الأخبار
"عملية بطيئة وتدريجية".. تفاصيل اجتماع أميركي إسرائيلي بشأن اجتياح رفحالولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين الكاملة بالأمم المتحدةقطر تُعيد تقييم دورها كوسيط في محادثات وقف إطلاق النار بغزة.. لهذا السببالمتطرف بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين لحل أزمة اكتظاظ السجوننتنياهو: هدفنا القضاء على حماس والتأكد أن غزة لن تشكل خطراً على إسرائيلالصفدي: نتنياهو يحاول صرف الأنظار عن غزة بتصعيد الأوضاع مع إيرانمؤسسة أممية: إسرائيل تواصل فرض قيود غير قانونية على دخول المساعدات الإنسانية لغزةوزير الخارجية السعودي: هناك كيل بمكياليين بمأساة غزةتعرف على أفضل خدمات موقع حلم العربغالانت: إسرائيل ليس أمامها خيار سوى الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوقلماذا أخرت إسرائيل إجراءات العملية العسكرية في رفح؟شاهد: الاحتلال يمنع عودة النازحين إلى شمال غزة ويطلق النار على الآلاف بشارع الرشيدجيش الاحتلال يستدعي لواءين احتياطيين للقتال في غزةالكشف عن تفاصيل رد حماس على المقترح الأخير بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرىإيران: إذا واصلت إسرائيل عملياتها فستتلقى ردّاً أقوى بعشرات المرّات
2024/4/20
جميع الأراء المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي دنيا الوطن

مؤامرة في الطريق بقلم: فهمي هويدي

تاريخ النشر : 2016-05-30
مؤامرة في الطريق بقلم: فهمي هويدي
أسخف وأوقح ما قرأت فى الأسبوع الماضى كان تصريحات نشرتها صحيفة «هاآرتس» يوم ٢٥/٥ لرئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير قال فيها: إذا وافقت حكومة نتنياهو على التفاوض مع الفلسطينيين على أساس مبادرة السلام العربية. فستكون الدول العربية مستعدة للقيام بخطوات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. أشارت الصحيفة العبرية إلى أن بلير أثار الموضوع فى مؤتمر عقد بلندن ذكر فيه أنه فى ظل الواقع الحالى بالشرق الأوسط هناك فرصة لأن توافق الدول العربية على تخفيف خطوط مبادرة السلام العربية، بحيث يتم تطبيع العلاقات مع إسرائيل خلال المفاوضات، وليس بعد تحقيق الاتفاق الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين. أضاف بلير قوله «إذا وافقت إسرائيل على الالتزام بالتحدث حول مبادرة السلام العربية كسياق تجرى فى إطاره المفاوضات، ستتمكن الدول العربية من القيام بخطوات لتطبيع العلاقات أثناء المضى على ذلك الطريق لزيادة الثقة فى عملية السلام.

من حيث المبدأ فإنه حين يكون المتحدث هو تونى بلير خصم العرب التقليدى الذى يقوم بدور مشبوه لحساب أطراف ليست فوق الشبهة، فلا ينبغى أن ننتظر منه خيرا. وإذا صحت التصريحات التى نقلتها هاآرتس على لسانه، فذلك يعنى أنه أسفر عن وجهه بجرأة خانه فيها ذكاؤه، لأنه استخدم المبادرة التى تبنتها القمة العربية فى عام ٢٠٠٢ وتعامل معها باعتبارها غطاء لخطته الساذجة لتمكين إسرائيل والتطبيع العربى. ذلك أنه لم يتحدث عن موافقة إسرائيل على المبادرة التى دفنت وشبعت موتا، وإنما أشار إلى مجرد استعدادها للكلام فى الموضوع والتفاوض حول المبادرة «بعد تخفيف لشروطها» من الجانب العربى بطبيعة الحال. وأثناء الحكى الذى نعرف مقدما أنه يمكن أن يستمر حتى تقوم الساعة، فإن الدول العربية ستتطوع بالتطبيع بغير مقابل، وقبل أن تظهر أية نتائج للمفاوضات المفترضة.

بكلام آخر، فإن العرب سيتنازلون عن شروط المبادرة بدعوى «تخفيفها»، وسيبادرون إلى الانبطاح أمام إسرائيل والتطبيع المجانى معها. بالتالى فإن التنازلات ستظل من جانب العرب ومقصورة عليهم. أما المكاسب والمغانم فستكون من حظ الإسرائيليين وحدهم.
إذا أردت أن تعرف لماذا اعتبرت أفكار تونى بلير سخيفة ووقحة فأعد قراءة نصوص المبادرة كما أقرتها القمة العربية قبل ١٤ عاما. ذلك أنها اشترطت ثلاثة شروط لاعتبار الصراع منتهيا والدخول فى اتفاقية سلام مع إسرائيل تؤدى إلى تطبيع العلاقات معها هذه الشروط هى:

١ــ الانسحاب الكامل من الأراضى العربية المحتلة بما فى ذلك الجولان السورى، وحتى خط الرابع من يونيو عام ١٩٦٧، والأراضى التى مازالت محتلة فى جنوب لبنان.

٢ــ التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ١٩٤.

٣ــ قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو عام ١٩٦٧ فى الضفة الغربية وقطاع غزة، وتكون عاصمتها القدس الشرقية.

حين يقول السيد بلير إن العرب «سيخففون» من هذه الشروط أولا، فهو يشير بصيغة ضمنية إلى إلغائها، وتغطية الإلغاء بعبارات يتم فيها التلاعب باللغة. وذلك يضعنا أمام أحد احتمالين، فإما أن يكون ذلك مجرد اقتراح من جانبه، وتلك هى الوقاحة بعينها، وإما أن يكون الرجل قد نسق المسألة مع الأطراف المشبوهة التى يتعامل معها، وتلك جريمة تاريخية لا تغتفر. وفى الحالتين فإننا نصبح إزاء مؤامرة مدبرة لحساب إسرائيل، تمكنها من اصطياد عصفورين بحجر واحد. أحدهما دفن القضية الفلسطينية والقفز من فوقها. والثانى تطبيع العلاقات مع العالم العربى من أقصاه إلى أقصاه. وفى هذه الحالة الأخيرة فمن حقنا أن نعرف هوية الأطراف العربية التى تواطأت معه فيما ذهب إليه.

من المصادفات ذات الدلالة أن نشر هذا الكلام تم متزامنا مع تشكيل حكومة فاشية وإرهابية إسرائيلية قوامها تحالف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع وزير الجيش الجديد افيجدور ليبرمان. صاحب الدعوة إلى هدم السد العالى ومحو قطاع غزة وتحويله إلى ملعب لكرة القدم. وهى الحكومة التى وصفت بأنها الأكثر تطرفا فى تاريخ الدولة العبرية، حيث لم يختلف أحد على أن الدم الفلسطينى سيصبح الوقود اللازم لاستمرارها. وكتب أورى افنيرى فى هاآرتس (عدد ٢٥/٥) واصفا تلك الخطوة بأنها جنونية ومعتبرا ضم ليبرمان للحكومة بحسبانه عملا انتحاريا، وخلص من ذلك إلى أن نتنياهو الذى لا عهد له، فقد توازنه وصلته بالواقع.

لقد راهنا فى وقت سابق على الدور العربى فى تحرير فلسطين، لكننا صرنا نتمنى الآن أن يكف الجميع عن العبث بالقضية والمتاجرة بها، بحيث يرفعون أيديهم عنها، ليتولى الفلسطينيون تدبير أمرهم بأنفسهم. وقد أثبتت أجيالهم الرائعة أنهم قادرون على ذلك. حيث لا مفر من الاعتراف بأن القضية التى كانت هما عربيا حينا من الدهر، انقلبت موازينها بحيث أصبح الدور العربى هما فلسطينيا مؤرقا.
 
لا يوجد تعليقات!
اضف تعليق

التعليق الذي يحتوي على تجريح أو تخوين أو إتهامات لأشخاص أو مؤسسات لا ينشر ونرجو من الأخوة القراء توخي الموضوعية والنقد البناء من أجل حوار هادف