعلى حكومة العراقية الحالية قبل فترة بعنوان:
[أصول التكنوقراطية الأسلامية] ..
و كذلك المبادئ الأساسية بعنوان:
(كلام على المحك مع المعتصمين), و التي كانت تضمن كسب ثقة الجماهير رغم ما حلّ بها لضمان المستقبل بإسنادهم من القاعدة الجماهيرية الشعبية, التي تستوجب إتّباع نهج الفقيه العادل لإدارة نظام الحكم لضمان إجراء المساواة و العدالة في توزيع الحقوق بين جميع المواطنين؛ لكننا لم نرى ترحيباً في ذلك .. بل عارضونا بشدّة .. و إتهمونا بمعاداة العملية السياسية التوافقية فيما بين الكتل, بحُجّة عدم مقبوليتيها – أي المبادئ العقائدية و الحقوقية- في المجتمع العراقي خصوصا في الأوساط السياسية التي تنادي بآلعلمانية الغربية!

و إكتفى نصف أعضاء البرلمان فقط بآلتظاهر و مقاطعة جلسات المجلس النيابي آملين تغيير الرئاسات الثلاثة لرسم وضع جديد للعراق الجديد!

أما الآخرين من العلمانيين بآلمقابل فقد أصطفوا و معهم (الأسلاميون) الجُدد بإرادت خاوية بعد ما خسروا الشعب لعدم إيمانهم بحقوقهم و بآلعدالة و آلمساواة إلّا بمقدار مقايس أسيادهم المستكبرين في الأنظمة الغربية!

هذه النتائج المؤسفة لم تكن إلاّ إفرازات طبيعية لتلك المقدمات الأنحرافية العقائدية الخطيرة التي تبنتها الحركة الأسلامية بعد إنتصار الثورة الأسلامية و التي طالما نبّهنا عنها و تمنّينا أن تكون منطلقاً عملياً للأيمان و العمل بها, بدل رفضها و التحايل عليها و كما شهدنا على أيدي دعاة اليوم!

بل إن تقوية النظام العلمانيّ في العراق كانت بآلدرجة الأساس بسبب الأئتلافات الأسلاميّة قبل الأحزاب العلمانية التي لم يكن لها دور لولا عربدة و فساد الوجوه البائسة التي قادت الأئتلاف العراقي الشيعي, الذي بيّض وجه عتاة حزب البعث المجرم للأسف!

و ممّأ شجّعهم على ذلك و زاد من تنمّرهم ؛ هو إنسحاب المرجعيّة الدّينية بعد ما يئست من إصلاحهم التي أساسا كانت بسبب تقليديتها .. لا تؤمن بإقامة حدود الله بظل الدولة الأسلامية في زمن الغيبة الكبرى, بل بعض المراجع التقليدين منهم قد تلاعبوا و تحايلوا حتى على آلنصوص الواضحة التي أوجبت قيام الدولة الأسلامية و حاولوا تفسيرها بالأتجاه المعادي لنظرية (الحكومة الأسلامية) أو (ولاية الفقيه), من اجل ضمان إستمرار دكاكينهم التي ستمحى بشكل طبيعي في حال إقامة نظام الحكومة الأسلامية, التي تفرض عليهم المساواة في الحقوق  مع المواطنين المُقلِّدين و في كلّ شيئ, و عدم السّماح لهم بتخزين الأموال كما إعتادوا في بنوك الشرق و الغرب لمصالحهم الخاصة و العائلية و الشخصية, و هذا ما لا يطيب لهم أبداً, و لهذا إختلقوا الكثير من الأباطيل و الأعذار لرفض اقامة حدود الله و تطبيق آيات القرآن على أرض الواقع بغير حقّ لإدامة مصالحهم الشخصية و تأمين حياتهم و ملذاتهم و مستقبل أبنائهم في جامعات العالم!

 لذلك إكتفى أفضلهم – أيّ الفقهاء التقليديون - بآلبيانات و الفتاوى الهوائيّة من بيوتهم أو من على منابر الجمعة للبقاء بعيدًأ عن تحمل آلأذى و المسؤولية العظيمة التي تستوجب السهر و آلجّهاد و التضحية التي أوجبها الله تعالى في القرآن من خلال آيات محكمات و اضحات و كما جاءت في آيات عديدة مطلقة لا تقبل التقيّد و التأويل أوالتلاعب بمحتواها وتأويل معانيها الواضحة, و منها ما جاء في سورة المائدة:
 [و مَنْ لمْ يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الكافرون](7).
[و مَنْ لمْ يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الظالمون]ٍ(8).
[و مَنْ لمْ يحكم بما أنزل الله فأؤلئك هم الفاسقون](9).

بجانب مئات الأحاديث الموثقة و الصّريحة و التفصيلية بشأن إقامة حدود الله و نظامه في الأمة, و التي حاول فقهاء أهل (الدكاكين) من تغييرها و إبعادها عن جوهرها و محتواها بتعريفات عجيبة و غريبة لا يقبلها حتى المبتدئين!

و لنترك كل هذه الحقائق الكبيرة التي تدين الرّافضين لإقامة العدل الأسلامي .. و لننظر إلى وصايا الشهداء ثم نبحث و نتساءل عن الهدف الذي كان يسعى و يجاهد من أجله الشهداء العلماء و المخلصين في الحركة الأسلامية ضد الأنظمة العلمانية و القومية و الدّيمقراطية الرأسمالية الغربية و الأشتراكية الشيوعية التي حكمت و تحكم الناس بغير العدل و المساواة و الرّحمة!

-- فهل كان هدفهم هو أسقاط تلك الأنظمة لأقامة نظام بديل شبيه بها .. لأجل الحصول على الغنائم و الرّواتب لأنفسهم و لذويهم بعيدأً عن حقوق الأمة .. ليكون راتب المسؤول و الوزير و النائب يزيد بمعدل 5000%  راتب المواطن العادي بجانب الأمتيازات الأخرى؟

-- و أخيراً .. هل كان سعي "دعاة اليوم" بغضّ النّظر عن تأريخهم الأسود و كيفية الوصول للسّلطة بعد القضاء على النظام البعثي؛ هل كان سعيهم لكي يتسلط البعثيون من جديد؟

-- و أخيراً .. نتساأل؛ أين مبادئ(التكنوقراطية الأسلاميّة) التي تظاهر لأجلها الكثير من شرائح الشعب العراقي في ساحة التحرير و في المنطقة الخضراء و آلمحافظات الأخرى و التي كانت بمثابة إنهاء الشرعية في وجود الحكومة و النواب؟

--  ثم هل أساساً يعرف "دعاة اليوم" و من تحالف معهم مبادئ (التكنوقراطية الأسلامية) و فرقها عن التكنوقراطية الغربية على الأقلّ؟

-- و آخراً ؛ لماذا لم يرضح المسؤوليين للوصايا الذهبية (الأثني عشر) بشأن مراعاة حقوق الشعب التي تضمن لهم أيضاً الفوز الأكيد في الدُّنيا و آلآخرة و التي عرضناها عليهم أثناء دخول الجماهير المنتفضة لمجلس البرلمان و المؤسسات المتعلقة بها قبل أسبوعين كرسالة عملية لجميع المسؤوليين الذين سرقوا الشعب!

-- مقابل ذلك .. لماذا رضخوا للوصايا الغربية و توكلوا على دعم و إحتضان المنهج الأمريكي ضد منهج الشعب الذي لو كان الحاكمين يحترمون حقوقهم؛ لكانوا ضامنين للنجاح و الفوز في آلمستقبل و في كلّ المراحل القادمة!

و سنسلط الضوء في الحلقة القادمة إن شاء الله على المحاور الأساسية لتلك الخطوات الضامنة لفوز السياسيين كفرصة أخيرة في الواقع العراقي الآسن المعقد الذي إمتلأ بآلمآسي و المتناقضات و المظالم و الأرهاب الذي سوف لا و لن ينتهي حتى بعد إنتهاء (داعش) عسكرياً التي أرادت هي الأخرى خداع الشعب العراقي برفع راية (الأسلام) آلسوداء كما حاول رفعها "دعاة اليوم" و أمثالهم من المتأسلمين و الوطنيين و القوميين .. و لكن الله تعالى و ببركة و دعم الدّولة الأسلاميّة المباركة للحشد الشعبي و قوات بدر قد حققوا النصر المبين على الرّماديين الدّواعش و في مركز الأرهاب البدوي الوهابي في الفلوجة التي كانت تُمثل العمق الأستراتيجي للأرهابيين, و لا حول ولا قوة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز الخزرجي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1) إعترف المدعو "عباس البياتي" أحد أعضاء "دعاة اليوم" و عضو في البرلمان العراقي بعد ما إمتلأ بطنه بآلمال الحرام يوم أمس 29/5/2016 لقناة (العراقية نيوز) بآلقول: [ها نحن كما كنا في الواقع, و لن نتغيير و للشعب الحق في التظاهر و الأحتجاح ضدنا لأننا لم نقدم لهم ما كان مطلوباً, و لكن بعد تحرير الفلوجة], بل بعض "دعاة اليوم" قد أستقال من البرلمان و الحكومة و حتى من الحزب, و لكن بعد ما إمتلأ جيبوبه بآلمال الحرام!
(2) سُمّيَ المجلس في بداية تشكيله عام 1981م بـ (المجلس الأعلى للثورة الأسلاميّة فلي العراق), و بعد سقوط النظام تغيير إسمه إلى (المجلس العراقي الأعلى), و آلجدير بآلذكر أن جميع القيادات المركزية و الفرعية في الوحدات و الفروع قد تغيّرت ليحلّ بدلهم أفراد عادييون لا يملكون أية مؤهلات علمية أو ثقافية أو إختصاص في مبادئ الأدارة و الفكر الأسلامي, و لهذا نراه هو الآخر قد تخبط في الكثير من أدواره و مواقفه قبل و بعد سقوط النظام العراقي, بسبب فقدان العدالة في الحقوق و تقسيم الأموال بآلتساوي بين الرئيس و المرؤوس؛ بين القائد و المقاتل, و هذا يخالف بطبيعته أصل آلأسلام و العدالة الأسلامية.
(3) ذكرنا سابقاً بأنّ جُلّ الدُّعاة – إن لمْ أقلْ كلّهم – كانوا يُقلّدون السّيد الخوئي وغيره من التقليديين في المسائل الشرعية, و لم يُقلّدوا الصّدر الأول رغم إدّعائهم بأنه مؤسس حزبهم , بسبب آلأعلام الحوزوي التجهيلي بدعوى أنّ السيد الخوئي أفقه من السيد الصدر و غيره كآية الله العظمى و مفسر القرآن السيد الطباطبائي, هذا في الوقت الذي كان الصّدر الأول هو الرائد و السّبب في بروز مرجعية السيد الخوئي بعد تنازله له بسبب صعود نجم السيد (علي كاشف الغطاء) الذي كان مرشحا من قبل النظام البعثي وقتها لتخريب و تغيير حوزة النجف, و لخوف الصّدر من تشتت آراء الشيعة إلى نصفين و بآلتالي إعطاء فرصىة أكبر لفوز آية ا لله علي كاشف الغطاء ؛ فقد قرّر التنازل عن موقعه لصالح آلسيد الخوئي لنصرة آلأسلم و أنقاذ الحوزة بعد ما ضحى بكل شيئ مقابل شرطين أساسيين شرطهما على السيد الخوئي الذي هو الآخر لم يفي بهما!
لمعرفة تفاصيل الموضوع ؛ راجع بحثنا الموسوم بـ :[الشهيد الصدر؛ فقيه الفقهاء و فيلسوف الفلاسفة].
(4) ورد في نصّ التوقيع المشهور عن صاحب الزمان(ع), عن طريق السفير الثالث كجواب على سؤآل لأحد علماء الشيعة المعروفين و هو أبو إسحاق الكليني, حيث بيّن الأمام(ع) فيه بوضوح وجوب الرجوع إلى واحداً فقط من علماء الشيعة للحكم بين الناس بآلحق و حرمة الرجوع إلى أجهزة القضاة في الدولة الغير الأسلامية و كما يفعل اليوم أهل العراق و الأمة العربية و كثير من الأمم الأسلامية التي لا تطبق النظام الأسلامي بإستثناء إيران,
(5) من شروط التقليد الأساسية في معايير الأعلمية, هي : 
معرفة الفقيه بآلأضافة إلى النقاط الأربعة أو الخمسة الشرطية المعروفة في التصدي للمرجعية .. الأمور التالية:
- معرفة الزمان و المكان و الواقع الأجتماعي.
- معرفة الأنظمة الأقتصادية الحاكمة في العالم.
- معرفة الأنظمة السياسيّة الحاكمة في العالم.
- معرفة الغاية من فلسفة الوجود و خلق الأنسان.
- معرفة اسس العدالة العلوية و كيفية تطبيقها بين الناس.
- معرفة الأنظمة القانونية و فلسفة القضاء و الفرق بين فلسفة القوانين الأسلامية و القوانين الغربية.
- معرفة أسس الأدارة العصرية الحديثة و دور التقدم العلمي و الأقتصادي في إستقلال البلاد و الشعوب.
و تلك الشروط في الحقيقة هي أعمدة الأعلمية في العصر الحديث لتشخيص الفقيه الأعلم, و لا يقتصر بآلعوامل التقليدية التي كانت سائدة إلى ما قبل إنتصار الثورة الأسلامية بسبب جهل المسلمين و فقهائهم بأحكام الأسلام و فلسفة الحياة و روح القرآن.
(6) سلطة الفقيه العادل تتميز بقدر عالٍ من العدالة الكونيّة المحصنة علمياً و من الناحية التكنوقراطية الأسلامية, لأن الفقيه المتصدي رغم أعلميته المطلقة؛ إلا أنه لا يعتمد على رأيه الشخصي في الفصل و الحكم لتحديد و بيان الأمور؛ بل يعتمد على لجان تكنوقراطية إسلامية متخصصة و متدربة و مُجرّبة يكون أعضائها من كبار العلماء و المسؤوليين و من نواب المجالس التشريعية و القضائية و التنفيذية الذين يُحالون على التقاعد بعد إنتهاء دوراتهم الأنتخابية و آلوظيفية, هذا بعكس ما ينشره المغرضون المعادين للأسلام بكون سلطة و قرارات (الولي الفقيه) نابعة من شخصه حصرياً.
(7) ألمائدة /44.
(8) المائدة /45.
(9) المائدة /47.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف