تـعـريـة المــرأة المـصريـــة
بـقـلم / حــســـن زايـــــــــد
إهتزت مصر من أقصاها إلي أقصاها لحادث تعرية المرأة المصرية ، وحق لها أن تهتز . وانتفضت كذلك من أقصاها إلي أقصاها ، وحق لها أن تنتفض . فحادث تعرية إمرأة مصرية ، حادث جلل . من المؤكد أن هذا الحادث ليس الوحيد ، وإنما قد يكون سبقه حوادث أخري مماثلة ، وربما تلحقه حوادث أخري مماثلة . ولكن هذا الحادث ربما ـ قدراً ـ جري دفعه إلي الواجهة ، مصحوباً بزخم إعلامي غير مسبوق ، وأحاطت به ظروف وملابسات دفعت به إلي سطح الأحداث ، فأعطته حجمه الطبيعي . ومن هنا كان رد الفعل من الشعب المصري علي مستوي الحدث من ناحية ، ومتوافقاً مع موروثاته القيمية من ناحية أخري ، بعيداً عن الدين كانحياز مجتمعي . وأنا وأنت ونحن جميعاً علي ثقة من أن مقترفي هذه الجريمة ، لو سئلوا عن مدي قبولهم لهذا التصرف لأمهاتهم أو لأخواتهم أو لعماتهم أو لخالاتهم ، لكان موقفهم عدم الرضا أو القبول . وقد أحزنني الحادث ، وأحزنني أسلوب المعالجة . فما جري من عمدة القرية ، وتبعه في ذلك باقي المسئولين ، حتي محافظ المنيا ، من إنكار التعرية ، هو تبسيط مخل ، أضر بالقضية أكثر مما نفعها ؛ لأنه فتح باب الشائعات علي مصراعيه ، وأظهر الدولة بمظهر الساكت المتستر ، علي خلاف الحقيقة . هم فعلوا ذلك وهم يتصورون أنهم يحسنون صنعاً ، لأنهم تصوروا خطأً أن ذلك يصب في خانة من يساعد الدولة . وما جري من الكنيسة بشأن المسارعة بالتدخل في الأمر ، رغم أن له بعض الجوانب المضيئة من قبيل رفض الكنيسة تدخل الخارج في المسألة بقصد استغلالها للإساءة إلي مصر، وكذا تطييب خواطر من جري الإعتداء عليهم ، واستصراخ الدولة بسرعة التدخل ، إلا أن تدخلها ـ باعتبارها مصدراً دينياً ـ قد أضفي علي المسألة طابعاً طائفياً ، علي خلاف الحقيقة . بل إن بعض رجالات الكنيسة قد أخذ الأمر في هذا الإتجاه ، باعتبار أن التطرف والتشدد الديني يمثل خلفية الحادث . بل إن أحدهم قد ذهب إلي حد المطالبة بتغيير المناهج الأزهرية ، باعتبارها مصدرا من مصادر التطرف والإرهاب والداعشية . وربما يكون كلامه في بعض جوانبه له وجاهته ، علي ضوء المطالبة بذلك من جانب المسلمين ، إلا أنه قد نسي أو تناسي ، أن مجيء هذا الكلام من جانبه قد يثير الحفائظ أو الحساسيات ، ويعطي فرصة تأجيج ذلك لمن يحمل فكراً متشدداً . وكلامه ليس له محل ، خاصة في ظل السعي الدؤوب لعلماء المسلمين للتخلص من الإرث الفقهي الذي نشأ وترعرع في ظل ظروف مغايرة للظروف الراهنة ، ولا تتواكب معها ، بما لا يتعارض مع ثوابت الدين الإسلامي . كما أن تحرك بيت العائلة ـ ويمثله مجموعة من علماء المسلمين ، وكذا عدداً من القساوسة ـ قد جاء علي خلفية وجود خلاف بين المسلمين والمسيحيين كعلة لوقوع الحادث وبسببه ، الأمر الذي صبغ المسألة بصبغة طائفية كذلك ، رغم أن الدولة تسعي جاهدة للتخلص من هذه الآفة ، ونزع هذه الصبغة . وقد ساهم بعض رجال الإعلام في ترسيخ فكرة الطائفية عن قصد أو دون قصد ، بحسن نية أو بسوءها . وقد كنت أري ـ وما زلت ـ نزع البعد الديني عن القضايا الناشئة بين المسلمين والمسيحيين . وغل يد الأزهر والكنيسة عن التدخل في هذه القضايا ؛ لأن تدخلهما يضفي علي الأمر ، شئنا أم أبينا ، الطابع الديني الذي تتولد عنه مشاعر لدي المواطنين في الإتجاه الخطأ . وبدلاً من اللجوء إلي الدولة في منازعاته مع المجتمع للفصل فيها ، يلجأ إلي المسجد والكنيسة . وهكذا تحل المؤسسات الدينية محل الدولة في أدوارها ، وسكوت الدولة علي هذا التوجه يعني انسحاب الدولة ، والتخلي عن أدوارها تجاه مواطنيها . ولذا فإن علي الدولة ألا تتصرف تصرف من علي رأسه بطحة ، فهي حين تنحاز للمسيحي خشية اتهامها ـ داخلياً أو خارجياً ـ بالتمييز ، تأتي علي حق المسلم . وفي ذات الوقت حين تتعامل مع المسلم والمسيحي علي اعتبار الدين فإنها ستنحاز للأغلبية . وفي كلتا الحالتين يمكن القول بأريحية أن الدولة قد حادت عن الصواب . والصورة المثلي في رأيي أن تتعامل الدولة مع أفراد المجتمع كمواطنين ، وأن الجميع أمام القانون سواء . وحسن فعل الرئيس السيسي حين أمر بإحالة الأمر إلي القضاء ، والتعامل مع الأمر بمقتضي القانون . ولا دور للأزهر أوالكنيسة في المسألة .
بـقـلم / حــســـن زايـــــــــد
إهتزت مصر من أقصاها إلي أقصاها لحادث تعرية المرأة المصرية ، وحق لها أن تهتز . وانتفضت كذلك من أقصاها إلي أقصاها ، وحق لها أن تنتفض . فحادث تعرية إمرأة مصرية ، حادث جلل . من المؤكد أن هذا الحادث ليس الوحيد ، وإنما قد يكون سبقه حوادث أخري مماثلة ، وربما تلحقه حوادث أخري مماثلة . ولكن هذا الحادث ربما ـ قدراً ـ جري دفعه إلي الواجهة ، مصحوباً بزخم إعلامي غير مسبوق ، وأحاطت به ظروف وملابسات دفعت به إلي سطح الأحداث ، فأعطته حجمه الطبيعي . ومن هنا كان رد الفعل من الشعب المصري علي مستوي الحدث من ناحية ، ومتوافقاً مع موروثاته القيمية من ناحية أخري ، بعيداً عن الدين كانحياز مجتمعي . وأنا وأنت ونحن جميعاً علي ثقة من أن مقترفي هذه الجريمة ، لو سئلوا عن مدي قبولهم لهذا التصرف لأمهاتهم أو لأخواتهم أو لعماتهم أو لخالاتهم ، لكان موقفهم عدم الرضا أو القبول . وقد أحزنني الحادث ، وأحزنني أسلوب المعالجة . فما جري من عمدة القرية ، وتبعه في ذلك باقي المسئولين ، حتي محافظ المنيا ، من إنكار التعرية ، هو تبسيط مخل ، أضر بالقضية أكثر مما نفعها ؛ لأنه فتح باب الشائعات علي مصراعيه ، وأظهر الدولة بمظهر الساكت المتستر ، علي خلاف الحقيقة . هم فعلوا ذلك وهم يتصورون أنهم يحسنون صنعاً ، لأنهم تصوروا خطأً أن ذلك يصب في خانة من يساعد الدولة . وما جري من الكنيسة بشأن المسارعة بالتدخل في الأمر ، رغم أن له بعض الجوانب المضيئة من قبيل رفض الكنيسة تدخل الخارج في المسألة بقصد استغلالها للإساءة إلي مصر، وكذا تطييب خواطر من جري الإعتداء عليهم ، واستصراخ الدولة بسرعة التدخل ، إلا أن تدخلها ـ باعتبارها مصدراً دينياً ـ قد أضفي علي المسألة طابعاً طائفياً ، علي خلاف الحقيقة . بل إن بعض رجالات الكنيسة قد أخذ الأمر في هذا الإتجاه ، باعتبار أن التطرف والتشدد الديني يمثل خلفية الحادث . بل إن أحدهم قد ذهب إلي حد المطالبة بتغيير المناهج الأزهرية ، باعتبارها مصدرا من مصادر التطرف والإرهاب والداعشية . وربما يكون كلامه في بعض جوانبه له وجاهته ، علي ضوء المطالبة بذلك من جانب المسلمين ، إلا أنه قد نسي أو تناسي ، أن مجيء هذا الكلام من جانبه قد يثير الحفائظ أو الحساسيات ، ويعطي فرصة تأجيج ذلك لمن يحمل فكراً متشدداً . وكلامه ليس له محل ، خاصة في ظل السعي الدؤوب لعلماء المسلمين للتخلص من الإرث الفقهي الذي نشأ وترعرع في ظل ظروف مغايرة للظروف الراهنة ، ولا تتواكب معها ، بما لا يتعارض مع ثوابت الدين الإسلامي . كما أن تحرك بيت العائلة ـ ويمثله مجموعة من علماء المسلمين ، وكذا عدداً من القساوسة ـ قد جاء علي خلفية وجود خلاف بين المسلمين والمسيحيين كعلة لوقوع الحادث وبسببه ، الأمر الذي صبغ المسألة بصبغة طائفية كذلك ، رغم أن الدولة تسعي جاهدة للتخلص من هذه الآفة ، ونزع هذه الصبغة . وقد ساهم بعض رجال الإعلام في ترسيخ فكرة الطائفية عن قصد أو دون قصد ، بحسن نية أو بسوءها . وقد كنت أري ـ وما زلت ـ نزع البعد الديني عن القضايا الناشئة بين المسلمين والمسيحيين . وغل يد الأزهر والكنيسة عن التدخل في هذه القضايا ؛ لأن تدخلهما يضفي علي الأمر ، شئنا أم أبينا ، الطابع الديني الذي تتولد عنه مشاعر لدي المواطنين في الإتجاه الخطأ . وبدلاً من اللجوء إلي الدولة في منازعاته مع المجتمع للفصل فيها ، يلجأ إلي المسجد والكنيسة . وهكذا تحل المؤسسات الدينية محل الدولة في أدوارها ، وسكوت الدولة علي هذا التوجه يعني انسحاب الدولة ، والتخلي عن أدوارها تجاه مواطنيها . ولذا فإن علي الدولة ألا تتصرف تصرف من علي رأسه بطحة ، فهي حين تنحاز للمسيحي خشية اتهامها ـ داخلياً أو خارجياً ـ بالتمييز ، تأتي علي حق المسلم . وفي ذات الوقت حين تتعامل مع المسلم والمسيحي علي اعتبار الدين فإنها ستنحاز للأغلبية . وفي كلتا الحالتين يمكن القول بأريحية أن الدولة قد حادت عن الصواب . والصورة المثلي في رأيي أن تتعامل الدولة مع أفراد المجتمع كمواطنين ، وأن الجميع أمام القانون سواء . وحسن فعل الرئيس السيسي حين أمر بإحالة الأمر إلي القضاء ، والتعامل مع الأمر بمقتضي القانون . ولا دور للأزهر أوالكنيسة في المسألة .